قصص نجاح أمهات ملهمات

تأثير جيل Z ووسائل التواصل الاجتماعي على العمل عن بُعد وصناعة المحتوى

جيل z والعمل الحر

حررت هذه المقالة: سارة لولو.

تخيل أن تقوم بالعمل مع أكثر من شركة معاً، تارةً تجد نفسك خبيرًا بالسيارات، وتارةً في الجمال والموضة، وتارةً أخرى في العقارات، وتخيل أيضاً بأنك تقوم بكل هذا دون عناء القيادة للذهاب إلى المكتب كل يوم، ألن يكون هذا ممتعاً؟ بالتأكيد سيكون هذا حافزاً كبيراً بالنسبة لك لإنجاز مهام عملك كل يوم، فعملك يتسم بالتجديد والتغيير كل يوم، ولا تعرف رتابة الروتين، ولا مساوئ بيئة العمل. هذه ليست مقدمة من مستقبل سوق العمل، لكنها توجهات جيل Z الذي أثرت كثيراً على سوق العمل.


تغييرات سوق العمل لم تكن بسبب جيل حصراً، فالعالم أصبح قريةً صغيرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة للجميع، بضغطه رز واحدة أصبح بإمكاننا التنقل عبر بلدان العالم والتعرف على ثقافاتها. وازداد الاهتمام بهذه المواقع من قبل المؤسسات الإعلامية الكبرى – خلال جائحة كورونا، التي تعرف بوسائل الإعلام التقليدية أو “الرصينة” كما أحب تسميتها فهي الأساس في الإعلام. أما وسائل التواصل ما هي إلا قوالب جديدة للإعلام الرقمي.

خلال تلك الفترة تولّد عند العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، توجهاً كبيراً نحو رقمنة الخدمات، وظهرت لدينا العديد من التطبيقات الخدمية والشرائية الذكية. ما شجع العديد من الشباب والنساء الإقبال على صناعة المحتوى كمهنة في سوق العمل، فضلاً عن توجه الكثير منهم لدخول قطاع ريادة الأعمال من خلال إطلاقهم لتطبيقاتهم الخدمية الخاصة في مختلف المجالات.

وبذلك تغيرت العديد من أنماط سوق العمل وتوجهت إلى العمل عن بُعد بدلاً من العمل من المكتب، والذي خلق فرصاً كبيرة في تنوع مصادر الدخل للموظف، ومرونة في جدول العمل اليومي. فضلاً عن تحول أصحاب الشركات إلى توظيف موظفين مستقلين بعقود عمل مؤقتة بدلاً من توظيف موظفين دائمين بعقود عمل دائمة، الأمر الذي يقلل من أعباء التكلفة المادية لرب العمل أمام القانون وموظفيه، فالموظف المستقل لن يطلب تأميناً صحياً ولا بدل مواصلات وغيرها من البدلات التي يطلبها الموظف الدائم من صاحب العمل.


  • تراجع وسائل الإعلام الرصينة على مواكبة الحداثة في الإعلانات

في السابق، كانت تخصص العلامات التجارية ميزانيات ضخمة للإعلانات الموجودة في الشوارع والمباني وحتى المنشورات المطبوعة التي يتم توزيعها في المراكز التجارية والحدائق، إلى أن ظهرت الأساليب والقوالب المبتكرة للإعلانات عبر وسائل التواصل، والتي احتلت مركزاً كبيراً ضمن أولويات العديد من الشركات والتي تنفق عليها مئات الآلاف سنوياً، فتتراوح ميزانيات الإعلانات لكبرى الشركات على حسابات التواصل الاجتماعي بين500  إلى 2,500 دولار شهريًا.

