بدأ تنافس الأشقاء منذ بدء الخليقة. وأكبر مثال على ذلك قابيل وهابيل وإخوة سيدنا يوسف عليه السلام، واستمرت إلى يومنا هذا! يتنافس الأشقاء على كل شيء ابتداءً ممن لديه مهام أكثر انتهاءً بمن يفوز ومن يخسر في الألعاب اللوحية أو المنافسات الرياضية. الربح والخسارة؛هو أكثر ما يتنافس عليه الأشقاء وأكثر ما يهمهم بل هم غير مهتمين أبداً بالحصول على المركز الثاني. الأمر الذي يؤدي استمراره في أغلب الأحيان إلى شعور الوالدين بالإحباط والإرهاق والتوتر. فما الحل؟
كبالغين نشعر أحياناً أننا نركب أفعوانية لكثرة تقلبات هذه الحياة! ولا تسير الأمور دائماً كما نتمنى ونرغب؛ ولكننا نعرف كيف نتعامل مع هذا الأمر وكيف نتقبله. ولكن الأمر مختلف بالنسبة للأطفال الذين يحتاجون للوقت لاكتساب هذه المهارة. إذاً كيف نستطيع مساعدة أطفالنا على فهم الربح والخسارة وعلى فهم أنه لا بأس إن لم تسر الأمور دائماً كما خططنا لها؟
لنبدأ بتعليمهم مفهومي الربح والخسارة؛ فمن خلال الألعاب اللوحية أو الرياضات التنافسية سيظهر هذا المفهوم في حياة طفلك باستمرار وسترافقه المشاعر المختلفة من غضب وحزن واستسلام؛ وما يقابلها من مشاعر السعادة والحماس عند الفوز. تساعد تجارب اللعب هذه على تعليم الأطفال كيفية معالجة مشاعرهم، وهي مهارة حياتية مهمة جداً ستساعده على التواصل الاجتماعي في المستقبل. كما وستعلمه كيفية الاحتفال بلحظات الحياة القيمة وكيفية تجاوز الصعبة منها.
لا يعرف الأطفال الصغار كيفية التعبير عن مشاعرهم بشكل صحيح وقد لا يفهمون بعض المشاعر أيضاً. قد يبالغون في البكاء في بعض الأحيان، أو أنهم يركضون في أرجاء المنزل صارخين “لقد فزت لقد فزت”. لا ضير من ذلك! بل هذه الخطوة الأولى في عملية تعليم الأطفال مفهومي الربح والخسارة.
مع الوقت والتدريب سيقل تنافس الأشقاء هذا؛ وسيكونون أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم وعلى ضبط ردود أفعالهم المتعلقة بالربح والخسارة في المواقف المختلفة. هم الآن بحاجة لمساعدتنا كآباء لتعليمهم هذه المهارة.
جربي هذه النصائح التي ستساعد طفلك على تعلم كيفية معالجة مشاعره حول تنافس الأشقاء والربح والخسارة
1. تحدثي معه
قبل اللعب مع الأصدقاء؛ تحدثي لطفلك عن السيناريوهات المختلفة التي ستحصل. فإن خسر هذه المباراة كيف سيشعر؟ وإن خسر صديقه أو شقيقه كيف سيشعر هو وكيف يتوقع أن يشعر الطرف المقابل؟ أخبريه أنك تتفهمين رغبته بالفوز، وحثيه على المضي قدماً ولعب لعبة جديدة – في حال خسارته – وربما يكون الفائز فيها. وضع خيار الخسارة على الطاولة أمام الطفل؛ سيجعل الأمر أقل إزعاجاً بالنسبة للطفل الذي يتوقع الفوز بنسبة 100% وفي كل الأوقات.
2. امدحي مجهود طفلك
أخبري طفلك باستمرار عن مدى فخرك به؛ بسبب المجهود الذي قام به خلال هذا النشاط أو هذه اللعبة، بغض النظر عن ربحه أو خسارته. واشرحي له سبب فخركِ به في كلا الحالتين. فمثلاً: “لقد قمت بعمل رائع بإحراز ذلك الهدف” أو “أعجبتني التسديدة الأخيرة حتى لو لم تنجح”. مدح المجهود هنا أهم من مدح النتيجة النهائية.
3. دربيهم على التحلي بالروح الرياضية
بالبداية؛ تحدثي مع أطفالك عن ردود أفعالهم ومشاعرهم في حالة خسارتهم. ثم انتقلي للتحدث عن مشاعر الفوز والطرق المناسبة للاحتفال بهذا الفوز. حثيهم على القول دائماً وبعد كل لعبة “استمتعت باللعب”. وفي حال فوز شقيق الطفل أو صديقه؛ علميه أن يقول “تهانينا”. هذه الروح الرياضية؛ ستساعد طفلك على أن يصبح أفضل في معالجة عواطفه وضبطها والتعبير عنها أيضاً، بل وهي الخطوة الأولى نحو اكتساب هذه المهارة.
