قصة إصرار: طبيبة أسنان تلهم الأجيال

قصص نجاح أمهات ملهمات

قصة إصرار: طبيبة أسنان تلهم الأجيال

طب الأسنان

قصتنا اليوم قصة إصرار ونجاح طبيبة. خاضت حرب هادئة على مدى سنين طوال. تحدي الظروف وانتزاع الحقوق ومجابهة الأعراف السائدة كانت سمات هذه الحرب الهادئة. وعلى الرغم من كل هذا العراك، إلا أن نور الأمل يبزغ من مكان ما فتبصره الروح الطموحة وتحلق في شعاعه فتقف على أقدامها من جديد. وتثبت ذاتها وتنجز في عالمها عالم طب الأسنان أعظم الإنجازات بل وتنعم بمودة ورحمة في قفص ذهبي جديد. 

عائلة طبيبة الأسنان

قصة اليوم عن طبيبة الأسنان التي حققت نجاحا هائلا في مجالها، بعد أن عاشت ظروف الانفصال وأحكام المجتمع.


عرفينا عن نفسك؟

أنا سندس القادري من سوريا طبيبة أسنان أعيش حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية. أم لطفلين بنت وصبي بفرق عمر شاسع وظروف مختلفة. أحب الأطفال والحياة ولا أستسلم بسهولة للصعاب.


حدثينا عن الإنجاز الذي  حققتيه خلال مسيرتك في طب الأسنان والذي تم نشره في إحدى مجلات طب الأسنان الأمريكية  من فضلك؟

في الحقيقة هذه الفرصة لم تأتني عل طبق من ذهب كما يقال، بل أنا من سعى لها بكل عزيمة وإصرار لتحقيق التفوق الذي أريد كطبيبة أسنان. كنت ملتحقة ببرنامج لطب الأسنان في إحدى الجامعات الأمريكية، ورغبت أني أدعم سيرتي الذاتية من خلال تدوين ونشر حالة جراحية لتعديل الفكين للفتاة التي تظهر بالصورة معي، اُستخدم فيها أكثر من تقنية طبية كالجراحة والليزر التجميلي للثة . أشرف على هذه الحالة أشهر أطباء الأسنان بأمريكا، وبذات الوقت هو عميد الكلية التي التحقت بها آنذاك. دون أدنى شك، كانت كتابة هذه الحالة بشكل علمي وبلغة ليست لغتي الأم تحديًا عظيمًا. لكني أصررت على الخوض فيه لأحظى بفرصة للتفوق ولإثبات نفسي وحجز مكاني في عالم طب الأسنان في أميركا.

بعد جهد ما يقارب العام والنصف تم النشر في إحدى مجلات طب الأسنان الموثوقة والمنقحة في أمريكا. وتم ذكر اسمي ككاتبة المحتوى الطبي لهذه الحالة الصعبة ومع أعرق الأطباء هناك.


طبيبة الأسنان سندس القادري تُلقي كلمة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك فما الحكاية؟

بعد الإنفصال والحرب الضروس التي خضتها لاستعادة ابنتي لحضانتي، وظروف صعبة عديدة منها اندلاع الحرب في سوريا اضطررت للسفر والإقامة في اسطنبول. وهناك عملت بكل إصرار وهيأت نفسي لإكمال الدراسات العليا لأكون طبيبة الأسنان التي لطالما حلمت. وعبر إجراء بعض الإمتحانات اللازمة كخطوات سابقة لذلك. خلال فترة اقامتي باسطنبول رزقني الله بمنحة ماجستير بالبرتغال، خاصة بالطلبة السوريين الذين تأذوا من الحرب. وبعد حصولي على درجة الماجستير ومشاركتي بأحد المؤتمرات بأمريكا بخصوص بحثي لرسالة الماجستير، تم اختياري كشاهد على هذا الضرر الذي لحق بالطلبة ولأشارك قصتي، وكيف أن هذه المنحة غيرت منحى حياتي للأفضل. كانت هذه المشاركة في إحدى جلسات الأمم المتحدة والتي كانت بخصوص التحدث عن التعلم في الطوارئeducation during emergency . وعن حاجة المرأة السورية للعلم في هذه الظروف.


هل تشاركين حاليًا بأي عمل اجتماعي في المجتمع المسلم أو غيره في الغربة.

بحكم دراستي وعملي كطبيبة أسنان فأنا أحاول ذلك. لكن لا يمكنني الالتزام بشكل تام مئة بالمئة. من محاولاتي أنه خلال رمضان الماضي بعثت توزيعات جميلة وكتبت فيها رسالة تعريفية قصيرة عن رمضان. وسهرت طوال الليل لطباعة الرسالة وتغليف الهدايا وبعثتها للصغار في الحضانة مع ابني. بعد بضعة أيام التقت أم إسبانية بزوجي في الحضانة وقالت له رمضان سعيد HAPPY RAMADAN فقد قرأت الرسالة وسعدت كثيراً بما عرفت عن رمضان.


