كانت تسع شهورٍ طويلة، مليئة بالتحديات والمفاجئات والآمال، انتهت بأجمل هدية من الخالق، طفلك الرضيع. لتبدأ مرحلة جديدة ممتدة لثلاثة أشهر، والتي هي إجازة الوضع والأمومة. على مدى ثلاثة أشهر؛ ستنسين نفسك قليلاً لتتعلمي الإرضاع وتنظمي فترات النوم، وتحددي أوقات الوجبات، ولتقرأي عن أنواع البكاء لتميزيها. ستنقلب حياتك رأساً على عقب، فلا يوجد روتين معين للنوم، ولا يوجد وقت للقيام بأي عمل آخر بجانب الإهتمام برضيعك.
بين حمل ٍ وولادةٍ وإجازة الوضع والأمومة، مرَّ عامٌ كامل! والآن حان الوقت للعودة للعمل، هل خططتي لذلك؟
قبل أن تعودي للعمل، يجب عليكِ عزيزتي الأم أن تتحضري نفسياً أولاً، ثم أن تعملي على تطوير مهاراتك وتعزيز خبراتك، وصولاً إلى رحلة البحث عن عمل. وبمجرد عودتك للعمل، هناك أيضا بعض التفاصيل المهمة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لتسهيل حياتك الجديدة كأم عاملة. فتنظيم الوقت والبحث عن مساعِدة منزلية، والتخلص من الشعور بالذنب، والعديد من التفاصيل الأخرى التي سنتحدث عنها في هذا المقال.
لا تهلعي! بالقليل من التنظيم، وبتثقيف نفسك، وبمعرفتك ما هو الأفضل لعائلتك، وبالقليل من الدعم، ستمر الأمور بسهولة.
كيف أعود للعمل بعد إجازة الأمومة؟
1. تحضري نفسياً قبل التفكير بالعودة للعمل
بعد انتهاء إجازة الوضع والأمومة تواجه الأم كثيراً من الصعوبات والمشاعر المتضاربة، أهمها الشعور بالذنب عند الأم العاملة اتجاه طفلها بسبب الإبتعاد عنه. ويكون الأمر أكثر صعوبة في حال كان يعتمد على الرضاعة الطبيعية. بالإضافة لانشغالها بالتفكير به أثناء بقائها لساعات طويلة في العمل.
تحاورت مع مدربة الحياة كوتش سحر الخطيب، لمساعدة النساء في التعامل مع الشعور بالذنب والسيطرة على الخوف والقلق الذي يصاحب هذه المرحلة الحساسة من الأمومة. وجائت إجابتها كالتالي:
“من الطبيعي أن تشعر الأم بهذه الأحاسيس والأفضل أن تتقبل هذا الشعور ولا تقاومه أو تنكر وجوده. في حال كان أطفالك بعمر كبير ويمكنك التحدث معهم اشرحي لهم عن وظيفتك، وأخبريهم عن الوضع وكيف ستتغير الأمور. أهم نصيحة هنا ألا تخبري أطفالك أنك تذهبين للعمل لتتمكني من إلحاقهم بمدرسة جيدة، هنا يصبح الأمر وكأنك تحملينهم ذنب غيابك في العمل، فيعود الأمر عليهم بطريقة سلبية. الأفضل أن تخبريهم أنك تعملي ليحصلوا على مستوى حياة أفضل وليتمكنوا من السفر والإستمتاع معاً في نشاطات يفضلونها”
أما عن كيفية التخلص من الشعور بالذنب فقالت:
“الأطفال أذكياء للغاية ويشعرون بالأحاسيس التي تنقلينها لهم. لذا إياك أن تلقِ باللوم عليهم بسبب عملك. احذري من نقل شعورك بالذنب لهم لأنهم سيستغلون ذلك ضدك. وعوضاً عن ذلك حاولي أن تتقبلي الواقع وتتقبلي مشاعرك مع الوقت، وأخبري طفلك في كل مرة، أنك ستذهبين للعمل وستعودين في وقت لاحق من النهار، لتكون الأمور أكثر وضوحاً وراحة لكليكما. وفي نهاية المطاف سيعتادون على هذا الأمر ويتقبلونه، وسيروون قصة نجاح أمهم بفخرٍ مستقبلاً”.
