قصة نجاح أم بالانتصار على سرطان الثدي بعد فقدان والدتها بسببه

قصص أمهات ملهمة

قصة نجاح أم بالانتصار على سرطان الثدي بعد فقدان والدتها بسببه

pexels-tara-winstead-8385421

قد يكون خوف صاحبة القصة من الإصابة بمرض السرطان، إثر فقدانها لوالدتها بسبب إصابتها به، سبباً دفعها للتحضر والاستعداد لرحلة طويلة من الصراع مع سرطان الثدي وصولاً للعلاج والشفاء.

لم تكن رحلة العلاج سهلة على صاحبة القصة كونها مرت بمفارقات شديدة القسوة. بدايةً بفقدان والدتها بهذا المرض، وصولاً إلى الإجهاض قانونياً لبدء العلاج، إضافة إلى المحافظة على دورها كأم وتربية أبنائها.

كلها تفاصيل قد لا تمنحها السطور وصفاً كافياً، إلا أنها تسلحت بالأمل بالله عز وجل وابتغائها لأجر الصبر على المرض والبلاء. فالأمل هو ذلك العصفور الصغير الذي يغرّد حتى في أيام الشتاء الباردة.

لنتعرف على قصة السيدة المحاربة سلمى، لتكن لنا نوراً يضيء أيامنا الحالكة.


عرفينا عن نفسك كإنسانة؟

سلمى عبد الرحمن، أردنية مقيمة بالإمارات أم لثلاثة أطفال. نشأت وتزوجت في الإمارات.

تقول سلمى: “أصيبت والدتي بمرض سرطان الثدي عندما كنت في سن 17 عاماً. في تلك الفترة الزمنية؛ كان السرطان مرضاً مرعباً ومخيفاً، ويعني حتماً الموت، خاصة أنه لا يوجد الكثير من الأبحاث أو المصادر التي يمكن الرجوع إليها. كنت مقيمة بالمنطقة الغربية بالمفرق، مرت مدة 4 شهور على علاج والدتي دون رؤيتها سوى مرة واحدة، ولم تكن وسائل التواصل عظيمة كما هو الحال الآن. أصبحت بتلك الفترة المسؤولة عن البيت وإخوتي الأصغر مني سناً، بحكم أن أخواتي الكبار كانوا يدرسون بالجامعة في الأردن آنذاك.”

حدثينا عن قصتك مع محاربة سرطان الثدي كيف اكتشفت المرض؟

انتقلت والدتي إلى جوار المولى -عز وجل- عام 2002، وتزوجت بعد وفاتها بعام 2006. هذا جعلني أهتم بتفاصيل التوعية الذاتية والفحص الذاتي والفحص الدوري الماموجرام والألتراساوند، إثر الخوف الشديد الذي تكون لدي بتلك الفترة.

بعدما أنجبت طفلتي الثالثة وتمكني من إرضاعها رضاعة طبيعية لمدة عامين، لم أقم بعمل فحص ذاتي إثر تغير طبيعة الثدي خلال تلك الفترة. وعند انتهائي من مرحلة الفطام عاودت القيام بالفحص الذاتي، في الشهر الأول لم أشعر بشيء غريب، لكن في الشهر الثاني شعرت أن هنالك تكتلاً غريباً. حاولت تبسيط الأمر واستبعاد الاحتمالات السلبية، لكن للتأكيد زرت الطبيبة وأكدت وجود كتلة غريبة، وطلبت مني القيام بعمل فحص ألتراساوند. كان ذلك في نهاية عام 2019، ثم قمت بعملية فحص لخزعة من الورم، والتي ظهرت نتيجتها الأولية بأنها إيجابية خلال أوائل 2020؛ أي بفترة الجائحة.

ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان! اكتشفت أني حامل بعدما علمت بخبر إصابتي بسرطان الثدي، واستشرت 4 أطباء بالحفاظ على الحمل أو أبدأ رحلة العلاج. كانت واحدة من أكبر التحديات التي واجهتني تلك الفترة؛ فبعد تفكير عميق لمدة 3 أسابيع، كان القرار أن أقوم بعملية إجهاض الجنين بعد موافقة القسم القانوني بالمستشفى. كانت جميع آراء من حولي تؤيد ذلك خاصة أن الله رزقني بثلاثة أطفال، ولكن بيني وبين نفسي كنت أشعر بالذنب لقتل روح وقطعة مني.


