نقرأُ يومياً قصص لمبدعات عربيات ومبدعات سعوديات حلمنّ وحققنّ وثابرنّ فحصلن.. لكن قصتنا اليوم مختلفة! قصة فتاة طموحة محبة للتعليم.. بدأت رحلتها بدراسة التخصص الذي تحب فأبدعت.. كانت طالبة وزوجة وأم، ولم يقتل ذلك شغفها بل زادها إصراراً..
سيدة تألمت فراقبت هذا الألم وحولته لطاقة إبداع وعطاء غير اعتيادية.. سيدة واجهت العديد من الصعوبات في مرحلة الأمومة فاختارت أن تكون لغيرها من الأمهات نوراً!
واجهت بطلتنا لليوم المجتمع العربي الذي يقسو على السيدات في العادة.. على الرغم من ذلك؛ آمنت بذاتها وحققت أحلامها وأصبحت ريادية أعمال مبدعة.. هي أم وهي طالبة ومؤسسة مشروع وريادية أعمال.. هي زوجة وابنة.. شعلة من الطموح العطاء..
لنتعرف معاً على إحدى قصص مبدعات سعوديات بطلتها الأستاذة سحر علي الحمادي
عرفينا عن نفسك
أنا سحر علي الحمادي، سعودية الجنسية وأم لستة أبناء.. أكبرهم في سن المراهقة حيث يبلغ من العمر 17 عام.. وأصغرهم طفل بعمر السنتين.
حاصلة على شهادة البكالوريوس في تخصص رياض الأطفال. وأعمل في مجال ريادة الأعمال..
يصفني الكثير كسيدة سعودية مبدعة من ضمن مجموعة سيدات مبدعات سعوديات.
صفي لنا تجربتك في ريادة الأعمال خصوصاً التجربة الأولى في برنامج منجزون
تمتد خبرتي لما يقارب الـ 13 عاماً في المشاريع.. بدأت في مشروع روضة وحضانة لمدة 7 أعوام. ثم استمرت لـ 3 سنوات أخرى في مشروع وبرنامج “عالم المنجزون”؛ حيث قدمنا من خلال هذا البرنامج خدمات الدعم والمساندة التعليمية.. ثم 4 سنوات إضافية في برنامج “عالم المنجزون” للفنون والبرامج المهنية والحرفية للجيل الناشئ من عمر 12 – 17 عام.
بتوفيق من الله وله الحمد؛ افتتحت الروضة والحضانة داخل الجامعة التي كنت أدرس بها، وكان ذلك بعد تخرجي بـ 6 أشهر فقط! خطر لي هذا المشروع وثابرت لإنجازه بسبب المعاناة التي عشتها كطالبة وأم لطفلين!
حركني الألم من تعامل الموظفين في مرحلة التدريب الميداني المتعلق بدراستي الجامعية.. وفي ذلك الوقت تماماً أدركت أن الله خلقني كي أكون صاحبة مشروع وريادية أعمال ابتكارية لا موظفة. وبفضل الله وحمده أصبحت أم لثلاثة أطفال ومؤسسة وصاحبة روضة وحضانة في عمر الـ 24.
لم يتوقف طموحي هنا!
استمررت بتطوير نفسي ومهاراتي في مجال الطفولة المبكرة.. إلا أن وصلت إلى مراتب أعلى. أصبحت الآن ممثلة لشركة الطفل العربي في المملكة العربية السعودية، أيضاً مرشدة أعمال في دور الضيافة ورياض الأطفال، تحت مظلة الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
بعد ذلك أنشأت مشروع عالم المنجزون الذي يُعني في كل ما يخص التطوير في التعليم وبالتعاون مع عدة جهات. ثم أنشأت عالم المنجزون للفنون كمنشأة اجتماعية تهدف لبناء جيل مهني احترافي يعتمد على قدراته ويساهم في تطوير مجتمعه ووطنه.
أخبرينا عن التحديات التي واجهتك أثناء تأسيس مشروعك.. كيف تغلبتِ عليها؟
التحدي الأكبر الذي واجهته هو عدم وجود نشاط تجاري مناسب لهذا المشروع. لم أرى هذا التحدي كعقبة.. بل نظرت إليه كفرصة للتعلّم والتطوّر! ومن هنا بدأت بإرسال البرقيات للوزراء وللديوان الملكي.. سعيت وبذلت كل جهدي في هذا الموضوع، ثم توكلت على الله وسلمته أمري.
بحمد الله اليوم مشروعي مُرخص من هيئة الترفيه
أم لستة أطفال.. ريادية أعمال طموحة من المبدعات السعوديات. كيف توفقين بين كل ذلك؟
إدارة الوقت تحدٍ آخر! لكن لا مفر من إيجاد الحلول. قمتُ بتدريب نفسي وأسرتي وأطفالي على إدارة الوقت ووضع الأهداف وتحقيقها مهما كلف الأمر! توكلنا على الله في كل أمور حياتنا وسعينا وها نحن ذا ننعم بتوفيق رب العالمين في كل أمور حياتنا.
