مر الإنسان بمراحل مختلفة، حيث كل مرحلة لها جمالها ورونقها وتحدياتها الخاصة. ومن أجمل المراحل التي نمر بها هي مرحلة الأمومة والأبوة. بعد الوقوع بالحب والزواج يبدأ الترقب والانتظار، وبعد أن يشعر الزوجان أنهما مستعدان لإنجاب الأطفال، يحدث السحر. أن تصبح أباً أمراً رائعاً وصعباً في آنٍ واحد، ولكن بالنسبة لزوجتك، فهو أمر مليء بالتغيرات الجسدية والنفسية والهرمونية أثناء الولادة وبعدها. وهي بحاجة لمساندتك خلال هذه الرحلة بشكل عام، وخلال الفترة الأولى بعد إنجاب الاطفال بشكل خاص.
من الناحية الإيجابية؛ تمنحك الأبوة فرصة رائعة لتطور كينونتك وتتناغم معها. ولكن في خضم هذا الدور، لا تنسى أن زوجتك بحاجة لك، وبحاجة لتشجيعك، حتى تقف على قدميها، وحتى تتخطى التحديات المرافقة لهذه الرحلة السعيدة، لتستمتعا معاً في حياتكما الجديدة مع طفلكما حديث الولادة.
إليك عزيزي الأب، بعض الطرق التي يمكنك من خلالها ضمان رحلة ممتعة وثرية لجميع أفراد العائلة
1. كن مستعداً
تبدأ الأم الحامل بالقراءة، منذ اليوم الأول لرؤية الخط الثاني على اختبار الحمل المنزلي. وأنا أعني هنا؛ قراءة كل المعلومات والكتب التي تتعلق بفترة الحمل وبتجربة الولادة وما بعدها. فهي تهيئ نفسها وروحها للخوض في هذه الرحلة بهذه الطريقة.
ولكن بصفتك الأب، يتعين عليك أيضاً أن تعرف ما الذي سيحدث لجسد زوجتك أثناء نمو طفلك في داخلها، وكيف ستؤثر التغيرات الهرمونية على مزاجها وعلى شهيتها. أيضاً؛ بصفتك الأب والزوج والصديق، هذا يعني أنك ستكون الشخصية البارزة والمهمة في غرفة الولادة بالنسبة لزوجتك! لذا؛ فهم كل هذه التقلبات والتغيرات والمحطات، سيساعدك على دعم زوجتك أثناء وما بعد الولادة.
فلا تتردد أبداً بقراءة الكتب والمعلومات من مصادرها الموثوقة، وفي حال دار في خلدك أي سؤال، لا تتردد بطرحه على طبيبة زوجتك النسائية. اقرأ الكتب العلمية التي تتحدث عن الفترة الأولى ما بعد إنجاب الاطفال، وابحث مثلاً عن الطريقة الصحيحة للتعامل مع كرسي السيارة أو العربة الخاصة بالطفل حديث الولادة، لتعرف ما عليك أن تكون مستعداً لأجله. فهذه الأشياء تبدو سهلة عندما تراها في المتجر، ولكن الحقيقة أنك قد تتصارع مع كرسي السيارة لتضعه بالشكل الصحيح!
اقرأ أيضاً دور الأب في غرفة الولادة
اقرأ أيضاً أفضل الكتب التربوية لمساعدة الآباء الجدد
2. تحدث عن مخاوفك المتعلقة بالوالدية
لا توجد قاعدة ثابتة أو إرشادات موحدة لممارسة الأبوة بطريقة صحيحة، فكل عائلة لها ظروفها وأفكارها وطرقها الخاصة للتعامل مع هذا الأمر. قد يجد بعض الآباء والأمهات صعوبة في إيجاد التناغم الفكري المتعلق بعملية تربية الطفل منذ يومه الأول. لذا؛ من المهم جداً أن تتحدث عن مخاوفك مع زوجتك أثناء فترة الحمل، وأن تتشاركان أفكاركما المختلفة حول الوالدية، ثم محاولة الاتفاق على النقاط الرئيسية المتعلقة بتربية الاطفال. وتذكر؛ لا توجد طريقة واحدة صحيحة لتربية الطفل، بل الاختلاف هو جزء من جمال هذه العملية واكتمالها.
اقرأ أيضاً أهمية مشاركة الأب في العملية التربوية
3. تولى مسؤولية المنزل
لن أحاول هنا إخبارك بالتغيير الجذري، الذي سيحدثه هذا المخلوق الصغير فور وصوله إلى المنزل! في خضم الرضاعة وتغيير الحفاظات ومحاولة الحصول على قسطٍ من النوم، ستتخلى زوجتك عن القيام بالأعمال المنزلية، التي لا وقت ولا طاقة لها. وفي الوقت ذاته؛ ستقلق زوجتك من منظر أكوام الغسيل غير المغسول، والأطباق المتسخة، بل مجرد تفكيرها بكم الغبار المتجمع سيصيبها بالغثيان!
حسناً؛ كيف يمكنك المساعدة؟ تحضير بعض الوجبات لتخزينها في الثلاجة، قبل عودة زوجتك من المستشفى هو أمر رائع وعملي. أيضاً من المهم تحديد المهام والاتفاق عليها بوضوح مع زوجتك، فأنت أيضاً بحاجةٍ للراحة. مثلاً: أنت تغسل الأطباق بينما هي تعتني بالصغير أو العكس. تذكر أنك ستعود إلى العمل بعد وقت قصير من ولادة زوجتك، وأن هذا الوقت الأنسب لتقديم كل مساعدة لازمة.
