الذكاء العاطفي ونصائح لتربية طفل ذكي عاطفياً

بصفتنا أحد الوالدين؛ نتحمل مسؤولية تنمية الذكاء لدى أطفالنا. والذكاء لا يقتصر فقط على الذكاء الأكاديمي؛ وإنما هناك نوع آخر من الذكاء مهم بقدر أهمية الذكاء الأكاديمي، ألا وهو الذكاء العاطفي. يُعرف الذكاء العاطفي بأنه قدرة الطفل أو الشخص على التعرف على مشاعره المختلفة، ثم التعبير عنها بالشكل الصحيح وإدارتها بشكل مناسب مع احترام مشاعر الآخرين. ويكون ذلك من خلال العديد من المهارات التي نبدأ بتعليمها للطفل في أي عمر، ويُفضّل البدء منذ عمرٍ صغير.

وتكمن أهمية ترسيخ الاحترام للعواطف؛ بتمتع أطفالك بصحة عقلية قوية وعلاقات مستقرة ومرضية، وحياة عمل مجزية على المدى البعيد. كما أن الطفل الذكي عاطفياً؛ هو ذكي أكاديمياً أيضاً. إضافةً إلى ذلك؛ فقد أثبتت دراسة استمرت لمدة 19 عام وتم نشرها في المجلة الأمريكية للصحة العامة: أن المهارات العاطفية التي يكتسبها الأطفال في سن ما قبل المدرسة؛ تؤثر على مدى نجاحهم في حياتهم المستقبلية.

فقد وجدت أن الأطفال القادرين على المشاركة والتعاون واتباع التوجيهات في سن الخمسة أعوام؛ كانوا أكثر نجاحاً في الحصول على شهادات جامعية وبدء حياة عملية بدوامٍ كامل في سن ال 25 عام. المصدر

لنتعرف معاً على نصائح لتربية طفل ذكي عاطفياً

الخبر الجيد؛ أن جميع الأطفال لديهم الاستعداد والقدرة على تعلّم مهارات الذكاء العاطفي. هم فقط بحاجة لنا كوالدين أو مربين لتعليمهم هذه المهارات.

إليكِ عزيزتي الأم بعض النصائح التي ستساعدكِ على تربية طفل ذكي عاطفياً.

1. قومي بتعريف طفلك على أسماء المشاعر المختلفة

يمكنكِ مساعدة الطفل بالتعرف على ما يشعر به؛ من خلال تسمية هذا الشعور أو ذاك. كأم تستطيعين تمييز شعور طفلكِ في المواقف المختلفة، حتى لو لم يعبر عنه. فعند خسارته في لعبةٍ معينة؛ قد يعبر عن غضبه بالبكاء أو الصراخ، يمكنكِ أن تقولي له: “يبدو أنك تشعر بالغضبِ حقاً الآن”. أو عند فوزه والتعبير عن فرحه بالقفز أو الصراخ يمكنكِ القول: “يبدو أنك تشعر بالفرح حقاً”.

بهذه العبارات وما يشابهها أنتِ تساعدين طفلكِ على بناء مجموعة مفردات ليستخدمها في التعبير عن مشاعره المختلفة. ولا تنسي التركيز على مشاعر العواطف الإيجابية مثل الأمل والابتهاج والسعادة والحماس والحب.

كما ويمكنكِ الاستعانة بسلسلة “عندما أشعر” القصصية الموجهة للأطفال والتي تصف المشاعر المختلفة التي قد يشعر بها الطفل، وبالتالي تنمية الذكاد العاطفي لديه. ويكون ذلك باستخدام كلمات بسيطة تناسب إدراك الطفل، وتساعده على التعرف على مشاعر اللطف والغيرة والحب والوحدة والغضب والحزن والسعادة والتعامل معها.

هذه المجموعة من إصدار دار ملهمون للنشر والتوزيع ويمكنكِ الحصول عليها من مكتبة جرير في دولة الإمارات العربية

احصلي على قصص أطفال توضح المشاعر من أمازون

2. أظهري تعاطفك مع طفلك

غالباً ما يستخدم الطفل لغة الصراخ والبكاء للتعبير عن غضبه أو انزعاجه؛ وعندها نقوم كأمهات بمحاولة تهدئته للتقليل من حدة ما يشعر به. ولكن استخدامنا للمفردات الرافضة أو الخاطئة في هذه الحالة؛ مثل “هذا يكفي” أو “لا تبكي”؛ قد يعلم الطفل أن الغضب أو الحزن الذي يشعر به خاطئ! الأمر الذي قد يؤدي على الذكاء العاطفي الذي يتمتع به.

