الأب هو القدوة الحسنة، وهو أول من يزرع بذور الأخلاق الطيبة في نفوس أطفاله. الأب هو تلك الصخرة التي نستند إليها دون أن نخاف من أي شيءٍ في هذه الدنيا، وهو الظل الذي نستظل به من عثرات الحياة، كما أنه تلك اليد التي تدفعنا لنتقدم أحياناً، والتي تلتقطنا من العثرات أحياناً أخرى. لا تقتصر تربية الأبناء على الأم، بل مشاركة الأب في العملية التربوية أمرٌ في غاية الأهمية. فالأب يقدم لطفله أربع: الحماية، والرعاية، والسلطة، والقوة. فترى الطفل وهو يشعر بالحماية عندما يكون بجوار أبيه، كما يشعر أنه لن يحتاج لأي شيء في وجود والده،. أيضاً يمد الأب أبنائه بالقوة؛ فنرى الأبناء يمشون إلى جانبه بثقة ويستندون على والدهم كالصخرة.
أجاب الدكتور جاسم المطوع، عن بعض الأسئلة التي تتعلق بأهمية مشاركة الأب في العملية التربوية. حيث شاركنا بهذه المعلومات من خلال فيديو مباشر، عبر منصة معين التربوية. وجاءت إجاباته الشافية والكافية، التي قمنا بتلخيصها لكم، لنعرضها اليوم عبر موقع كلنا أمهات، لنثري فكرنا وإياكم.
فلنقرأ معاً عن: تربية الابناء جاسم المطوع، تربية الابناء في الاسلام.
هل يقتصر واجب الأب على تقديم الرعاية؟ وهل من واجب الأب المشاركة في العملية التربوية؟
بالبداية سنوضح الفرق بين الرعاية والتربية. فالرعاية؛ تعني توفير عناصر الحياة المادية التي يحتاجها الأبناء، كالمسكن والمأكل والتعليم والعلاج. أما التربية؛ فهي التوجيه وغرس القيم والأخلاق. وقد يكون هذا التوجيه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وإجابة على السؤال؛ فإن دور الأب يجمع ما بين الرعاية والتربية، ومن واجبه التنسيق بينهما.
قد يقع الزوجين في الكثير من الأحيان، في سوء فهم الأدوار الملقاة على عاتق كل منهما في العملية التربوية. فغالباً يتلخص التنسيق بين الزوجين؛ بأن يعمل الأب خارجاً لتوفير مستقبل أطفاله، وأن تعمل الأم داخل المنزل لتربية أطفالها.
ولكن ما يحدث فعلياً أن الأطفال يكبرون! ومع تقدمهم بالعمر، تشعر الأم بثقل التربية على كتفيها. وفي هذه المرحلة ستحتاج المساعدة من زوجها، فتطلب منه الانخراط أكثر بالعملية التربوية. مما يؤدي إلى عدم قدرة الأب على المشاركة الفعلية، فهو لم يقم بالمساعدة منذ البداية. فلماذا الآن؟
أيضاً مع تغير أنماط حياتنا الحالية، أصبحت العديد من الأمهات تعمل في الوظائف المختلفة خارج المنزل. فكيف ستستطيع هذه الأم أن تنسق بين عملها خارج المنزل وداخله؟ وبين تربية أطفالها بمفردها؟
من المهم أن ندرك ونعي أن المسؤولية مشتركة ما بين الأب والأم في الرعاية والتربية.
كيف يمكن أن يكون الأب فعال في العملية التربوية؟
أهم نقطة هنا؛ هي أن يقوم الأب بإعطاء القليل من وقته لأطفاله، حتى لو كان مشغولاً. يستطيع الأب تعويض أطفاله عن انشغاله عنهم، بقضاء المزيد من الوقت معهم أثناء أيام العطلة الأسبوعية. أو من خلال حرصه على تناول وجبة طعام يومية مع أطفاله، وقد يتخلل هذه الوجبة بعض الأحاديث الدافئة والهادفة. عندها سيشعر الأبناء أن والدهم شخصية مؤثرة وقدوة حسنة حقاً.