4. ساعد زوجتك بالاعتناء بالرضيع
واحد من أكبر المفاهيم الخاطئة، أن زوجتك تعرف كيف تتعامل مع الطفل حديث الولادة، بشكل تلقائي وبسبب فطرة الأمومة التي وهبها الله إياها. ولكن هذا غير صحيح! فهي تتعلم مثلك تماماً، تنجح مرات وتخطئ مرات أكثر. واجبك هنا هو الانخراط والمشاركة بالاعتناء بطفلك حديث الولادة قدر استطاعتك، لا تقلق من أنك لن تنجح بتغيير الحفاظات، ولا تتردد بحمله وتهدئته، فقد وهبك الله فطرة الأبوة كما وهب زوجتك فطرة الأمومة.
إن كان لديكما أطفال آخرين أكبر سناً، ساعد بالاعتناء بهم حتى تتمكن زوجتك من الاعتناء بالرضيع. وإن كان جدول عملك مزدحم أو غير مرن، استغل عطلة نهاية الأسبوع لتقديم المساعدة. فأنت السند والصخرة التي ستسند زوجتك عليها في الفترة الأولى بعد إنجاب الاطفال.
5. كن مستمعاً جيداً
قد تمر زوجتك بفترة صعبة للغاية، وقد تصاب باكتئاب ما بعد الولادة، الذي تسببه التغيرات الهرمونية الهائلة. لذا من المهم حقاً أن تستمع لشكواها وتذمرها وحاجاتها العاطفية في تلك الفترة، حتى تمر العاصفة بسلام. أشارت الدراسات أن واحدة من بين كل عشر نساء تصاب باكتئاب ما بعد الولادة، وقد تزيد هذه الاحتمالية، خصوصاً لدى الأمهات المغتربات اللاتي يعشن بعيداً عن العائلة والأصدقاء. قد تشعر الأم الحديثة بالقلق والخوف والغضب والعجز والاكتئاب، قد تراها تبكي دون سبب محدد! كل ما عليك فعله للتخفيف عنها هو الاستماع إليها والإصغاء لمخاوفها وأفكارها، لا تفكر بتقديم الحلول وإجبارها على تطبيقها، فأنت ستزيد الأمر سوءً إن قمت بذلك. فقط أصغي إليها، وأخبرها أنك هنا وأن كل شيء سيكون على ما يرام، فأنتما الآن في نفس الفريق، والعمل معاً كفريق واحد من أفضل الوسائل لتربية أطفال سعداء وأصحاء نفسياً وعقلياً وجسدياً.
اقرأ أيضاً اكتئاب ما بعد الولادة: هل حقاً يعاني الآباء الجدد منه؟
6. اتركها تنام
تتحمل الزوجة العبء الأكبر من التعب والإرهاق وقلة النوم بعد الإنجاب، وقد تضطر للاستيقاظ مع طفلها الجائع كل ساعتين لإرضاعه وتهدئته، خصوصاً خلال الفترة الأولى بعد إنجاب الاطفال. لن أخبرك عن مدى سوء المزاج المرافق لقلة النوم، والذي سيؤثر على حياة كليكما وعلى الصحة الجسدية والنفسية للزوجة، التي قد أنجبت للتو، والتي هي بأمس الحاجة للمزيد الراحة والنوم، حتى تتمكن من تأدية أمومتها على أكمل وجه.
لا تنسى كمية الأعمال اليومية الملقاة على عاتق زوجتك خلال اليوم بينما تكون أنت بالعمل، أضف إلى ذلك رعاية طفل رضيع خلال النهار. لذا؛ من الضروري أن تقوم بدفع زوجتك إلى النوم كلما سنحت لها الفرصة. بادر لرعاية طفلك خلال النهار حتى تحظى هي بقيلولة في أيام العطل، أو استلم وردية مسائية لإرضاع طفلك – في حال الرضاعة الصناعية – حتى تتمكن زوجتك من النوم لفترة طويلة وبعمق أكثر، ثم لاحظ تغير مزاجها ونفسيتها للأفضل. تذكر ما يقال Happy Wife, Happy Life
7. تذكر، زوجتك حملت طفلكما لتسعة أشهر
الوالدية أمر عظيم ورائع، ولكنها تأتي مع العديد من التغيرات والتحديات. من الرائع أن تصبح أباً، بل هي تجربة ستغمرك بالسعادة والبركة. ولكن من الضروري أن تتذكر أن علاقتك المحبة والجميلة مع زوجتك هي مفتاح نجاح عائلتك.
أنت تعلم التغيرات الجسدية والنفسية التي تمر بها زوجتك، وتعلم أن زوجتك تفتقد شكلها القديم وقوامها الممشوق، وقد يؤثر تغير جسدها بسبب الحمل على نفسيتها وعلى الصورة التي ترى بها نفسها. لذا؛ واجبك هنا أن تتقبل هذا التغيير، وأن تشعرها بجمالها وأنوثتها في كل وقت، فهذا يوصل لها رسالة أنك لا زلت تحبها رغم كل هذا التغيير.
عناق بسيط، ودردشة لطيفة، والقليل من الطبطبة، وقضاء وقت نوعي معها بعيداً عن الهواتف والتلفاز، تحضير الإفطار لها في بعض الأيام، أو دعوتها للعشاء إن أمكن ذلك، كلها طرق إيجابية ولفتات رائعة للتواصل مع زوجتك وتقوية علاقتكما الجميلة.
الرضاعة الطبيعية في الأسبوع العالمي - كلنا أمهات
أغسطس 1, 2021 في 10:20 ص[…] إقرئي أيضاً كيف تدعم زوجتك في الفترة الأولى بعد إنجاب الاطفال […]