في الآونة الأخيرة؛ أصبحنا نسمع مصطلح التغذية العلاجية بشكل أكبر، وأصبح لدينا فهم عام عن هذا المصطلح. لكن؛ ماذا يعني مصطلح التغذية العلاجية في الواقع؟ تشير التغذية العلاجية إلى استخدام التغذية، من خلال أشكال مختلفة من الطعام أو المكملات الغذائية، بهدف تحسين الصحة الجسدية والنفسية. وبشكلٍ أوسع؛ يمكن اعتبار التغذية العلاجية نهجاً مهماً يساعدنا في علاج أنفسنا، بل ويضمن لنا اكتساب الصحة والعافية المثلى طوال حياتنا.
تقوم الرؤية العامة للتغذية العلاجية على الانسجام والتناغم مع إشارات الجوع الطبيعية للجسم؛ باعتبارها وسيلة أكثر فاعلية للحصول على وزن صحي، بدلاً من التقيد بكميات من الطاقة والدهون الموجودة في الأطعمة. وهي عملية تهدف إلى إنشاء علاقة صحية بين الغذاء والعقل والجسم، مما يجعلها علاجاً شائعاً لاضطرابات التغذية والتغذية المضطربة. تماماً مثل العديد من فلسفات الأنظمة الغذائية الأخرى. وهناك العديد من المسميات التي أطلقت عليها؛ مثل: “التغذية دون حمية” أو “عدم الحمية” أو “التغذية الطبيعية” أو “التغذية الواعية” وغيرها الكثير من المسميات.
لنتحدث بشكل أوسع عن هذا الموضوع مع أخصائية التغذية الحدسية ريتا صموئيل
كيف نبني الأسس الصحيحة للعلاقة بالطعام لدى أطفالنا؟
في البداية؛ من المهم والرائع أن نبدأ بتثقيف أطفالنا وتوعيتهم حول موضوع التغذية، باعتبارنا عائلة الطفل بل وحجر الأساس الأول في تربية طفل واعي وصحي. الآن؛ طبيعة الأطفال أنهم يحبون تقليد المقربين منهم من والدين وأصدقاء. لذا؛ لو قررتِ حرمان طفلك من أغذية معينة، ولكنه رآكِ أو رأى أحد أصدقائه في المدرسة يأكل منها؛ سيرغب بتناولها بكل بساطة!
حسنا؛ ما الحل في هذه الحالة؟
من المهم جداً في البداية ألاّ نسمي الطعام بمسميات وتصنيفات! مثلاً: طعام صحي، طعام مفيد، طعام مضر، طعام جيد؛ وما إلى ذلك، من الخاطئ جداً تسمية وتصنيف الطعام! لماذا ذلك؟ عند تصنيف الشوكولا على سبيل المثال كطعام مضر؛ فنحن نحرم أنفسنا وأطفالنا من تناول الشوكولا، والحرمان كما نعلم يوّلد الرغبة فكل ممنوع مرغوب!
لكن؛ عند مساواة كل الأطعمة وتصنيفها تحت مسى واحد فقط ألا وهو “الطعام“، فنحن في هذه الحالة تجنبنا استخدام أسلوب الحرمان مع الطفل. فهنا يبدأ الطفل برؤية الطعام بصورة واحدة وتحت مسمى واحد فقط، وسيتناول من هذا الطعام ما يرغب به وما يشتهيه. أما عند وضع قواعد وقوانين متعلقة بالطعام وعند حرمان الطفل من بعض الأغذية؛ سيرغب الطفل بهذه الأطعمة أكثر، خصوصاً عند رؤية هذه الأطعمة خارج المنزل، وسيتناولها حتى دون رغبة والديه! وهذا سيولد علاقة مستقبلية غير صحية وغير سليمة بين الطفل كبالغ وبين الطعام! مما قد يتسبب له باتباع عادة الأكل العاطفي.
