هل تربي طفلاً عنيداً؟ أنتِ محظوظة! لكن دعينا أولاً نتفق على أن نستبدل تسمية الطفل العنيد بالطفل قوي الإرادة أو الطفل الذكي الحساس. أليس هذا ألطف؟ يمثل الأطفال ذوي الإرادة القوية تحدياً في مراحل عمرهم الأولى. ولكن مراعاتهم ومراعاة احتياجاتهم خلال عملية التربية، ومحاولة فهمهم وفهم تصرفاتهم؛ سيساعدهم بأن يكبروا ليصبحوا مراهقين وشباباً رائعين وحساسين، وسيحفزهم لتكوين شخصيتهم الخاصة التي لا تتأثر بالمحيطين بهم، وسيبني لديهم الدوافع الداخلية التي ستدفعهم لتحقيق أحلامهم. وأكثر من ذلك فإن مراعاتك لاحتياجاتهم خلال فترة التربية؛ تدفع معظمهم لأن يصبحوا قادة ولأن يكونو أول من يمهد الطريق عند انسحاب الآخرين. ألم أقل لكِ بأنك محظوظة!
من هو الطفل قوي الإرادة؟
يصفه البعض بالطفل العنيد أو الصعب أو ذو الشخصية الطاغية أو حتى المزعج! نعم إن التعامل مع الطفل العنيد قوي الإرادة؛ يشكل تحدياً صعباً نوعاً ما. ولكنه يتمتع بالاستقلالية منذ عمر صغير ولا يتأثر بآراء الغير. بل إنه طفل شجاع مفعم بالحيوية يحب تعلم الأشياء بنفسه من خلال تجاربه الخاصة بدل التلقين وتلقي الأوامر. يرغب بشدة أن يكون مسؤول عن نفسه ويدافع عن رأيهم بكل قوة! إنه طفل ذكي ومليئ بالمشاعر القوية يحتاج للقليل من الصبر والتفهم فقط.
الطفل العنيد قوي الإرادة يميل إلى التعاون؛ فنحن كآباء نرى المشكلة والحلول المنطقية لها، وننتظر من أطفالنا الطاعة والتنفيذ لهذه الحلول المنطقية من وجهة نظرنا دون أن نعطيهم خيارات أخرى. لنتفاجأ برفض أطفالنا بل ومحاربتهم لهذه الحلول التي نراها منطقية وبسيطة؛ مما يؤدي لدخولنا معارك مع أطفالنا تنتهي بنوبات الغضب والصراخ والإنهيارات العاطفية! بل وقد نجد أنفسنا سمحنا لطفلنا البالغ من العمر أربع سنوات بأن يدفعنا للتصرف وكأننا في الرابعة من عمرنا!
نحن هنا نجبرهم على الخضوع لإرادتنا دون أن نسمح لهم بالاختيار. فقط جربي أن تعطي طفلك أكثر من خيار حتى لو كان ذلك صعباً في بعض المواقف، فقط ذكري نفسك بأنك تريدين تنشئة طفل متعاون ومسؤول وخلوق يتمتع بالانضباط الذاتي ويراعي الآخرين؛ ليس مجرد طفل مطيع ويسمع الكلام. تذكري دائماً قول الكاتب هنري منكن: “الأخلاق تدفعك لفعل الصواب بغض النظر عما يقال لك. والطاعة تدفعك لفعل ما تؤمر به بغض النظر عما هو صحيح”
كيف نتعامل مع الطفل قوي الإرادة؟
1. تفهمي طبيعة وشخصية طفلك قوي الإرادة.
فالتعلم من خلال التجربة جزء من شخصية الطفل العنيد قوي الإرادة. فلو أراد أن يختبر سخونة الطعام؛ اسمحي له بذلك دون الخوف من الإصابة (ضمن حدود المعقول). وعندما يتصرف طفلك بشكلٍ سيء؛ استغلي هذه اللحظات لتوجيهه وتعليمه وإرشاده. فبدلاً من أن تطلبي منه التوجه للبكاء في غرفته؛ أظهري له بعض التعاطف وحاولي خلق حوار معه حتى تتمكني من فهمه بشكلٍ أكبر. كأن تسأليه مثلا “أنت لا تريد أن…” أو “هل تفضل هذا بدل ذلك” أو “أنت لا تحب هذا”… الخ. فقط أضيفي بعض التفهم والتعاطف وسترين الفرق.
2. ابحثي عن الرسائل المخفية التي يحاول طفلك إيصالها لك.
يفتقر الأطفال للقدرة على التعبير عما يدور داخل رؤوسهم؛ فعقولهم لم تتطور بما يكفي للقيام بذلك بعد. فحاولي تقمص دور “المحقق” في كل مرة يتصرف بها طفلك تصرف غير مقبول، واسألي نفسك عن السبب الكامن وراء هذا التصرف؛ فكل سلوك يحمل رسالة، وتذكري أن الطفل يحتاج للشعور بالقوة والخبرة والتواصل.
فعندما يبدأ طفلك بالرفض والصراخ اسألي نفسك “هل يحتاج أن يشعر بالمزيد من التحكم بالقرارات؟” أو “هل يريد أن يقوم بهذا الفعل بنفسه؟” أو “هل يحتاج للمزيد من التواصل والتفهم؟”. ابحثي عن الرسالة المخفية؛ وعندما تجدينها ستصبح عملية التربية أسهل وأكثر متعة.
