قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ كَانَ لَهُ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ – يَعْنِي السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى”. الوالدية هي مسؤولية عظيمة وصعبة في آنٍ واحد. وبمجرد أن تصبحي “أم” ستستمر هذه المسؤولية إلى الأبد. تربية البنات مشابهة لتربية الأولاد؛ كلاهما يحتاجان للصبر والحذر. كما إن بناء قاعدة قوية عندما يكون طفلك صغيراً بالإضافة إلى تقوية جذور علاقتك به أمر مهم للغاية. فغداً عندما تنمو الأجنحة سيكون طفلكِ قادر على الحفاظ على توازنه. وحتى تنمو هذه الأجنحة بالشكل الصحيح؛ يقع على عاتقكِ العديد والعديد من المسؤوليات أهمها تربية أطفالك على احترام الجنسين والمساواة بينهما.
نحن لا نتحدث هنا عن كيفية تربية “بنت مؤدبة” أو “بنت يأكل القط عشائها”! فهذه الأمور غير مفروضة على الفتيات أو مرتبطة بتربية البنات فقط؛ بل نتحدث عن مساعدة ابنتك على النمو كفتاة حكيمة قوية ودافئة.
لماذا نخص البنات بالحديث؟
جاء الرد على هذا السؤال في كتاب Raising Girls؛ الذي وضح فيه المؤلف ستيف بيدلوف متحدثاً عن الانخفاض المفاجئ والملحوظ في الصحة العقلية للبنات على مدى السنوات الخمس الماضية. وهي السنوات التي شجع خلالها نمو وسائل التواصل الاجتماعي القلق والنرجسية، وزاد تعرض الأطفال للمحتويات الإباحية. كما وحققت الشركات الملايين من إضفاء اللون الوردي على الفتيات. وقال:
“يبدو أن العالم اليوم لا يهتم كما ينبغي بالفتيات، ويرى أنهن مجرد وسيلة لكسب المال”.
اقرأ أيضاً كيف تستهدف الشركات التسويقية الأطفال في إعلاناتها
كما ووجه نصيحة قيّمة للآباء فيما يتعلق بتربية البنات قائلاً: ” أنا متأكد أنه لا يوجد والدين قد يضران بمهارات فتياتهم العقلية. مع ذلك فإننا نربي أولادنا مسلطين الضوء دون وعي منا أن نجعل الفتيان عمليين ونركز دون وعي أيضاً بأن نجعل الفتيات عاطفيات”!
من جهة أخرى
دعونا نركز قليلاً على الألعاب الوردية التي تخص الفتيات، والتي تشكل جزءً كبيراً من تربية البنات وتحتل حيزا كبيراً في ذاكرتهن. لعبة الباربيمثالية الشكل والجسد، التي توجه رسالة مخفية للفتيات عن قواعد الجمال! التي إما أن تكون شبيهة بالباربي؛ أو ستبدأ بعدم تقبل شكلها، وستدخل بدوامة تدني الثقة بالنفس. إلى جانب الباربي هناك العديد والعديد من الألعاب الخاصة بالفتيات، التي تبث رسائل للحد من قدراتهن وحصرها في الأمور السطحية فقط!
فهي إما خبازة أو طاهية أو عارضة أزياء، تقضي وقتها بالصالون أو بالتسوق! لا نقلل من قيمة هذه الأمور هنا أبداً؛ ولكن هل فتياتنا محصورات في هذه الأمور فقط؟ بالتأكيد لا! بل يجب أن تعرف ابنتك أنها أعظم من هذا كله وأنها جزء من قصة أكبر، وأن معركة دارت من أجلها قبل وقت طويل من ولادتها، وأنها بحاجة إلى مواصلة القتال للنهوض بنفسها ولتحقيق أحلامها.
بدلاً من ذلك؛ ساعديها على الشعور بالتفرد. فعوضاً عن تسجيلها في دروس الجمباز والباليه لأنها رياضة شائعة وخاصة بالفتيات؛ قدمي لها مجموعة من الخيارات الأخرى. وبمجرد أن تظهر اهتمامها برياضة أخرى إمنحيها الفرصة للتجربة والانخراط بها.
عند قيامك بهذا؛ ستساعدين على صقل اهتمامات ابنتك التي ستشعر بالاحترام والتفرد. بل وستضعين حجر الأساس الذي سيشكل شخصيتها في المستقبل.
هناك عبارات يجب أن نحرص على تجنب استخدامها أثناء تربية البنات بل ويجب أن نتجنب قولها للفتيات؛ لأنها قد تعيق نموهن واحترامهن لذواتهن وثقتهن بأنفسهن. وسنذكر بعض العبارات الأكثر شيوعاً
عبارات و كلمات يجب ألاّ يقولها الآباء للفتيات
هذه ليست وظيفة فتاة
من الأخطاء الشائعة التي تحدث خلال التربية؛ أن نقوم بتصنيف الأعمال على حسب الجنس. بدلاً من ذلك قومي بإخبارها أن كل شخص لديه حرية القرار باختيار وظيفته. حدثيها عن رائدات الفضاء والملاكمات وعازفات الكمان ولاعبات الكرة، الأمر الذي سيبسط لها مفهوم المساواة بين الجنسين وسيترك في شخصيتها انطباعاً إيجابياً عن كينونتها.
أنتِ سمينة جداً
لا توجد قاعدة أو حقيقة علمية حتى ندفع أنفسنا كسيدات لأن نمتلك أجساداً مثل عارضات الأزياء، وكذلك الأمر بالنسبة لفتياتنا! تتأثر العديد من الفتيات بهذه العبارة، وقد يدفعها الأمر إلى تجويع نفسها وتطور المشكلة أحياناً لإضطرابات في الشهية مصحوبة بحالات من الإكتئاب الشديد. بدلاً من ذلك علميها عن فوائد الطعام الصحي ووجهيها نحوه.
