كيف أوازن بين أمومتي ووظيفتي في التدريس؟ بين مهنة التعليم ورعاية الأسرة – تحديات الصحة النفسية للمعلمة الأم

قصص نجاح أمهات ملهمات

كيف أوازن بين أمومتي ووظيفتي في التدريس؟ بين مهنة التعليم ورعاية الأسرة – تحديات الصحة النفسية للمعلمة الأم

pexels-max-fischer-5212703

لطالما لفتت ناظري تلك المعلمة التي تحافظ على ابتسامتها مع طالباتها وزميلاتها طوال فترة دوامها، وتساءلتُ كيف تستطيع الإبقاء على هذا النحو من التفاؤل بالرغم من تعاملها مع ما لا يقل عن مئة شخص في اليوم بين طالبة وزميلة ومسؤولة؟

ولطالما حيّرت عقلي تلك الممرّضة التي ما برحت البشاشة لا تفارق محيّاها. تدخل مستبشرة وتخرج كذلك، بالرّغم من مقابلتها للكثير من المرضى والمصابين بشتّى أنواع العلل والأمراض، وصعوبة التعامل معهم. ولكن، ماذا عن حياتهنّ بوصفهنّ أمّهات؟

كيف يمكن لمهنة التعليم -على سبيل المثال لا الحصر- بكلّ ما فيها من تحدّيات أن تترك للأمّ مساحتها الكافية مع نفسها ومع أبنائها؟ وكيف يمكننا دعم هؤلاء الأمّهات المثابرات في مجتمعاتنا؟


    ممّا لا شكّ فيه أنّ مهنة التعليم ليست كأيّ مهنة فهي مليئة بالتحدّيات، وتتطلّب من المعلّمة الأمّ الكثير من الواجبات التي لا يقتصر أداؤها في المدرسة، بل قد تحمل معها أعباءً متعدّدةً إلى المنزل!

نجد المعلّمة مطالبة بالتفاعل مع طلابها بحبّ وحَزْم ومرونة طوال اليوم. وتكون حريصةً أشدّ الحرص على الالتزام بجميع أخلاقيّات مهنة التعليم.

فيترتّب عليها التحضير المستمرّ للدّروس، وأدائها بأعلى درجات الجودة والاحترافيّة، والتعامل مع المشاكل التي يعاني منها الطلاب بإيجابيّة، والتواصل باستمرار مع أولياء أمور الطلّاب بصدر رحب.

وحين عودتها إلى منزلها تكملُ ما لم تستطع إنهاءه من أعمال إلكترونيّة أو ورقيّة يتعيّن عليها تسليمها في اليوم التالي. 

وفي خضمّ هذه المهام تدركُ أنّها أمام جولة جديدة من الأعمال المنوطة بها بوصفها أمًّا؛ فهي مطالبة برعاية أطفالها ومتابعة شؤونهم الدراسيّة وتلبية رغباتهم، وتحقيق الاستقرار الأسريّ.

كثيرة هي الدراسات التي تدرس العلاقة وتأثير كون الأم عاملة في سلك التعليم. إحدى الدراسات التي نشرت في National Library of Medicine تصف مفهوم “العبء المزدوج” أو “الوردية المزدوجة” الظاهرة التي يتحمل فيها الأفراد، وخصوصًا النساء، مسؤوليات العمل المدفوع الأجر إلى جانب الأعمال المنزلية غير المدفوعة.

يمكن أن يؤدي هذا الدور المزدوج إلى زيادة التوتر، ومشاكل صحية، وتحديات في تحقيق التوازن بين العمل والحياة. وفي سياق التدريس، غالبًا ما تواجه المعلمات تحديًا في التوفيق بين واجباتهن المهنية والمسؤوليات المنزلية ورعاية الأطفال، مما يزيد من مستويات التوتر لديهن.

إليك 8 نصائح تساعدك في إنشاء روتين للأم العاملة لضمان أسبوع سلس مع أطفالك

ووسط هذه المسؤوليّات المتشعّبة والمتشابكة تجد المعلّمة الأمّ نفسها في مواجهة ضغوط نفسيّة وجسديّة تؤثّر على حياتها الأسريّة.

فنسمعها تنعت نفسها قائلة: “أصبحتُ عصبيّةً جدًّا” أو “أعاني من عصبيّة شديدة” وهذا ليس مستغربًا من امرأة تمرّ بهذا القدر من التحدّيات في حياتها. لذا نجد بعض الدّول تقوم بعمل تقييم دوري للصحّة النفسيّة للمعلمين وتقدّم الدعم المناسب بناءً على نتائج التقييمات. 

 وبالرّغم من كل هذه التحدّيات لا تنسى هذه المعلّمة أنّ الله اصطفاها لأمر عظيم، ومع كلّ ما تعانيه إلّا أنّها تجد نفسها تحقّق معنى عميق لذاتها، وتجد لحياتها غاية لا تُدرَك في أيّ مكان آخر.


