انقطاع الأمهات عن العمل أصبح ظاهرة لا يمكن تفاديها؛ ولهذه الظاهرة أسباب وتحديات كثيرة تواجه الأم العاملة والنساء على حد سواء. يؤثر الانقطاع عن العمل على تطور المرأة الوظيفي بشكل كبير. إلا في حال حاولت الأم أن تبقى على تواصل مع شبكة علاقاتها، وتطوير مهاراتها وخبرتها أثناء فترة الإنقطاع؛ من خلال دورات تدريبية أو الحصول على عمل جزئي.
في استطلاع أجراه موقع لينكدإن للأعمال؛ وجد أن 57% من الأمهات العاملات لا يملكن الخيار في التوقف عن العمل حتى لو أردن ذلك! فالبعض لا يستطيع التوقف عن العمل لأسباب مالية. وأجاب ثلث المشاركات في الإستطلاع؛ أنهن يتركن العمل بسبب ارتفاع تكاليف العناية بالطفل في غياب الأم، إما من خلال الاستعانة بمربية أو وضع الطفل في حضانة للرعاية.
تنقطع تقريباً نصف الأمهات العاملات عن العمل لفترات طويلة بسبب الإنجاب. وحتى بعد انتهاء فترة إجازة الأمومة؛ يستقيل البعض الآخر من الوظيفة أو يأخذ إجازة غير مدفوعة الأجر، ليتمكن من العناية بأطفالهن. وغالباً يبلغ متوسط مدة الإنقطاع سنتان على الأقل.
المعوقات
هناك الكثير من المعوقات التي تقف في وجه الأمهات وتمنعهن من التطور الوظيفي مقابل تطور الرجال في بيئة العمل. كما وتشعر الكثير من النساء بالخوف من الإفصاح عن أي معلومات تخص أطفالهن في بيئة العمل أمام الزملاء. إن مصدر هذا الخوف هو الشعور بالتحدي من نظرة المجتمع والزملاء في العمل، وإن كثرة المسؤوليات على عاتق المرأة ستكون سبباً في تقصيرها في وظيفتها.
بعيداً عن العامل الاقتصادي؛ يكمن السبب الرئيسي في تنحي الآباء العاملين عن أخذ إجازة بالرغم من رغبتهم في ذلك، في الخوف من العواقب المهنية لمثل هذه الخطوة. فحوالي 35٪ من الآباء العاملين؛ امتنعوا عن أخذ الإجازة بسبب الخوف من فقدان وظائفهم. وأجاب 15٪ إنهم يشعرون بالقلق من تأخر مستواهم المهني في حال أقدموا على أخذ إجازة.
بالنسبة للأمهات العاملات اللواتي يخترن أخذ قسط من الراحة:
فإنهن يخشين أن تصبح مهاراتهن صدئة؛ وأنهن لن يتمكن من إدارة مسؤوليات الحياة المنزلية والعمل بنجاح. أما الأمهات اللواتي عدن إلى العمل بعد انقطاع وظيفي؛ قال 44٪ أن الجزء الأصعب كان التوفيق بين الواجبات الأبوية. مثل رعاية الأطفال والاهتمام باحتياجاتهم، بالإضافة إلى
المهام في العمل. بينما أجاب 27٪ فقط من الرجال أنهم لديهم نفس الشعور.
أكثر المخاوف التي تهدد النساء في فترة الإنقطاع عن العمل هي:
1- لن تتمكن من مواكبة التطورات التي تطرأ على العمل وتراجع الخبرة.
2- يشعرن بالخوف من عدم السيطرة على المسؤوليات في البيت والعمل.
3- يخفن من عدم مقدرتهن على تحمل أعباء العمل بعد العودة.
63% من النساء اللواتي أخذن إجازة من العمل؛ أجبن أنهن قضين المزيد من الوقت مع أطفالهن. بينما أجابت 54% من النساء اللواتي عدن إلى العمل بعد انقطاع؛ أنهن سعين لمواكبة تطورات العمل من خلال دورات تدريبية عن بعد، أو الإنضمام لورشات عمل. أو من خلال الحصول على وظيفة بدوام جزئي. 52% من النساء يشعرن بالحرج عند أخذ إجازة من العمل أو طلب ساعات مرنة للعناية بالأطفال؛ وذلك بسبب الخوف من الحكم عليهن من زملائهن. وأقر البعض أنهن يعانين من الإستخفاف في بيئة العمل بسبب أخذهن إجازة؛ أو بسبب الانقطاع عن العمل بعد الولادة.
تحدثنا سابقاً عن حقوق المرأة في قانون العمل مع السيدة فريدة الرئيسي مديرة الموارد البشرية؛ مع خبرة أكثر من 20 عام في القطاع. وأفادتنا أن قانون العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ يمنح المرأة العاملة في القطاع الحكومي إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 90 يوماً من تاريخ الإنجاب. والتي تجعلها أيضاً مؤهلة للحصول على إجازتها السنوية، ومن ثم الحصول على إجازة أخرى غير مدفوعة الأجر. على ألا تتعدى 120 يوم عمل. أما في القطاع الخاص فتحصل على 45 يوم إجازة مع نفس الحقوق السابقة (إجازة سنوية وإجازة غير مدفوعة). كما تستحق الحصول على “ساعة الرضاعة”؛ والتي يمكنها الحصول عليها بشكل مرن خلال ساعات الدوام الرسمية ولمدة عام كامل.
بالنهاية
من الطبيعي أن تحتاج المرأة إلى وقت مقتطع ترتب فيه أمورها بعد الإنجاب. وكأمهات ندرك أهمية دخول طفل جديد إلى العائلة، وكمية التغيرات التي تطرأ على المنزل والأم؛ والمسؤوليات المضافة على عاتق الوالدين. لذا لماذا نزيد من حدة الأمر على النساء والأمهات ونجعل من عودتهن إلى العمل أكثر صعوبة وتعقيداً؟
بدورنا كأمهات يجب أن نتفهم ظروفنا المختلفة، ونتقبل حاجة الأم للإنقطاع مع تهيئة ظروف في بيئة العمل تساعدها على الإستمرار. مثل: مرونة العمل من المنزل أو المكتب، أو العمل لساعات معينة في المكتب ومن ثم الإنتقال للعمل من المنزل لبقية النهار، أو توفير أماكن حضانة للأطفال داخل الشركات؛ مع تشجيع الأم العاملة وتهيئها للعودة إلى العمل بشكل عملي وأكثر سلاسة.