كيف تعاملت مع أولادك وزوجك في ظل المشاعر التي مررت فيها خلال العلاج؟

فترة العلاج الكيماوي كانت الأصعب، بل وأعتقد أنها الأكثر تأثيراً عليهم. كوني لم أكن قادرة على الكلام والتنفس وممارسة حياتي بشكل طبيعي، خاصة أن ابنتي الصغرى كانت حينها تبلغ من العمر عامين، وابني الأوسط كان في عامه العاشر، فلم يكن مدركاً للموقف كثيراً. أما ابنتي الكبرى ذات الـ 13 ربيعاً، فأصيبت بحالة صدمة وخوف من أن تفقدني كما فقدت جدتها التي توفيت بالسرطان. حاول زوجي تقديم الدعم العاطفي كثيراً ولكن أعتقد أني كنت بحاجة للمزيد في تلك الفترة. أما أخواتي فكان دعمهم لي هو الأكبر.

كيف كنت تمارسين واجباتك ودورك كأم أثناء رحلة العلاج؟

لم تكن لدي تلك الطاقة التي أستطيع من خلالها بذل مجهود عظيم للقيام بطهي طبق مفضل لأبنائي مثلاً. حيث كنت حقاً لا أستطيع الوقوف على قدمي! إلا أن وجود أخواتي حولي ومساعدة بالمنزل ساعدني كثيراً تلك الفترة. ومع ذلك كنت أشعر بتقصير شبه دائم تجاه أولادي، خاصة أني أؤمن بضرورة التواجد الحقيقي معهم بكافة تفاصيل حياتهم. وهذا يعني حرصي على ممارسة أمومتي تجاه أبنائي وإخلاص العطاء لهم، وحضوري بكل تفاصيل حياتهم بعقلي ومشاعري وغيره، وليس مجرد عطاء وقت نوعي فقط.


ما هو مصدر القوة الذي كان يساعدك على المضي قدماً خلال العلاج وصولاً إلى مرحلة التشافي؟

مصدر قوتي كان رغبتي بالحصول على أجر وثواب الصبر على الألم والحزن. ومحاولتي الدائمة لتقوية نفسي من أجل حاجة أولادي لي في الحياة.

يقال إن من ينتهي من علاج السرطان كأن روحه وجسده يولدان من جديد. هل شعرت بذلك حقاً بعد الشفاء؟ ثم كيف اختلفت سلمى الناجية من السرطان اليوم عن سلمى منذ 20 عام؟

فعلاً شعرت بذلك. وحول ما اختلف؛ اختلفت شخصيتي ونظرتي للأمور من حولي، فالصفعة القوية بالحياة تساعدنا دوماً على أن نكون أكثر قوة وأن نعيد نظرتنا للأمور.

أصبحت أقل مثالية بالحياة، وأقل توتراً وانفعالاً، وتوقفت عن تقديم كل شيء على أمثل وجه بالعمل والبيت والأبناء كما كنت مسبقاً.

أصبحت أكثر امتناناً على كل شيء من الله، وأحرص على الاستمتاع باللحظة مهما كانت بسيطة. أذكر نفسي دوماً بأنني مررت بالأسوأ ولم يحصل ما هو أسوأ مما مررت به.


حدثينا عن العلاقة الروحانية وتواصلك مع الله. كيف كانت خلال المرض؟

بعد العملية شعرت أني قطعت شوطاً كبيراً. لا أريد ادعاء المثالية بالقول إني كنت متأكدة من أن كل شيء سيمضي على ما يرام، خاصة أن خلال فترة العلاج كان لدي إحساس بالحزن الشديد بداخلي، ولكن كنت أقوّي نفسي بالإيمان بالله. على الرغم من ألمي وعدم قدرتي على الحركة لأداء الصلاة، إلا أنني كنت أستعين بالله كثيراً، فهو وحده يعلم ما في الغيب.

بعد التعافي من السرطان، ما هو أول شيء قمتِ به؟

اتصلت بكل فرد من أفراد عائلتي كي أخبره بأني نجحت بمواجهة هذا المرض الشرس. كنت فخورة بنفسي وشعور كبير بالفرحة والامتنان اللامحدود.

ما هي رسالتك للأمهات؟

رسالتي للأمهات أن تجعل ذاتها الأولوية الأولى دوماً، وأن تجد دائماً طرق للعناية بذاتها كي تتمكن من العطاء لمن حولها. لا سيما أن الأم هي ميزان البيت، وإن هي شعرت بالراحة والسعادة ستتمكن من إعطائها لمحيطها.

ممارسة الرياضة بالنادي الرياضي ضرورة كي تتمتع بلياقة تسمح لها بممارسة شتى الأنشطة مع أطفالها من لعب وغيره. كما أن إيجادها لمتنفس يجعلها سعيدة مهما كان بسيطاً أمر مهم وأساسي، كأن تقوم بتقليم أظافرها في الصالون وتشعر بالتجديد والتغيير. كل تلك التفاصيل تؤثر على الأم وتمنحها القدرة على المضي قدماً.

اقرأ أيضاً قصة نجاح ملهمة | هديل السيد أحمد | من الصيدلة إلى التصميم الجرافيكي


هذا المقال بقلم الأستاذة سلمى العالم

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0