غالباً ما تحتوي عقود العمل الخاصة بالشركات على جزء يتحدث عن سياسة الشركة؛ والذي يتضمن تذكيرات حول السلوك المهني والإرشادات السلوكية، وطبيعة اللغة المستخدمة في بيئة العمل. بما في ذلك السب أو الإساءة اللفظية في بيئة العمل.
يستخدم البعض اللغة البذيئة في حياتهم اليومية! الأمر الذي يؤدي إلى استخدامها حتى في مكان العمل من باب العادة ليس أكثر. وللأسف كسر هذه العادة ليس بالشيء السهل! فقد أشار بحث قامت به شركة البرمجيات Wrike شمل أكثر من 1500 عامل فيما يتعلق بعادات الشتائم؛ أن أكثر من نصف العمال بنسبة 57% اعترفوا بالتلفظ بالشتائم في بيئة العمل. بالإضافة إلى أن 66% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاماً يستخدمون هذه الألفاظ بشكل علني في بيئة العمل! المصدر
وجاءت هذه اللغة البذيئة بدرجات عديدة من عدم اللياقة ويصعب التمييز بين ما هو حاد وما هو مبالغ فيه وما هو غير مقبول. ولكننا نتفق جميعاً على أن استخدام هذه اللغة المسيئة مشكلة قديمة ولا مكان لها في أي منظمة تسعى بصدق لتحقيق بيئة عمل ودية ومثمرة. وأن الألفاظ النابية تزعج الكثير من الناس وتشتتهم عن أداء عملهم، كما أن استخدام هذه الألفاظ يثير التساؤل عن أخلاقيات الشخص الذي يستخدمها!
فكيف نتعامل مع الإساءة اللفظية في بيئة العمل؟
يشعر العديد من الموظفين بعدم الراحة والإهانة؛ عندما يقوم زملائهم بالعمل باستخدام لغة غير مناسبة ومسيئة أو عندما يبدأون بالشتم. فما أفضل تصرف يستطيعون القيام به ليعبروا عن رفضهم لهذا الأسلوب؟
1. المواجهة المباشرة
تحدث مع زملائك بالعمل عن رفضك لهذه اللغة وعن عدم راحتك عندما يتم استخدام الشتائم من حولك. وعن تأثير استخدام الأساءة اللفظية في بيئة العمل على أدائك الوظيفي. فاللغة المبتذلة؛ قد تشتتك عن التفاصيل المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على عملك. كن هادئاً وتجنب استخدام لغة مماثلة لإيصال وجهة نظرك. تذكر دائماً أن بعض الموظفين يعتقدون أن استخدام الألفاظ النابية بالعمل دليل على الحماس والشغف! وأن استخدام لغة بذيئة يضيف التشديد اللازم والتحفيز للآخرين وفقاً لما جاء في Landrum HR
2. تجنب الشاتم
إن كنت لا ترغب بالمواجهة أو التصادم المباشر مع من يستخدمون لغة بذيئة في بيئة العمل؛ يمكنك التوجه لحل آخر أسهل ولكنه مؤقت: وهو تجنب الشخص المستخدم لهذه اللغة عن طريق تقديم طلب للنقل إلى قسم آخر مثلاً. أو استخدام سماعات الهاتف التي تحجب تلك الشتائم عن سمعك. ولكن تذكر أن هذا الحل ليس الأكثر فاعلية؛ بل هو حل مؤقت وستضطر في أحد الأيام أن تتعامل مع هذا الشخص. إن سألك هذا الشخص عن سبب انتقالك أو سبب استخدامك للسماعات طوال الوقت؛ فهذه الفرصة المثالية لك لشرح السبب دون الإضطرار إلى المواجهة المباشرة.
3. حافظ على الحدود أثناء الحوار
مهما كان الحوار حماسياً أو حساساً؛ لا تسمح للمحادثة أن تأخذ منحى آخر بسبب استخدام الألفاظ النابية فيها! سواء أكان ذلك من طرفك أو من الطرف الآخر. كن ثابتاً في منهجك ومصراً على مبادئك، وابتعد عن السماح لأيّة ألفاظ غير مناسبة بأن تكون حاضرة في حواراتك مع الآخرين. أنهي المحادثة بكل أريحية إذا تم تجاوز الحدود فيها، واعتذر عن إكمال الحديث وقم بتأجيله لوقتٍ آخر.