كيف وصلنا إلى هنا فيما يتعلق بالأطعمة والعادات الغذائية؟
سأوجه إصبع الاتهام هنا على ثقافة “الدايت” التي تربينا عليها والتي صنفت الأطعمة المختلفة تحت مسميات متعددة! حيث أصبحنا نسعى لأن يتمتع أطفالنا بجسم سليم من خلال حضهم على تناول أطعمة صحية وحرمانهم من أطعمة أخرى حددها لنا نظام الدايت!!
في النهاية سأقول لكم: المغريات في كل مكان؛ فلا تحرم طفلك من أغذية معينة لأنه إن رآها في الخارج سيتناولها! ونصيحتي الشخصية؛ لا ضير أن يأكل الطفل قطعة من الشوكولا إن هو اشتهاها!
ما رأيك بوجود بعض الأطعمة التي لا نرغب بها كوالدين في المنزل مثل ال Gummy Bears أو حتى الشبس؟
هذه الأطعمة صحية للصحة النفسية ووجودها في المنزل عادي! ولكن ما يهم هنا هو طريقة تقديمها للطفل. فمثلاً: لا نقدم هذه الأطعمة كجائزة للطفل؛ كأن نقول: “إن أنهيت عشائك سأعطيك بعض الحلويات”، وأيضاً يجب أن نضعها في مكان عادي على مرأى الطفل لا نخفيها عنه.
كوالدين؛ واجبنا هو تأمين الغذاء لأطفالنا وإعداده وتحديد مكان الطعام. ليس من حقنا أبداً أن نجبر الطفل على أغذية معينة أو أن نحرمه من أغذية أخرى، وليس من حقنا أن نطلب منه التوقف عن الأكل أو أن نجبره عليه! بل يجب أن نعمل على أن نساعد الطفل لتحسين علاقته مع مشاعره ومع نفسه؛ فإن جاع سيشعر بذلك وسيعبر عنه، وإن شبع كذلك. من المهم أن نسمح للطفل بتمييز إشارات الجوع والشبع، وأن نشجعه على التواصل معنا للتعبير عن ذلك، بل وأن نحترم هذه المشاعر حتى لو لم ينهي طعامه بشكل كامل.
ماذا إن طلب الطفل “صحن” آخر من الطعام أو إن شعرنا أنه يطلب الطعام بشكل زائد عن حاجته؟
لا تقارني طفلك بباقي الأطفال أو بإخوته، فلكل طفل طور نمو خاص به. ولكن ما يهم هنا أن يأكل الطفل بشكل واعي مع أفراد العائلة في المكان المخصص للطعام، وبعيداً عن أي جهاز إلكتروني! إن كان طفلك يأكل بشكل واعي وطلب المزيد من الطعام؛ هذا يعني أنه سعيد بهذا الطبق! وعند تلبية رغبته ستساعدين طفلك على التواصل مع مشاعر وهرمونات الجوع والشبع لديه، وبهذا تكونين قد حميته من الأكل العاطفي في المستقبل. شجعي طفلك على التواصل مع جسده من خلال اتباع حدسه أو رغبته في بعض الأطعمة.
كخبيرة تغذية علاجية حدسية؛ ما رأيك بالوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية؟
سأجيب بشكل عام؛ يجب أن نقدم الوجبات الرئيسية للطفل، والتي هي الإفطار والغذاء والعشاء؛ طالما هو قادر وراغب على تناولهم. وإن استطاع الطفل ورغب بتناول وجبتان خفيفتان بين الوجبات الرئيسية؛ نكون قد حققنا نجاحاً في ذلك اليوم!
قد يظن البعض أن خمس وجبات كثيرة للطفل! ولكن سأنوه هنا أن نشاط الطفل الحركي والفكري أعلى من نشاطنا كبالغين. لهذا؛ يحتاج الطفل لطاقة أكبر. فيجب أن نعطي الطفل حاجته من الطعام طالما هو قابل وقادر على أكلها.
