الطموح من أهم عوامل النجاح للفرد في جميع مراحل حياته؛ فبدون الطموح لا يستطيع الفرد أن يتطور ويشعر بفرحة النجاح، وهذا يحقق سعادة نفسية. فالسعادة مرتبطة بالرضا عن الحياة وجودتها وتحقيق الذات وبالإحساس بوجود أهداف في الحياة! هذا ما قالته الدكتورة مجد العمد. فمن هي؟ لنتعرف معاً عليها، ولنقرأ سوياً قصة نجاح أم رائعة.
“زوجة وأم لطفلين”. هكذا بدأت الدكتورة مجد العمد بالتعريف عن نفسها، والتي تعمل مديراً لمديرية التراخيص في هيئة الإعلام في الأردن، والتي أكسبتها شهاداتها العلمية. بالإضافة إلى اجتهادها بالعمل وسعيها الدائم للمعرفة؛ سبيلاً لأن تصل إلى ما وصلت إليه بهذا العمر.
حيث أصبحت مدير مديرية بعمر 35، وحصلت على الدرجة الأولى في هيئة حكومية بعمر 39. ستثرينا الدكتورة مجد العمد في هذا المقال بخبرتها المميزة، وكيف شقت طريقها الحافل بالمحطات التعليمية والعملية، وكيف خطت قصتها هذه “قصة نجاح أم رائعة وموظفة مجتهدة”.
ما هي المحطات التعليمية التي مررت بها؟
بالنسبة لرحلتي العلمية؛ فقد درست في مدرسة راهبات الناصرة، ثم البكالوريوس في اللغات الحديثة (اللغة الإنجليزية واللغة الإيطالية) في الجامعة الأردنية. وهذا التخصص؛ فتح لي المجال بأن أسافر إلى أوروبا. حيث حصلت على بعثتين مدتهما شهر في كل من إيطاليا وإسبانيا تعلمت خلالهما الكثير. تعودت أن أسافر بمفردي وأن اعتمد على نفسي وأن أحمي نفسي من أي خطر!
بعد التخرج دخلت سوق العمل، وبدأت مسيرتي المهنية. أثناء عملي أحسست بحاجتي للمعرفة أكثر، وأن الشهادة التي حصلت عليها غير كافية لبناء مستقبلي! فاللغات على الرغم من أهميتها؛ إلا أنها لم تضف لي المعرفة التي أحتاجها في مجال العمل. لذلك قررت أن أدرس الماجستير وأن أختار تخصصاً جديداً ومطلوباً ومثيراً للاهتمام؛ فسجلت في الجامعة الأردنية تخصص أعمال دولية.
وكانت هذه المحطة الأولى في قصة نجاح الرائعة مجد العمد.
وتابعت..
أثناء دراستي الماجستير؛ حملت بابني الثاني وولدته! حتى أنني أذكر بأني كنت أحمله بيد، وكتابي بيدي الثانية، إلى أن تخرجت وحملت شهادة الماجستير. بعد تخرجي بسنوات؛ رغبت وبشدة بأن أحمل شهادة الدكتوراة، ليس لجمع الشهادات؛ ولكن لتحصيل أكبر قدر من المعرفة والقدرة على التحليل، وعدم التوقف وإكمال مسيرتي العلمية، وأن أبحث عن المزيد باستمرار. لأن الإنسان مهما درس ومهما قرأ ومهما سأل تبقى لديه الحاجة لمعرفة المزيد.
وقد اخترت أن أدرس الإدارة، وهي مجال عملي؛ حيث أحسست بحاجتي لترسيخ المفاهيم الإدارية وتطبيقها بشكل علمي أكثر.
قافلة الإنجازات المستمرة حسب فلسفة مجد العمد
تحدثت الدكتورة مجد العمد: “خلال دراستي نشرت بحثاً بعنوان “الإثراء الوظيفي والرضى الوظيفي وأداء العاملين في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي – الأردن”؛ بالاشتراك مع دكتور كان يدرسني. وبعد تخرجي؛ نشرت بحثاً مستلاً من أطروحة الدكتوراة التي كانت بعنوان: “أثر إدارة الاتصالات الإدارية في إدارة الأزمات: إدارة المعرفة متغيراً وسيطاً (دراسة ميدانية في المؤسسات الصحفية الأردنية)”.
