قصة نجاح أم ريادية أعمال، بدأت العمل من مطبخها الصغير متسلحة بإيمانها بذاتها وحبها للإنجاز، لتصبح اليوم رائدة أعمال وصاحبة مشروع “عالفرازة”.
عرفينا عن نفسك/ ماذا تعملين وكم طفل لديك؟
أنا إيمان وجدي، أم لثلاثة أطفال، وأعمل من المنزل منذ قرابة العشر سنوات. بعد أن أتمت ابنتي الأولى ثلاثة أعوام؛ بدأت بتصميم وخياطة وبيع حقائب مصنوعة يدويًا، إلى جانب الإكسسوارات المنزلية، ثم عملت فريلانسر في شركة إعلانات مرخصة من شركة 3M الأمريكية. بعد ذلك، بدأت طريقي الخاص مع زوجي، حيث أنشأنا شركتنا الخاصة من مطبخنا الصغير تحت اسم “عالفرازة”، لبيع الخضار والفاكهة المجهزة والمقطعة عند الطلب. ونحن الآن في مرحلة تأسيس شركة أخرى باسم “ديباجة”، لخدمات كتابة وصناعة محتوى عربي للعلامات التجارية.
حدثينا عن رحلة الأمومة والعمل كيف تصفينها؟
رحلة الأمومة هي رحلة لا أراها سهلة على الإطلاق. فرعاية الأطفال ليس فقط ما يجعلها شاقة، بل مسؤولية إنشاء وتكوين وصناعة عقول تستطيع التفكير والابتكار؛ هي ما يجعلها رحلة لا يستهان بها أبداً.
أما عن العمل بجانب الأمومة، فهذا يؤجج شعلتها! فالعمل لوحده أمر شاق، فكيف عندما يضاف إلى جانب الأمومة؟
أعتقد أن الأمهات العاملات استطعنّ أن يضعنّ مفاهيم جديدة لقوة المرأة وقدرتها على إثبات نفسها في سوق العمل إلى جانب دورها كأم. نعم نريد جميعاً الراحة، لذلك رغبة المرأة بأن يكون لها دور فعلي يمكنها من الإنجاز والإضافة لحياتها وحياة أسرتها وأطفالها من خلاله، إلى جانب دورها كربة منزل؛ هي رغبة استطاعت أن تجتاز الحدود! بل وأصفها دوماً بالقوة الخارقة التي لا تقدر عليها إلا بطلة خارقة.
من أين بدأت مشوار العمل من المنزل وريادة الأعمال؟ وما هي رسالتك من خلال هذا العمل؟
بدأت مشروع عالفرازة من مطبخي الصغير، حيث لم يكن لدي رفاهية البدء برأس مال كبير كما هو معتقد عن سوق الشركات الناشئة. واجهت حقيقة كل أنواع التحديات الممكنة التي تجعل التراجع هو الحل الوحيد أحياناً.
كان هدفي من “عالفرازة” هو تسهيل عملية طبخ الأكل الصحي على السيدة العاملة التي غالباً ما يضيق وقتها، فإما أنها تلجأ لطلب طعام وهذا يكلفها حملاً مادياً، أو أنها تلجأ لخيارات الأكل غير الصحي لسهولة وسرعة تحضيره.
رسالتي هي التأكيد على أهمية الأكل الصحي المصنوع بلمسات ونكهة الأم السحرية. إذ أن ذلك يترك أثراً رائعاً على أسرتها، لما تحتويه الوجبات العائلية من دفء ومحبة إلى جانب الفائدة الغذائية.
من خلال مشروعنا “عالفرازة”، ساهمنا بتأمين عمل منزلي للعديد من السيدات. حيث أننا نؤمن بقدرة المرأة على العمل من المنزل باستغلال الأدوات المتاحة دون الحاجة إلى رأس مال كبير.
حدثينا عن تحديات ريادة الأعمال للنساء والأمهات تحديداً، مواقف واجهتها وكيف تخطيتها
أكبر التحديات التي واجهتها من خلال تجربتي كأم في ريادة الأعمال؛ هي عدم قدرتي على حضور الندوات والورش التدريبة ولقاءات التعارف التي تساهم بالانخراط في مجتمع ريادة الأعمال. فدائماً كانت العقبة مع من سأترك أطفالي؟ كما أنني كنت أعمل من الصباح حتى المساء، ثم أراعي أطفالي وأكمل مهامي المنزلية المؤجلة.
