تكبدّ العالم خسائر مادية وإقتصادية جسيمة بسبب جائحة كورونا التي نعاني منها إلى الآن. عدا عن الخسائر البشرية التي تقدر بحوالي 47 مليون وفاة إلى حد يومنا هذا. وقع الضرر على جميع فئات المجتمع؛ فبين هلعٍ وقلقٍ وذعرٍ وخوفٍ من المستقبل، وخسارة العديد من الأفراد لوظائفهم ومدخراتهم، أصبح بعضنا دون مأوى وانقلبت حياتنا رأساً على عقب. وللأسف وقع الضرر الأكبرعلى النساء بشكلٍ عام والأمهات العاملات بشكلٍ خاص. حيث أنه في ظل الخسارات الاقتصادية ومع حقوقٍ خجولة للأم العاملة في الوطن العربي؛ تأثرت النساء العاملات أكثر من غيرهن بالأضرار الناجمة عن هذه الجائحة. زادت المهام الملقاة على عاتقهن، وزادت الصعوبات والتحديات في حياتهن.
لنتحدث عن بعض هذه الأضرار وعن بعض الحلول المقترحة لها.
1. خسارة الوظائف
زادت نسبة خسارة النساء للوظائف بسبب جائحة كورونا بشكلٍ خاص. ذلك حسب دراسة قامت بها منظمة “الاسكوا” خلال الخمسة أشهر السابقة؛ خسرت أكثر من 700 ألف امرأة في الشرق الأوسط وظيفتها. التي من خلالها تبني ذاتها، والتي تعتمد عليها لتأمين متطلبات المعيشة في ظل الجائحة. مما أدى إلى تدني مستويات المعيشة في منازلٍ تقوم على راتب الأب والأم معاً.
2. عدم القدرة على التنسيق بين الحياة العملية والحياة الشخصية
خصوصاً لدى الأم العاملة. فوفق دراسة قامت بها مجموعة بحثية؛ أن 78% من السيدات العاملات وجدن صعوبة في التنسيق ما بين العمل والمنزل وصعوبة في ادارة الوقت. ذلك بسبب تواجد المرأة بالعمل مقابل وجود أطفالها بالمنزل كل الوقت. ومع التعليم عن بعد الذي توجهت له المدارس حفاظاً على صحة أطفالنا؛ زادت التحديات التي تواجهها. فالأطفال في المراحل التعليمية الأساسية؛ بحاجةٍ إلى شخصٍ بالغٍ ليجلس معهم أثناء اليوم الدراسي. حيث أن هناك العديد من المهارات الحاسوبية التي لا يتقنها أطفال الروضة والتي لا يتم التعليم إلا من خلالها. فوقعت الأم العاملة بالحيرة الأكبر؛ بين ذهابها إلى عملها أو بقائها مع الأطفال لمساعدتهم.
3. اغلاق دور الحضانة
قامت دول العالم بإغلاق الحضانات في ظل جائحة كورونا؛ للحفاظ على سلامتهم وصحتهم أولاً، وللحد من إنتشار الوباء ثانياً، وأخيراً لعدم وجود دراسات كافية تسلط الضوء على مساهمة الأطفال بنقل المرض لمن حولهم. فكان إغلاق الحضانات الحل والمشكلة! على أثر ذلك؛ وقعت الأم العاملة خصوصاً المغتربة بالحيرة والقلق. فمن سيعتني بطفلها خلال تواجدها العمل؟ وهل من المعقول أن تتركه وحيداً بالمنزل لتذهب إلى عملها؟ لا زالت هذه المشكلة قائمة إلى الآن فما العمل؟
4. ازدياد العنف ضد المرأة
تعرضت العديد من السيدات للعنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي. فمع كل ما وصلت له النساء من إنجازات ونجاحات؛ لا زلن يتعرضن للتمييز والعنف المنزلي. أرجعَ الباحثون سبب ارتفاع العنف ضد المرأة إلى منع التجول وإضطرار العائلات البقاء في المنزل لفترة تفوق الشهرين. مع غياب الأرقام والاحصائيات العربية المتعلقة بالعنف الأسري الذي تتعرض له المرأة؛ سجلت إحصائية بريطانية ارتفاعاً بنسبة 30% لضحايا العنف الأسري خلال فترة الجائحة الممتدة إلى الآن.