هل يقتصر دور الأب على تربية الصبيان دون البنات؟
قضية التربية لا علاقة لها بذكور أو إناث! فلا منطق في حصر تربية الأب على الصبيان فقط!
دور الأب يشمل المشاركة في العملية التربوية للأبناء إناثاً وذكوراً. ويجب أن تشمل التربية 6 جوانب وهي كالتالي: الجانب الإيماني، التربية المالية، الجانب الاجتماعي، التربية الجنسية، مهارات الحياة، والتربية السلوكية. يطبق الوالدين أسلوبهم التربوي في هذه المجالات عند تربية الأبناء إناثاً وذكور.
اقرأ أيضاً التربية الجنسية كيف تعلم طفلك حماية نفسه من التحرش الجنسي
كيف يضمن الأب أن يكون كلامه مسموع؟
- مصادقة أصدقاء أبنائه، هكذا سيشعر الأبناء بمدى قرب والدهم روحياً منهم.
- تخصيص وقت معين يومي ليقضيه الأب بالحديث مع أطفاله، حتى لو اقتصرت مدة هذا الوقت على 10 دقائق! وحتى لو كان الحديث غير مهم بنظر الأب. ولكن هذه الأحاديث اليومية مهمة جداً في نظر الطفل.
- الاستماع؛ فأطفالنا يبتعدون عنا لأننا لا نريد أن نستمع لهم، بل نريد أن نتحدث فقط! فإن أراد الأب أن يكون كلامه مسموع، من المهم أن يسمع أولاً.
- اللعب مع الأبناء، فهو من أكثر الممارسات التي تقوي علاقة الأطفال بأبيهم.
ما العمل في حال اختلاف القيم والأخلاق من وجهة نظر كل من الأم والأب؟
لا شك أن معركة القيم والأخلاق تولد بسبب اختلاف المناهج الفكرية والتربوية بين كلا الوالدين، ولكن لنتحدث عن هذا سوياً بشكل أوضح.
معلومات تربوية
يقتدي الأطفال بالشخص القوي بالعادة، ويعد الأب أقوى من الأم من وجهة نظرهم! لذا؛ سيراقب الطفل والده وسيخزن بصرياً وسمعياً وحسياً كل تصرفات والده في عقله، سينسخها وسيترجمها بالمستقبل بعادات تشبه عادات الأب.
من جهة أخرى؛ تعد الأم أكثر تأثيراً على طفلها لعدة أسباب، أهمها قوة علاقتها بطفلها وقربها منه، والاهتمام بالطفل خلال السبع أعوام الأولى من عمره.
هذا يعني؛ إن قام الطفل بتقليد تصرفات والده، سيكون هذا من باب الفضول وحب التجربة فقط.
ما العمل؟ الحل هنا بتجزئة القدوة!
ما معنى تجزئة القدوة؟ وهي ألاّ نحصر الأب في دور القدوة بكل التصرفات، بل نعدد صفات الأب الحميدة أمام الطفل وننسبها إليه. فمثلاً: بابا قدوة في الرياضة، أو في إدارة الأمور المالية. بينما عمك قدوة في الإيمان، وخالك قدوة في الأخلاق وهكذا. في هذه الحالة لن يستطيع الأب هدم أي قيم غُرست بالطفل مهما تصرف.
هل يؤثر غياب الأب باستمرار على تربية الأطفال؟
وجود الأب ومشاركته في العملية التربوية مهم جداً، ويمنح الأطفال شعوراً بالسلطة والرعاية والقدوة. وقد يزيد غياب الأب من زيادة الحمل على الأم، فهي مضطرة في هذه الحالة أن تلعب دور الأم ودور الأب أيضاً.
في هذه الحالة؛ تستطيع الأم أن تمدح جهود الأب أمام أطفاله، وأن تبرر سبب غيابه المتكرر عنهم، حتى لا ينظروا لوالدهم نظرة المقصر. وأن تؤكد على أنهم ليسوا السبب في هذا الغياب.