وأضافت الدكتورة مجد العمد: وقد اخترت هذا الموضوع لأنني أردت أن أجمع تخصصي الأكاديمي (الإدارة) مع المجال الذي أعمل فيه (الإعلام). وبعد البحث والتقصي؛ وجدت أنه لم يتطرق أي من الباحثين إلى دراسة إدارة الأزمات في المؤسسات الإعلامية أو الصحفية في الأردن. فوجدته موضوعاً يستحق البحث؛ خاصة مع الأزمات المتتالية التي تواجهها إدارات الصحف الأردنية. وقبل أيام قليلة وبحمد الله صدر كتابي: (إدارة الأزمات والاتصالات الإدارية في المؤسسات الصحفية)، الذي هو انجاز آخر أضيفه لإنجازاتي.
تحدثت فيه عن إدارة المؤسسات الصحفية بالأخص. كانت قصة نجاح وتجربة فريدة لكنها لم تكن بغاية الصعوبة، وقد اعتبرتها بداية من البدايات الجديدة وتدريباً على الكتابة والتأليف. كما أن هذا الكتاب يحتوي قيمة علمية؛ لأنه بنيَ على أطروحة دكتوراة في موضوع لم يتم التطرق له سابقاً، وهو إدارة الأزمات والاتصالات الإدارية في المؤسسات الصحفية، مع التعرج أيضاً إلى إدارة المعرفة.
كيف تصفين تجربة العمل والدراسة مع الأمومة؟
لن أدّعي أنها كانت تجربة سهلة أو ممتعة؛ بل كانت من أصعب التجارب التي خضتها في حياتي! ولكن لولا دعم أهلي وزوجي لما استطعت أن أصل إلى هنا، ولما استطعت خط قصة نجاح رائعة ومثمرة كهذه القصة.
أنجبت ابنتي وابني وأنا أعمل، بدأت بدراسة الماجستير عندما كان عمر ابنتي تقريباً سنتين ونصف، وحملت بابني الثاني وولدته خلال دراستي الماجستير. وطبعاً لم أنقطع يوماً عن عملي! فاضطررت للموائمة ما بين عملي وبيتي وأبنائي ودراستي. أمي ساعدتني كثيراً بالأطفال، وزوجي تحملني بصبره.
وتابعت..
أيضاً خلال دراستي للدكتوراة؛ مررت بنفس الظروف إضافة لتدريس أبنائي! خاصة أن أوقات امتحاناتهم كانت تتزامن مع أوقات امتحاناتي، وكان هذا تحدياً كبيراً. لم يكن كل شيء كاملاً أو مثالياً؛ فقد كانت تتأثر دراستي ونتائجي أحياناً في سبيل تدريس أبنائي.
لقد كانت الدراسة جزء أساسي من حياتي اليومية؛ لم أكن أذهب إلى أي مكان دون كتاب في يدي! حتى في أيام العطل بين الفصلين؛ كنت أتسلى بقراءة الروايات في أوقات فراغي. وهذا من وجهة نظري كان له أثر إيجابي على أولادي الذين تعودوا على ذلك، وأصبح الكتاب جزءاً من حياتهم ونشاطاتهم اليومية؛ فأصبحوا دائماً يقرأون القصص ويجتهدون ويدرسون، والحمدالله ظهرت نتيجة ذلك على علاماتهم المدرسية.
كان الوقت الذي أقضيه في البيت هو الأصعب، لأنه الأقصر. حيث كنت أحياناً أعود للمنزل بعد انتهاء محاضراتي بعد الساعة الثامنة والنصف ليلاً. وفي الأيام التي لا يكون فيها محاضرات؛ كنت أقسم وقتي بها بيني وبين أفراد أسرتي الصغيرة. أما وقت عملي فلم يتأثر أبداً ولم أفقد التركيز أو السيطرة فيه، فوقت العمل كان فقط للعمل.
كيف حققتِ التوازن بين أطفالك وعملك بدون تقصير مع أحدهما؟
برأيي كلاهما يجب ألا يؤثر على الآخر، فكلٌّ له وقته! إذا أرادت المرأة أن تحقق ذاتها بالشكل الذي تطمح إليه؛ فستستطيع أن توافق بين الأطفال والعمل. لكن قد تكون الظروف المحيطة بي قد سهلت عل ذلك أكثر من غيري.