5. تراجع الصحة النفسية عند السيدات
أشارت دراسة قام بها “مركز نماء لاستطلاعات الرأي”؛ أن الجائحة أثرت على الصحة النفسية ل 79% من السيدات بشكل سلبي. حيث لازم القلق والاكتئاب والحزن والهلع أيضاً العديد من السيدات. ليعود هذا بالضرر على علاقة المرأة مع نفسها ومع عائلتها وأصدقائها. وأرجع الباحثون القائمون على “حملة أسبوع من أربعة أيام” سبب هذا القلق النفسي؛ إلى تخطي النساء العاملات ساعات عملهن الأسبوعية أكثر بـ 43% من الرجال. بالإضافة إلى قيامهن بتأدية وظائفهن إلى جانب رعاية الأطفال.
6. فقدان الإحساس بالأمان الوظيفي
مع ازدياد خسارة الأفراد لوظائفهم؛ فقدت العديد من النساء الإحساس بالأمان الوظيفي. حيث أن بعض الشركات تتوجه لتسريح الأم العاملة من العمل أكثر من الرجال. لترزح السيدة تحت ضغطٍ وقلق وتساؤلات؛ متى سيحين دوري؟ الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الشغف بالعمل وبالتالي تدني الإنتاجية. عدا عن التعب النفسي والإرهاق والإحباط الذي يصيب الأم العاملة؛ ليؤثر بشكلٍ أو بآخر على حياتها الشخصية والعملية.
بعض المقترحات لتخفيف الضغوطات التي تواجهها الأم العاملة في ظل جائحة كورونا
1. أخذت بعض الحكومات زمام المبادرة في التسهيل على الأم العاملة خلال جائحة فيروس كورونا. فأقرت الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة العمل من المنزل للأمهات الموظفات؛ لمن هنّ أمهات لأطفال في المرحلة الدراسية للصف السادس فما دون. أو من هنّ أمهات لأطفال من أصحاب الهمم. للاعتناء بأطفالهن أو مساعدتهم في التعليم عن بعد.
2. قيام بعض الشركات بتطبيق قانون ساعات العمل المرنة لمساعدة الأم العاملة بالعودة لأطفالها سريعاً. فالأطفال بحاجة للدعم من الأم، والأم بحاجة لتسهيلات ودعم من وظيفتها. فلا ضير من تقسيم ساعات العمل لتؤدي الأم جزءً منها في مقر العمل والجزء الآخر من المنزل.
3. دعم الأم العاملة بخيارات مسهلة لرعاية الأطفال. فمع إغلاق المدارس ودور الحضانة في أغلب المناطق؛ قد تواجه الأم العاملة خيارات محدودة قد تضطرها إلى ترك طفلها تحت رعاية غير مختصة. مما يعرض الطفل للخطر. لذلك؛ يمكن للقائمين على الشركة القيام بتخصيص غرفة آمنة ومعقمة وتحت إشراف فريقٍ مختص من المشرفين؛ لرعاية أطفال الأمهات العاملات في نفس الشركة. ثم خصم التكاليف من راتب الأم التي ترغب برعاية طفلها في هذه الغرفة.
4. مساعدة الأم العاملة على التخلص من التوتر والقلق عبر دعمها من خلال تعيين أخصائيين نفسيين وأخصائيين أسريين لمتابعة موظفي الشركة. أو من خلال منح الأم العاملة المزيد من الوقت الاستثنائي الذي يساعدها بالعناية بأطفالها؛ حتى لو تطلب ذلك حسماً من راتبها.
5. رفع مستوى التأمين الصحي الممنوح للأم العاملة بالشركة. ليشمل علاجها وعلاج أطفالها من فيروس كورونا في حال تم تأكيد إصابتهم به. كما يجب على الشركة تأمين بيئة معقمة ونظيفة لتعود الأم لأطفالها بقلق أقل من أن تنقل لهم أي عدوة.
6. دعم المرأة العاملة وتحفيزها على الإنتاجية والإنجاز؛ بمساواة مستحقاتها ومزاياها بما يحصل عليه الرجل. ذلك عن طريق تطبيق السياسات الصديقة للشركة على كافة العاملين؛ بمن فيهم الأم العاملة أيضاً. لضمان عدم معاقبتها على قراراتها ولضمان حقوق الأم العاملة. وأيضاً الترويج لثقافة يشعر بها العاملين بالأمان والراحة دون الخوف من التمييز بسبب جنسهم أو وضعهم الوظيفي.
اقرأ أيضاً نصائح للتركيز خلال العمل من المنزل للأمهات العاملات