مثلاً: بابا يرعى جدكم في المستشفى وهذا من بر الوالدين، أو بابا يعمل في الخارج ليوفر لكم مستقبلاً مشرقاً.. وما إلى ذلك.
كما أن عصر التكنولوجيا الذي نعيش به الآن، يتيح للأب التواصل بشكل دائم ويومي مع أطفاله حتى وإن كان غائباً عن المنزل.
كيف نتعامل مع الأب الذي يعتقد أن دوره يقتصر على تأمين معاش الأسرة فقط؟
يجب أن نقضي على هذا الاعتقاد السائد عند العديد من الآباء، فإن هذا التصرف تصرفٌ خاطئ. لأن الأب الذي لا يربي أبنائه يؤثم! تحت بند تربية الابناء في الإسلام، لا بد للأب أن يأخذ دوره التربوي، وأن يترك بصمته التربوية.
صحيح أن كسب المال وتأمين معاش الأسرة هي من واجبات الأب، لكن لا يجب أن يسعى له على حساب التربية. فالأبناء هم الاستثمار الأفضل! وأيضاً أن يبذل جهده حتى يكون “أب صالح” كسعيه لكسب الرزق.
أما عن صفات الأب الصالح كما ذكرها القرآن الكريم فهي:
- حريص على استقامة أبنائه. لنستذكر قصة سيدنا يعقوب وحرصه على صلاح أبنائه قبل وفاته في الآية الكريمة: “أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”.
- يخاف على أبنائه من الفتنة والانحراف، ويعمل على توفير حياة طيبة لهم. كما ذكرت الآية الكريمة التي تحدثت عن قصة سيدنا زكريا: “هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”.
- لا ييأس من اصلاح أبنائه، بل مستمر بتربيتهم وتوجيههم. حيث وردت قصة سيدنا نوح في القرآن الكريم، الذي كان قد حاول حتى الرمق الأخير، ولم ييأس للحظة من صلاح ابنه. كما جاء في الآية الكريمة: “وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ”.
- لا يستبد برأيه بل يحاور ويناقش. كما جاء في قصة سيدنا يوسف العديد من الحوارات بينه وبين والده سيدنا يعقوب.
- لا يضرب.
- يحرص على مصلحة أبنائه، ويقدم لهم النصائح التي فيها صلاحهم. قال تعالى: “وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ”.
صدق الله العظيم
ما رأيك بعنف الآباء وضربهم لأبنائهم؟
اسألوا أنفسكم سؤالاً واحداً وستعرفون الإجابة، هل استقام أحد الأبناء بعد ضربه؟
اقرأ أيضاً توطيد علاقة الطفل بوالده من خلال قصص الأطفال القصيرة
ورشة كيف أربي طفلي على القيم في زمن العجب
هل أنت من الأمهات اللاتي يسعين لتربية أطفالهن على القيم والأخلاق في هذا الزمن المنفتح متعدد الثقافات؟ هل ترغبين بتربية طفل واعي لأصله وثقافته ودينه رغم تطور وتغير الزمان؟ هل تبحثين عن طريقة لتقوية الصلة بين الطفل ودينه بشكل مبسط؟ وهل تواجهين صعوبة في غرس الأفكار الصحيحة وضحد المعتقدات المؤذية لديننا ومعتقداتنا لدى طفلك؟
إليك فرصة الإنضمام لورشة كيف أربي طفلي على القيم لمدة يومين بواقع ساعتين لكل يوم، حيث سيتم عقد هذه الورشة عن طريق برنامج زووم يومي الإثنين 13/3/2023 والأربعاء 15/3/2023 الساعة 8 مساءً بتوقيت دولة الإمارات.
في ورشة ” كيف أربي طفلي على القيم في زمن العجب”؛ ستكونين محاطة بأمهات يشبهنك، لديهن أهداف مشابهة لأهدافك، حيث ستتواجدين في بيئة داعمة لك وستتمكنين من التعلم من تجارب الأمهات الأخريات.
مدة الورشة: 4 ساعات بواقع ساعتين لكل يوم.