تحت هذه الظروف؛ لم أتمكن من تجاوز مرحلة الوسط التي يحتاج بها الفرد أن يدفعه أحدهم. فنحن فقط نريد الثبات والارتكاز والنصائح العملية لا النظرية؛ للوصول إلى المرحلة التالية، كما نحتاج لأن تكون هذه الخدمات مقدمة بسهولة بعيداً عن التعقيدات؛ لتُسهّل الطريق على الأمهات اللاتي يحملن العديد من المسؤوليات الأخرى إلى جانب العمل.
اقرأ أيضاً قصة نجاح أم وصيدلانية مديرة المحتوى في موقع الطبي
من الداعم الأول لك في هذه الرحلة ومن مجموعة الدعم التي تستمد منها طاقتك وقوتك؟
في الحقيقة استمد طاقتي من أطفالي! على الرغم من متطلباتهم الكثيرة والوقت الذي أبذله لأجلهم؛ إلا أنهم الداعم الأول لي. وبالتأكيد لن أنسى دعم زوجي الذي آمن بقدرتي على النجاح بعد أن شعر بإصراري، فأصبح لي السند والداعم الأقوى.
واجهت عدة انتقادات مبنية على الأعراف والتقاليد الفكرية؛ وهذا ما جعل مني نسخة أفضل وأقوى من نفسي. لذلك أنا الداعم الأساسي لي! نعم قبلت التحدي وركزت على الهدف دون امتلاك أي سلاح، لم أتوقف عن المحاولة يوماً، مع أنني لم أضمن أية نتائج في ذلك الوقت، بل وقد شعرت بأن الأمل غائب من الأفق، حتى أن الأمل لربما ضحك من حالي في تلك الفترة.
لذلك أهم من يدعمك هو نفسك! إن وجدت دعماً آخر فهذا جيد، وإن لم تجد فهذا جيد أيضاً. نحن فقط من نعزز قيمة أنفسنا، ونحن فقط من نستطيع أن نفجر قوانا الخفية التي لم نكن نعلم عنها شيئاً من قبل.
شاركينا موقفاً جعلك فخورة
الحقيقة أن أكثر المواقف التي جعلت مني سيدة فخورة؛ هو اختياري ضمن المرشحين الستة النهائيين في مبادرة مليون مبرمج عربي، التي تمت تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل نهيان. حيث شاركت في المسابقة النهائية بمشروع “عالفرازة”، الذي قمنا به بتطوير تطبيق هاتف خاص بـ “عالفرازة”. كانت المبادرة تدعم دورات برمجة تدريبية مجانية كنت قد التحقت بها.
كنت المرأة الوحيدة التي وصلت للنهائيات بجوار خمس رجال آخرين. وقد تم اختياري في الحفل النهائي الذي أقيم في متحف المستقبل؛ لألقي خطاب على لسان مليون عربي اشترك في المبادرة. لم تكن التجربة هينة أبداً، وإلى الآن لازالت تحمل بداخلي صدى خاص. فها هي المرأة التي ظلت تحارب بخطواتها الصغيرة المتعثرة كل يوم بجانب أطفالها وبعمل شاق ومجهد جداً، تعتلي المنصة أمام كبار رجال حكومة دبي، وفي حضور الشيخ حمدان بن محمد بن راشد؛ لتجاهر بأعلى صوت أنها كانت تعمل وتجاهد من المنزل.
تلقيت أيضا دعوة من إدارة المسابقة بأن يحضر أطفالي معي من مصر، وكانوا هم الأطفال الوحيدين في الحفل. كنت فرحة جداً أنهم شاهدوا إنجاز أمهم بأعينهم، ورأوا أن التعب يكلل بالنجاح. فأنا أعلم أنهم شاهدوا ضعفي وانهزامي في كثير من الأوقات، حيث كنت أحارب مخاوفي بأنني ربما لن أنجح، بل سأظل قابعة فقط في منطقة المحاولات البائسة.
أعلم الآن أنه لولا العمل الدؤوب الذي لم أستطع التخلي عنه، لما كتب لي أن أقف على تلك المنصة. ولولا سنين ظلمتي في المنزل، لما رأيت هذا النور الساطع أمام الملايين وأهمهم أطفالي. أعلم أن المحاولات كانت عتادي الوحيد ولم أملك مالًا للتسلح بغيرها، لكني علمت أنها من أعتى الأسلحة قوة واستمرارية. كما أعلم أن سنين انتظار نتيجة وتحقيق أحلام، من الممكن أن تأتي بجرعات زائدة لتروي بغزارة جفاف وشُحّ الأيام. وأعلم أنني لازلت أتعافى من آثار قديمة، لكنني لازلت أتعلم مهما مرت عليّ الأيام وصار أطفالي هم من يمسكون بيدي. أعلم أنني لم أنقم على التجارب القاسية، فتلك التجارب هي من علمتني الحكمة والقوة.
