قصة نجاح كاتبة قصص أطفال لينا أبو سمحة بعلاج ابنتها “ميريانا” المصابة بشلل الدماغ
عندما أكرمها الله بطفلة من ذوي الهمم، حمدت وشكرت ورضيت؛ وأبدعت بإيجاد الحلول التي تدعم رحلة علاج طفلتها ميريانا. لينا أبو سمحة كاتبة قصص أطفال تحاول؛ من خلال قصصها تغيير الصيغة المستخدمة بكتابة قصص الأطفال ذوي الهمم. ساعدتها قصة “سنطير إلى البيت“؛ في تغيير حياتها وحياة العديد من الأمهات التي كانت لهن إلهاماً ونوراً.
لم تعرف الاستسلام يوماً! فرؤية ابتسامة ميريانا ساعدتها على التحليق والإبداع. ساعدت العديد من الأمهات ودعمت مشاريعهن، ولم تبخل يوماً بأي معلومة تحتاجها أي منهن من خلال مؤسسة “عالم ميريانا“.
لنذهب برحلة سعيدة محفوفة بالصعوبات مع كاتبة قصص أطفال؛ الرائعة لينا أبو سمحة
عرفينا عن نفسك وعن ميريانا
اسمي لينا أبو سمحة، أم لثلاثة أطفال جعفر ومريانا ومصطفى وخريجة من تخصص التغذية في الجامعة الأردنية. شاءت الأقدار أن أبتعد عن العمل في مجال دراستي وأن أصبح كاتبة قصص أطفال. حالياً أدير مؤسستي ذات الأهداف المجتمعية “عالم ميريانا”؛ التي تهدف لرفع الفكر ونشر الوعي عن الإعاقة والاختلاف عند الأطفال باستخدام طرق إبداعية، من خلال القصص المصورة والألعاب الإكترونية.
ميز الله ابنتي ميريانا عن باقي الأطفال بإصابتها بقصور بالحركة. وسبب هذ القصور هو تعرضها لنقص أوكسجين منذ الولادة أو قبلها. الإسم العلمي لهذه الحالة هو “شلل دماغي”؛ الذي أثر على المراكز الحركية لدى ميريانا، وأدى إلى عدم قدرتها السيطرة على أرجلها مع قدرتها على الإحساس بهم.
الشلل الدماغي من وجهة نظري “كأم”
أن جسد ميريانا لا ينصت لإرادتها، ودماغها يرسل إشارات مختلفة عن إرداتها. كما أن هناك خلل في خلاياها العصبية المسؤولة عن الحركة؛ فالإشارات التي يرسلها الدماغ لا تُرسل للمكان صحيح. مع ذلك ميريانا تشعر بأرجلها ولديها القدرة على التحكم بالجزء السفلي من جسمها؛ فهي تستطيع التحكم بمثانتها وتستطيع الإحساس بالحرارة والبرودة.
ولكن المشكلة تكمن بالتوافق العصبي الحركي لديها. وبعلم جسم الإنسان فإن التوافق العصبي؛ هو أساس توازنه. وإن اختل التوازن لا يعود الإنسان قادراً على حمل جسمه، بل وسيعتمد على استخدام عضلات أكثر من غيرها. ويرتبط ذلك بمشاكل متعلقة في نمو الجهاز العظمي والعديد من المشاكل الأخرى.
من وجهة نظري كأم أقول لكم أن الشلل الدماغي ليس شلل تام؛ بل هو مشكلة سببها الدماغ بالجسم. مع صعوبة سماع هذه العبارة ولكن هذه هي الحقيقة العلمية لهذا المرض.
كيف توصلتِ إلى فكرة كتابة قصة “سنطير إلى البيت” لتوفير تكاليف علاج ميريانا؟
بالبداية لم يكن الهدف من كتابة القصة توفير تكاليف علاج ميريانا! كانت الفكرة الرئيسية منها تقوية لغة أطفالي العربية، وتعريفهم على الإختلاف الموجود لدى الأطفال. حيث لم أجد في محيطي قصص تتحدث عن حالات مشابهة لحالة ميريانا. فبدأت البحث عن طريق الإنترنت ليظهر لي أحد المقالات الذي يتحدث عن قصص متنوعة متعلقة بـ أطفال الاحتياجات الخاصة بطريقة خاطئة جداً! بل ومستفزة وتحتوي على كلمات لا تكتب في قصص الأطفال! فأصبت بصدمة ولدت لدي ردة فعل دفعتني لكتابة قصة توضح ما يملكه الطفل الاحتياجات الخاصة ولا تركز على أي قصور لديه. لأصبح بذلك كاتبة قصص أطفال تأمل أن تنشر الإيجابية لدى غيرها من الأمهات.