هل فكرتِ من قبل في العمل من المنزل؟ العمل عن بُعد يعد أحد الحلول أمام الأمهات. إن قررت ذلك فليس عليك سوى البدء بدليل الأمهات للعمل عن بُعد. الدليل الشامل الذي يساعدك في استكشاف فرص العمل عن بُعد والعمل الحر، مع تنظيم الوقت لتحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية.


فيما يلي بعض النصائح التي قد تسهم في دعم الأمّهات العاملات في مجال التعليم:

 قبل كل شيء إن لم تقدّر المعلمات الأمهات أنفسهنّ فلن يقدّرهنّ أحد، فينبغي على المعلمة أن تقدّر نفسها وتعترف بالجهود التي تبذلها في سبيل الارتقاء بنفسها ومجتمعها وتؤمن بأنّ كلّ جهد تقدّمه وإن صغر لا بدّ أن يؤتي أُكله ولو بعد حين.

 ولتعزيز هذا الشعور حبّذا لو خصّصت وقتًا قصيرًا من يومها لتدوين الإنجازات التي قامت بها -وإن صغُرت- فإنّ ذلك يعزّز من ثقتها بنفسها وتقديرها لذاتها ويذكّرها بأثرها الإيجابي في المجتمع.

كما أنّ تذكير المعلّمة نفسها بالدافع وراء اختيار مهنة التعليم والأثر طويل الأمد الذي تريد أن تغرسه في الأجيال اللّاحقة. هذا من أجله يجعلها تحافظ على شغفها، ويجعل مرارة ما تعانيه من تحدّيات دافعًا قويًّا للاستمرار والعطاء، سيّما أنّ ما تبذله يسهم في بناء عقول وشخصيّات ستكون قادرة على رسم مستقبل الأمة.

 بالإضافة إلى ذلك ينبغي على المعلّمة أن تحاول تطوير نفسها باستمرار وتلتحق ببرامج تدريبية لمعلّمات مرحلة رياض الأطفال والمراهقين، وتتعرّف الخصائص النمائيّة لكل مرحلة.

مما يجعلها قادرة على تفهّم حاجيّات طلّابها، وتوظيف الإستراتيجيّات التعليمية المناسبة لكل مرحلة مما يعزّز من نجاحها في أداء رسالتها على أكمل وجه وترك أثرٍ طيّب في نفوس طلّابها.

 إنّ مشاركة المرأة زوجها همومَها والمهام المطلوبة منها وتفهّمه لظروفها وشؤون المعلّمات، يسهم في التقليل من تحدّيات العائلة. يبني كذلك جسرًا من التفاهم والتقدير لجهودها ويعزّز وجود بيئة أسريّة أكثر استقرارًا وسعادة.

تذكّري دومًا أنّ أخلاقيّات مهنة التدريس تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الثقة مع الطلاب. وعلى المعلّمة أن تسعى جاهدة للالتزام بها مع زميلاتها من أجل الإسهام في تخفيف أعباء وضغوطات العمل.

لا تتردّدي في طلب المساعدة وتقديم الدعم لمن تحتاج ذلك ما استطعتِ إلى ذلك سبيلًا.


ختامًا، أن تكوني معلّمة وأمًّا ليس بالأمر اليسير، والعالم أجمع يؤمن بالدور العظيم الذي تقوم به المعلّمات والتفاني الذي يقدّمنه في تنشئة الجيل. فشكرًا لكل معلمة على عطائها اللّامتناهي ودورها في بناء أسرتها ومجتمعها.

 موقع كلّنا أمّهات يقدّم الدعم والمساندة لكلّ أمّ في طموحها وصحّتها النفسيّة.  تعرفي على خدماتنا التي تشمل استشارات في الصحة النفسية والجسدية المتنوعة.

نختار لك الأخصائية النفسية لايف كوتش فاطمة خلف، التي ساعدت مئات السيدات للحفاظ على الصحة النفسية. كما أنها ساعدت العديد من الأمهات للوصول إلى أهدافهن بالحياة من خلال خبرتها الكبيرة في علم النفس.

أيضاً شاركت في العديد من الورش التدريبية التي تثري عملها مثل: كيفية تشخيص الأمراض النفسية، تحليل السلوك التطبيقي، تقنيات علاجية لإدارة الضغوط النفسية.

كلنا أمهات محظوظ بوجود قلم المبدعة صفاء عيسى حموده التي قامت بكتابة هذه المقالة. بالمناسبة، صفاء هي معلمة لغة عربية وكما يقولون “إسأل مجرب”، فهذه المقالة هي خلاصة لتجربة حقيقية.

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *