مشكلتنا كأمّهات تكمن في أننا لا نعرف كيفية مواجهة الضغوطات النفسية والمجتمعية التي تحاصرنا. والمشكلة الأكبر أن هذه الضغوطات تستدرجنا. وهي أيضاً تستنفذ طاقتنا التي كان من الأجدر أن نصرفها على أطفالنا. إن هذه الضغوطات النفسية في كثير من الأحيان لا علاقة لها مباشرةً بالأمومة. وإنمّا لها علاقة ’بنظرة المجتمع‘ لهذه الأمومة. وهو حقيقةً ما يسلبنا سلاسة فطرتنا كأمّهات، ويدفع بنا إلى قاعٍ مليئ بالضغوطات النفسية.
الأمومة وتأثير الضغوطات عليها
يعتقد البعض أن الأمومة صعبة مليئة بالضغوطات. وهم على حق. فـ’الأمومة‘ ليست بالسهولة التي كنّا نتصورّها ونحن نلعب “بيت بيوت” في صغرنا. حيث إن إطعام دمية “لا بتكش ولا بتنش” ولا يُسمع لها حِسٌ، ولا اعتراض، ولا نوبة -أو نوبات- غضب، أسهل بكثيرمما وجدنا عليه الواقع. وبالتالي، أسهل بكثير من المسؤوليات التي صحبتها.
ولكن، هناك عامِلٌ إضافي ساهم في زيادة الضغوطات النفسية على الأم، ألا وهو نظرة المجتمع لها.
نظرة المجتمع للأم
كم منا عاشت على خوفها من حكم الآخرين على أمومتها. ومدى استحقاقها لها. وكم منا تسائلت إن كان سيُنظَرُ لها بعين الرحمة، أم أنها لا تستحق! هذه الضغوطات التي تزداد يوماً بعد يوم، سببها مجتمع يعي عظمة دور الأم، لكنه لا يساعدها في تسهيله.
ولكن، لا تقلقي! ف’أمّهات‘ سوف تساعدك على تسهيل دورك والتغلّب على الضغوطات المجتمعية من خلال خطوات بسيطة، أو ما سنسمّيه بـ’علاج الضغوطات النفسية‘. هيا بنا؟
أنواع الضغوطات النفسية
بداية، يأتي الضغط النفسي كـ رد فعل جسدك تجاه الأحداث من حولك. ويختلف كل جسد باستجابته لهذه الأحداث فهنالك ’أنواع الضغوطات النفسية‘. حيث ينقسم الضغط النفسي لقسمين.
- أولاً، الضغط النفسي الحاد وهو ضغط نفسي قصير الأمد متمثّل برد الفعل الفوري لجسمك تجاه مخاوف أو تحدّيات مفاجأة.
- ثانياً، الضغط النفسي المزمن وهو ضغط نفسي طويل الأمد سببه التراكمات. حيث يؤدي هذا النوع من الضغط النفسي المتواصل إلى مشكلات صحية، مثل الأرق والقلق والصداع.
جدر الإشارة إلى أن الضغط النفسي الحاد أو قصير المدى هو ضغط ايجابي نحتاجه من حين لآخر. إلاّ أنه يجب علينا محاولة السيطرة عليه كي لا يتضخم ويتحوّل إلى ضغط نفسي مزمن.
اقرئي أيضاً: نصائح للأم العاملة للتحكم بنوبات القلق
علاج الضغوطات النفسية المتعلّقة بالمجتمع
ينقسم علاج الضغوطات النفسية المتعلّقة بالمجتمع أيضاً إلى قسمين:
- القسم الأول هو علاج الانتقادات والتدخلات المباشرة والغير مباشرة بالأم.
- أمّا القسم الثاني فهو علاج نظرة المجتمع للأمومة. حيث يساهم المجتمع في تشكيل صورة مغلوطة عن الأمومة في كثير من الأحيان، تُأثّر بنا من غير أن نشعر.
فلننتقل مباشرة إلى الخطوات.