لا تستطيعين فعل ذلك أبداً
لأنك هنا تدفعين طفلتك إلى تخفيض سقف توقعاتها من نفسها وتقليل إمكانياتها. بل تعرفي على اهتماماتها وشجعيها على المضي قدماً في تحقيق أحلامها. أنت والدتها التي ستصغي لكلامك وستصدقه، وإن قلتِ لها هذه العبارة لن تجرؤ يوماً على مجرد الحلم.
“اسكتي عيب يا بنت”!
هذه أسوأ عبارة قد يوجهها أحد الآباء لطفلته الصغيرة! والتي قد تؤدي إلى القمع والإكتئاب وحتى الرهبة من الحديث بشكل عام. من حق الفتاة أن تتكلم وأن تعبر عن رأيها، ومن واجب الآباء تشجيعها على التعبير عن نفسها دون نعتها “بالوقحة”.
لا تضحكي بصوت عالي
يحق للأولاد الضحك بصوتٍ عالي أو اللعب بصخب، لماذا؟ هل لدى أحدكم أي جواب منطقي؟ نحن نربي في أطفالنا على دروس التمييز الجنسي اللا منطقي دون وعي منا! شجعي طفلتك الصغيرة على اللعب والضحك بالطريقة التي تفضلها مع القليل من التوجيه الذي من شأنه حمايتها من الأذى.
تلعبين مثل الصبيان تماماً
إذا كانت ابنتكِ مغرمة بلعب الكرة أو مشاهدة الملاكمة، إن كانت ترتاح بارتداء الجينز وتفضل قصة شعر قصيرة؛ إتركي لها الخيار في ذلك ولا تنعتيها ب “حسن صبي”! قد تتغير اهتماماتها وقد لا تتغير ولا ضير في ذلك؛ فليس هناك قاعدة ثابتة لصفات الأنثى المتكاملة!
كوني لطيفة
دعونا لا نأخذ المعنى الحرفي لهذه العبارة؛ فمن الرائع أن نكون جميعنا لطفاء كبشر! ودعونا لا ننكر أننا نستخدم هذه العبارة مع الفتاة بإفراط! إن استخدام هذه العبارة بكثرة؛ سيعلم الفتاة أن تضع مشاعرها واحتياجاتها جانباً، بل وسيخلق مشكلات مستقبلية في التعامل مع الأشخاص المحيطين بها.
أنت أجمل فتاة بالعالم “والمبالغة بها”
غالباً ما نوجه مديحاً مبالغاً به لفتياتنا. نعم هنّ جميلات ورائعات ولا مثيل لهن؛ ولكن المبالغة في توجيه المديح لهن سيجعلها تعيش حالة من النرجسية والخيلاء؛ لتعتمد اعتماداً تاماً على جمال الشكل أو ترتيب الملابس المفرط.
إذاً هل المدح سيء؟ بالتأكيد لا! ولكن المبالغة به يحوله إلى مدح ضار ولا نفع به.
توقفي عن مدح طفلتك بشأن الأشياء التي لا يد لها بها؛ كالشكل الخارجي أو الجاذبية أو الذكاء. بل وجهي مديحك إلى الأشياء التي تستطيع أن تتحكم بها؛ مثل العمل الجاد والعطف على الغير ومساعدة المحتاج وما إلى ذلك. إذ تستطيعين استبدال “أنت أجمل فتاة بالعالم” بعبارة “أنت أجمل فتاة بحياتي”.
أتمنى لو كنتِ مثل…
للأسف نضع فتياتنا في العديد من الأحيان داخل مقارنات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ بل تسبب الضرر الدائم وتدني الثقة بالنفس لديهن. وهو أمر نحاول تجنبه حتى نحقق التفرد ونبتعد عن شعور عدم الكفاية الذي قد نخلقه في داخلهن. بدلاً من ذلك؛ تحكمي بنفسك ولا تقارني طفلتك بأي أحدٍ آخر، ولا تدفعيها على التشبه بالغير عبر القيام بما لا ترغب القيام به.
الفتاة تساعد ماما بالأعمال المنزلية
نحن بحاجة ماسة لإحداث التغيير، وبحاجة لأن نعامل البنات والأولاد بالمثل. ليس من المفروض على الفتاة أن تقوم بالأعمال المنزلية لأنها فتاة؛ بل نحن جميعاً كأفراد عائلة واحدة نسكن في هذا المنزل من واجبنا أن نتساعد في إنجاز المهام. ليس من العدل أو المنطق أن تقوم الفتاة بالتنظيف بينما يلعب أخيها البلاي ستايشن!
“كاسرة، قوية، وقحة، عينها قوية، متسلطة…الخ”
تُستخدم هذه الكلمات المؤذية والمسمومة في مجتمعنا؛ لوصف الفتاة التي تتجرأ لتسأل عما تحتاج إليه، والتي تتحدث عن مشاعرها بصوت عال! يتوقع منها المجتمع أن تتسلل بهدوء دون أن تحدث أي جلبة وإلا فهي “وقحة“!!
عزيزتي الأم؛ إن الفتاة التي تعبر عن رأيها بصوت عالٍ هي قائدة ليست “كاسرة“! بل وقادرة على السعي وراء أحلامها وتحقيقها وستغير عالمها نحو الأفضل.
Doaa arafat
يناير 18, 2021 في 8:12 مالبه يخلي الينات ويحفظهم