عزيزتي الأم، هناك بطلٌ داخل طفلك. لا تيأسي في البحث عنه أو العمل على اكتشافه.
اليوم في مقالة أمهات الجديدة، دينا نبيل، تسطر نموذجاً قيماً لتربية طفل يواجه تحدياً خلقت منه فرصة تستحق الاستثمار.
هي أم، أولاً وقبل كل شيء.
سألتها: من هي دينا نبيل؟
أجابتني: أم لطفلين، محمد وعبد الرحمن. قبل أي شيء وكل شيء، مع العلم أنك بعد قراءتك للمقال ستجد بأن دينا إمرأة من الصعب تعريفها فهي تجمع بين الكثير من الملكات والصفات الجميلة. وكأنها تعلن لنا بأن أمومتها هي تعريفها الأول قبل أي شيء.
دينا نبيل، تخرجت من كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية. عندما تزوجت كانت تبلغ العشرين عاماً. حينها قررت المكوث في البيت لتربية الأطفال ولم يخطر ببالها حينها الانضمام إلى سوق العمل. هكذا خطر ببال دينا، ولكن الأمر لم يكن كذلك فيما بعد!
المحطة الانتقالية في حياة دينا نبيل
عندما كان ابن دينا فى الروضة KG. لاحظ مدرسينه أنه طفل مختلف لا يتفاعل مع أصدقائه ولا يعتمد على نفسه فى اللعب. دوماً ما ينتظر المساعدة ولا يبادر حتى بالأكل إن لم تخبره معلمته. طلبت المدرسة من دينا الحضور لمصارحتها بما لاحظوه في طفلها. وهنا بدأ شعور الحيرة. وهنا كانت بداية التحديات. تكرر الأمر خلال المرحلة الدراسية الإبتدائية حيث كان تحصيله الدراسي ضعيفاً وكذلك مستوى التركيز لديه.
بعد توجهها إلى الكثير من الأطباء وإخبارهم لها بأن الطفل لا مشكلة لديه. وصف لها بعض الأطباء أدوية لزيادة التركيز وبالفعل وجدت نتيجة إيجابية لدى الطفل. ولكن الأمر كان يقف أمام ضعفه في التحصيل الدراسي وأهمية تأسيسه دراسياً حيث أنه لا يستطيع القراءة وهو في الصف الثاني.
“كنت أشعر بحسرة وحيرة فى هذا الوقت، ولا أعلم أين أذهب أو ماذا أفعل
ويتملكني الإحباط كثيراً لكني كنت أملك الأمل الكبير في أنني سأساعد طفلي على التعلم ونيل فرصته مثل أقرانه.”
يهبنا هباتٌ من حيث لا نحتسب
فى يوم من الأيام، راسلت معلمة مادة التربية الإسلامية دينا وأخبرتها بأنها تحب طفلها وتجد فيه طالباً مجتهداً. وهنا فاضت مشاعر الفرح لدى دينا لتأثرها بعد كل تلك الصعوبات. المفاجىء في الأمر أن المعلمة قامت بالالتحاق بكورس تدريبي: “صعوبات التعلم” بهدف أن تستطيع تدريس المنهج لطفل دينا. وهنا شعرت بأن الانفراجة قد حلت وأن الله يهبنا من حيث لا نحتسب.
بعد البحث لأكثر من أربع سنين، أخيراً! استطاعت دينا أن تفهم التحدي الذي تواجهه ويواجهه طفلها، حيث أخبرتها المعلمة أنه: صعوبة القراءة والكتابة.
وبذلك، كانت بداية رحلة دينا المهنية. توجهت إلى المركز التدريبي للالتحاق بكورس صعوبات القراءة والكتابة. وتعملت طرق توصيل المعلومة لطالب صعوبات التعلم. هناك أيضا وجدت متخصيين لتنمية مهارات الطفل وتعديل سلوكه. وتعرفت على الأخصائى: د.محمد حسن. اهتم جدا بالطفل وعمل على تنمية مهاراته وتركيزه.