وفعلاً
نظرت لأطفالي وبدأت أربط صفاتهم بتصرفاتهم، وجمعت العناصر الأخرى التي يحبها الأطفال؛ من بالون وحديقة وموسيقى ورقص – لأخط هذه الكلمات على مفكرتي. ونسجت هذه القصة قصة ميريانا. في ذلك الوقت تلقيت خطاباً من أحد المستشفيات الأمريكية وكانت أول كلمة تقع عيني عليها “بإمكان ميريانا المشي”! لم أفكر بأي شيء آخر وفرحتي أنستني التفكير بتكاليف العلاج. بدأت أبحاثي المتعلقة بالدكتور والمستشفى والعملية بحد ذاتها، وحصلت على العديد من الآراء الإيجابية والتشجيع لأبدأ بهذا الطريق دون تردد. وكما نعلم أن لكل شيء ثمن؛ وثمن هذه العملية مرتفع بعض الشيء! تناقشت مع زوجي فيما يخص التكاليف، وقررنا بيع القصة حتى لو بسعر رمزي. وضعت شفاء ميريانا أمام عيني ومن هنا بدأت.
أريد أن أنوه هنا أن العملية التي قمنا بها لميريانا لا تناسب جميع حالات الشلل الدماغي تناسب فقط حالات تشنج الأطراف السفلية فقط
ولا تعالج مشاكل أخرى فقط تعالج التشنج الحاصل في الأطراف السفلية.
ما هو أساس اختيارك للمستشفى أو للدكتور الذي عالج ميريانا؟
بالبداية بدأت بجمع المعلومات عن العملية بحد ذاتها، وعلمت أن هذه العملية تُجرى على الأعصاب وليس الدماغ؛ فبالتالي هي عملية خطيرة. وكانت هذه المخاطر أكثر ما يشغل بالي! لذا أصررت على اختيار المشفى الذي يستخدم تقنيات حديثة تقلل من هذه المخاطر، ولم أجد طبيباً في كل العالم يجري هذه العملية باستخدام تقنيات تقلل المخاطر، ومع نسبة خطأ تكاد تكون معدومة غير دكتور بارك؛ المختص بهذه العملية وبما يخص مرضى الشلل الدماغي فقط. فاتخذت قراري في لحظة واحدة!
حدثينا عن مصدر الدعم الأول الذي ساعدك في تطبيق هذه القصة والذي دعمك بعملية الإعلان والمبيعات
أسرتي أخذت الخطوة الأولى معي؛ بل وشجعتني عليها. ثم أذكر بالبداية إصراري على طباعة القصة ونشرها، وأذكر خيبة أملي بالنسخة الأولية التي قام بها مختص ما! ثم بدأ الأشخاص من حولي؛ من أصدقاء وأقارب يتدفقون ويتطوعون. فإحدى الصديقات تطوعت ورسمت القصة. وأحد الأصدقاء تطوع بتصميم القصة كاملة؛ ومع رفضهم التام بالحصول على أي أجر!
وبعد طباعة القصة وخلال رحلتي في بيع قصتي؛ تلقيت الدعم الكبير من الأمهات وتلقيت العديد من الدعوات منهن للذهاب والتعريف عن نفسي بهدف توسيع نطاق النشر. الدعم الذي تلقيته منهم أثر بي كثيراً، بل وزادني إصراراً وقوة لأنجح في جمع المبلغ اللازم للعملية، وأيضاً لأنجح في تغيير المنطق والفكرة المستخدمة في قصص أطفال الاحتياجات الخاصة.
بعدها حصلنا على تغطية إعلامية مسموعة ومرئية في العديد من محطات الراديو والتلفزيون العالمية، بالإضافة لكتابة الجرائد العربية عن قصتنا؛ مما ساعد أكثر على نشر قصة ميريانا وبالتالي زيادة مبيعاتها. بالنهاية أقول دائماً أن مصدر الدعم والإلهام والفخر الأول والأخير لي هو ابنتي ميريانا.