القسم الأول – علاج الانتقادات والتدخلات المباشرة والغير مباشرة بالأم:
1. اعرفي ما الذي يسبّب لك الضغوطات النفسية:
لنتائج فعّالة في التعامل مع الضغوطات، يجب تحديد مصدرها. وذلك من خلال إعداد قائمة بالمواقف والتحديات التي تحفّز استجابتك لها. هذه الخطوة تحتاج لمراقبة ذاتية وصريحة.
2. دوّني ما اكتشفتيه:
اكتبي ما تعتقدين أنه من مسببات الضغوطات التي تواجهينها.
3. غربلي قائمة الضغوطات النفسية:
حاولي أن تقّرقي بين ضغوطات الأمومة الطبيعية التي تواجهنا جميعاً، وبين الضغوط النفسية التي تنشأ نتيجة تدخّلات المجتمع بأمومتك وشؤونك الخاصة.
4. ضعي حدود للحد من التدخّلات:
بعدما حدّدتي الأمور والأحداث التي تسبّب لك ضغوطات نفسية، حاولي وضع حدود مع كل ما ومن يساهم فيها.
تتطلّب هذه الخطوة القليل من الجرأة. وهو ما قد يكون صعباً بعض الشيئ في البداية. ولكن سرعان ما ستلاحظين أن الأمر أصبح أسهل مما كنتي تتوقّعين.
5. ابقي سقف التوقّعات منخفض:
معرفة أن البشر بطبعهم اجتماعيين، وبالتالي ’التعليقات‘ أمر لا بد منه من قبل بعض الأشخاص، سوف يساعدك على التأقلم وتقبّل بعض التعليقات والتدخلات المعقولة من حين لآخر. افصلي بين هذه التدخلات وحياتك الفعلية. ولا تدعيها تأثّر على أمومتك. واعرفي أن القوة تكمن أحياناً في معرفة أنفسنا. إضافة إلى معرفة كيفية عدم السماح لبعض الأمور بالتأثير علينا.
اقرئي أيضا: نصائح لتجنب وقوع الأم بالاحتراق النفسي “Burnout”
القسم الثاني – علاج نظرة المجتمع للأمومة:
1. اطّلعي:
الصورة النمطية هي عبارة عن سلوكيات وتوقعات مفرطة التعميم حول فئة معينة من الناس لا تستند إلاّ على أفكار مُسبقة. ونحن لا ننتبه إلى كيفية تشكّل هذه الصور النمطية في لاوعينا وتشكيل معتقداتنا. بل تضعنا تحت وطأة الضغط النفسي من غير أن نعرف.
إذاً، إكسري هذه الصورة النمطية ببحثك الخاص عن دلائل لكل ما يُقدّم لك عن الأمومة. فلمجرّد كثرة الأشخاص المؤمنين بفكرة ما لا يُثبت صحّتها.
2. تغلّبي على المخاوف:
يضعنا المجهول تحت وطأة الضغوطات النفسية أيضاً. خاصة في مجتمع نمطي. تغلبّي على مخاوفك في مواجهة هذا المجتمع من خلال تقوية وتثقيف نفسك في كل ما تجهليه وتخافيه.
3. قوّي نقاط الضعف التي تسبب الضغوطات النفسية:
تساعدك هذه النقطة في التغلب على مخاوفك في النقطة السابقة. قد يظن المجتمع أن الأمومة ضعف و وههن. قومي واثبتي لكل العالم من نكون نحن!
إن التغيير عادة يتطلّب الكثير من الجهد والعمل. ولا يتم بين ليلة وضحاها. فإن إعادة صياغة معتقداتنا يتطلّب إرادة وانفتاح و وعي. فلا بأس إن شعرتي بالضعف أو الضيق من حين لآخر في رحلتك.
وهكذا أيتها الأم، عليك أن تفخري بما وهبك الله -سبحانه وتعالى- من قدرة على خوض رحلة الأمومة. فمن رحمك تُخلق الحياة!
وتذكّري أن ’أمهّات‘ دائماً موجودة لدعمك في كل الأوقات، من خلال حزمة منوّعة من الاستشارات من تقديم أخصائيين محترفين في مختلف المجالات.