4. ساعدي طفلك على فهم مشاعره
عندما يتعرف الطفل على المشاعر المختلفة التي تعتريه من حزن وغضب وخيبة أمل وإحباط؛ يستطيع عندها التحكم بهذه المشاعر وضبطها بصورة أفضل. طوري مع طفلك استراتيجيات للتعامل والتكيف مع هذه المشاعر، وذكريه أنه لا ضير من الشعور بهذه الطريقة أو تلك، وأن لديه خيارات متعددة للتعامل مع هذه المشاعر غير المريحة تتمثل بقيامه بنشاط مختلف كالتلوين مثلاً؛ لمساعدته على السيطرة على عواطفه بطريقة صحيحة.
5. علمي طفلك المهارات الأساسية لإدارة الغضب
غالباً ما يتصرف “الخاسر” بطريقة لئيمة مع الطرف المقابل؛ فهو يلقي بقطع اللعب أو يتفوه بعبارات غير مناسبة خلال نوبة الغضب التي يمر بها! واجبنا الأساسي هنا؛ أن نحرص على تعليم أطفالنا أن هذه التصرفات غير مقبولة ولا مبرر لها. لا بأس أن يشعر الطفل بالغضب، ولكن من غير المقبول إيذاء الناس والممتلكات بسبب هذا الشعور! استثمري الوقت والطاقة لتوجيه الطفل وتعليمه حول مهارات إدارة الغضب المختلفة التي ستساعده.
الآن رجوعاً لموضوع تنافس الأشقاء إليك بعض النصائح التي ستساعد في التقليل من المنافسة بينهم
1. خصصي وقتاً لكل منهم
يتنافس الأشقاء على التواصل مع الوالدين؛ فعندما ينادي أحدهم “ماما” يهرع الآخرين لمناداة ماما أيضاً دون سبب عدا ظنهم أن الشقيق يتواصل مع ماما حالياً! قضاء عشر دقائق من الوقت النوعي مع كل طفل على حدة خلال اليوم؛ سيشعر طفلك بأنه فريد وأن لديه إتصال خاص بكِ دون اضطراره للتنافس مع شقيقه. لا تنسي أن تذكري طفلك أنه سيحصل على هذا الوقت اليومي بغض النظر عن سلوكه.
2. إياكِ والمقارنة
نستخدم كأمهات المقارنة دون وعي منا في العديد من الأوقات؛ فعبارات مثل “من ينهي طعامه أولاً هو الفائز” و “من يرتدي ملابسه أولاً هو الفائز”؛ يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مقصودة! تظن الأم أنها تحفز طفلها بهذه العبارات؛ ولكن شعور الأطفال هنا مختلف. فيشعر أحدهم بالقيمة لقيامه بهذا العمل بسرعة، بينما يشعر الآخر بأنه يريد الفور بأي ثمن من أجل جذب إنتباه والديه؛ مما يحفز ويزيد الرغبة في المنافسة.
3. شجعي التفرّد
كل طفل له شخصيته الفريدة وله صفات مختلفة عن الأشقاء الآخرين. ركزي على التصرفات والصفات الجيدة الموجودة في كل طفل وأشيري إليها، اذكري الإيجابيات التي يضيفها الطفل على جو العائلة وعلى المساعدات التي يقدمها. ولا تنسي ألاّ تبالغي بمدح صفات لا يد له بها “كالذكاء وحسن الشكل”؛ بل ركزي على الصفات التي يبذل جهداً للقيام بها. مثل مساعدة المحتاج وازالة الأذى عن الطريق وما إلى ذلك.
4. ضعي الحدود
المنافسة الودية الصغيرة؛ هي جزء من الطفولة الطبيعية. ولكن إن كان أحد الأشقاء يكافح للمنافسة فاعلمي أنه قد ذهب بعيداً! ساعدي أطفالك على تعلم الفرق بين المتعة واللؤم، تحدثي لهم عن مفهوم الروح الرياضية وكيف نتنافس منافسة عادلة. احذري كل الحذر حتى لا تطور هذه المنافسة إلى مشاعر “حقد” مع الأيام.
5. تجاهلي المشاحنات
نعلم كأمهات أنه بغض النظر عن جودة اللعب بين أطفالنا في إحدى الدقائق، فالدقيقية التالية ستجلب الدموع والصراخ والمعارك!
هل تعلمين ما التصرف الأفضل في هذه الحالة؟ التجاهل! نعم التجاهل فقط اذهبي وأشغلي نفسك بأي شيء آخر ولا تعطي هذه المعركة أي اهتمام.
عند قيامك بتجاهل الصراعات المستمرة بين أطفالك، هذا يعني رفضك للصراع ونبذه عبر عدم اهتمامك به، والأهم من ذلك أنك تمنحينهم الفرصة لحل هذه الصراعات لوحدهم. فقط عند تصاعد حدة القتال ووصولها إلى حد يحتاج التدخل، عندها فقط تقدمي وحاولي تهدئة الصراع.
Sevim Marie
يناير 17, 2021 في 11:08 مشكراً لكم على النصائح.. فقد كدت ان اظن ان ابنتي ذات السبع سنوات عندها هذه الصفات ( الغضب الشديد عند الخساره)… لوحدها.. ولا احد غيرها يمتلكها…
ريم سعيد العمودي
يناير 19, 2021 في 10:51 ممقال اكثر من رائع فادني كثيرا في كيفية التعامل مع اطفالي
Deema Mohammad
يناير 25, 2021 في 8:11 ممقال مفيد و مميز يعطيكي ألف عافية