هل يزعجك كأم عاملة تعلق الأطفال بالمربية؟ هل تعتقدين أن هذا التعلق قد يؤثر سلباً على علاقتك بأطفالك؟ إن كنت كذلك، تعالي لنناقش الأمر ولنطلّع على آراء الخبراء.بالإضافة إلى ذلك،دعينا نقترح بعض الحلول.
لطالما كانت مشاعر الأمومة هي الأصدق والأنقى، ولطالما كانت الأم أكثر المخلوقات عطاءً وحنوّاً. تهب حياتها وتكرّس نفسها لأولادها، تعطي ولا تنتظر المقابل. وتتمنى إن كان بمقدورها أن تضع العالم بأسره بين يدي فلذات كبدها. لذلك وضعت جنان الله تحت أقدامها تكريماً لها وإقراراً بفضلها على البشرية جمعاء. وتكاد تلك المشاعر والفطرة التي خلقت عليها الأم أن تكون واحدة من الحقائق القليلة الثابتة غير القابلة للتغير والتبدل على مر العصور والأزمان.
تغير دور الأم مع الزمن
لقد كان دور الأم قديماً غالباً مقتصراً على رعاية المنزل والأبناء وقضاء الأوقات كلها بالقرب منهم، ولكن التغيير هو سنة الكون، وفي ظل اختلاف ظروف الحياة ومتطلباتها. وبعد أن أصبحت النساء تأخذ المزيد من فرص التعليم. ومع ازدياد الصعوبات التي تواجه الرجال في تأمين متطلبات الحياة، فقد وجدنا أنفسنا نحن النساء، أمهات كنا أم غير أمهات أمام منعطفات جذرية تحتم علينا أن نقوم بأدوار أخرى ،لذلك أصبح علينا الانخراط والخوض في معترك الحياة العملية لنكون قادرين على تأمين مستوى أفضل من الحياة لعائلاتنا ولأنفسنا على حد سواء.
آثار تغير نمط الحياة على الأمهات
في ظل تلك التغييرات التي طرأت على حياتنا كأمهات عاملات على وجه الخصوص، فقد أصبح لزاماً علينا أن نجد الحلول للتكيف مع هذا الواقع. ومن أبرز التحديات التي باتت تواجهنا، تأمين الرعاية اللازمة للأبناء خلال أوقات العمل التي نضطر لقضائها بعيداً عنهم. قد تلجأ بعض منّا للاستعانة بالعائلة للقيام بهذه المهمة، أما البعض الآخر كالأمهات في الاغتراب فقد يكون خيارهنّ الوحيد هو الاستعانة بمربيات الأطفال. لكن ما هي الآثار المترتبة على الاستعانة بمربيات الأطفال؟ وكيف نستطيع نحن كأمهات التعامل مع وجودهن؟
ما هي الآثار المترتبة على الاستعانة بمربيات الأطفال؟
كما ذكرنا في السابق، قد تلجأ الأمهات في الاغتراب للاستعانة بمربيات الأطفال لرعاية الأبناء خلال أوقات تواجدهن في العمل. وقد قُدّر عدد المربيات اللاتي يعملن في دولة الإمارات العربية وحدها بما يقارب 750,000 مربية، يقمن برعاية 95% من الأطفال في الدولة، وفقاً لإحصائياتٍ أجرتها منصة الخدمات المصرفية للمهاجرين عام 2017. كنتيجة لذلك، فقد وجدنا الكثير من الأمهات العاملات يشكون تفضيل وتعلق الأطفال بالمربية. وقد يشكل هذا الأمر أكبر مخاوفهنّ وأكثر ما قد يثير قلقهنّ.
هل يعد التعلق بالمربية أمراً طبيعياً لا يستدعي كل هذا القلق؟
نظرة على آراء بعض المختصين
في حديث قد تم إجراؤه مع الاستشارية في علم النفس السريري في مركز بريوري ويل بينغ في أبو ظبي، الدكتورة علا أحمد، فقد ذكرت أنه من الطبيعي تعلق الأطفال بالمربية وتفضيلهم لها. فهي من تقدم لهم الرعاية وتقضي معهم أوقاتاً طويلة خلال اليوم. ولا سيما خلال ممارساتهم لبعض المهام والعادات اليومية كالأكل، الاستحمام والنوم. لهذا قد يبحثون عنها أكثر وقد يشعرون بالانزعاج في حال الانفصال عنها أيضاً.
أما المدربة في علم النفس سارة بابكر فقد نوّهت إلى ضرورة التفريق بين الحب والألفة. فتعلق الأطفال بالمربية هو أمرٌ مبني في الغالب على الألفة. كنتيجة لقضاء أوقات طويلة معها، أمّا الحب فهو أمر أكبر بكثير من أن يقاس بالأشياء الملموسة.
كيف يجب علينا التعامل مع تعلق الأطفال بالمربية؟
نحن كأمهات، علينا أن ندرك جيداً أن تعلّق الأطفال بالمربية والذي كثيراً ما نلاحظه على سلوك أبنائنا، لن يكون أبداً معياراً للحكم على أمومتنا، ولذلك لا ينبغي أن يدفعنا للتفكير ولو للحظةٍ بأننا قد نكون مقصرات أو غير كافيات لهم. لكن عليه أن يكون حافزاً لنا لتقوية علاقتنا بهم والحفاظ على قدسية هذه العلاقة.
كيف أقلل من آثار تعلّق الأطفال بالمربية وأحافظ على علاقتي بهم؟
إليك بعض الخطوات التي قد تساعدك على تقليل تعلق الأطفال بالمربية والحفاظ على علاقتك بهم رغم الإنشغال :
- احرصي على التحدث معهم خلال أوقات تواجدك في العمل،عندها,سيعلمون أنك تفكرين بهم طوال الوقت.
- احرصي على خلق التوازن من خلال تقسيم المهام بينك وبين المربية. إليك بعض الأمثلة:
- احرصي على ملازمتهم خلال روتين النوم،كاصطحابهم إلى السرير و قراءة القصص لهم.
- بالإضافة إلى ذلك،قومي بتحضير الوجبات لهم لتتركي لهم أثراً من لمساتك خلال اليوم.
- الحفاظ على التواصل مع أطفالك أمر مهم جداً، لذلك تحدثي معهم وقومي بسؤالهم عن أدق تفاصيل يومهم حال وصولك للمنزل.
- خصصي وقتاً ثابتاً من يومك لمشاركة أطفالك الأنشطة والألعاب التي يحبون.
في الختام، نود أن نذكر أنفسنا بأن الأمومة هي أصعب المهام على الإطلاق. لأنها وظيفة نمارسها على مدار الأيام والسنين دون أن نحظى بقسط من الراحة! لكن حرصنا على بناء علاقات صحية وقوية مع أطفالنا إلى جانب توفير سبل الحياة الكريمة لهم هو أمر شاق. ويتطلب الكثير من الدعم والمساندة، لذلك من المهم أن نحرص على اختيار الأشخاص المناسبين لهذه المهمة. وجود المربية الجيدة التي تحظى بحب الأطفال هو أمر سينعكس حتماً بطريقة إيجابية على سلوكهم وشخصياتهم. وتذكري دائماً بأن تلك المخلوقات البريئة لديها قدرة غير محدودة على الحب وأن حبهم لمن يقدم لهم الرعاية لن يتعارض أبداً أو يقلل من قدر حبهم لأمهاتهم وأباءهم.
