الحياة سلسلة من النجاح والإخفاق وعدم التوفيق! هناك من يستسلم للأمر الواقع دائماً، ويرى أن الأمل والتحدي والمثابرة هي مجرد كلمات وجمل مسكنة نستخدمها أحياناً لمواساة أنفسنا في الأوقات الصعبة، وأنه لا مفر من الأقدار. وهناك من يؤمن من داخله بأن في كل محنة منحة، وأن الأمل يولد من رحم المعاناة. قصتنا اليوم هي قصة نجاح أم لم تستسلم في محنتها، بل خرجت من تجربة صعبة بفكرة رائعة لمجتمع الأمهات في أبوظبي.
نتعرف على قصة جوليان في السطور القادمة
عرفينا عن نفسك، من هي جوليان؟
اسمي جوليان. نشأت في منطقة نورماندي بفرنسا، وقضيت وقتي بين مطعم والدي ومنزل أجدادي الريفي. عندما بلغت ال 19 عاماً بدأت رحلتي في الدراسة والعمل والارتحال حول العالم. أعيش حاليا مع زوجي كيم حيث التقينا في الإمارات عام 2015، وقررنا الانتقال إلى أستراليا عام 2016. لكن بعد الحياة في سيدني قررنا الرجوع مرة أخرى للإمارات، خاصة بعد ولادة طفلتي الأول “زوي” حتى نصبح أقرب لعائلتنا في فرنسا. الآن نحن عائلة من أربعة أشخاص فقد رزقنا الله بابنتي الثانية “كليمنتين”.
من العمل في الفنادق إلى دعم الأمهات ثم ريادة الأعمال، أخبرينا ما قصة هذا التحول؟
بدأت رحلتي المهنية بعدما انهيت دراسة الماجستير في إدارة الفنادق. فطبيعة عملي كانت تقديم الخدمات الفارهة. لكن في يونيو 2020 أثناء حملي، وقع ما لم يكن متوقعاً! فقد تم تسريحي من وظيفتي. بعد تفكير؛ أدركت أني كنت أعمل لساعات طويلة جداً وخسارة هذه الوظيفة قد يكون نعمة.
خلال هذا الوقت؛ بدأت في تجديد اهتماماتي إلى تدريب السيدات. عندما عدت إلى أبوظبي في أبريل ٢٠٢٢، شعرت بالوحدة. فطفلتي الأولى كانت تبلغ من العمر 3 شهور فقط. شجعني زوجي أن أكوّن صداقات ومعارف جديدة من هنا ولدت فكرة ÔM Journey.
بعد 6 أشهر؛ اكتشفت حملي بابنتي الثانية! فأصبح وقتي بين التدريب والاهتمام بابنتي الأولى ومتابعة حملي وتأسيس ÔM Journey. فقد كان تركيزي منصباً على العودة مرة أخرى لمجتمع العمل. وخلال إجازة مع عائلتي، التقيت بمسؤول فنادق وقررت استشارته بفكرة منتجع ما بعد الولادة، التي حظيت بتفكيري أخر عامين. شغل هذا الرجل منصب مدير عام لفندق 5 نجوم معروف ونالت الفكرة إعجابه. ومن هنا بدأ تطوير مشروع ÔM Journey.
أخبرينا أكثر عن رحلتك في ريادة الأعمال وكيف اتخذتِ قرار ÔM Journey. هل هناك قصة وراء اختيار هذا الاسم؟ بالمناسبة كلمة ÔM تعني أم باللغة العربية هل كانت هذه صدفة؟
الفكرة بدأت بإنشاء منتجع للنساء بعد الولادة في أبوظبي. دون تردد؛ أخذت على عاتقي تطوير المشروع. أثناء رحلتي تقاطعت الطرق مع امرأة رائعة ساعدتني في صياغة خطة العمل. وتوسعت ÔM Journey لتصبح لأكثر من مجرد مكان للاستشفاء، بل أصبحت مجتمعًا، وبرنامج توعية، ومنتجعات عدة. من المقرر أن تنطلق هذه المنتجعات في يناير 2024.
مهمة ÔM Journey هي مؤازرة النساء في الانتقال إلى مرحلة أمومة بثقة. فالثلاثة أشهر الأولى بعد الولادة؛ تحمل تحولات مهمة للأمهات الجدد وأطفالهن، والتي غالبًا ما تكون مرهقة.
جوهر فكرة ÔM Journey قائم على تقديم الدعم والإرشاد للأمهات من الحمل إلى الأشهر الأولى بعد الولادة، ونقدم بيئة راعية، بالإضافة إلى خلق مكان للراحة والتمتع بتلك الأسابيع الأولى الثمينة مع الطفل.
