ماهو الثمن من إعداد المحتوى الرقمي

أمومة وتربية الصحة النفسية والجسدية

ماهو الثمن من إعداد المحتوى الرقمي

pexels-photo-4348404

يتهافت الكثير على طريق الشهرة ‘السهلة’ أو ما كان يوماً سهلاً: إعداد المحتوى الرقمي.

للأسف إن هذا التهافت لا يأتي بلا ثمن؛ فالشهرة ثمنها غالي، وهي مصيدة الأخطاء. وكما يقول المثل :’غلطة الشاطر بألف’. إلاّ أن هذه ‘الغلطة’ في فضاء السوشيال ميديا قد لا تؤذيك وحدك، فقد تطال غرفة جلوسك: عائلتك، لا سيّما أطفالك.

إن مفهوم إعداد المحتوى الرقمي واسع ولا تحدّه سمات، فأيّ كان باستطاعته إعداد محتوى رقمي ببضعة ‘كبسات’. ظاناً أنه على الطريق السريع للشهرة القريبة والنجاح البرّاق. غير أن بعض المطبات القوية ستظهر له مع مرور الوقت. وللأسف، فهو غالباً سوف ينتبه لهذه المطبّات بعد فوات الأوان


الربح من إعداد المحتوى الرقمي

عندما بدأت مواقع التواصل الإجتماعي في الظهور (تويتر-سناب شات-انستغرام…) وعندما بدأ سيطها يلمع، كان ‘الشاطر’ من قطف الشهرة حينها: عندما كان طريق النجاح أسهل، وأكثر سلاسة.

ففي بدايات ظهور فكرة إعداد المحتوى الرقمي، القليل من توّجه لها. حينها كانت مجرّد هواية هدفها المشاركة مع الغير، وتحصيل الشهرة بالطبع. وبسبب ذلك كان الوصول لشريحة واسعة من الجمهور الرقمي أو ما يعرف بـ’المتابعين’ أسهل، وكانت الشهرة أضمن ولا ضغط على معدّين المحتوى المتشابه والمتنوّع.

مع الوقت ازداد الطلب على ’الشهرة السريعة‘ وازداد الإقبال على صناعة المحتوى الرقمي شيئا فشيئاً.

أمّا الآن

ولكي تعطيك مواقع التواصل الإجتماعي أفضلية الظهور والوصول إلى هذا الجمهور الرقمي -بسبب كثرة صنّاع المحتوى- فعلى محتواك أن يكون ذو طابع خاص ومحدد. وكأنهم يجبرونك على مشاركة ما لا تريد مشاركته، او ما قد تعتبره خاصاً، أو ما يصعب عليك تحقيقه، إن أردت الوصول! فعلى محتواك أن يشارك:

  • صور عالية الجودة.
  • فيديوهات إبداعية.
  • مشاركة لايف ستايل معيّن يتسّم بالخصوصية.
  • مشاركة صور الأطفال والصور الشخصية.

بالطبع هذا لا يعني أن من لا يعتمد هذا الأسلوب لا يصل محتواه الرقمي، إلاّ أن طريقه أصعب وأطول مقارنة مع نظيره. وهو ما يقود صنّاع المحتوى الرقمي حينها نحو الإستنزاف الإلكتروني


الإستنزاف الإلكتروني في إعداد المحتوى الرقمي

إن إدارة المحتوى الرقمي قد -و- سوف يستنزفك ذهنياً لا محالة. فالتنافس بين المنصّات والتغييرات الكثيرة والسريعة بعالم السوشيال ميديا والتي تحصل كل فترة وفترة، مثل ظهور الستوري تقليداً لتطبيق سناب شات وانتقال فكرة فيديوهات التيك توك إلى منصة الانستغرام، وغيرها من التحديثات تستهلكك نفسياً وجسدياً وتستنزف طاقتك.

حيث يجب عليك أن تبقى على إطّلاع دائم لـ كتابة المحتوى الرقمي. هذا بغض النظر عن وقتك وطاقتك أو حتى مزاجك حينها. مما يدخلك في دوّامة الطاقة المستنزفة وتضطر حينها لإستهلاك أدوات صناعة المحتوى (كتليفونك) بشكل أكثر منفصلاً شيئاً فشيئاً عن الواقع. وفي الكثير من الأحيان عن عائلتك، لا سيّما أطفالك.

نشرت إحدى صانعات المحتوى الرقمي للايف ستايل معيّن مرة رسائل هجومية من متابعاتها يلمنها على تغيير بسيط في محتواها. فكما قلن :’تابعناك على أساس نشرك لمحتوى معيّن، لكنك بدأت في تغييره، وهذا ما لا يسعدنا‘. استنزاف واضح وتقييد لـ صانع المحتوى الرقمي، وكأنه أصبح عبداً لجمهور بعضه لايرحم.


الأطفال ضحية إعداد المحتوى الرقمي

’أضعت ابني فجأة لأجده بعد ثواني مع رجل غريب وهو يحاول التقاط صورة لهما، فهذا الرجل يعرف أني أمّه‘. حادثة ومثلها الكثير يشاركها معنا صانعي المحتوى الرقمي عن تعرّض أطفالهم لابتزازات وحوادث نفسية خطيرة سببها شهرتهم على مواقع التواصل الإجتماعي. حيث يعطي المتابعين أنفسهم الحق بالتدخل بحياة صانع المحتوى الشخصية حتى تطال أطفاله، وكأنهم لهم حصة فيهم.