ما هي مشاريعك المستقبلية بخصوص كتابة قصص الأطفال؟
الآن وبعد أن تعمقت في هذا المجال؛ أهدف إلى تأليف ونشر القصص التي تتحدث عن أطفال الاحتياجات الخاصة بطريقة مختلفة. بعيداً عن وضعهم بدائرة العوز؛ بل بدائرة القدرة على التطور والإنجاز وحتى تقديم المساعدة، وتقديمهم بصورة طبيعية جداً؛ لتشجيع دمجهم بالمجتمع والمدارس وفي كل مكان.
حصلت على تشجيع ودافع كبير بعد أن قمت بنشر قصتي الثانية “جعفر يتحدى سعيد”؛ لأكمل الطريق بمجموعة قصصية مختلفة مثل قصة “أجمل مما سبق” التي تحدثنا فيها عن الأمل بتمثيله بالطبيعة وبكلمات تناسب مستوى إدراك الأطفال. والآن أعمل على نشر قصة “الهدية الجميلة” التي تتحدث عن استقبال مولود مصاب بمتلازمة داون بطريقة مختلفة.
أحاول دائما أن أكون واقعية في طرح وسرد القصص، وأعمل على تثقيف وتعليم نفسي أكثر في مجال كتابة قصص الأطفال؛ حتى أحقق هدفي في تغيير الفكرة والكلمات المستخدمة في كتابة القصص التي تتحدث عن الأطفال من ذوي الهمم.
لينا أبو سمحة إلهام للعديد من الأمهات والسيدات؛ ما هو الحافز الذي جعلك ما أنت عليه اليوم؟
أكثر ما يحفزني هو رؤية ميريانا سعيدة! وهذا الفخر الذي أراه بعينيها عند إخبارها للمحيطين أن ماما تكتب القصص وأن ماما تبذل جهدها لمساعدتي. هذا يشعل في داخلي مشاعر غامرة من الفرح والرضا.
نصيحة أو كلمة للأم التي تمر بتجربة مشابهة لتجربتك
- بالبداية يجب أن تقرأي وتفهمي الحالة التي يمر بها طفلك من كل النواحي؛ فأنت الدليل الذي سيقوده للعلاج. سلحي نفسك بالمعرفة وابحثي عن كل ما يخص إصابة طفلك ومن كل المصادر المتاحة حولك.
- تذكري أننا في رحلة طويلة لن تنتهي بسرعة؛ بل وستمر بالعديد من المطبات ولكنها ستنتهي بنجاح!
- كوني رحيمة مع نفسك واهتمي بها حتى تستطيعي تقديم الأفضل لطفلك. اسألي وابحثي حتى تجدي النور الذي سيقود طفلك إلى التحسن. سأقول هنا جملة واقعية؛ أهالي الأطفال ذوي الهمم لا يبحثون عن العلاج بل يبحثون عن التحسن فقط! فالإعاقة كما نعلم جميعاً لا علاج له،ا بل هي حالة ملازمة للشخص مدى الحياة.
- كما أنصح أمهات الأطفال ذوي الهمم؛ أن أحيطي نفسك بمجموعة دعم تمر بظروف مشابهة لما تمرين به. قمت بإنشاء مجموعة دعم للأقران من خلال عالم ميريانا تحت إسم “أحلى البنات”؛ تضم مجموعة فتيات لديهن نفس الوضع الصحي لميريانا ومن جميع أنحاء العالم. نحفزهن على الحديث ومشاركة مشاعرهن ومخاوفهن، ونستضيف العديد من الفتيات من ذوي الهمم ليشاركننا بقصصهن وإنجازاتهن؛ وليخبرن فتياتنا أنهن لسن مختلفات بل هناك العديد ممن لديهن نفس الوضع الصحي، وأنهن لسن وحدهن في هذا بل نحن دائماً إلى جانبهن لإعطائهن الدعم والحب الكافي.
- وبالنهاية؛ احذري من مقارنة نفسك بأي شخص آخر خصوصاً الأشخاص الذين يتحدثون عن تقدمهم مع أطفالهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ حتى لا يتفاقم إحساسك بالذنب تجاه طفلك لعدم استطاعتك على تقديم أفضل خيار له! فأنت إن لم تفعلي ذلك فهذا لأنك “غير قادرة” ليس لأنك “مقصرة”!
سالي
يناير 18, 2021 في 10:31 صأن تكوني أم لذوي الهمم، يعني أنك تتعلمين وتستلهمين منهم. أحببت المقال وأتمنى أن يلهم الأمهات كافة.د ويسعَين لتحقيق أحلامهن مهما كانت الظروف. بالتوفيق.