ماذا عن صندوق الطعام الخاص بالطفل “اللانش بوكس”؟
يجب أن نحرص دائماً أن نعد “لانش بوكس” متوازن متنوع، يحتوي على الأطعمة الغنية بالعناصر التي يحتاجها الجسم من نشويات وبروتينات ودهون وخضار وفاكهة، ولا ننسى إضافة نوع من الحلويات المفضلة لدى الطفل! سواء أكانت قطعة شوكولا أو نوع معين من البسكويت وما إلى ذلك. فنحن كوالدين نسعى أولاً وأخيراً حتى نحقق توازن لدى الطفل، لا أن نربي عقدة لديه! ولو كنا قادرين على السيطرة على نظام الطفل الغذائي الآن، فلن نكون قادرين على السيطرة عليه عندما يغدو مراهقاً. لذلك يجب أن نترك له حرية اختيار الأغذية التي سنضعها في “لانش بوكس” الخاص به، حتى لا ينظر إلى طعام زميله في المدرسة ويتساءل: “لماذا مسموح لزميلي أن يأكل شوكولا وأنا ممنوع عنها؟”.
هل تتأثر نفسية الطفل إن طلبنا منه التوقف عن تناول الطعام؟
نعم وأكثر مما نتصور! أثبتت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية لطب الأطفال، أن الأطفال الذين نشأوا في عائلة تتحدث عن الدايت والوزن الزائد، وتلك التي تتحدث عن وزن الطفل وكمية أكله، حتى وإن لم يتم توجيه الحديث إلى الطفل نفسه؛ أن هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات الغذائية، والاضطرابات الغذائية السلوكية.
كيف أتصرف إن لاحظت سلوك أكل الطفل بالسر لدى طفلي؟
في البداية يجب أن اسأل نفسي كأم؛ ما هو السبب الذي دفع طفلي ليأكل بالسر؟ هل هو رآني أنا أو والده أو أحد أفراد العائلة نأكل بالسر؟ هل هو غير راغب بهذا الطعام مثلاً أو حتى أنه لا يحبه؟
يجب الحرص أيضاً على التصرف مع الموضوع بشكل طبيعي، دون تخويف الطفل. فتخويف الطفل بسبب أكله بالسر؛ سيولد علاقة سلبية وعكسية بين الطفل والطعام. بكل بساطة يفضل النقاش مع الطفل نقاش عادي، كإن نقول: “لماذا تأكل لوحدك؟ هل كرهت طعم الطعام؟”، وبناءً على إجابات الطفل نستطيع الوصول إلى جذر المشكلة، ثم التحاور مع الطفل حوار بناء لخلق علاقة سليمة مع الطعام.
احجز اونلاين
جلسة تغذية علاجية اونلاين مع ريتا – 370 درهم/ساعة
هل سبق وسمعتِ عن تخصص “تغذية علاجية حدسية” من قبل؟ حسناً؛ نعلم جميعاً أهمية العادات الغذائية الصحية على الأفراد وعلى الأطفال بشكل عام. إن كنتِ أم لطفل يعاني من اضطراب عصبي معين؛ كاضطراب التوحد واضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة، وغيرها من الاضطرابات العصبية. أو حتى لو كان طفلك انتقائي فيما يخص الأطعمة؛ فأنت تعلمين جيداً أهمية الغذاء الصحي لهذه الفئة من الأطفال، بل ولديك المعرفة فيما يخص تأثير بعض الأغذية الصحية، على تنمية مهارات الطفل الذي يعاني أحد الاضطرابات؛ من خلال نظام غذائي صحي محدد وخاص به.
في هذه الحالة أنت بحاجة لاستشارة أخصائية تغذية علاجية حدسية وتعديل سلوك غذائي عند الأطفال والمراهقين؛ نعم هذا التخصص نادر جداً في الوطن العربي، ولكننا بحثنا ووجدنا وتعاونا مع أخصائية تغذية علاجية حدسية واضطرابات التغذية في العالم العربي، حاصلة على هذا التخصص من كندا؛ اخصائية التغذية العلاجية ريتا صموئيل.