وبالفعل، لاقت التحسن وبدأ الطفل بتعلم الحروف والكلمات!
شاهدي: ما هي أعراض صعوبات التعلم؟
“كل شئ سيكون على ما يرام وإنه سيكمل تعليمه.”
كانت دينا تقضي ساعات بحث على الانترنت لتجد online games and worksheets كوسائل تعليمية تساعد طفلها في التعلم. خلال مرحلة البحث وجدت دينا أن محتوى اللغة العربية ليس بنفس المتعة والانجذاب كما في كتب اللغة الإنجليزية.
وهنا خطرت فكرة! لماذا لا تقوم بترجمة الكتب الإنجليزية إلى العربية وترجمة الأنشطة أيضاً. و بعد ذلك، قامت بعدها بإعداد منهج كامل من مستويين لتعليم القراءة والكتابة للغة العربية. يعتمد المنهج على تطوير مهارات الطفل وتعليمه القراءة والكتابة وبطريقة ممتعة.
3 سنوات للعمل على إنتاج الكتاب بمساعدة أختها شيرين لتصميمه. قامت دار نضهة مصر للنشر بشراء الكتاب وكانت إختى م/شرين نبيل هى من قامت برسم الرسومات للكتاب. وتم توزيعه في مدارس القاهرة والاسكندرية. وتبع هذا الإنجاز إنجازٌ جديد، حيث قامت بتصميم مجموعة من الكروت لتعليم طفل صعوبات التعلم مقاطع الأصوات بالإنجليزية.
اقرئي أيضاً: ندى ضياء الدين، أمٌ أوجدت من الغربةِ حياة
فتحت لدينا فرص العمل بعد اكتسابي للخبرة في هذا المجال، عملت لدى برنامج أمريكي: Fast For word لتنمية مهارات الطفل باستخدام اللغة الإنجليزية. ثم عملت في أكبر عيادات فى الاسكندريه كأخصائية صعوبات تعلم لتعليم القراءة والكتابة. وكمعلمة فى نظام الانترناشونال لمدة ٦ أعوام والآن تعمل فى نظام البكالوريا الدولية International Baccalaureate.
الطفل الذي يواجه صعوبة في التعلم، لا يمنعه ذلك من امتلاكه لمهارات عدة ومن الممكن احترافه لها. حيث تخبرنا دينا بأنه ابنها بدأ فى لعب التايكوندو وأثبت فيها مهارة وقوة فائقة.
“أشعر الآن بهدوء وأشكر الله أنه ساندني طوال هذه الرحلة. حيث أنه كان يرسل لي دوماً من يساندني ويهدني نوراً وأملاً جديداً في كل مرحلة.”
افخري بطفلك أياً كانت الصعوبة التي يعاني منها
رسالة لكل أم تواجه تحدياً
رسالة دينا نبيل لكل أم، تربي طفلاً يواجه تحدياً أو صعوبةً ما أن تسعى وتتوكل على الله، وسوف ترى عجائب قدرته. وتخبر كل الأمهات بأنه كما أوجد المشكلة فقد خلق معها اللطف والحل.
والرسالة الثانية التي تقدمها دينا هي أن تفخر كل أم بابنها وألا تشعر بأي شعور سلبي، فهي تملك جوهرة عليها الاعتناء بها لأنها ستجد ثمار ذلك. تشعر دينا بأن وجود طفلها هو سر بركة البيت!
وبذلك، بعد مشوار كفاح طويل لم ينتهى بعد، تشعر دينا بالفخر والامتنان لكل من ساعدها وهنا نأكد على أهمية الدعم ممن هم حولك فلربما نجد الإجابة بعد سؤال أحدهم والاستعانة بخبرته.
“فى الوقت ده حسيت إن كرم ربنا كبير..
لم يعد ابنى الطفل الصغير المعتمد على أمه بل أصبح يمتلك هدفاً وهو أن يصبح بطلاً. وهو يخطط ويعمل بكل جد لتحقيق هدفه”