2. طوري مهاراتك
تشعر المرأة بضعف فرصتها عندما تتخذ قرار العودة إلى ساحة العمل بعد فترة الأمومة. لكن ما هو موقف المدير عندما تتقدم أم جديدة لوظيفة ما؟ أجابتني السيدة فريدة الرئيسي، مديرة الموارد البشرية في حوار لي معها بأن على النساء إثبات أنفسهن أمام مسؤول التوظيف في العمل. لا ضير بالاعتراف أنهن اخذن وقت مستقطع للعناية بأطفالهن، وقررن بعد ذلك العودة إلى ساحة العمل، ولكن في هذه الأثناء يجب على المرأة أن تواكب تطورات ومتطلبات سوق العمل.
لنكن واقعيين، ستكون فرصة المرأة التي عملت على تطوير مهاراتها في دورات تدريبية أو ورشات عمل، أكبر من التي انقطعت بالكامل لمدة عام أو أكثرعن تطورات القطاع. حيث أنه في عصر التكنولوجيا والتطور الذي نعيشه، التواصل مع شبكة المهنيين هو أمر أساسي ولا مفر منه، فهنا يتطلب الموقف بعض الذكاء والشفافية.
فعلى المرأة ان تحرص خلال فترة انقطاعها على التواصل مع شبكة معارفها المهنية، إما من خبرة سابقة أو من خلال البحث عن المجال الذي تود العمل به في الفترة القادمة، ولتكون الأم أكثر تحديداً ومهنية، يجب عليها البحث في مجال عمل محدد وواضح وتبتعد عن التشعب، أي في حال كانت لديها خبرة في مجال التسويق الشبكي، الأفضل لها أن تلتزم في المجال نفسه.
اقرأ أيضاً المهارات والفنون التي تحتاجين لها عند العودة للعمل بعد إجازة الوضع
3. ابدئي البحث
كل شخص يطمح بالحصول على وظيفة مرموقة يحتاج لبناء ملف رقمي لخبراته على وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع البحث عن الوظائف. وأحد هذه المواقع التي تشكل حلقة وصل بين الباحثين عن العمل والباحثين عن الخبرات هي موقع لينكد إن.
يعتبر هذا الموقع من أقوى المنصات الرقمية التي تدعم أصحاب الخبرة والباحثين عن العمل والشركات، فهو يوفر مساحة رقمية لكل شركة وموظفيها للإنضمام عبر المنصة بالإضافة لإمكانية تسويق الخبرات في بيئة العمل.
إليكِ نصائح الخبراء لتطوير ملفك الرقمي عبر لينكدإن ليساعدك في الحصول على وظيفة في المستقبل:
1-افتحي حساب لينكدإن وحدثي المسمى الوظيفي في العنوان الرئيسي، مع إضافة الخبرات والمهارات التي تمتلكيها.
2- أضيفي صورة مهنية تظهر ملامح وجهك تمكن الباحث عن الخبرات التعرف عليكِ.
3- تابعي صفحات الشركات الرسمية التي تطمح العمل بها عبر لينكد إن.
4- تابعي مجموعات التوظيف في بلدكِ أو البلد الذي تودين العمل به مثل (Jobs In Dubai).
5- تفاعلي مع المنشورات المرتبطة بطبيعة عملك وتضيف قيمة لكِ ولشبكة علاقاتك عبر لينكد إن.
6- اتصلي بشبكة من الخبراء في مجال التدريب، واحرصي على التعلم والتفاعل مع منشوراتهم المهنية لتبادل الآراء والخبرات.
7- ميزة أخرى تقدمها لينكدإن هي الدورات التدريبية ويمكنكِ تقديم اختبار عبر الموقع وأخذ شارة الخبرة على حسابكِ الشخصي.
8- فعّلي زر المتابعة Follow عبر حسابك لتخفف من طلبات الإرتباط وزيادة دائرة متابعينك.
9- اطلبي توصيات على حسابكِ من زملائك الحاليين أو السابقين.
10- أضيفي إلى ملفك المجالات التي تودين العمل بها والدول المستهدفة، لتظهر لكِ نتائج الوظائف بناءً على بحثك.
11- شاركي منشورات مفيدة حول طبيعة عملكِ مع نصائح لمتابعيك للإفادة والإستفادة ونقل الخبرات، وزيادة شبكة الأصدقاء.