قصة نجاح أم من فلسطين إلى اليابان
حدثينا عن قصة ملفك التعريفي على لينكدإن والذي يبدأ بدورك “أم لثلاثة أطفال “
سطر الوصف لدي، مثل كثيرين حاولوا اختصار خبراتهم ومجالاتهم وتغييرها عدة مرات بمرور الوقت. في آخر مرة قمت بتحديثه منذ فترة؛ قررت أن أضع في المقدمة أنني أماً لثلاثة أطفال. قد يستغرب البعض من ذكري ذلك في الوصف؛ فهذا أمر عادي وليس خبرة استثنائية أُقدمها على خبراتي الوظيفية هنا.
لكن في الحقيقة وبعد أن استبدلت الفكرة النمطية التي تصف أدوار الأم باقتصارها على الحمل والولادة والتربية فقط، وبعد أن رأيت أن هذه الأم التي تحتمل التعب الجسدي والنفسي واضعة على عاتقها صناعة عقول تتفكر وتتأمل وتنتج؛ أصبحت أرى الأمومة وظيفة ترتقي من خلالها الأم، بل وتطوّر من شخصيتها كإنسانة. وظيفة الأمومة حقاً توازي المهارات الوظيفية بل وقد تتفوق عليها، فهي وظيفة تصنع منك سيدة قوية قادرة على التأقلم مع أي ظروف وتحمل أي أعباء.
هل واجهت أية انتقادات مجتمعية؟
بالطبع واجهت، لا أعتقد أن هناك من لم يتعرض للانتقادات المجتمعية. واجهت نظرات الكثيرين المتعجبة من حال امرأة تخرجت من كلية اللغات بدراستها للغة الألمانية، والتي عملت كموظفة في شركات مختلفة، ثم انقضى بها الحال لتبدأ مشروعها القائم على تجهيز الخضار والفاكهة. لا أعلم لمَ يصف البعض هذه المهنة بالقليلة، ولا أعلم سبب نظرات الأسى والشفقة التي ارتبطت بهذه المهنة.
سمعت جملة: “ما الذي تفعله إيمان، هل تقوم بتجهيز الخضار؟” بنبرة استهزاء ضاحكة، وواجهت العديد من التعليقات غير اللائقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما تخلى عني العديد من الأصدقاء الذين لم يكلفوا أنفسهم دعم مشروعي ولو حتى عبر ضغط زر “لايك” الذي لن يكلفهم شيئاً، ولكنه كان سيعني لي الكثير.
تظاهرت بدايةً أنني أتلقى المساعدة من فريق عمل يقوم بالتفريم والتقطيع، على الرغم من آثار العمل الظاهرة على يداي الجافتان وأظافري المتشققة، وآثار جروح السكين على أصابعي المتورمة من كثرة العمل. نطرت إلى يداي خلال الحفل المهيب الذي ألقيت خطابي فيه في متحف المستقبل؛ وشكرتها حقاً. هاته اليدان المتورمتان التي أوصلتني إلى هذا النجاح، والتي ساهمت بترك إرث لأطفالي بتعليمهم أن العمل يكتسب قيمة من شأن صاحبه وليس من نظرات الناس. لذلك لا بأس بما يظنه البعض طالما يصبّ في فراغ عقولهم، وتذكر أنك أنت من تصنع الفارق والقيمة.
أي نصائح عن تنظيم الوقت من أم وقتها يدور حول الساعة بالإنجازات والمهام؟
هناك نقاط أساسية وعادات صغيرة مؤثرة تساعد على زيادة الإنتاجية في العمل من المنزل، منها:
- عمل قائمة يومية بالمهام التي تودين التركيز عليها.
- تجنب الموبايل وإشعاراته إلا للضرورة.
- تدوين الأفكار وقت مهاجمتها فجأة بورقة وقلم.
- استغلال الوقت قدر الإمكان وعمل استراتيجية.
- استخدام تطبيقات للجدولة وترتيب الأفكار والمشاريع.
- القراءة للتعلم وصقل المهارات من الهاتف ما بين الأوقات الضائعة وسط مهام المنزل والأطفال.
- تقدير الإنجازات اليومية مهما كانت صغيرة.