في هذا المقال وبعد فخرنا واعتزازنا بجهد كل أم.. سنتحدث عن أحكام المجتمع على الأم العاملة والأم غير العاملة، والتي تكاد لا تخلو أي جلسة نسائية منها.. فنجد أن الأم العاملة تتعرض للحكم لأنها اختارت مثلاً أن تستعين بمصدر خارجي للاعتناء بأطفالها والموزانة بين العمل والمنزل، وعلى الجانب نفسه نجد أن الأم غير العاملة تتعرض للحكم لأنها اختارت أن تتفرغ بشكل كلي لعائلتها. لذلك نحن دوماً في صراع حول “من هي الأم الصالحة؟” وكأن هناك دليل قاطع يحسم الجدل، خاصةً حين نجد من يثبت وجهات نظره داعماً لها بأدلة ودراسات مثبتة بأنه على صواب ونحنُ على الخطأ. نعم قد نذكر في مقالاتٍ عدة فوائد العمل ولكننا نسنطيع أيضاً ذكر فوائد البقاء في المنزل، لذلك ليس هناك صوابٌ واحد ولا طريقة واحدة، فنحن أمهات فريدات، لأطفال فريدين.
الأمومة ليست منافسة
الأمومة أسما من أن تكون منافسة، فنحن في النهايةِ نفعل ما نحتاجه وما نريده ونفضله. فهناك دراسة أُثبت فيها أن ربع الأمهات غير العاملات يمتلكن شهادات جامعية تمكنهن من الوصول إلى سوق العمل بنجاح.. ولكنهنّ ببساطة اخترن البقاء في المنزل. لذلك فهو خيار، تتحكم فيه الظروف والرغبات.
لا يمكن أن تكون الأم العاملة أفضل من الأم غير العاملة ولا العكس؛ لأنه وفي دراسة أُخرى أُثبت أن 56% من الأمهات العاملات بالفعل يفضلن البقاء في المنزل.. وأنّ 39% من الأمهات يفضلن العمل.
“أؤمن أنك اختيارك لأن تكوني أماً هو اختيار لتكوني أفضل معلم روحي على الإطلاق.” – أوبرا وينفري.
قبل الذهاب لاستعراض بعض الخرافات التي ترتبط بالأم عامةً، في دراسةٍ نشرتها مجلة ديموغرافيا، بإشراف أستاذة علم الاجتماع ألكسندرا كيلوالد في جامعة هارفارد، التي حللت فترات عمل الأم على مدى أول 18 سنة من أمومتها، ووجدت أن 50% من أصل 3500 امرأة عاملة، استمرت في عملها على مدى تلك السنوات، وأنّ 15% عُدن إلى العمل حين التحق أطفالهنّ بالروضات و14% عدن إلى العمل حين التحق أطفالهن بالمدارس.. في حين أن18% لم يعدن للعمل أبداً.
يتبين معنا أن لكل شخص فينا وبالطبع الأم، قرارات، ظروف، وجهات نظر، حياة مختلفة، وليس من العدل أن نحكم على خيارات الآخرين وأماكنهم التي أحبوا اختيارها أو اضطروا لذلك.
دعونا الآن نتناقش في بعض الخرافات التي قد ترتبط في الأم عامةً:
- أن تكوني أماً غير عاملة يعني أنكِ تملكين الكثير من الوقت للراحة والاستجمام ومشاهدة التلفاز!مضحك جداً أن تضطر للاستماع لمثل هذه الأحاديث، فالأمر ليس بتلك السهولة بالطبع، فجميعنا نعلم الاهتمام الذي يريدونه الأطفال في كل ثانية وساعة.. خاصةً إن كانوا معنا في المنزل 24 ساعة في اليوم. ولا ننسى طبعاً المهام اليومية، التي لا تنتهي على مدار اليوم.
- أن تكوني أم عاملة يعني أنكِ تهتمين بتطوير مستواكِ العملي أكثر من أطفالك
لماذا لا يمكن للمرأة أن تكون طموحة وأم في نفس الوقت؟ هناك الكثير جداً من الأمهات اللواتي استطعن تحقيق الأمرين معاً وبشكلٍ ناجح. فالأم العاملة لا تعمل لتحقيق الأمان المالي فقط، بل إنها تعمل لتحقيق ذاتها، ولتكون قدوة حسنة لأطفالها ذكوراً وإناثاً ولتعلمهم الاستقلالية، والمسؤولية والاعتماد على النفس.
وهنا سنضع لكنّ بعض القصص الملهمة الحقيقية من موقعنا.
- وأحياناً أن تكوني أماً عاملة يعني أنكِ غير كفؤ في عملك!
سيتم التعامل مع الأم بعد انقطاعها عن العمل بسبب الولادة على أنها أم غير فعالة، ولكن وعلى العكس تماماً فإن الأم العاملة تزداد إنتاجيتها بعد أن تصبح أماً؛ لأن كل ما ستفكر فيه هو إنهاء عملها على الوقت على أكمل وجه، لقضاء الوقت مع عائلتها. اقرئي هذه الدراسة عن كفاءة الأم العاملة. - أن تكوني أماً غير عاملة يعني أنكِ لا تستطيعين المشاركة في دخل الأسرة.
كما عرضنا في دراسةٍ سابقة في المقال، أن الأمهات غير العاملات، أغلبهنّ نساء متعلمات، لذلك فلا أحد يستطيع الحكم عليهن. وقد تساعد الأم غير العاملة في وظيفةٍ عن بعد عندما تحتاج أو ترغب. فلا يمكن أن يكون الدخل المالي معيار وشرط لنجاحها كأم أو لا.
في الختام، هناك الكثير جداً من الخرافات أو الأحاديث المتداولة عن الأمهات، على حدٍ سواء! وفي الحقيقة بدلاً من الاستمرار بهذه الخرافات.. فالنتوقف عنها، ولنركز على دعمنا لبعض.. وتربيةِ أطفالنا بشكلٍ يجعلهم الأفضل لأنفسهم وعائلاتهم.. لا بشكلٍ يجعلنا نحن الأفضل مقارنةً بالأمهات الأُخريات!
كوني كتفاً داعماً، وأذناً صاغية، لأننا كلنا في النهايةِ، ومهما بدت الحياة مثالية تجاه أحد.. فهي ليست كما نظن أبداً.