أثر غياب القدوة النسائية من المناصب الإدارية في الدول العربية

للأم العاملة

أثر غياب القدوة النسائية من المناصب الإدارية في الدول العربية

pexels-antoni-shkraba-5206297

يشكل معدل مشاركة النساء في سوق العمل تحدياً مستمراً ، كما يشكل أيضاً وصول المرأة إلى المناصب الإدارية القيادية تحدياً من نوع آخر، حيث تشكل النساء ما بين 8.6 إلى 10 % فقط من كبار المديرين. ذكرت دراسة أجرتها شركة ماكينزي؛ أن معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة في العالم العربي هي الأدنى. حيث بلغت فقط 24.6% أي نصف المتوسط العالمي. لذلك فإن النهوض بدور المرأة في المجتمع والاقتصاد؛ هو المحرك الأساسي للتغيير. أيضاً يمكن لزيادة مشاركة النساء في الوظائف المهنية والتقنية، أن تحفز النمو الاقتصادي في منطقة سوف تتأثر بشكل كبير بالثورة الصناعية الرابعة. مما يجعل أثر غياب القدوة النسائية في سوق العمل نقطة فاصلة. كما يجعل من تعزيز مشاركتهن أمراً مهماً للغاية.

وأكدت ماكينزي في بحثها الذي شمل دول مختارة من مجلس التعاون الخليجي والمشرق العربي، حيث ضمت الدراسة حوالي 78 مليون امرأة، لفهم كيفية تأثر النساء بالثورة الصناعية الرابعة، حيث أنه من المتوقع أن ترتفع عدد الوظائف في العام 2030. لذلك يجب أن تتسلح النساء بالمهارات المطلوبة؛ ليتمكنّ من الاستفادة من الفرص المتاحة التي تمكنهنّ من الانخراط في سوق العمل.

تقول أليس إيغلي -أستاذة علم النفس في جامعة نورث ويسترون في ولاية إلينوي الأمريكية- أن الصورة النمطية عن النساء هي أنهن لا يتمتعن بالكفاءة ولسن حازمات أو صاحبات سلطة، وأن أصواتهن ليست بالعلو المطلوب. لكن الامتثال للقوالب النمطية هي بمثابة عقاب لهن وتقليل من شأنهن.

لكن ما هو السبب الرئيسي في غياب القدوة النسائية؟

نادراً ما نسمع عن تولي المرأة لمناصب إدارية عليا في الشركات في الدول العربية. حيث ينظر لها دائماً بأنها غير قادرة على تولي مراكز إدارية قيادية. كما أن معظم النساء العاملات؛ يستسلمن في النهاية أمام طموحهن بشغل مناصب إدارية. بالطبع هناك سبب جوهري ورئيسي يكمن وراء هذا، وهوه غياب القدوة النسائية. ففي دراسة أجرتها شركة ماكينزي -وهي شركة استشارية إدارية متخصصة- أظهرت أن غياب القدوة النسائية في المناصب الإدارية له عدة عوامل. منها:

  • عوامل ثقافية اجتماعية. حيث ما زالت الثقافة في العديد من البلدان العربية، تتبنى مبدأ أن الرجل هو فقط قادر على شغل جميع المناصب الإدارية مهما كانت. كما يتم التعامل مع المرأة في العديد من القطاعات، على أنها أقل كفاءة من الرجل. أيضاً لا تُعطى المرأة نفس الفرص التي تُعطى للرجل في مجال التطوير الإداري. مع العلم بأن عدد الطالبات الإناث في الجامعات يفوق عدد الطلاب.
  • صعوبات وتحديات. مازالت العديد من النساء في الدول العربية، تعاني من أنظمة العمل التي تمنع المرأة من الحصول على التدريب اللازم للوصول إلى مناصب قيادية. بالإضافة إلى الأنظمة التي تحد من مشاركة المرأة في العمل الإداري، مثل: ساعات العمل وإجازات الأمومة.. إلخ. لذلك يجب علينا تغيير الصورة النمطية للأدوار القيادية وليس صورة المرأة أو الرجل.
  • انسحاب النساء من سوق العمل للتفرغ للعائلة ورعاية الأطفال.

