اكره نفسي! كيف اعزز ثقتي بنفسي وأطور حب الذات داخلي؟ مؤشرات وخطوات لتقدير الذات والثقة بالنفس.
قد تتردد في مسامعنا أحيانًا ممن حولنا أو حتى من أنفسنا جملة: أنا اكره نفسي ولا أعرف كيف اعزز ثقتي بنفسي. هذا الأمر ليس بسيطًا ويجب الوقوف عنده. سوف أوضح لك بعض الأنماط السلوكية التي تشير على أنك لا تحبين نفسك، ومن ثم سوف أشير لبعض المنافع التي تنعكس على حياتك عندما نحقق حب الذات! والذي يعرف على أنه حالة من تقدير الشخص لذاته بعد مدة من بعض التصرفات التي تدعم نموه الروحاني، الجسدي والنفسي.
فالمرأة التي تضحي باحتياجاتها ورغباتها من أجل كل من حولها؛ سيؤول بها الحال كما أسلفنا لأن تصل لمرحلة من الاحتراق والاستياء وعدم الرضا في الحياة. فطريق التضحية مضلل، حيث سيبدو الأمر في البداية بأنها امرأة متفانية وبأن كل ما تقوم به هو العطاء اللامتناهي. ولكن مع مرور الوقت؛ سوف تفقد شعورها بنفسها وسوف تصبح منهكة تحيا في جوفها مرارة وامتعاض. ويصبح الاستمرار بالعطاء بتلك الطريقة أو بغيرها أمر صعب للغاية.
فيما يلي بعض المظاهر التي يظهر فيها حب الذات في أدنى درجاته:
- المرأة التي لا تحب نفسها، لن تحب جسدها ولن تقبله! وسيظهر ذلك في أنماط سلوكية مدمرة؛ كاتباع عادات صحية مؤذية تؤدي إلى حصول اضطرابات في الطعام، وسوف تقارن جسدها دوما بالآخرين. وربما تصل لمرحلة الهوس من التحقق من وزنها وشكلها باستمرار. هل تعلمين ماذا سيحصل عندما تحبين جسدك؟
- قد يظهر أيضا في محاولة البحث المستميتة عن شريك غير متاح عاطفياً وغير مناسب، من أجل الشعور بأنها مرغوب بها وبأنها محبوبة وبأنها مميزة لدى شخص ما.
- البقاء والاستمرار في علاقات سامة وغير صحية لفترات طويلة؛ أحد مظاهر عدم حبك لذاتك
- عدم التعبير عن النفس، وجعل الآخرين أولوية ومحاولة أرضاء أي شخص مهما كانت صفته.
- مقارنة النفس بالآخرين باستمرار. قد يكون هذا الأمر أحد رواسب صدمات الطفولة التي كبرت معنا، فكيف نتخلص منها ومن آثارها على الصحة النفسية خصوصًا لأطفالنا؟
- يظهر أيضاً جلياً في السعي المطلق إلى المثالية.
- الحديث الداخلي المليء بالسلبية والتأنيب.
كل هذه المؤشرات تدل على فراغ بالداخل، يجعل المرأة غالبا ما تبحث عن مصادر خارجية لإيجاد الوقود (الحب).
عندما يصبح سعيك للأمور الخارجية والمثالية الزائفة هو المتحكم في زمام الأمور، وعندما يصبح تقيمك لذاتك قائم على أي شيء آخر خارج نفسك؛ فذلك إعلان صارخ عن عدم حبك لذاتك. ويتحول حينها الأمر إلى صوت خرير خافت في الخلفية فقط! وسوف تشكين فيما إذا كنت تستحقين أي شي في الحياة. وبعدها ستربطين شعورك بالسعادة والسلام على أمور لم تحصل بعد. وتستمرين بإخبار نفسك بأنك ستكونين أفضل لو أنك:
- حصلت على تلك الشهادة في كذا.
- خسرت 10 كيلو من وزنك.
- أو عندما تجدين الشريك الرومانسي.
- تحققين النجاح في مهنتك
- أو عندما ينجح أطفالك في مجال معين ….
وتطول القائمة ….
قد يبدو ذلك في البداية غير منطقي؛ أليس الإنجاز وتحقيق النجاح هو مؤشر أنني أحب ذاتي كما تعلمنا؟
في الواقع حين نحب ذواتنا فهو المحفز للنجاح والإنجاز لو كان من الداخل للخارج. ولكن لو كان العكس؛ بمعنى أن حبي لذاتي مرهون بالإنجاز وتحقيق النتائج – أي من الخارج للداخل؛ فذلك مسار منهك، ولن يوصلك أبداً للرضا. سوف يصبح سعيك المستمر واللانهائي في إثبات نفسك لنفسك وللآخرين؛ سعى فارغ ومخادع.
ومن الحري هنا أن نؤكد بأن تحقيق الأهداف والنجاح يشعرنا بالإنجاز والروعة. ولكن بدل أن يكون الإنجاز سبب قبولك لنفسك؛ فإن حب الذات سيكون الوقود الذي يغذيك للقيام بالأعمال، والسعي لتحقيق الأهداف، والاستمتاع بالرحلة مهما كانت النتائج بدون شك أو خوف! وسيكون النجاح أمر تستمتعين به من دون أي تحكم، وسوف تقدرين ماتحققين وتمتنين للمواهب والملكات التي استخدمتها في الوصول إلى ما تريدين.
لذلك في الحقيقة
يتألق المرء ويشع حتى عندما لا نفعل شيئا من ذلك (محاولات إثبات النفس). حبك لذاتك لا يتأثر أبداً حتى عندما لا نحقق أهدافنا ولا نرتقي لمقاييس النجاح التي وضعناها؛ لأنه يتضمن اللطف والامتنان لأنفسنا بغض النظر عن المخرجات أو الحصيلة التي قمنا بها. هو امتنان للوجود، امتنان للخالق على خلقك بهذه الصورة المبدعة. هو إدراك لكينونتك في هذه الرحلة الأرضية.
وهنا يأتي السؤال
ما الذي سيتغير في حياتي لو اتخذت خطوات فعلية وبدأت في رحلة حب الذات؟ ما الذي سيحصل لو أني بدأت أقدر نفسي وأتقبلها بدون الاعتماد على أي مخرجات، أو قياس أمور خارجية لأقيم نفسي؟ ماذا سأجني لو أني أوقفت ذلك السيل الجارف من الانتقادات واللوم والتوبيخ الذي اتبعه في التعامل مع نفسي؛ لأني أعتقد بأنني غير كاف ما لم أحصل على مخرجات معينة في حياتي؟
إليك البعض (على سبيل الذكر وليس الحصر) ما سوف تجنيه لو أنك بدأت برحلة حبك لذاتك:
- سوف تحصلين على نسخة ألطف منك، نسخة أكثر تعاطفاً منك. تخيلي بأنك تتحدثين إلى نفسك دوما بلطف وحب، وبأنك تقدمين لنفسك كل الدعم، وكأنك صديقتك المفضلة أو الكوتش خاصتك. تشجعين نفسك وتسامحينها وتغفرين لها عندما تخطئ وتقومينها لتتعلمين من أخطائك. في هذا الحال سوف يتدفق السلام والرحمة لحياتك.
- عندما تحبين نفسك سوف يصبح لديك مزيد من الطاقة بل ستحصلين على وفرة منها لتعيشي بشكل مشبع وكامل. عندما تعطين لنفسك المساحة والوقت لتعتني بنفسك وتلبي احتياجاتها ومتطلباتها؛ فإن ذلك سيجدد طاقتك ويعطيك وقود لا متناهي يأتي من مصدر لا ينضب من الداخل كبئر لا يجف أبداً.
- ستصبح علاقاتك بالآخرين صحية أكثر. فبدون حب الذات والاعتناء بها سينفذ وقودك؛ وسوف تبحثين بعدها عن مصادر خارجية لتؤمن لك ذلك، من خلال العلاقات المتطلبة والغير متوازنة، سوف تكونين الطرف المتطلب الذي لا يشبع ولا يغذي احتياجاته مهما أخذ، وسوف تشعرين بالاستياء والمرارة. لإن سعيك معتمد على أن يقوم الآخرون بإعطائك الشعور بالسعادة وبأن لك قيمة. أما عندما تحبين نفسك سوف تحصلين على علاقة متوازنة صحية فيها توقعات واقعية، وسوف تكونين أنت الخلاقة لسعادتك ولسعادة والآخرين.
- سوف تصبحين قادرة على العطاء والمشاركة أكثر مع الآخرين، بدون اعتماد ولا احتياج زائد على عوامل خارجية من أجل تقدير وقبول الذات. فأنت تحبين نفسك كما هي.
كيف أحب ذاتي؟
حب الذات هو عملية تحتاج وعي وعمل مستمر، وإليك هذه الخطوات:
- توقفي عن جلد الذات
- ثقفي نفسك أكثر واجعلي الأمر يعتمد على بناء وعي سليم. أقترح عليك كتاب: فن العناية القصوى بالذات: 12 طريقة عملية وملهمة لتحب نفسك أكثر
- طوري ذاتك، فكلما انشغلت بتطوير الذات كلما زادت ثقتك بنفسك وكلما قل الفراغ والتفكير السلبي من حياتك.
- مارسي الامتنان يوميًا
- الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية لأجلك وليس للآخرين. نامي جيدًا وحاولي جعل طعامك أكثر صحة لأنه ينعكس على حالتك النفسية ومشاعرك.
- احتفلي بإنجازاتك!
- تسامحي مع ذاتك.. تقبلي الأخطاء وخذي الأمور ببساطة وأقل جدية وحزم.