عزيزتي الأم، أعلم بأنك منذ لحظة ولادتك لذلك الكائن الصغير وأنت تشعرين بأن القلق أصبح رفيقاً لك في رحلة أمومتك، فهو جزء لا يتجزأ من غريزتك كأم. فالقلق شعور مهم خلقه الله بداخلك، ليعمل كمحرك يدفعك لحماية نفسك وأطفالك أحبائك من أي مكروه قد يصيبهم. فلولا القلق، لما هرعتِ لطفلك حين بدأ بالبكاء لتطمئني عليه ولتحتضنيه، ولما أعطيتي طفلك ذلك الدواء بمجرد أن شككتِ بإصابته بالزكام. لذلك من المهم أن تتصالحي مع قلق أمومتك لأنه شعور طبيعي ومفيد دام أنه لا يؤثر على جودة حياتك بشكل ملحوظ. في هذا المقال سنقدم لكِ بعض النصائح التي ستساعدك على التعامل مع القلق.
ما هو القلق؟
نذكر كلمة القلق ونصف حالنا به ربما يومياً، ولكن هل نحن فعلاً على دراية كافية بماهيته؟ دعونا نشارككم التعريف
العلمي له.
عرفت الجمعية الأمريكية لعلم النفس اضطراب القلق على أنه عاطفة تتميز بأنها مشاعر توتر وأفكار مقلقة تترافق مع
أعراض جسدية، كارتفاع ضغط الدم وتسارع نبضات القلب ومشاكل في النوم والتركيز والتعرق الشديد. وأن سبب
ظهور هذه الأعراض الجسدية يختبئ وراء جزء من المخ يدعى “اللوزة” أو “اللاميجدالا“؛ وهي خلايا تستشعر
الخوف والقلق، ولأسباب جينية وبيئية وتربوية، لا تعمل هذه الخلايا بشكل صحيح عند الشخص المصاب باضطراب
القلق العام. لذلك بمجرد شعور الشخص المصاب بشعور القلق؛ يتم إفراز هرمون الأدرينالين، الذي بدوره يدق جرس الإنذار
في الجسم لمواجهة الخطر. لذلك نجد هرمونات التوتر تحتل جسدنا دون وجود أي خطر حقيقي يستحق القلق.
نصائح للأمهات تساعد على التعامل مع القلق
- من أفضل النصائح للأمهات في التعامل مع القلق: “الاحتضان”. حيث أثبتت الدراسات بأن في الحضن شفاء للقلق. هل تساءلتِ يوماً عن سبب توقف صرخة طفلك الأولى فور احتضانه وضمه لحضنكِ الدافئ؟ أنه هرمون الأكسيتوسين الذي يفرز بالجسم عند الشعور بالحب والأمان والثقة. لذلك حضن واحد منك كفيل بإشعار طفلك بالأمان الذي يحتاجه في هذا العالم الغريب. ومن الناحية الطبية؛ فإن الأوكسيتوسين ناقل عصبي يساهم في الناحية الصحية بشكل عام، إذ يلعب دوراً هاماً في الولادة والرضاعة الطبيعية، وهو أيضاً مسؤول عن تقلصات الرحم أثناء المخاض. كما يرتبط الأوكسيتوسين أيضاً بالتعاطف والثقة وبناء العلاقات، وقد تكون له فوائد علاجية لعدد من الحالات المرضية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والمشاكل المعوية، طبقاً لموقع “ميديكال نيوز توداي” الطبي.
- دوني أفكارك، واعتبري الورقة والقلم صديقاك المفضلان؛ فبالكتابة شفاء للروح. قيمي ما إن كانت هذه الأمور التي تشغل بالك تستحق القلق أم انها مجرد مخاوف لا داعي لها.
- ممارسة التنفس العميق. وهي تمارين تساعد على زيادة الأوكسجين في الدم، مما يخفف من القلق. حيث يؤكد علماء النفس على أن التنفس بطريقة 4 -7 -11، التي تعني استمرار عملية الشهيق مدة أربع ثوان والزفير سبع ثوان، تساعد على التخلص من الإجهاد.
- كافئي نفسك على كل شيء تقدمينه لعائلتك. سواءً كان ذلك من خلال حمام ساخن، أو مشاهدة فيلمك المفضل على أريكتك المريحة، أو الجلوس برفقة صديقتك المفضلة.
- خصصي بعض الوقت لنفسك. فهذا الوقت جزء لا يتجزأ من حقوقك الأساسية، ولا تنسي نفسك بين أكوام الغسيل المتراكمة والأطباق التي لا تنتهي. فأنتِ تحتاجين لهذا الوقت لنفسك بعيداً عن ضجة الحياة والمسؤوليات، فيا له من شعور جميل أن تجلسي في مقهى لوحدك برفقة كتابك المفضل.
في نهاية هذا المقال، وبعد أن قدمنا بعض النصائح لمساعدتكِ على التعامل مع القلق؛ أود تذكيرك بأن الحياة قصيرة، وأن الله أنعم علينا بكثير من النعم. لذلك استمتعي بأمومتك وتأملي بأطفالك وهم يكبرون أمام عيناكِ. اعلمي عزيزتي، بأن اضطراب القلق العام يسرق منك اللحظات الجميلة، كل ما عليك فعله هو توعية نفسك وفهم مشاعرك وتعاملي معها دون إنكار. وبما أن اضطراب القلق العام هو نتيجة للتراكمات، فالتعامل مع القلق يحتاج لوقت وجهد. لا تترددي بطلب المساعدة، وتذكري بأنه ما تحتاجينه لتساعدي نفسك، هو أن تقفي وتراقبي أفكاركِ من بعيد.