12- ابحثي عن وظائف في منطقتكِ من خانة “الوظائف”، حيث تمكنكِ خاصية الفلتر من البحث حسب المنطقة أو نوع الخبرة.
وجدت عملاً يتناسب مع أهدافي، أشعر بعض الأحيان أني سأستسلم، ماذا الآن؟
هناك بعض التفاصيل التي يجب أن تأخذيها بعين الاعتبار، سنذكر بعضاً منها مرفقةً بالنصائح التي ستوصلك للقرار الصحيح بما يتناسب مع أسلوب حياتك.
1. كيف أجد المساعدة المنزلية المثالية؟
كونك الآن أم عاملة بالغربة، ستحتاجين لبعض الدعم والمساعدة الخارجية، إليك بعض النصائح من تجربتي الشخصية لإيجاد المساعدة المنزلية المناسبة.
- قررت استقطاب خادمة منزلية من مكتب لأنه المكتب يوفر ضمانة، رغم أن التكلفة عالية إلا أنها تستحق ذلك. بكل بساطة الخادمات المستقدمات توقعاتهن معقولة ويلتزمن بعقودهن
- اختاري مكتب له سمعة طيبة ولديه خادمات منزليات بشكل دوري، حتى إن حصل عدم ارتياح للخادمة تتوفر بديلة بسرعة لها.
- قابلي الخادمة المنزلية، فكري بالأمر وكأنه وظيفة وحددي أسئلة للمقابلة، مثلا أنا كنت أسأل عن الاسعافات الأولية وكيفية التعامل مع الأطفال، ماذا ستتصرف في حال بكاء الطفلين معاً، في حالة الرضاعة ما الوضعية المناسبة … إلخ
- حددي الشروط التي تناسبك منذ البداية، مثلاً، يمنع استخدام الهاتف أثناء ساعات العمل … بالتوافق بينكما.
- تحديد التوقعات من البداية ضروري. اذكري ظروفك ولا تتركِ الأمر للمفاجآت. حضريها نفسياً، كم ستغيبين عن المنزل، اشرحي لها أين ستنام وما المطلوب منها، هل ستمنحيها يوم إجازة، ناقشي جميع الأمور وحتى الراتب وتأكدي من موافقتها على ظروف العمل واحتياجاتك.
- عامليها بما يرضي الله.
2. كيف أنظم وقتي؟
لخصت لنا المدونة والأخصائية التربوية “نادين أبو زنط” صاحبة حساب Nadineknot الإجابة كما يلي: ” أكثر ما يساعد الأم العاملة تهيئة البيئة المحيطة، والتأكد من عدم وجود ملهيات أو معيقات تأخر إنجاز المهمة، مثلاً عند وقت الدراسة يجب تحضير الغرفة مسبقاً من تشغيل الحاسوب وتهيئة المقعد والأدوات اللازمة للدراسة، ولتطبق الأم هذا المصطلح يجب عليها أن تحضر قراراتها بشكل مسبق، وتحديد الخيارات بشكل مرتب، وهذا لا يعني أن نفتقر للمرونة، بل يجب أن نستغل المعطيات والمكان لترتيب أولوياتنا.
ويتضمن الأمر وضع الأشياء في مكانها المحدد في كل مرة كي لا نضيع الوقت في البحث عنها مثل وضع علاقة المفاتيح عند الباب لإيجادها بسرعة عند الخروج من المنزل، و مثال آخر مثل تحضير جدول أسبوعي للوجبات وبالطبع شراء أغراض التسوق اللازمة مسبقاً”.
كما وجهت النصيحة التالية للأمهات: “نصيحتي للأمهات العاملات وغير العاملات أن يبدأوا بتنظيم الوقت بخطوات صغيرة ليصبح روتين يومي، وتدريجياً سيجدون أنفسهم أكثر تنظيماً ويكتشفون أن اليوم يكفي لجميع المهمات وأكثر، تقليل وقت الهاتف أو التلفاز سيكون مفيداً للغاية”.
3. نصائح أخرى.
قمنا بعمل مقابلة مع مدربة الحياة سحر الخطيب، لتحدثنا أكثر عن كيفية تحقيق التوازن بين العمل والمنزل للأم العاملة، وستجدين في هذا الفيديو نصائحها القيمة عن كيف تكونين أكثر إنتاجية في العمل وبنفس الوقت كيف لا تظلمين عائلتك عند عودتك للمنزل.