4. الابتعاد عن استخدام النكات التي تحتوي على إساءة
تحتوي العديد من النكات على ألفاظ مسيئة! وحتى لو كان الهدف من إلقائها كسر الجمود أو التوتر؛ إلا أنها مؤذية للعديد من الأشخاص الذين يرفضون استخدام هذه الألفاظ. في دراسة أجراها باحثون في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا وكلية هارفارد للأعمال، وشملت 200 متطوع؛ تبين أن ثلث المشاركين صنفوا النكات التي تطرح بالعمل على أنها غير لائقة وغير مناسبة. الأمر الذي يؤدي إلى خلق بيئة عمل عدائية تشتت الانتباه وتقلل الإنتاجية. المصدر
5. تحدث إلى القسم الإداري المسؤول
إذا اخترت إبلاغ مشرفك أو القسم المختص بسلوك زملائك بالعمل؛ فاذكر أسباباً ملموسة وحقيقية لإنزعاجك من هذه الألفاظ. فيمكنك القول بصدق أن هذه الألفاظ تفقدك التركيز وأنها تؤثر على سمعة الشركة وتؤدي إلى خلق بيئة عمل مرهقة لك ولغيرك. ولكن تذكر أن طلب الدعم من الإدارة أمر سهل ولكن له تداعياته وسلبياته! فتوجهك لمديرك للإخبار عن سلوك زملائك؛ قد يخلق كراهية وعداوة بينك وبينهم. مع ذلك فالإدارة قادرة على إيقاف هذا الإزعاج.
فماذا يمكن للإدارة أن تفعل؟
في العديد من الأحيان؛ يتردد المسؤول عن أخذ أي رد فعل تجاه الأشخاص الذين يقومون بالشتم خوفاً أن يُنظر له على أنه مبالغ في حذره. مع ذلك يجب على المسؤول أن يبدي رد فعل تجاه هذه التصرفات، فانتشار اللغة البذيئة في بيئة العمل يخلق بيئة معادية وغير مريحة للعديد من الموظفين.
- فهنا دور الإدارة يجب أن يكون بسن قوانين خطية، ووضع سياسات محددة للغة المستخدمة في الشركة، وذكر هذه المعلومات في دليل الموظف. بالإضافة إلى تحديد إجراءات تأديبية لمن يخالف هذه القوانين.
- ومن الممكن أيضاً استخدام أساليب أكثر مرحاً وتحفيزاً للتوقف عن استخدام الألفاظ المسيئة، خصوصاً عندما يكون الشتم مفرطاً وزائداً عن حده. فقامت بعض الشركات باستخدام “وعاء الشتم”؛ أي أن من يقوم بالشتم عليه أن يضع مبلغاً معيناً في هذا الوعاء. ويتم استخدام هذا المال لاحقاً بنشاطات جماعية للفريق لرفع الروح المعنوية لديهم.
(نتحدث هنا عن الألفاظ التي تستخدم بحكم العادة وليس القصد منها إيذاء الآخرين).
إذا كنت معتاداً على التلفظ بكلمات نابية، هذا ما عليك فعله
أولاً: البدء فوراً ببذل الجهد لمعرفة السبب الذي أوصلك إلى هنا ووضع حداً لذلك.
ثانياً: تقبل المشكلة وكن منفتحاً للحلول.
ثالثاً: نفس عن غضبك باستخدام طريقة التنفس العميق فالناس يشتمون عند الغضب في أغلب الأحيان.
رابعاً: تحدى نفسك بأن تمضي يوماً كاملاً دون استخدام هذه الألفاظ وكافئ نفسك عند اجتيازك لهذا التحدي.
خامساً: استخدم أسلوب الدفع عند الشتم بأن تضع مبلغاً مالياً رمزياً في وعاء في كل مرة تشتم بها.
سادساً: استبدل الشتائم تدريجياً بكلمات عادية حتى لو بدت لك غريبة وخصوصاً أمام أطفالك.
سابعاً: تذكر أن أطفالك إنعكاس لك فأنت مرآتهم التي يتعلمون منها.
قد تكون الإساءة اللفظية في بيئة العمل من المشاكل الأكثر شيوعاً، ولكن تذكر دائماً أن الحل يبدأ بتغيير أنفسنا أولاً.
اقرأ أيضاً التحيز اللاواعي في بيئة العمل وكيفية الحد منه