هل تواجهين كأم عاملة مشكلة في تنظيم أمورك المالية؟ أو ربما تجدين صعوبة في الادخار؟ هل تحاولين جاهدةً وضع خطط لضمان استقرارك المادي؟
في ظل التغيرات والصعوبات الاقتصادية التي يشهدها العالم، لا شك بأن الكثير من النساء قد وجدن أنفسهن مرغمين على الانخراط في سوق العمل وقضاء أوقات طويلة بعيداً عن عائلاتهن وأطفالهن. وذلك، في سبيل المساعدة في إعالتهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم.
ولطالما كانت مشكلة تنظيم الأمور المالية وموضوع الادخار يشكلان هاجساً ومصدر قلق لكثيرٍ من السيدات والأمهات العاملات على حد سواء. فنرى نسبةً لا بأس بها منهن ينفقن أموالهن لتلبية احتياجات المحيطين بهم. وبالتالي، قد يجدن صعوبةً في وضع خططٍ للادخار أو حتى لاستثمار جزء بسيط من مدخلاتهن. مما يهدد استقرارهن المادي على المدى البعيد.
لماذا تواجه الأمهات العاملات صعوباتٍ في الادخار وتنظيم الأمور المالية؟
قد تواجه النساء العاملات صعوباتٍ في الادخار لأسباب متعددة، ولعلّ أبرزها:
1- تعرضهن للاستغلال المادي من قبل عائلاتهن أو أزواجهن. فكثيراً ما نسمع عن قصص لنساء لا يملكن حرية التصرف في أموالهن. بل أنهن قد يرغمن على تسليمها إلى الآباء أو الأزواج تحت ضغوط اجتماعية. قد تمنعهن من الاعتراض أو المطالبة بحقوقهن المادية.
2-قد تضطر النساء للتقاعد مبكراً، أو حتى لقضاء فترات طويلة دون عمل. وذلك، بسبب المسؤوليات الملقاة على عاتقهن، من رعايةٍ للأطفال ولشؤون المنزل. ما يجعل تحقيق التوازن أمراً صعباً في بعض الأحيان.
3- تدني الأجور التي يتقاضينها مقارنةً بالرجال، وقد تحدثنا سابقاً في أمهات عن موضوع الفجوة في الأجور بين الجنسين.
ما هي الآثار التي قد تترتب على مشكلة إيجاد الصعوبة في الادخار؟
من المؤكد بأن الخوف والقلق من المستقبل وما يخبأ من مفاجآت، هو أمر يشغل حيزاً كبيراً من تفكير الانسان. ولعلّ الشعور بعدم الاستقرار أو الأمان المادي، قد يزيد من تلك المخاوف. فيجعل الأم العاملة تعيش تحت ضغوط كبيرة. ولا شك، أن هذه الضغوطات ستنعكس بشكل سلبي على علاقتها بأسرتها وعطائها لهم.
كيف أستطيع تنظيم أموري المالية وبالتالي أتمكن من الادخار؟
إليك هنا بعض الممارسات والسلوكيات التي قد تساعدك كأم وامرأة عاملة على الوصول إلى نمط حياة يمكّنك من تحقيق الاستقرار المادي والبدء في التخطيط للمستقبل عن طريق الادخار:
ضعي نفسك أولاً:
بالتأكيد، هذه ليست دعوة إلى الأم العاملة بوضع العائلة خارج حساباتها. ولكن، ما نود قوله بأنك حين تضعين نفسك أولاً وتجعلين تحقيق أمانك المادي هدفاً أساسيّاً، سيبدأ نمط حياتك بالتغيّر تلقائيّاً بما يتناسب مع هذا الهدف. فكل التغييرات في الممارسات وأساليب الحياة، مرهونة بتغيير الأفكار وتحديد الأولويات بشكل رئيسي.
قولي لا للاستغلال:
اعرفي حقوقك، وضعي حدّاً للاستغلال المادي الذي قد تتعرضين له أيّاً كان مصدره. من حقك الاحتفاظ بأموالك والتصرف بها بالطريقة التي ترينها مناسبة لك. ومن حقك أيضاً اتخاذ القرار بما يتعلق بمستوى المساعدة التي تستطيعين تقديمها للآخرين، بشكل لا يتعارض مع خطط الادخار التي تريدين وضعها وتحقيقها لنفسك.