3. تفهمي مشاعر طفلك.
عند حصول ذلك النوع من النقاشات الذي يتبعه نوبة غضب وبكاء بسبب رفض الطفل؛ ركزي على مشاعرك الخاصة وعلى تأثيرها على نفسيتك في تلك اللحظات، ثم ذكري نفسك بأن طفلك يشعر بهذه المشاعر أيضاً. فهو غاضب ومحبط ومتعب ويشعر بالفشل في هذا الوقت. حاولي أن تتواصلي معه؛ قومي بضمه إليكِ وأخبريه أنك تشعرين به وتتفهمين صعوبة هذا الأمر عليه. اعرضي عليه أن يبدأ من جديد وأشعريه بالتعاطف. ستشعرين بالفرق في نفس اللحظة.
4. تقبلي طفلك ولا تحاولي تغييره.
مع صعوبة تربية طفل قوي الإرادة وما يتبعه من تحديات؛ تذكري أن طفلك مثالي كما هو ولا يحتاج للتغيير، بل يحتاج إلى التوجيه وإلى تعلم التحكم بنوبات الغضب وتعلم ضبط النفس. استثمري وقتك مع طفلك بالتوجيه والتعليم؛ فهذا ما سيجعل منه شخصاً أفضل. أما محاولاتك لتغييره؛ ستنتهي بالفشل والإرهاق النفسي لكِ ولطفلك.
5. قدمي له الاقتراحات لا الأوامر.
يحب الطفل العنيد قوي الإرادة أن يشعر بأنه سيد نفسه. قيامك بتوجيه الأوامر له سيدفعه للرفض والرفض فقط! فلو حان وقت النوم وطفلك مستمر باللعب؛ استبدلي جملة “هيا إلى الفراش” بجملة “هل تريد النوم الآن أم بعد عشرة دقائق؟”.
6. استخدمي الروتين والقواعد الواضحة.
ضعي القوانين التي تتعلق ببعض السلوكيات وذكري الطفل بها في كل وقت ممكن. كأن تقولي “في منزلنا ننهي الواجب قبل أن نشاهد التلفاز”. أو “نحن ننظف أسناننا كل يوم قبل النوم”. هنا سيفهم الطفل أن ماما ليست الشخص السيء الذي يديره؛ بل القاعدة والروتين. كما أن الطفل ذو الإرادة القوية يتقبل الروتين أكثر من الأوامر.
7. لا تدفعيه لمعارضتك.
فاستخدامك للقوة؛ يخلق دائماً ردة فعل مع الطفل ومع غيره. واتخاذك موقفاً صارماً؛ يدفع الطفل للتحدي فقط لإثبات نقطة ما أو لإثبات حاجته للشعور بالقوة والاستقلالية. توقفي وخذي نفساً عميقاً، وتذكري أن الفوز في هذا الموقف سيجعلكِ تفقدين ما هو أهم “العلاقة مع طفلك”.
لو رفض طفلك ارتداء هذا الحذاء وفضل غيره؛ فاسمحي له أن يقرر بدلاً من استخدام القوة. قول له “حسناً يمكنك أن تقرر هذا بنفسك”. نتحدث هنا عن المواقف البسيطة التي لا تؤثر على صحة الطفل وسلامته والتي لا تحتاج لأي نوع من الدراما.
8. استمعي لطفلك.
مهما بدا لكِ أن هذا الأمر صحيحاً وأنك تعرفين الأفضل؛ استمعي لوجهة نظر طفلك فهو لديه بالتأكيد سبب لرفضه. استمعي لهذا السبب وتفهميه مها بدا لكِ ساذجاً. اسمحي له التعبير عن رفضه باستخدام كلماته الخاصة، واسمحي له أن يكوّن آرائه الخاصة عن أي موضوع وأن يعبر عن مشاعره.
يخاف بعض الأطفال من الاستحمام ظناً منهم أنهم سيغرقون في الحوض؛ فعند إبداء طفلك الرفض للاستحمام تفهمي ذلك واسأليه عن السبب. وحاولي أن توجهيه للصواب بالمنطق؛ فأنت لن تغرق في الحوض لأن الماء ستنزل بسرعة عبر المصرف مثلاً.
Ghazal
يناير 24, 2021 في 4:20 مشكرا جزيلا على هذا المقال الرائعة… حقا استفدت منه كثيرا.. لدي طفل في الثالثة من عمره ومتميز بطباعه الحادة والعنيدة ولم أكن أعلم ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع شخصيته.
الطريقة الدنماركية في التربية – ما يعلمه أسعد شعب في العالم عن تربية أطفال واثقين و متمكنين - كلنا أمهات
مارس 10, 2021 في 1:09 م[…] اقرأ أيضاً كيف أتعامل مع طفلي العنيد – قوي الإرادة؟ […]
مدح الطفل وأثره على الأطفال - كلنا أمهات
يونيو 12, 2021 في 9:59 م[…] اقرأ أيضاً كيف أتعامل مع الطفل العنيد قوي الإرادة؟ […]
تلخيص كتاب الطريقة الدنماركية في التربية - كلنا أمهات
يونيو 14, 2021 في 8:09 م[…] اقرأ أيضاً كيف أتعامل مع طفلي العنيد – قوي الإرادة؟ […]