ما هي الحلول والاقتراحات لغياب القدوة النسائية من المناصب الإدارية؟

  1. العمل على تغيير ثقافة المجتمع من خلال رفع الوعي بأهمية مشاركة المرأة بالمراكز القيادية.
  2. توفير فرص متساوية للمرأة في التعليم والتدريب لمساعدتها على تطوير مهاراتها وقدراتها.
  3. توفير الدعم الوظيفي.
  4. تعديل وتطوير قوانين العمل التي تحد من مشاركة المرأة في المناصب القيادية. مثل الزواج والولادة.
  5. العمل على تغيير ثقافة عدم الثقة في القيادات النسائية.

أما فيما يتعلق بالأم العاملة؛ فيجب أيضاً دعمها في الحصول على فرصتها في المناصب الإدارية من خلال:

  1. دعمها والإيمان بقدرتها على تولي مناصب عليا بالإضافة إلى مهمتها الأسمى وهي الأمومة.
  2. توفير دور رعاية مناسبة للأمهات العاملات. حيث أن رعاية الأطفال من أكبر التحديات التي تواجه الأم العاملة.
  3. توفير برامج تدريبية تساعد الأم العاملة على تطوير نفسها وحفظ التوازن بين حياتها العملية والأسرية.

نماذج عربية في تولي النساء للمناصب الإدارية

مصر – الإمارات – السعودية نموذجاً

شهدت بعض الدول في السنوات الأخيرة مثل مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ تطوراً ملحوظاً في تولي النساء للمناصب القيادية، التي أصبحت نموذجاً يحتذى به.

المرأة الإماراتية نموذجاً

تتمتع المرأة الإماراتية بحضور قوي في العديد من المناصب القيادية. حيث تتصدر الشيخة لبنى القاسمي، قائمة للسيدات اللاتي تقلدن مناصب مهمة في الدولة، في وزارة التنمية والتعاون الدولي عام 2013. بالإضافة إلى العديد النساء الإماراتيات اللاتي شغلن مناصب قيادية في العديد من الوزارات والهيئات الحكومية، وحققن نجاحاً منقطع النظير.

المرأة السعودية نموذجاً

شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، حضوراً لافتاً للمرأة في سوق العمل. حيث ارتفعت نسبة مشاركتها إلى 30% في العام 2022، وذلك ضمن رؤية 2030. كما بدأت بشغل المناصب القيادية، حيث تم تعيين ريم عبد الرحمن الرحيلي نائباً للرئيس التنفيذي لرأس المال البشري في هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية “إكسبرو”. بالإضافة إلى تقلد العديد من النساء السعوديات مراكز إدارية قيادية في العديد من الشركات الحكومية والخاصة.

المرأة المصرية نموذجاً

كشف التقرير السنوي للعام 2022 لمرصد المرأة المصرية في الجامعة الأمريكية؛ بأن هناك زيادة تعادل 3% عن عام 2021 في تولي المرأة المصرية مناصب قيادية في الشركات والقطاع المصرفي. حيث تتولى داليا سويلم رئاسة bebasata QNB. وقد بلغ عدد السيدات في الإدارات القيادية ما يقارب 1320 امرأة حتى الآن.


تعد مشكلة غياب القدوة النسائية في المناصب القيادية في الشركات العربية، مشكلة اجتماعية واقتصادية أيضاً. لذلك يجب أن تتضافر الجهود من قبل كافة الأطراف، مثل المجتمع المدني والحكومات والشركات لحلها. حيث أن المرأة تعادل أكثر من نصف المجتمع، وعندما نقوم بإغفال دورها في المراكز الإدارية القيادية؛ فهذا يساهم بضياع طاقات وقدرات عظيمة كامنة في المرأة، والتي من شأنها رفد ورفع مستوى الأداء للشركات بجميع القطاعات.

والأهم من هذا كله؛ يجب أن تستمر النساء في البحث عن الفرص وألّا يستسلمنّ للتقليل من قدراتهنّ الذاتية. لأن المرأة قادرة على صنع المستحيلات.

اقرأ أيضاً كيف أتعامل مع الشعور بعدم الرضا في بيئة العمل؟


هذا المقال بقلم رباب الحرفي

يتقدم فريق كلنا أمهات بالشكر للأستاذة رباب الحرفي لتقديمها هذا المقال القيم المليء بالفائدة

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0