احرصي على تغيير ثقافتك الاستهلاكية:
معظمنا قد نشأ في مجتمعات استهلاكية، لا تفكر جيداً قبل القيام بشراء المنتجات والخدمات. ولا شك، بأن هذه الثقافة التي نشأنا عليها، تلعب دوراً مهمّاً في طريقة تعاملنا مع المال. فترانا أحياناً ننفق الكثير على أشياء قد لا نكون بحاجة فعلية لها. لذلك، ننصحك باتباع قاعدة مفيدة جداً وقد توفر عليك الكثير من النفقات. فإن كنتي تقومين بالتسوق، ورأيت مصادفة منتجاً ما لم يكن موجوداً على لائحتك، لا تقومي بشرائه فوراً. أعط نفسك بعض الوقت لمعرفة ما إن كنت بحاجة فعلية له أم لا.
ادخري ثم أنفقي:
قاعدة اتفق الجميع على نجاحها بما يخص الادخار، وهي أن تقومي باقتطاع نسبة ثابتةً من مدخولك الشهري، تقومين أنت بتحديدها. وذلك، بما يتناسب مع احتياجاتك ومسؤولياتك. ثم أنفقي ما تبقى من المال بعد الادخار.
غيري عاداتك اليومية:
تقوم الكثير من النساء والأمهات العاملات ببعض السلوكيات التي قد تبدو صغيرة، وليست ذو أثر كبير على ميزانيتهن. ولكن، إن قمنا بالتفكير في أثرها على المدى الطويل. فقد نجد أنها قد تصنع الفارق. كشراء القهوة مثلاً بشكل يومي، أو حتى إنفاق الأموال على الأطعمة الجاهزة. جربي أن توقفي هذه العادات لمدة شهر أو إثنين، وضعي هذه الأموال جانباً في سبيل الادخار وسوف تلاحظين الفارق بنفسك.
حاولي إيجاد مصادر أخرى للدخل:
لا يخفى على أحد، بأن إيجاد التوازن بين المدخول المادي والنفقات، قد أصبح أمراً صعباً في كثيرٍ من الأحيان. لذلك، فإنَّ البحث عن مصادر أخرى للدخل قد يكون أمراً مهمّاً للتمكن من تلبية متطلبات الحياة دون أن تتأثر خطط الادخار أو نضطر لوضعها على قائمة الخطط الأقل أهمية. وهناك الكثير من الفرص المتاحة للحصول على أعمال إضافية بدوام جزئي، ما عليك سوى البحث عنها من خلال الانترنت خلال أوقات الفراغ.
لا تغفلي عن أهمية تحقيق التطور المهني والوظيفي:
تواجه معظم النساء والأمهات العاملة مشكلة في التفكير في تحقيق التطور المهني، وذلك بسبب تراكم المسؤوليات وكثرة ضغوطات الحياة. رغم إدراكهن لأهمية هذا الأمر وانعكاسه على أمنهن واستقرارهن المادي. فتحقيق التطور يرتبط بشكل كبير في الحصول على فرص أفضل، من الناحية المهنية والمادية على حد سواء. وبالتالي، فإنه يعطي فرصة أكبر في الوصول إلى الأمان المادي عن طريق تحسين مستوى الادخار.
وإن كنت بحاجة إلى طلب المساعدة في هذا الأمر، يمكنك الحصول على جلسة استشارية مع أخصائية التطوير المهني نادية مرعي.
في الختام، نودّ تذكيرك بأن تجعلي المال وسيلة لا غاية، وبأن لنفسك عليك حق. لذلك، ليس عليك الشعور بالذنب أو التقصير إن حرصتي على وضع خطط تحقق أمنك واستقرارك المادي. فحرصك على الادخار اليوم، سيحميك حتماً في المستقبل. وسيجعلك شخصاً قويّاً وقادراً على حماية نفسه ومن يحب.