الطريقة الأفضل هنا؛ هي التأكد من مشاعرهم الحالية أولاً، ثم إظهار التفهم والتعاطف حتى لو لم نتفهم سبب انزعاجه الشديد! عند بكاء الطفل تأكدي أولاً هل هو يشعر بالحزن أم الغضب؟ ثم أظهري تعاطفك كأن تقولي: “أنا أيضاً أشعر بالغضب عند الخسارة، من الصعب الشعور بهذه الطريقة”. عندما يشعر الطفل بأنكِ تتفهمين ما يشعر به؛ سيشعر أنه أقل اضطراراً للتعبير عن هذا الشعور من خلال سلوكه. ستقل حدة الصراخ وسيشعر الطفل أنه بحالٍ أفضل.

3. توجيه الطفل لاستخدام طرق صحية ومناسبة للتعبير عن المشاعر

يحتاج الأطفال إلى معرفة الطرق المناسبة للتعبير عن مشاعرهم المختلفة. وأنتِ كأم مصدرهم الأول لمعرفة ما هو مقبول وما هو غير مقبول. فمثلاً من المقبول التعبير عن الحزن بالكلام أو باستخدام عبارات معينة مثل: “أنا حزين – مشاعري مجروحة”، أو من خلال رسم صورة وجه حزين. ومن غير المقبول التعبير عن مشاعر الغضب بالصراخ ورمي الأشياء أو تكسيرها أو استخدام ألفاظ بذيئة.

كوني أنتِ القدوة الأولى لهم، وعبري أمامهم عن مشاعرك المختلفة باستخدام الطرق المناسبة، واستخدمي الكلمات التي تصف المشاعر المختلفة باستمرار من خلال الأحاديث اليومية. مثل: “أشعر بالحماس للخروج واللعب – أشعر بالسعادة عند زيارة الجدة – أشعر بالغضب عند رؤية من يرمي القمامة في الشارع”.

4. علمي طفلكِ كيفية التعامل مع مشاعره بطرقٍ صحية

بمجرد أن يفهم الطفل عواطفه؛ فهو بحاجة لتطوير بروتوكول صحي للتعامل مع هذه المشاعر. قد تكون معرفة كيفية تهدئة أنفسهم أو التعبير عن فرحهم أو مواجهة مخاوفهم؛ أمراً معقداً بالنسبة للأطفال ولكنه مهم لتنمية الذكاء العاطفي لديهم. كما أنهم بحاجة لتعلُّم مهارات معينة تساعدهم في ذلك.

على سبيل المثال” علمي طفلك أن يأخذ أنفاساً عميقة للتنفيس عن غضبه وتهدئة انفعالات جسمه. وإن كان بعمرٍ أكبر؛ وجهيه لكتابة مخاوفه على ورقة ثم ناقشيها معه. كما أن المشي في الهواء الطلق يساعد الطفل على التخلص من مشاعر القلق والتوتر. أما الاحتضان؛ فهو أجمل وسيلة للتعبير عن مشاعر الحب والامتنان، كما أنه يستطيع التعبير عن فرحه من خلال الرقص.

يمكنك ابتكار مجموعة عناصر تساعد الطفل على تنظيم مشاعره. وقد تضمن دفتر تلوين، أوراق وأقلام معجون للعب وما إلى ذلك، وضعي هذه العناصر في صندوق، واسمحي لطفلك أن يزين هذا الصندوق. عند شعور طفلك بالاستياء ذكريه بمجموعة الهدوء الخاصة به وحثيه على استخدامها لإدارة مشاعره.

كما ويمكنكِ الاتفاق مع طفلك على تخصيص زاوية في المنزل تسمى “زاوية المشاعر”.  ضعي فيها بعض الألعاب اليدوية التي تساعد على التخلص من التوتر. مثل “كرة التوتر”، أو بعض الصور الخاصة بالطفل والمليئة بلحظات الفرح والضحكات؛ ثم اتفقي مع طفلك على التوجه إلى هذه الزاوية عند شعوره بمشاعر الاستياء.

يمكنكِ أن تتوجهي لهذه الزاوية مع إعلام الطفل أنك بحاجة للتنفيس عن مشاعرك حتى تكوني القدوة الأولى له.