اختيار الاسم كان رحلة في حد ذاته. فكرت فيه مرارًا وتكرارًا. عقدت جلسات عصف ذهني مع الأصدقاء. ثم في مارس 2023 أثناء رضاعة ابنتي الصغيرة؛ تشكلت فكرة الاسم في خاطري. فالحرف “O” كأنه يرمز للطفل وبطن الأم، والحرف “M” يرمز للأم، والعلامة الداعمة “^” كأنها ترمز للسقف والمنزل والأمان. فأصبح أسم المشروع “ÔM” وكان اسمًا مثاليًا! فيما بعد، تطور إلى “ÔM Journey”؛ لأن الأمومة هي رحلة بالفعل.
اكتشفت بالصدفة أن كلمة “ÔM” تعني”الأم” في اللغة العربية. على الرغم من الصدفة، شعرت أن هذا هو الاسم المثالي!
ما هي التحديات التي واجهتيها أثناء رحلتك في ريادة الأعمال وكيف تغلبتِ عليها؟
- كان التمويل هو التحدي الرئيسي! يعتبر تأسيس مشروع خاص أمراً مهيباً. ففي ذهني ومخيلتي الخطة قوية وحقيقة، لكن في الواقع يبدو الأمر وكأن عليّ تسلق قمة شاهقة. ومع اجتماع الظروف ما بين خسارة وظيفتي وجائحة كورونا والتزاماتي تجاه عائلتي، وخسارتي لشريكتي المؤسسة وانسحابها؛ كان الطريق صعباً. إلا أنني ممتنة جداً لدعم زوجي المادي والمعنوي الذي أتاح لي فرصة تحقيق أحلامي.
- أما التركيز فهو تحد آخر خصوصاً مع العمل من المنزل. هناك لحظات أشعر فيها بالتشتت، لا أعرف من أين أبدأ قائمة مهامي! لهذا تعلمت أنه من الضروري أحياناً الابتعاد لاستعادة صفاء الذهن ومواصلة آلية العمل.
- الموازنة بين العائلة ومشروعي، تحدٍ ثالث. لا شك أن عائلتي وبناتي هما على رأس أولوياتي، لكن في بعض الأيام يصبح العمل مستحيلاً لأنه ببساطة لا أملك الوقت. فيشتد الصراع داخلي كرائدة أعمال تريد التقدم، وأم تشعر بالذنب تجاه عائلتها. ويعظّم هذا الأمر أني شخص يسعى للكمال وأحاول متابعة كل الأمور بنفسي.
اقرأ أيضاً قصة نجاح أم – نادين عوّاد مؤسسة شركة Trainsquare في أبوظبي
ريادة الأعمال توصف أنها رحلة وعرة في بعض الأحيان ونشعر بها بالوحدة، من كان مصدر دعمك؟
زوجي هو الداعم الدائم لي. ومن حسن الحظ انني محاطة بسيدات رائعات في أبوظبي في تجمع “رائدات الأعمال في أبوظبي” وتجمع “رواد الأعمال الفرنسيين”، وكذلك العديد من الأمهات الرائعات اللاتي خاطرن في رحلة ريادة الأعمال. نحن جميعًا نساند وندعم بعضنا البعض. لم أشعر أبدًا بالوحدة في رحلتي، على العكس! حيث أن قوة التواصل والتفاعل في هذا المجتمع قوية بشكل لا يصدق.
ما هي رسالتك لزميلاتك من رائدات الأعمال؟
- أولاً وقبل أي شيء، آمني بنفسكِ وبرؤيتكِ. لا بد من أن يكون لديك ثقة بقدراتك والبصمة الإيجابية التي يمكن أن تتركيها.
- لا تترددي في البحث عن المساعدة والدعم.
- تواصلي دائماً مع أصدقائك ومعارفك. خاصة مع النساء اللاتي لديهن أفكار مماثلة لأفكارك لتشجيعك ومساندتك.
- شغفكِ بحل القضايا الاجتماعية وإحداث فارق هو قوة دافعة قوية. دعي ذلك يوجه قراراتكِ وأفعالكِ.
- العلاقات التي تبنيها يمكن أن تكون أعظم استثماراتك. تمسّكي بالأشخاص الذين يفهمون رحلتكِ ويمكنهم تقديم وجهات نظر ودعم.
- وأخيراً، تذكري أنه من المقبول أن تحققي توازنًا بين طموحات عملكِ والتزاماتكِ العائلية والشخصية. في بعض الأحيان، قد تحتاجين لأخذ خطوة إلى الوراء لتحديد الأمور الأكثر أهمية في الوقت الراهن.
أخيراً
في عام 2024، ومن خلال مشروع “ÔM Journey”؛ سيتاح للوالدين الجدد وأطفالهم في أبوظبي الفرصة للعثور على الراحة والرعاية في ملاذ آمن في فندق خمسة نجوم شهير. سنرحب بضيوفنا وقتما شاؤوا. سواء أكان ذلك بين مغادرة المستشفى والعودة إلى المنزل؛ أم في مرحلة لاحقة خلال فترة النفاس. سيتلقون الدعم من فريق من الخبراء من مستشفى معروف في أبوظبي.
هذا المقال بقلم هناء حسين
يتقدم فريق كلنا أمهات بالشكر للأستاذة هناء حسين لتقديمها هذا المقال القيم المليء بالفائدة
