منذ نعومة أظافرها وهي تحلم بكل حماس وشغف، بأن تكون تلك المرأة التي تشق مسيرتها المهنية بكل نجاح. ولكن حينما تستوقفها محطات مفصلية في الحياة، تدفعها لإعادة التفكير في أحلامها. فكيف لو كانت الأمومة من تناديها لتتفرغ لها بكل تفاصيلها لتكون تلك الأم الحاضرة جسدًا وروحاً معاً؟ فلا يسعها سوى أن تلبي ذلك النداء، لتضع ملف العمل جانباً علَها تتمكن من فتحه مجدّداً بعد انقضاء مدّة خدمتها في معسكر الأمومة.
عند هذا المفترق، تصبح الأمُّ عرضةً للاكتئاب بعد أن عملت مطوّلاً وعليها الآن أن تلازم منزلها وتؤدي واجباتها كاملةً كأم تجاه أولادها.
في هذا المقال سوف نستعرض العوامل المسبّبة لحالة الاكتئاب، وطرق التغلب على الاكتئاب التي من شأنها أن تخفف من وطأة مشاعر الحزن والإحباط التي تنتاب الأم العاملة التي تخلّت عن عملها لتتلقف الأمومة بكل تحدّياتها.
العوامل المسبّبة لحالة الاكتئاب لدى الأم ربّة المنزل
في البداية لنتطرّق إلى بعض الأسباب التي تحفّز شعور الاكتئاب لدى ربّة المنزل، والتي تؤثر على حياتها اليومية.
- إن الشعور بالوحدة بعيداً عن المحيط الاجتماعي والانغماس بالأعمال المنزلية المتواصلة؛ يُحدث ضغوطات نفسية في ظل غياب الدعم العاطفي. حيث أن الروتين المنزلي الرتيب، قد يشعرها بالإحباط والملل! وخاصّةً بسبب ما يظنّه البعض في أن التفرّغ للمسؤوليّات المنزليّة هو بالأمر السّهل، في حين أنّه يشعر المرأة بعدم الرضا عن الذات ويسبّب لها الاكتئاب.
- تراكم المسؤوليّات على فرد واحد وغياب التعاون. فهذا يسبّب القلق والتوتّر وعدم القدرة على استكمال الوظائف الحياتية بشكلٍ طبيعي. لذلك من الضروري أن يتم توفير الدعم العاطفي والاجتماعي لربة المنزل، بالإضافة إلى إمكانية تحقيق التوازن بين الحياة العائلية والشخصية، وتوفير فرص للترفيه والاسترخاء.
- ومن الجدير بالذّكر ما يسبّبه المجتمع من ضغط على المرأة لجعلها تؤسّس لمسار مهني، متناسياً دورها الفعّال والأساسي في تربية الأبناء.
طرق التّغلّب على الاكتئاب لدى الأم ربة المنزل
- التفكير الإيجابي
بدايةً، ما من مهنة على وجه الكرة الأرضية بقيمها وجميع منافعها المادية والمعنوية تضاهي قيمة ومشاعر الأمومة. فكيف لا وهذه الصفة التي اصطفاها الله للمرأة، وجعل لها قدسيّةً من كل النواحي؟ فكما قال الشاعر: “الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيّب الأعراق”.
عزيزتي الأم، إن فكّرت بهذه الهبة التي منحك إياّها اللّه والتي كرّمك بها؛ لسوف تغدقين نفسك بسيل من الإيجابية وأنت في رحلة أمومتك.
ثمّ إنّ الحياة محطّات. قد ينتظرك في آخر هذا المفترق وظيفة لطالما حلمت بها، بعد أن أنجزت وقدّمت كلّ ما بوسعك تجاه أطفالك في السنوات الثلاث الأولى المهمة في حياتهم. فلا تدعي الهواجس والأفكارالسلبية تأخذ حيّزاً مهمًّا من تفكيرك. ركّزي على عظمة أمومتك.
- البحث عن الدعم المعنوي والنفسي
تذكّري أنّك لست وحدك في هذا الطّريق. ستجدين العديد بل الملايين من النساء الاتي اخترن أن يكنّ حاضرات بشكل دائم في طفولة أبنائهن. حاولي أن تحيطي نفسك بالنساء الداعمات لك، وأن تبني علاقاتك الاجتماعية. لا تنسي نفسك في ظلّ هذه المرحلة حتى تتمكني من التغلب على الاكتئاب. مارسي الرياضة، اهتمي بغذائك. ولا ضير من اللجوء إلى أخصائي نفسي وطلب استشارة نفسية إن شعرت بنفاذ طاقاتك وتراكم مشاعر الإحباط والاكتئاب.
- تخصيص وقت لنفسك
لا تتخلي عن وقتك الخاص وهواياتك المفضلة. فهي وقتك المستقطع الذي تستطيعين من خلاله صقل همّتك وشحن طاقتك ودعم نفسك إيجابيًّا؛ لكي تمضي قدماً في هذه الرحلة.
بالإضافة إلى طلب العون والدعم الدائم من الزوج كلما أمكن؛ فدور الأب مهم جداً في حياة الأبناء.
- العمل من المنزل
نشأت في عالمنا الحاضر ظاهرة العمل عن بعد. فثمة العديد من الوظائف المتاحة عن بعد؛ مثل: كتابة المحتوى، التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، البرمجة، التصميم، إدخال البيانات.. وغيرها من الوظائف حول العالم التي تتيح للأمهات فرصة تحقيق الذات والكسب المادي ورعاية الأطفال في الوقت ذاته.
في النهاية، تذكّري دوماً أيّتها المحبة والمضحية أنك أساس هذا المجتمع، وأنّك المصدر الملهم لأطفالك. أنت من تصنعين أجيالاً قادرة على خوض معترك الحياة. فالعمل قد يأتي في أي وقت عكس الأمومة. فابحثي دائماً عمّا يحيي عزيمتك ويعيد لك سكينتك وسط الاكتئاب الذي يحاول أن يلوّن مشاعرك.
هذا المقال بقلم أماني سرور
يتقدم فريق كلنا أمهات بالشكر للأستاذة أماني سرور لتقديمها هذا المقال القيم المليء بالفائدة