أين يظهر حب الذات في أدنى درجاته؟

الصحة النفسية والجسدية

أين يظهر حب الذات في أدنى درجاته؟

حب الذات

كنا قد تكلمنا في المرة السابقة عن مفهوم حب الذات، وماذا يعني وما الذي لا يقع تحت مظلة حب الذات. وكنا قد أسلفنا بأننا سوف نكمل الحديث عن هذا الموضوع. لذلك في هذا المقال؛ سوف أوضح بعض الأنماط السلوكية التي تشير على أنك لا تحبين نفسك، ومن ثم سوف أشير لبعض المنافع التي تنعكس على حياتك عندما تحبين نفسك!

فالمرأة التي تضحي باحتياجاتها ورغباتها من أجل كل من حولها؛ سيؤول بها الحال كما أسلفنا لأن تصل لمرحلة من الاحتراق والاستياء وعدم الرضا في الحياة. فطريق التضحية مضلل، حيث سيبدو الأمر في البداية بأنها امرأة متفانية وبأن كل ما تقوم به هو العطاء اللامتناهي. ولكن مع مرور الوقت؛ سوف تفقد شعورها بنفسها وسوف تصبح منهكة تحيا في جوفها مرارة وامتعاض. ويصبح الاستمرار بالعطاء بتلك الطريقة أو بغيرها أمر صعب للغاية.

فيما يلي بعض المظاهر التي يظهر فيها حب الذات في أدنى درجاته:

  • المرأة التي لا تحب نفسها، لن تحب جسدها ولن تقبله! وسيظهر ذلك في أنماط سلوكية مدمرة؛ كاتباع عادات صحية مؤذية تؤدي إلى حصول اضطرابات في الطعام، وسوف تقارن جسدها دوما بالآخرين. وربما تصل لمرحلة الهوس من التحقق من وزنها وشكلها باستمرار.
  • قد يظهر عدم حب الذات أيضا في محاولة البحث المستميتة عن شريك غير متاح عاطفياً وغير مناسب، من أجل الشعور بأنها مرغوب بها وبأنها محبوبة وبأنها مميزة لدى شخص ما.
  • البقاء والاستمرار في علاقات سامة وغير صحية لفترات طويلة؛ أحد مظاهر عدم حب الذات.
  • عدم التعبير عن النفس، وجعل الآخرين أولوية ومحاولة أرضاء أي شخص مهما كانت صفته.
  • مقارنة النفس بالآخرين باستمرار، هي أحد مظاهر تدني حب الذات أيضاً.
  • يظهر أيضاً جلياً في السعي إلى المثالية. فعدم حب الذات مختبئ وراء مفهوم المثالية.
  • الحديث الداخلي المليء بالسلبية والتأنيب دليل على عدم حب الذات.
    كل هذه المؤشرات تدل على فراغ بالداخل، يجعل المرأة غالبا ما تبحث عن مصادر خارجية لإيجاد الوقود (الحب).




عندما يصبح سعيك للأمور الخارجية والمثالية الزائفة هو المتحكم في زمام الأمور، وعندما يصبح تقيمك لذاتك قائم على أي شيء آخر خارج نفسك؛ فذلك إعلان صارخ عن عدم حبك لذاتك. ويتحول حينها حب الذات إلى صوت خرير خافت في الخلفية فقط! وسوف تشكين فيما إذا كنت تستحقين أي شي في الحياة. وبعدها ستربطين شعورك بالسعادة والسلام على أمور لم تحصل بعد. وتستمرين بإخبار نفسك بأنك ستكونين أفضل لو أنك:

  • حصلت على تلك الشهادة في كذا.
  • خسرت 10 كيلو من وزنك.
  • أو عندما تجدين الشريك الرومانسي.
  • تحققين النجاح في مهنتك
  • أو عندما ينجح أطفالك في مجال معين ….

وتطول القائمة ….

قد يبدو ذلك في البداية غير منطقي؛ أليس الإنجاز وتحقيق النجاح هو مؤشر لحب الذات كما تعلمنا؟

في الواقع حب الذات هو المحفز للنجاح والإنجاز لو كان من الداخل للخارج. ولكن لو كان العكس؛ بمعنى أن حبي لذاتي مرهون بالإنجاز وتحقيق النتائج – أي من الخارج للداخل؛ فذلك مسار منهك، ولن يوصلك أبداً للرضا. سوف يصبح سعيك المستمر واللانهائي في إثبات نفسك لنفسك وللآخرين؛ سعى فارغ ومخادع. تحاولين من خلاله إقناع نفسك بأنه سعي في حب الذات.

ومن الحري هنا أن نؤكد بأن تحقيق الأهداف والنجاح يشعرنا بالإنجاز والروعة. ولكن بدل أن يكون الإنجاز سبب قبولك لنفسك؛ فإن حب الذات سيكون الوقود الذي يغذيك للقيام بالأعمال، والسعي لتحقيق الأهداف، والاستمتاع بالرحلة مهما كانت النتائج بدون شك أو خوف! وسيكون النجاح أمر تستمتعين به من دون أي تحكم، وسوف تقدرين ماتحققين وتمتنين للمواهب والملكات التي استخدمتها في الوصول إلى ما تريدين.

 لذلك في الحقيقة

حب الذات يتألق ويشع حتى عندما لا نفعل شيئا من ذلك (محاولات إثبات النفس). حب الذات لا يتأثر أبداً حتى عندما لا نحقق أهدافنا ولا نرتقي لمقاييس النجاح التي وضعناها؛ لأنه يتضمن اللطف والامتنان لأنفسنا بغض النظر عن المخرجات أو الحصيلة التي قمنا بها. هو امتنان للوجود، امتنان للخالق على خلقك بهذه الصورة المبدعة. هو إدراك لكينونتك في هذه الرحلة الأرضية.





وهنا يأتي السؤال

ما الذي سيتغير في حياتي لو اتخذت خطوات فعلية وبدأت في رحلة حب الذات؟ ما الذي سيحصل لو أني بدأت أقدر نفسي وأتقبلها بدون الاعتماد على أي مخرجات، أو قياس أمور خارجية لأقيم نفسي؟ ماذا سأجني لو أني أوقفت ذلك السيل الجارف من الانتقادات واللوم والتوبيخ الذي اتبعه في التعامل مع نفسي؛ لأني أعتقد بأنني غير كاف ما لم أحصل على مخرجات معينة في حياتي؟

إليك البعض (على سبيل الذكر وليس الحصر) ما سوف تجنيه لو أنك بدأت برحلة حبك لذاتك:

  • سوف تحصلين على نسخة ألطف منك، نسخة أكثر تعاطفاً منك. تخيلي بأنك تتحدثين إلى نفسك دوما بلطف وحب، وبأنك تقدمين لنفسك كل الدعم، وكأنك صديقتك المفضلة أو الكوتش خاصتك. تشجعين نفسك وتسامحينها وتغفرين لها عندما تخطئ وتقومينها لتتعلمين من أخطائك. في هذا الحال سوف يتدفق السلام والرحمة لحياتك.
  • عندما تحبين نفسك سوف يصبح لديك مزيد من الطاقة بل ستحصلين على وفرة منها لتعيشي بشكل مشبع وكامل. عندما تعطين لنفسك المساحة والوقت لتعتني بنفسك وتلبي احتياجاتها ومتطلباتها؛ فإن ذلك سيجدد طاقتك ويعطيك وقود لا متناهي يأتي من مصدر لا ينضب من الداخل كبئر لا يجف أبداً.
  • ستصبح علاقاتك بالآخرين صحية أكثر. فبدون حب الذات والاعتناء بها سينفذ وقودك؛ وسوف تبحثين بعدها عن مصادر خارجية لتؤمن لك ذلك، من خلال العلاقات المتطلبة والغير متوازنة، سوف تكونين الطرف المتطلب الذي لا يشبع ولا يغذي احتياجاته مهما أخذ، وسوف تشعرين بالاستياء والمرارة. لإن سعيك معتمد على أن يقوم الآخرون بإعطائك الشعور بالسعادة وبأن لك قيمة. أما عندما تحبين نفسك سوف تحصلين على علاقة متوازنة صحية فيها توقعات واقعية، وسوف تكونين أنت الخلاقة لسعادتك ولسعادة والآخرين.
  • سوف تصبحين قادرة على العطاء والمشاركة أكثر مع الآخرين، بدون اعتماد ولا احتياج زائد على عوامل خارجية من أجل تقدير وقبول الذات. فأنت تحبين نفسك كما هي.

قومي بأخذ وقفة مع نفسك وراجعي سلوكياتك ومناحي حياتك وتعرفي على نفسك وفيما إذا كنت تحبينها وتقدرينها حقاً كما هي.





هذا المقال بقلم..

لايف كوتش إيمان الجعفري

نقدم الشكر الجزيل من فريق عمل كلنا أمهات لمدربة الحياة لايف كوتش إيمان الجعفري، على مشاركتنا لهذا المقال القيم. آملين أن نكون وإياها قدمنا لكم معارف مفيدة وقيمة.

اقرأ أيضاً حب الذات مع لايف كوتش إيمان الجعفري

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0