يقال وراء كل رجل عظيم امرأة، فمن وراء كل امرأة عظيمة؟

أولاً و بعد فضل ربي، نَفْسها، العطشى للعلم لأن تترك أثر في هدا العالم. و نَفَسَها، الذي لم ينقطع رغم السقطات و الصدمات. فما تزال تسير و لو ببطئ نحو النسخة الأفضل منها. و إلي جانب كلِّ هذا، أبٌ عظيم حنون، يخاف الله في بناته و حقوقهن، و أُم عظيمة صابرة و مُتفِّهمة. وعائلة مُحبَّة، كريمة و داعمة. ثم زوجٌ كريم الخُلق، مُتفّهم، متعاون، يخاف الله في زوجته و يُحب لها ما يحب لنفسه.

فلولا أبي و أمي “أطال الله في عُمرهما” و صبر زوجي و تعاونه، وعائلتي أجمع وفضلهم و دعمهم لي خاصة خلال سَقطاتي و ما مررت به من امتحانات لما كُنت أنا ما أنا عليه اليوم. لكن أود أن أخبِرَكِ بسرّ، إن نويتِ بصدق، و اجتهدتِ، سَيُسخِّر لكِ الله السموات و الأرض و من فيهن. و هذا باختصار سِر قصَّتي. فلا عُذر اليوم والعالم كُله تحت يديكِ بضغطه زِر.

” وراء كل امرأة عظيمة هي ذاتها”

طب الأسنان

الطبيبة الناجحة صاحبة الإنجازات مرت بظرف الانفصال فكيف تجاوزتي ذلك؟ وكيف تحديتي أحكام المجتمع؟

ما جعل وقعه أخف وألين عل نفسي أن الانفصال كان قراري. طبعًا، بعد لجوئي للعديد من الاستشارات النفسية والأسرية التي ساعدتني عل تقييم وضعي الأسري آنذاك وبناءًا عليها استطعت أن اتخذ هذا القرار وأتقدم بطلبه. بالطبع المجتمع يحتاج قوة وتوازن لمواجهته. خصوصًا أنه كان هناك طفلة صغيرة والجميع يُذكر بها ويستخدمها كورقة مساومة. لكن بفضل من الله أهلي وعائلتي الكبيرة كانوا داعمين لي وبجانبي. 


هل لجأت إلى أي مساعدة بخصوص صحتك النفسية؟

لجأت قبل الانفصال وبعد ذلك عندما أسترجعت بنتي، لكن الفترة التي لم تكن ابنتي بحضانتي كنت أعاني وأعاني ولم أدرك أني بحاجة إلى دعم نفسي. استمرت المعاناة إلى أن نبهتني إحدى قريباتي إلى ذلك ومن وقتها بدأت أسند نفسي بنفسي بإصرارعلى التشافي، لكن لم ألجأ إلى مختصين.


في حال تودين تخطي ألم الانفصال، أو تودين المساعدة في ذلك يمكنك التواصل مع أخصائي موقع كلنا أمهات.


في ظل انشغالك الدائم كطبيبة كيف تقضي الوقت النوعي مع أطفالك؟

عاهدت نفسي أنه تحت أي ظرف كان ومهما كان حجم الضغط، إلا أن وقت النوم لا بد من أن أكون متواجدة وأنا من ينيم الطفل الصغير. ووقت النوم يستغرق حوالي الساعة. بحيث يتضمن الاستحمام وتناول العشاء، وقراءة الأذكار، وقصة ما قبل النوم، وتفريش الأسنان ثم الذهاب للسرير سوياً إلى أن يغفو صغيري في أحضاني وبين يدي. ولا بد لي بالبوح بأنها من أجمل ساعات أيامي واشتاق لها خلال النهار كثيرا. 


الآن أنتي طبيبة وأم تعمل بإصرار للنجاح على المستوى المهني والعائلي ولديك طفلين بأعمار متفاوتة وبظروف مختلفة، شاركينا كيف تمارسين أمومتك مع كليهما؟

لا شك أن الفروقات العمرية الشاسعة قد تسبب فجوة بين الأخوة. وهذا جُل اهتمامي فأنا أعمل بإصرار أن أُزيل أي فجوة بينهما وأن أزرع الحب بينهما. وطريقتي الحالية أن لكل منهما وقته النوعي الخاص معي. بحيث كل واحد منهما يشعر بحبي له وبقيمته ومكانه في قلبي.

.

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0