نقدم لكم قصة نجاح أم مغتربة، نجحت في مساندة عائلتها خلال جائحة كورونا، تخطت ظروف الحرب السورية، وتغلبت على عائق غياب الشهادة، فتعلمت ودرست وطورت من ذاتها; لتكون معيلاً لأسرتها ، واجهت العديد من الصعوبات في غربتها، ولكنها وقفت في وجهها، وحاولت جاهدة الوصول لأحلامها وتحقيق طموحاتها.
عرفينا عن نفسك
أم لثلاثة مراهقين ، أعمل في القطاع الطبي في الإمارات العربية المتحدة.
أخبرينا عن تجربة انقطاعك عن العمل.
كنت أعمل في مصنعاً للأدوية عندما كنت أعيش في وطني “سوريا”،وعندما انتقلنا للعيش في أبو ظبي في 2006، اضطررت لترك العمل، ولم أتمكن من إيجاد فرصة عمل تناسبني لندرة تخصصي هناك.
ما التحديات التي مررت بها للحصول على فرصة عمل في الغربة، وكيف تمكنتِ من تخطيها؟
كانت اللغة الإنجليزية عائقاً بالنسبة لي، فلم أكن أجيد التحدث بها، لأننا لم نكن نتعلمها في مدارسنا السورية، مما شكل لدي تحدياً كبيراً لإيجاد فرصة عمل. لذلك، قررت البدء بتطوير نفسي من خلال تعلم اللغة من الصفر، فسجلت في دورة لتعلم الإنجليزية، ولكن مستواي اللغوي لم يسمح لي بالحصول على فرص عمل; لأنني تعلمت الأساسيات فحسب.
بعد اندلاع الحرب السورية عام 2011، بات من المستحيل الاستقرار هناك، لذلك قررنا الهجرة لكندا، وعندئذ، أصبح من الضروري إتقان اللغة لأتعايش مع البيئة المحيطة بي. ولأقف على قدمي وأجد وظيفة تلائمني، تعلمت اللغة وأصبحت أتكلمها بطلاقة، ثم قررت تطوير لغتي أكثر فسجلت في دروس مخصصة لاستخدام اللغة في مقابلات العمل. ما إن انتهيت من دراسة اللغة، بدأت بالتدرب في مصنع إعادة التدوير لمدة شهرين ولكن للأسف، لم تكن بيئة العمل ملائمة لي كسيدة عربية.
لم تواجهني الكثير من الصعوبات في كندا; لكونها بلد تدعم الأمهات العاملات، فهي توفر للأم خدمات حضانة لأطفالها بالمجان، كما يساعدونها على إيجاد فرصة العمل التي تناسب خبراتها.
ألهمتنا إرادتك القوية للوصول الى النجاح، أخبرينا، كيف حصلت وظيفة على الرغم من عائق اللغة والهجرة والشهادة؟
كانت الشهادة تقف عائقاً بيني وبين اي وظيفة لأنها كانت متطلباً أساسياً للعمل.. قررت الدخول في المجال الطبي وحصلت على شهادة الدبلوم من جامعة خاصة من خلال الدراسة المكثفة لمدة سنة. وتخصصت في المختبرات الطبية.. لم تكن الدراسة بتلك السهولة، ولكنني أحببتها ووجدت شغفي بها، مما ساعدني على إكمالها. بعد إكمال دراستي، تدربت في إحدى المختبرات الطبية ، وما أن أنهيت فترة تدريبي، طلبوا مني أن اتوظف لديهم رسمياً ،فعملت لديهم لمدة سنة ونصف قبل العودة لأبو ظبي.
هل أثرت طبيعة عملك بنظام الورديات على تربيتك لأبنائك كونك أم لمراهقين، أخبرينا ،كيف أثر ذلك نفسياً على علاقتك بأبنائك؟
لقد واجهت العديد من الصعوبات كأم مغتربة تعمل ضمن ورديات، فقد كان يتوجب علي أن أكون على هبة الاستعداد بأي وقت للتوجه إلى العمل سواء أكان ذلك في الصباح، الظهر أو المساء.
كان هناك الكثير من التضحيات التي قدمتها على حساب علاقتي بأبنائي، فقد شعرت بأنني خسرت تواصلي معهم ولأنه أطفالي قد كبروا وأصبحوا مراهقين، شعرت بالتقصير تجاههم لأنني لم أكن قادرة على إمضاء الوقت الكافي معهم. لا أنكر بتردد فكرة ترك العمل في عقلي لمرات عديدة، ولكنني كنت مقتنعة من داخلي بأنني لن أكون سعيدة إن قمت بذلك.
تخطيت هذه التحديات واقتنعت من داخلي بأن هنالك الكثير من المطبات والصعوبات في هذه الحياة، إما أن نتماشى معها، أو أن نستسلم ونسمح لها بأن تمنعنا عن الوصول لأهدافنا.
ما الرسالة التي تودين توجيهها للأمهات اللواتي يفكرن بالعودة للعمل وتحقيق النجاح؟
الصعوبات والتحديات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا كأمهات، ولكنه ليس من المستحيلات تحقيق التوازن بين كونك أم وموظفة.
إن قررتي العمل، طوري مهاراتك اللغوية ومهارات التواصل ولا بأس بأخذ دورات ان لم تسعي لن تصلي لأحلامك.
ابحثي عن فرص تطوعية لأنها فرصاً رائعة لتطوري من ذاتك وتفتح لك ابواب .. وعليك بالصبر وليس من الضروري ان تقارني نفسك بالأمهات العاملات، فالذي يناسبهن ليس بالضرورة أن يكون ما يناسبك، اتبعي حدسك وشغفك.