قسمت وقتي وأيامي بحيث خصصت يوماً في الأسبوع للتنزه وزيارة الأقارب ولقاء الأصدقاء.. ليس من باب الواجب الاجتماعي إنما من باب استمداد مشاعري الإيجابية وطاقتي منهم.
من هو الداعم الاول لك؟
أسرتي هي الداعم الأول لي..
أستمد منهم الشعور بالإنجاز والفخر، نجاحهم من نجاحي والعكس بالعكس يُذكر. دائماً ما أذكّر نفسي وأذكّرهم أن الله هو الذي اختارنا وحرّك بداخلنا هذا الشعور، لأنه عزّ وجل يعلم أننا قادرون على التغيير وصنع الاختلاف واستغلال الوقت بما ينفع.. فنحن مسؤولون عن عمرنا فيما أفنيناه.
كيف تقبل المجتمع من حولك كينونتك الجديدة التي تتضمن العمل والسفر وحتى ريادة الأعمال؟ هل واجهتِ أي انتقادات أو أحكام مجتمعية؟ كيف تعاملتِ مع ذلك؟
هل تتوقعون أني حظيتُ بموافقة المجتمع والأهل في السفر والعمل والانتقال من مكانٍ إلى آخر؟ حسناً.. بالتأكيد هناك معارضة دائماً! لكن قمتُ بتدريب نفسي على حب الذات أخذ احتياجاتي النفسية بعين الاعتبار.. بل جعلها أولوية.. ثم الالتفات لآراء الآخرين! مع ذلك أحرص على تأدية أدواري وواجباتي على أكمل وجه دون تقصير.. وبهذا استطعت أن أثبت نفسي كواحدة من مبدعات سعوديات.
جميعنا نواجه تحديات ومعارضات مختلفة ومتعددة، لكن الإصرار والإيمان بنفسي وقدراتي هو الدافع الأول والقوي لمواجهة أي عقبة، كما أني أحاول باستمرار على تحقيق التوازن بين جميع الأطراف.. وذلك بالعمل على إشراكهم معي في أعمالي وتنقلي وترحالي.
هل تواجهين الشعور بالذنب أو التقصير في بعض الأحيان تجاه عائلتك؟ كيف تتعاملين مع هذه المشاعر؟
أحاول أن أتجنب الاستسلام لهذه المشاعر وذلك عن طريق التحضير المُسبق. مثلاً كنتُ أُدرس طفلي عندما كان في الصف الأول، مواداً ودروساً متقدمة عن المنهج المدرسي.. ذلك لمعرفة عدم تواجدي أو انشغالي في الفترة القادمة. هكذا أشعر بالارتياح عندما أعلم أن طفلي يفهم دروسه بل ويتفوق بها..
وهكذا كنت أجهز مهامي الأسرية وأنجزها قبل موعدها، ليتسنى لي وقتاً إضافياً مع أطفالي أو وقتاً أنجز به عملاً من الممكن إنجازه عن بعد..
العمل والدراسة عن بعد في زمن كورونا.. كيف أثر عليك ذلك؟
في البداية ساعدني العمل عن بعد جداً في التقليل من أسفاري.. وأيضاً منحني المزيد من الوقت الدي أقضيه مع بناتي! فأنا محبة جداً للتعلّم والتعليم ودائمة الدراسة.. وهكذا أصبحتُ أتابع دروسي أونلاين مع ابنائي الذين يتابعون دروسهم أونلاين بدورهم أيضاً.
شعرتُ أني قدوة لهم!
كما شعرتُ بالقرب منهم بشكل أكبر.. أصبحت استشيرهم وأطلعهم على جدول أعمالي لهذا الأسبوع.. وأحدثهم عمّا حصل معي في العمل.. شاركتهم يومي بتفاصيله وهذا ما أحدث فيهم نوعاً من التغيير الإيجابي.
ما هو هدفك الذي تسعين لتحقيقه في المجتمع من خلال مشروعك؟
هدفي هو التغيير والتطوير والوصول.. أيضاً بناء جيل واعي مفكر مبدع مدرك لقيمته العالية، طموح يصنع من اللاشيء شيء مميز! كما أحرص على غرس المبادرة في نفس هذا الجيل.. أن يكون مبادراً يعمل بيده ويعتمد على نفسه، يشارك أسرته وأصدقائه ومجتمعه.. فهذا الجيل هو المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك..
أتمنى أن أكون مصدر إلهام للمرأة العربية القادرة المتمكنة الطموحة والمحفزة للآخرين.. السيدة والأم والريادية المعطاءة.. أنت جمال الروح.. تحياتي القلبية لكنّ.