تجارب الطفولة المؤذية: ما هي؟ ومدى شيوعها؟ واستراتيجيات التخطي
مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الانسان، فهي الأساس الذي يُبنى عليه شخصية الفرد البالغ لاحقاً. ويقع على عاتق الأهل بالدرجة الأولى توفير تجارب طفولة إيجابية، وحمايتهم قدر المستطاع من تجارب الطفولة المؤذية.
ذلك لأن الأهل هم المؤثر الأساسي على حياة أطفالهم. فالطفل يرى والديه بصورة مثالية. كونهم هم من يوفرون له الرعاية والاحتياجات اللازمة له.
فما المقصود بتجارب الطفولة الإيجابية، وتجارب الطفولة المؤذية؟
تجارب الطفولة الإيجابية:
هي أن يعيش الطفل في بيئة آمنة ومحفزة. يستطيع فيها التعبير عن مشاعره بحرية، كما يشعر بوجود والديه ودعمهم المستمر له وحبهم اللامشروط.
وهذا ينعكس على قدرته في الانتماء للمجتمع، والتعاون مع أصدقاءه وزملاء العمل، وشعوره بالثقة العالية بالنفس.
كما ينعكس في علاقاته الأسرية لاحقاً. وعلاقته مع أبناءه بحيث يكون أكثر قدرة على تربية أطفال في بيئة إيجابية.
لذلك من المهم أن يتعلم الطفل استراتيجيات التعبير عن المشاعر بشكل صحيح منذ الصغر، وتنمية الذكاء العاطفي لديه
تجارب الطفولة المؤذية:
وتعني مجموعة الأحداث أو التجارب السلبية التي مر بها الطفل. مثل:
التعرض للإساءة الجنسية، أو الايذاء البدني كالضرب، أو الإساءة العاطفية كعدم احترام الطفل وتوبيخه أو حتى عزله وتجاهله، أو الإساءة الطبية، أو الإهمال: أي إهمال حاجات الطفل الأساسية من تعليم وصحة وغذاء وغيرها.
أو التواجد في بيئة منزلية سامة: كإنفصال الوالدين، أو مشاهدة خلافاتهم، أو أن يكون أحد الوالدين أو الأخوة مدمن كحول أو مخدرات، أو يعاني من اضطرابات نفسية
- كيف نستطيع تحديد التعرض لتجارب طفولة مؤذية؟
يمكن ذلك من خلال استبيان تجارب الطفولة المؤذية ACES. والذي يحتوي على 10 أسئلة عن طفولة الشخص قبل عمر الثامن عشرة. وكلما زادت العلامات التي تم الحصول عليها دلّ ذلك على أن الشخص مرّ بتجارب طفولة مؤذية.
كيف تحسب درجات الاستبيان؟
الأشخاص الذين يحصلون على علامات مرتفعة في الاستبيان. معرضون للإصابة بالأمراض النفسية بشكل أكثر من غيرهم. كالإكتئاب واضطرابات النوم ونوبات الذعر واضطرابات الغذاء.
وكذلك لديهم قابلية أعلى من غيرهم للتدخين وادمان الكحول أوالمخدرات.
كذلك تؤثر تجارب الطفولة المؤذية على الصحة الجسدية للشخص. فقد تزيد من خطر الاصابة بمرض السكري، وأمراض الكلى، وأمراض القلب.
كما يؤثر على العلاقات الشخصية لاحقاً. كاختيار الشريك، أو تربية الأطفال، فمن الممكن أن يؤدي ترك هذه التجارب المؤذية بدون علاج إلى نقل هذه التجارب للأطفال.
كذلك يساعد هذا الاستبيان المختصين النفسيين في تحديد نوع التجارب المؤذية التي مر بها الشخص. وبالتالي مساعدته في الحديث عنها وعلاجها بالشكل الصحيح.
مدى شيوع تجارب الطفولة المؤذية؟
بحسب دراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أمريكا، تبيَن أن 61% من الأشخاص البالغين تعرضوا لتجربة طفولة مؤذية واحدة. وأن 16% منهم تعرضوا لأربعة تجارب طفولة مؤذية أو أكثر من ذلك.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة من تعرضوا لأربعة تجارب مؤذية وأكثر هم من الإناث. والمجموعات العرقية الأقلية.
- هل كل شخص مرّ بتجارب طفولة مؤذية يحتاج للعلاج النفسي؟
لا. تختلف ردة الفعل على تجارب الطفولة المؤذية من شخص لآخر، ولا يشترط أن تؤثر عليه بشكل سلبي في الكبر، فقد تجعله هذه التجارب أقوى.
كما أن تجارب الطفولة المؤذية قد تكسب الطفل مهارات جيدة. مثل: التعامل مع التقلبات المزاجية لأنفسهم ولوالديهم، فهم مشاعر الآخرين، القدرة على قراءة لغة الجسد.
ولكن في حال كانت الأمور عكس ذلك. فمن المهم تلقي العلاج النفسي الصحيح للتمكن من تخطي هذه الصدمات
بإمكانك ذلك بسرية تامة مع رنا طيارة. أخصائية علاج الصدمات النفسية للبالغين والأطفال
– كيف يمكن المساعدة للحد من تأثير تجارب الطفولة المؤذية؟
- زيادة الوعي والحديث عن تجارب الطفولة المؤذية. وبالتالي تغيير تفكير الناس تجاهه وعدم إنكاره.
- التركيز على المسؤولية المجتمعية لمعالجة آثار تجارب الطفولة المؤذية. من خلال حملات تقوم بها الدولة ومؤسسات المجتمع. وعدم جعل المسؤولية فردية فقط.
- تقليل وصمة العار تجاه الوالدين أو أفراد الأسرة الذين عانوا في مرحلة ما من أمراض نفسية أو إدمان كحولي.
- كسر حلقة التجارب المؤذية. من خلال تلقي العلاج النفسي السليم. لضمان عدم إنتقالها للأجيال اللاحقة.
وقد تحدثت الدكتورة سوزان فورود في كتابها:” أسر مسممة”. عن تأثير تجارب الطفولة المؤذية على الشخص في المستقبل. لتوعية الوالدين لعدم الوقوع في هذه الأخطاء التربوية. مع استراتيجيات تساعدك في العلاج والتخطي.
وتذكري دوماً أنك لستِ الوحيدة التي مررتي بتجارب طفولة سيئة. ولكن العلاج والمواجهة هي الحل الأفضل لكِ ولأطفالك.
