الفراغ يقتل العقل! وخصوصاً اذا كان الحل لهذا الفراغ؛ هو الهاتف الذكي وتطبيقات السوشال ميديا من إنستغرام وفيسبوك وسناب شات وتيك توك وغيرها من البرامج؛ التي يقضي بها الأطفال والمراهقين والشباب أغلب وقتهم في عصرنا الحالي. مخاطر وتأثير السوشال ميديا على المراهقين أكبر مما نتخيل. وسط هذه الدوامة المتشابكة من الصدمات المتتالية التي نعيشها منذ دخول الإنترنت إلى عالمنا؛ ولغاية عام 2020 وتأثير جائحة كورونا؛ أين نتجه مع هذا الكم الهائل من المعلومات والتطبيقات والتكنولوجيا الذكية؟
أكدت الدراسات اليوم أن مواقع التواصل الإجتماعي واستخدام الأجهزة الذكية؛ يزيد من القلق والتوتر والإكتئاب عند الأطفال. ناهيكم عن قلة التركيز في الدراسة. بالإضافة إلى الألعاب الإلكترونية التي تحفز العنف؛ وغيرها من البرامج التي تؤثر على أدمغة الأطفال بشكل يومي دون إدراك.
تأثير السوشال ميديا على المراهقين من الإناث
عندما تشاهد البنات المراهقات عارضات الأزياء وناشطون مواقع التواصل الإجتماعي بصور مثالية خاضعة لتعديل برنامج الفوتوشوب والفلاتر المستخدمة في التطبيقات؛ يترك هذا الأمر شعوراً بالنقص وعدم الثقة بالنفس لدى الإناث المراهقات. المقارنات على مواقع التواصل الإجتماعي؛ تجعل من الفتاة المراهقة متعبة من الداخل. وتمنحها الشعور بأنها أقل جمالاً من صديقاتها الإناث اللواتي يظهرن بصور مثالية للغاية على هذه التطبيقات. والذي بدوره يؤدي إلى الضغط النفسي ويزيد من نسب أذية النفس والإنتحار والقلق والتوتر.
تأثير السوشال ميديا على المراهقين من الذكور
أما المراهقون الشباب؛ فغالباً يقضون وقتهم على الألعاب الإلكترونية. ومن الممكن أن يتعرض المراهقون لمحتوى غير لائق مثل المواقع الإباحية؛ التي تظهر أمامهم عن طريق الإعلانات أو الوسائل المسربة. وكلاهما تأثيره سيء للغاية! فالألعاب الإلكترونية تسبب الإدمان مثل لعبة فورتنايت التي تحفز العنف وتضع الطفل في فقاعة معزولة عن محيطه. فتجده منغمساً باللعب لساعات؛ ينسى وجبة الطعام ويفقد الشعور بالوقت ويغيب ذهنياً بشكل كامل وكأنه غير موجود في المكان.
خرجت الأمور عن السيطرة بشكل كبير في فترة جائحة كورونا؛ وخاصة أن الأهل منشغلين بالعمل بينما يقضي الأطفال أغلب وقتهم في المنزل بعد إغلاق المدارس والنوادي والحدائق والأماكن الترفيهية. وهذا الوقت المهدور كله أين سينقضي؟ بالطبع على الهواتف الذكية. ومع ضيق الوقت لدى الوالدين وصعوبة مراقبة الأطفال والمراهقين؛ أصبح الدخول إلى عالم السوشال ميديا مباحاً للجميع وفي متناول الجميع. وكلنا ندرك كمية المحتوى السيء التي تحتويه هذه المواقع.
تأثير تيك توك على المراهقين
وصل تأثير موقع التيك توك على المراهقين؛ لدرجة أن بعضهم قرر الانسحاب من المدرسة وامتهان الفيديوهات المصورة كوظيفة. ومثال على ذلك نجمة برنامج التيك توك المراهقة “روري براون” ذات الـ17 عاماً. قررت أن تصبح مؤثرة على التيك توك وتكتسب الشهرة. وبالفعل هي اليوم واحدة من أكثر المراهقين متابعة عبر التطبيق؛ حيث يبلغ عدد متابعيها 3.8 مليون متابع. وتمثل 20 ماركة تجارية لتعرض منتجاتهم على الجيل الجديد؛ الذي يسعى التجار بقوة لدخول عالمهم والتأثير على عقولهم ودفعهم لتسوق المنتجات. قد يبدو الأمر قصة نجاح في عمر صغير؛ ولكن هل تأثير هذا العالم الإفتراضي سيكون جيداً على شابة مراهقة في مقتبل العمر؟ وهل هذه هي الطريقة الطبيعية لتنشأة شباب للمستقبل؟ يبيعون أنفسهم مقابل الشهرة والمال والتأثير الإجتماعي الوهمي.
هناك معلومة لا بد أن نذكرها ألا وهي أن أغلب مصنعي هذه التكنولوجيا لا يسمحون لأطفالهم باستخدامها!
ذكر هذه المعلومة جوناثان هايدت عالم النفس الاجتماعي الأمريكي وأستاذ القيادة الأخلاقية في كلية ستيرن لإدارة الأعمال في مقابلة إذاعية؛ تناول خلالها العديد من المعلومات القيمة عن تأثير السوشال ميديا على المراهقين. تابعوا المقابلة من هنا
في أحد لقائات TEDx؛ تناولت بايلي بارنيل الرئيسة التنفيذية لشركة تدريب المهارات الحياتية، وصنفت بين أقوى 100 امرأة في كندا؛ عن تأثير السوشال ميديا على الصحة النفسية والعقلية. شاهد الفيديو من هنا
الأضرار التي تسببها مواقع السوشال ميديا على المراهقين:
1- اضطرابات النوم.
2- قلة الثقة في النفس وزيادة القلق والتوتر والإضطرابات النفسية.
3- تعرضهم للأذى النفسي من المقارنات الإجتماعية.
4- زيادة التنمر الإجتماعي عبر التطبيقات لإمكانية إنشاء حسابات وهمية.
5- الإدمان على الألعاب الإلكترنية.
6- التحرش من قبل النفسيات المريضة وتعرض الأطفال والمراهقين للإذاء.
التربية الجنسية… كيف تُعلّم طفلك حماية نفسه من التحرش الجنسي؟
ما هي المخاوف التي تراود الوالدين في حال قرروا منع المراهقين من استخدام السوشال ميديا؟
1- الخوف من أن يشعر الأطفال أنهم أقل من أصدقائهم وزملائهم في المدرسة، لأن الغالبية اليوم يستخدمون الأجهزة الذكية والتطبيقات.
2- الخوف من أن الطفل أو المراهق سيشعر بالإنعزال، في حال لم يواكب هذه التطبيقات التي تحاكي متطلبات المراهقين اليوم.
ما هي الحلول التي تساعد في تقليل وقت المراهقين أمام الشاشة واستخدام السوشال ميديا؟
1- وضع الهاتف خارج غرفة النوم، وتوقف استخدامه قبل النوم بساعة على الأقل.
2- استخدام ساعة منبه تقليدية لإيقاظ الأطفال.
3- عدم السماح للأطفال والمراهقين باستخدام مواقع التواصل الإجتماعي حتى سن الـ16.
4- تحفيز لعب الأطفال في الخارج وممارسة نشاطات بدنية.
5- التحدث إلى مدير المدرسة ليقدم نصيحة للأطفال بالتخلي عن السوشال ميديا مع شرح الأسباب والأضرار التي تسببها للأطفال والمراهقين.
6- الإتفاق مع أهالي أصدقاء أطفالك بتقليل استخدام الهاتف الذكي والأجهزة الإلكترونية، حتى يتحفز الأطفال ولا يشعرون أنهم مختلفين عن أقرانهم.
7- السماح للأطفال بالخروج مع أصدقائهم وترتيب أوقات للعب أو السباحة أو ممارسة الرياضة.
نعيش اليوم في معضلة حقيقية مع تطور التكنولوجيا اعتدنا على تواجد الأطفال حولنا؛ وأصبحنا نحبذ وجودهم خلف الشاشة لساعات طويلة بعيداً عن العالم الخارجي الحقيقي. بالطبع هناك فوائد جمة للتكنولوجيا؛ كاستخدامها لتعليم الأطفال الموسيقى أو الرسم عبر اليوتيوب أو متابعة مدربين عبر مواقع التواصل الإجتماعي. لكن هذا الأمر لا يعني أن يبقوا أمام الشاشة طيلة الوقت؛ بل الأفضل أن يلعبوا مع أولاد الجيران كما كنا نفعل في السابق.
نعم أنا أدرك القلق الذي يراودنا عندما يخرج الأطفال أو المراهقين لوحدهم؛ لكن هذا الأمر سيزيد من ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم يشعرون بالإستقلال والمسؤولية، ويساعدهم على تطوير عقلهم بشكل طبيعي.
عزيزتي الأم التعامل مع المراهقين والأطفال صعب للغاية وخصوصاً في الظروف التي نعيشها حالياً وتقليل الاختلاط مع الآخرين. وأنت بحاجة لمن يرشدك إلى سبل حوار أو طرق للتحدث والترابط مع أطفالك. إليك هذه النصائح من كتاب “كيف تتحدث فيصغي الصغار إليك” لتساعدك وتنير دربك.