التعدّي بدافع الحب

حتى بدافع الحب إن التعدّي على خصوصية الآخرين لا سيّما الأطفال هو فعل قبيح ومخيف يتعرض له صنّاع المحتوى الرقمي على اختلافهم. فمنهم من يغفل عن خطورة مشاركة تفاصيل الأطفال الشخصية فينشرها عن طيب خاطر ومنهم من يستغل طفله أو موهبته أو جماله فيكون أوّل المتعدّين على خصوصيته.

وفي مقال للزميلة تسنيم عمران ذكرت (ونحن نقتبس):

’بالإضافة إلى ذلك، جاء في مقال تم نشره عبر منظمة حماية الطفل قصة لطفلة مشهورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهي عارضة أزياء للأطفال تبلغ من العمر 8 سنوات، والتي تم أخذ صورتها من قبل شخص مستغل قام بعمل “دمية جنسية” تشبه تماماً هذه الطفلة!

تم استغلال صورة الطفلة لإنشاء شيء قبيح وبيعه عبر موقع أمازون لتتدمر أحلام هذه الطفلة ونفسيتها. المصدر

اقرأ المقال كاملاً هنا الآثار الضارة لوسائل الإعلام والسوشال ميديا على الأطفال


فما هو ثمن صناعة المحتوى الرقمي

وهم الأرقام

يصبح صانع المحتوى الرقمي مع الوقت مهووساً بالأرقام ومهووساً بالتنافس على عدد المتابعين وتهافت العلامات التجارية ’البراندات‘ عليه. ويُضحي كمن يلاحق وهماً لا يبدو أنه سيصل له يوماً؛ فهو متعطّش للمزيد دوماً.

هذا الوهم يعززه التقدير المبالغ فيه لصانع المحتوى الرقمي من قبل المتابعين و’البراندات‘ نظراً على ما أصبح يعرف اليوم ب’رقمه‘. فكم يساوي صانع المحتوى بناءاً على عدد متابعينه؟

إن هذا التبجيل المبالغ فيه في عالم التواصل الإجتماعي قد يساهم في تضخيم ’الإيغو‘ عند صانع المحتوى الرقمي، والمساعدة في تشكيل عقد نفسية لمن لديه شعور مسبق بالنقص. حيث أصبح بعض ’الإنفلونسرز‘ يتوقعون معاملة خاصة مبالغ فيها نسبة ’لرقمهم‘ على مواقع التواصل الإجتماعي، مهما كان المحتوى المقدّم.

باالمقابل

إن هذه المعاملة المبالغ فيها من قبل المتابعين بشكل عام، والعلامات التجارية بشكل خاص، لها ثمن آخر. إن التعامل مع العلامات التجارية ليس بالأمر المرح دوماً، فلا يجب أن ننسى أن الربح هو همّ هذه العلامات التجارية الأساسي. فتتعامل الأخيرة مع صانع المحتوى على أنه وسيلة تسويق وإعلان ليس أكثر. فلا يعنيها رأي الانفلونسر الحقيقي والصريح حيال المُعلن عنه، وفي الكثير من الأحيان لا تتقبّله أيضاً.

شاركتنا صانعة محتوى كيف أنها دُعيت الى مكان لعب للأطفال لتتفاجأ بسوء المعاملة وعدم نظافة المكان. مما دفعها الى رفض الاعلان عنه. الأمر الذي لم يعجب صاحب الدعوة قائلاً: ’أنت لا يحق لك أن لا تقومي بالإعلان عنا بصورة حسنة.‘

هل تعلم عزيزي القارئ

أن هنالك صنّاع محتوى يخسرون أعمالهم بسبب مشاركتهم قضايا إنسانية، أو أنهم يجبرون على عدم مشاركتها؟ حيث فضّل بعض صنّاع المحتوى الصمت عن الكثير من القضايا بسبب توقيعهم عقود عمل مع علامات تجارية ذات توجّهات معيّنة.

ومن جهة أخرى قد يخسر صانع المحتوى الرقمي في لحظة عدد من متابعينه عند نشره لما لا يعجبهم. كما حصل مؤخراً مع عارضة أزياء  شهيرة لديها ملايين المتابعين حيث خسرت مئات الآلاف منهم لنشرها تأييداً لقضية تهمّها.

هذا عداك بالطبع عن تعرض صانع المحتوى لتنمر قاسي من جمهوره الرقمي المأيّد لأفكار مغايرة له. والقصص في هذا الصدد كثيرة نشهدها يومياً وقد تطال حتى شكل الأطفال -إن نُشرت صورهم- أو كل ما لا يعجب المتابع وإن لم يكن هذا الشيء يمسّه بسوء.


إن الرسالة الموجّهة لصانع المحتوى في زمن رقمي تنافسي قد تكون قاسية. فعند البعض لا تهم مبادئك وإنسانيتّك على قدر مايهم استنزافك نفسياً وجسدياً للحصول على أقصى ما تستطيع تقديمه. إن لم يكن الوعي صديقك الحميم في عالم إعداد المحتوى الرقمي، فقد يسحبك هذا المجال ببطئ دون أن تدري. وستظهر لك بعض المطبات القوية، وللأسف فأنت غالباً سوف تنتبه لها بعد فوات الأوان.

عزيزي صانع المحتوى، نصيحة من موقع كلنا أمهّات؛ لاتستحق كل الأفكار وقتك وطاقتك، عليك أن تختار بعناية ما تستهلك منها وما تعطي الجمهور منها. فلا يهم السرعة في الوصول على قدر ما يهم الى أين ستصل وكيف سيكون حالك وحال عائلتك حينها.

إن ثمن الشهرة غالي وتتطلّب نفس عالي، فلا تكن أنت ثمن هذه الشهرة.

إقرأ أيضاّ كيف تستهدف الشركات التسويقية الأطفال في إعلاناتها

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0