5. تطوير مهارة حل المشاكل

مهارة حل المشاكل؛ هي جزء مهم لبناء وتطوير الذكاء العاطفي لدى الطفل. فبعد وصف المشاعر والتعبير والتنفيس عنها بشكل صحي؛ حان الوقت لتطوير معرفة كيفية حل المشكلة التي ولّدت هذه المشاعر من الأساس.

ربما يكون طفلكِ خائفاً من النوم لوحده في غرفته المظلمة! هنا واجبكِ أن تتفهمي خوفه وأن تتعاطفي معه، ثم أن توجهيه لإيجاد بعض الحلول لهذه المشكلة. تبادلي معه الأفكار التي قد تقوده لبعض الحلول. مثل: ضوء ليلي أو تغيير مكان سريره ووضعه في مكان أكثر إشراقاً أو حتى تغيير الغرفة. ثم حفزيه على التفكير بالإيجابيات والسلبيات المتعلقة بكل حل وشجعيه على اختيار الحل الأنسب.

من المهم أن تقومي بتوجيه طفلك عند الضرورة فقط. واعملي في نفس الوقت على مساعدة طفلكِ كي يرى نفسه أهلاً لحل المشكلات بشكل سليم وهادئ.

6. بناء مشاعر التعاطف لدى الطفل من خلال مساعدة الآخرين

دعي طفلكِ يراكِ وأنت تساعدين محتاجاً، واطلبي منه أن يضع الماء للقطة. ساعدي سيدة فقدت السيطرة على أطفالها في مركز التسوق، أو ساعدي طفلة ضائعة في الحديقة. أعدي بعض الحساء لجارتك المريضة، واصطحبي طفلكِ عند توصيل الطعام.

أشركي طفلك في كل هذه العمليات وغيرها؛ فهذه أفضل وسيلة لبناء التعاطف لدى الطفل الذي هو أساس الذكاء العاطفي.

7. اجعلي تنمية الذكاء العاطفي لدى طفلكِ هدفاً مستمراً

بغض النظر عن مستوى ذكاء طفلكِ العاطفي؛ هناك دائماً مجالاً للتحسين! ستحصل العديد من التغييرات العاطفية خلال فترة الطفولة والمراهقة، ومن المحتمل أن يواجه الطفل بعض العقبات التي تتحدى مهاراته العاطفية. لذلك؛ احرصي على استخدام كل الوسائل المتاحة والصحيحة التي تساعد في عملية بناء الذكاء العاطفي لدى الطفل وبشكلٍ يومي.

تقبلي أخطائه واستخدميها لتوجيهه نحو التصرف السليم في المرات المقبلة. من خلال دعمك وتوجيهك المستمر؛ سيتمكن طفلك من بناء قاعدة قوية لذكائه العاطفي وقوته العقلية التي ستدفعه للنجاح بالمستقبل بإذن الله.

8. اطلبي المساعدة من مختص إن لزم الأمر

قد يكون موضوع تطوير الذكاء العاطفي لدى الطفل شائكاً للبعض منا. وقد لا نعرف الكيفية الصحيحة للتعامل مع مشاعرنا الخاصة ناهيك عن مشاعر الطفل!

لا عيب في ذلك! فهذا يعتمد على العديد من العوامل التي لا يد لنا بها. وقد يعاني الطفل من حالة صحية تؤدي به إلى التعبير عن مشاعره بشكلٍ حاد أو غير مقبول. وأيضاً؛ قد تقف الأم عاجزة أمام بعض مشاعر طفلها. وكل هذه الأمور طبيعية ولا تستدعي الخجل.

تستطيعين عزيزتي الأم في هذه الحالات وغيرها من مواقف مشابهة؛ الاستعانة بأخصائي لمساعدتك على التعامل بشكل صحيح مع مشاعر طفلك، بل وبإعطائك العديد من النصائح التي تزيل العثرات التي قد تواجهينها خلال رحلتكِ في تربية طفل ذكي عاطفياً.

يمكنكِ الآن حجز جلسة لمدة ساعة مع الأخصائية رهام منذر المختصة بعلم نفس الأطفال؛ عن طريق موقعنا موقع كلنا أمهات، حتى تزودك بالمعلومات الهامة التي من شأنها تعريفكِ بالكيفية الصحيحة للتعامل مع طفلكِ دون ترك ندوبٍ تؤثر على حياة الطفل المستقبلية.

احجز الآن من هنا بقيمة 300 درهم للساعة

احجز من هنا