فكنت أرسل أطفالي إلى أهلي عندما أذهب إلى العمل، وعندما كبروا أصبحت أرسلهم إلى مدرستهم، وبعد الدوام يكون وقتي لهم. فوقت العمل قد انتهى! لكن في بعض الأحيان ولظروف دراستي؛ كنت أغيب عنهم لساعات، وكان زوجي داعماً أساسياً لي في تلك الظروف.
أما بالنسبة لتنظيم الوقت؛ فالوقت موجود ومتاح، لكن علينا أن نعرف كيف ننظمه ونستغله. نحن من ندير الوقت وليس العكس، فما علينا إلا أن نديره لصالحنا. نظم نفسك، قسم وقتك وباشر ما تريد فعله دون أي انتظار، جد الوقت من العزيمة والإصرار.
هل واجهتك لحظات استسلام من ضغط المسؤوليات وكيف تعاملتِ معها؟
نعم وفي كثير من الأحيان، خاصة أثناء دراستي للدكتوراة. كثير من المرات كنت أقول في نفسي لماذا أقدمت على هذه الخطوة؟ لماذا ورطت نفسي بهذه الورطة؟ لو رجع بي الزمن لما فعلتها! ماذا سأفعل بنفسي الآن، كيف سأنجح، كيف سأعيش مع ضغوطات والتزامات الحياة التي لا تنتهي؟ هل سأكون قادرة على تحقيق قصة نجاح؟
خاصة أنني وضعت تحت ضغط إجراء البحوث ضمن مواعيد معينة وإجراء الامتحانات، وحرمت من الكثير من المشاوير، ومن متابعة التلفاز، ومن الاسترخاء. كنت أشتاق لأن أشعر بالملل! وكنت حتى في الوقت الذي أخرج فيه مع أصدقائي مثلاً، أو أسافر أو أتنزه؛ كان عقلي دائماً مشغولاً بالدراسة وضغوطات العمل وبأعباء الحياة والتوتر، الذي يتزايد أيضاً في بيئة عملي.
لكن وفي كل مرة كنت أقول في نفسي التراجع ممنوع، ولم يبقى مثل ما مضى، والقادم سيكون أجمل بالتأكيد! سأغير طريقة تفكيري وأتطلع إلى الوقت الذي سيُتَوَّج فيه هذا الجهد بإنجاز عظيم وفخر كبير.
حدثينا عن لذة الطموح والشعور بالرضا الذاتي من هذه الإنجازات ومن تحقيق قصة نجاح
الطموح يعني الهدف، والهدف يعني العمل، والعمل يعني التطور، والتطور يعني النجاح. وفي كل مرحلة من هذه المراحل ترافقه السعادة النفسية. عندما تتوقف عن الطموح وعن العمل تتلاشى السعادة. وعند تحقيق كل طموح أو كل هدف فإن ذلك يولد شعوراً بالفخر والرضا عن الذات لا يمكن وصفه! وبالتالي يولد شعوراً بالرغبة في وضع أهداف أخرى لتحقيقها، وكذلك تستمر الحياة بطريقة إيجابية ومليئة بالتفاؤل.
سأخبركم بأمر؛ فضفضتُ يوماً لصديق بأني على أعتاب سن الأربعين وهذا سيشعرني بأنني كبرت وبأن السنوات مرت بسرعة دون أن أشعر بها. لكنه قال لي: يجب أن تكوني سعيدة بإنجازاتك، فانظري إلى ما وصلتي إليه وما حققته وما أنجزته خلال هذه السنوات، وستكونين سعيدة بوصولك إلى هذا العمر مع كل هذه الإنجازات. ثم انظري إلى قصتك هذه “قصة نجاح أم رائعة” سترين أنك لم تضيعي أي ثانية من وقتك ولم يمضي العمر في فراغ!
وها أنا ذا احتفلت قبل أيام قليلة بعيد ميلادي الأربعين. سعيدة بما حققته، ومستعدة لبدء حياة جديدة بأهداف جديدة وطموح جديد يجعلني أعيش وأعمل بحماس وسعادة وشغف وتفاؤل لما هو آت.
نصيحتي لأي أم نظمي وقتك فحسب، وأنت قادرة على ما تحقيق ما تتمنين!