تلعب الحالة النفسية دورًا محوريًا في تلك اللحظات الفاصلة التي تحدد مسار حياة الفرد؛ إذ قد تُمهّد الطريق أو تُعرقله. فكم مرة سمعتم عن شخصٍ يتحدث عن الأثر الكبير (سلبًا أو إيجابًا) لأحد معلميه في المدرسة أو والده. حتى أصبح لهذا الأثر حضورًا دائمًا في حياته.
ذات الأثر يمكن أن يتركه الأطباء لمرضاهم في أول استشارة طبية، فعلاقة الطبيب بمريضه ليست علاقةً لحظيةً مؤقتةً تقتصر على العلاج الجسدي فقط، بل هي فرصة للطبيب وحاجة للمريض؛ تساعده على إخراج قواه الكامنة ومواجهة مخاوفه وقلقه بطمأنينة أكبر. فأسلوب الطبيب وكلماته جزء مهم من علاج المريض مهما كان بسيطًا أو معقدًا .
تُظهر نتائج إحدى الدراسات المنشورة عبر موقع PubMed أن تدريب الأطباء على مهارات التواصل يُحَسن فرص التزام المرضى، وترتفع بمعدل 1.62 مرة مقارنةً بمن لا يتلقون تدريبًا. مما يؤكد أهمية تحسين التواصل الطبي كعامل رئيسي لتعزيز التزام المرضى وتحقيق نتائج علاجية أفضل.
محتويات المقال
- ما هي أهمية العلاقة بين الطبيب والمريض؟
- أبرز العوامل المؤثرة في العلاقة بين الطبيب والمريض
- ما هو واجب الطبيب في علاقته مع مرضاه؟
- ما هي مسؤولية المريض للحفاظ على الحالة النفسية الجيدة؟
- تجارب واقعية
ما هي أهمية العلاقة بين الطبيب والمريض؟
تشكل العلاقة بين الطبيب والمريض حجر الزاوية في نظام الرعاية الصحية. حيث لا يمكن تقديم رعاية صحية متكاملة بدون وجود الاحترام والثقة والتعاطف بين الطبيب والمريض، لضمان تدفق المعلومات اللازمة لتحديد التشخيص الأنسب.
أبرز العوامل المؤثرة في العلاقة بين الطبيب والمريض

هناك العديد من العوامل ذات التأثير المباشر على علاقة الأطباء بمرضاهم، والتي من شأنها أن تنعكس بالضرورة على العملية العلاجية ومدى الاستجابة واستمرارية المتابعة من قبل المريض. ومن أهمها ما يلي :
- الاحترام لمتبادل: يعتبر الاحترام أساس العلاقات الإنسانية. وهو أساس وضمان استمرار العملية العلاجية من بدايتها حتى نهايتها.
- التواصل الفعّال: تكمن أهميته في تمكين الطبيب من فهم الحالة الطبية وتشخيصها بدقة، إذ قد يؤدي تفصيل صغير يحصل عليه من المريض إلى تغيير التشخيص والخطة العلاجية.
- التعاطف والثقة: يعتبر التعاطف من قبل الطبيب سببًا في تخفيف التوتر والقلق الذي يمكن أن يؤثر سلبًا في الاستجابة للعلاج. وهو أساس لبناء ثقة المريض بالطبيب، والتي تسهم بالتزام أكبر بالعلاج.
- المصداقية: أن يكون الطبيب صادقًا في تقديم المعلومات وخيارات العلاج، دون إخفاء أي تفاصيل عن المريض وعائلته.
- الحالة النفسية للمريض والطبيب: الراحة النفسية للطبيب والمريض تخلق بيئة علاجية مثالية، بينما التوتر يقلل من جودة الرعاية والتواصل.
ما هو واجب الطبيب في علاقته مع مرضاه؟
تنص القوانين الطبية على أن بناء علاقة إنسانية متينة بين الطبيب والمريض من الأسس الجوهرية للرعاية الصحية الفعّالة. ويظهر ذلك جليًا في إدراج هذا الموضوع ضمن مناهج التدريس الطبي وتدريب الكوادر الصحية. حيث تتجاوز مسؤولية الطبيب تقديم استشارة وعلاج إلى بناء علاقة إنسانية قوية مع المريض، قائمة على التعاطف والتواصل الفعال، وتبني منظور المريض وفهم مشاعره. بالإضافة إلى أنه يعتبر عنصرًا أساسيًا في تحسين جودة هذه العلاقة.
ما هي مسؤولية المريض للحفاظ على الحالة النفسية الجيدة؟
يتوجب على المريض نقل المعلومات الخاصة بحالته بدقة إلى الطبيب لضمان فهم دقيق وتشخيص صحيح لحالته، واتباع التعليمات الصادرة عن الطبيب مع الحفاظ على تواصل مستمر وإبقاء الطبيب في صورة التطورات على حالته. وفيما يتعلق بأهمية دور المريض في نجاح العملية العلاجية هناك دراسة خلصت إلى أن جودة تواصل الطبيب ترتبط إيجابيًا مع التزام المرضى بخطط العلاج؛ إذ يزيد خطر عدم الالتزام بنسبة 19% لدى المرضى الذين يتلقى أطباؤهم تواصلًا ضعيفًا مقارنةً بمن يتلقون تواصلًا جيدًا.

تجارب واقعية
تروي ليلى، التي خاضت تجربة علاج من السرطان، كيف كان لأسلوب الأطباء أثرٌ بالغ في رحلتها العلاجية. تقول: “عندما تم تشخيصي لأول مرة، كانت الصدمة هائلة، لكن ما جعل الأمر أكثر قسوة هو الطريقة التي أخبرني بها الطبيب عن مرضي. كان فظًا، يفتقر إلى أبسط درجات الإحساس بالآخرين. مما دفعني للعزوف عن بدء العلاج لمدة ثلاثة أسابيع. لكن عندما قررت أخيرًا تغيير الحالة النفسية التي عشتها وزيارة طبيب آخر، وجدت فرقًا شاسعًا؛ فقد كان متفهّمًا، داعمًا، ويجسد أخلاقيات الطب بمعناها الحقيقي. استطاع أن ينتشلني من حالتي النفسية السيئة، وكان ركنًا أساسيًا في رحلة علاجي، حتى تعافيت تمامًا. فضله سيبقى محفورًا في ذاكرتي ما حييت”.

ختامًا، الرعاية الطبية تشمل الجانب الجسدي والنفسي ولا ينقص أهمية منهما الآخر، وحصول المرضى عليها كما يجب قد يكون سببًا في إحياء الأمل قبل الجسد.” وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”
اقرأي أيضًا : هشاشة العظام لدى السيدات في عمر مبكر”قبل انقطاع الطمث”