  • الثورة الرقمية وانتشار استخدام الهواتف الذكية والانترنت

بعدما كان التلفاز هو وسيلة التسلية الأولى لدى الكثير من العائلات والأفراد، استبدل الهاتف ومنصات المشاهدة الرقمية كل ذلك، حيث تراجعت قيمة التلفاز السابقة، وأصبح لكل منا تلفازه الخاص عبر شاشة هاتفه الذكي أو جهازه اللوحي. كل ذلك أدى لزيادة الإنتاج على صناعة المحتوى الرقمي، ما خلق فرص عمل جديدة. بل وأصبح كل من يرغب بعمل تحوّل بمسيرته المهنية لعمل أكثر رواجاً وربحاً، يتجه نحو صناعة المحتوى، بغض النظر إن كان طبيباً أو مهندساً أو غيرها من وظائف.

وبحسب موقع Izea، أوضحت دراسة بأن هنالك 54% من الموظفين بدوام كامل والذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 60 عاماً، يقومون بتغيير مسارهم الوظيفي ويتوجهون نحو صناعة المحتوى كمهنة.

  • جائحة كورونا

ساهمت جائحة كوفيد-19 عام 2020 في تسريع التحول الرقمي وجعلت حسابات التواصل الاجتماعي أكثر تأثيرًا في الحياة اليومية، سواء في الترفيه، أو التسويق، أو نشر الأخبار، أو حتى تعزيز الروابط الاجتماعية والعمل عن بعد. فأشار تقرير منGlobalWebIndex  نُشر في أبريل 2020، إلى أن 87% من المستهلكين في الولايات المتحدة و80% في المملكة المتحدة أفادوا بزيادة استهلاكهم للمحتوى، مع تصدر التلفزيون التقليدي، ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت، وخدمات البث القائمة. في حين أوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية السعودية، بأن نسبة الزيادة في استهلاك البيانات لشبكات الاتصالات قد تجاوزت أكثر من 34% خلال الجائحة.

ومع زيادة الاستهلاك، ازداد حجم سوق صناعة المحتوى، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم سوق صناعة المحتوى الرقمي العالمي بلغ حوالي $487.1  مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى $900 مليار دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يقدر بحوالي 8-12%. ويُشار إلى أن النمو مدفوع بزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى، وارتفاع الطلب على الفيديوهات القصيرة، والبودكاست، والمحتوى القائم على البيانات والتحليلات.

وعلى صعيد الشرق الأوسط، فإنه من من المتوقع أن يتجاوز حجم سوق المحتوى الرقمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا $20 مليار دولار بحلول 2025، حيث تقود دول الخليج (الإمارات والسعودية تحديداً) هذا النمو بسبب ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت، والتوسع في التجارة الإلكترونية، وزيادة الاستثمار في الإعلام الرقمي.

حيث تعد السعودية والإمارات من أكبر الأسواق في المنطقة، حيث تستثمر الشركات بشكل متزايد في إنشاء المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات. ويُشارة إلى أن كل من قطاع البودكاست، وصناعة الفيديو، والتسويق بالمحتوى يشهد نمواً كبيراً، خاصة مع تزايد استهلاك المحتوى عبر منصات مثل تيك توك، يوتيوب، وإنستجرام.


  • من هم جيل Z؟ وما هي أهم سماتهم؟

الجيل زد بالإنجليزية (Generation Z ) هم المواليد الذين وُلدوا بين عامي 1997 – 2015، إذ بدؤوا حديثًا دخول سوق العمل الحر والعمل عن بُعد، ومن أبرز القيم التي لديهم هي الاتصال الفعال والعقلية الإبداعية والمصداقية والقدرة على التكيف مع المتغيرات.

سمات جيل Z

  • التأقلم مع التحولات التكنولوجية والرقمية وسرعة فهمها.
  • تفضيل بيئات العمل المرنة وغير التقليدية.
  • تقدير التنوع والاختلاف وفهم طبيعة الأدوار الوظيفية.
  • امتلاك مهارات عالية في إدارة الوقت والأولويات.
  • ميل واضح نحو ريادة الأعمال والاستقلال المالي.
  • القدرة على التأقلم مع وظائف جديدة بسرعة.
  • اهتمام كبير بالصحة النفسية والعمل في بيئة داعمة.

إن الجيل الذي أمضى سنواته الدراسية العليا بالجامعة أو بالمرحلة الثانوية، في التعليم والدراسة عن بُعد، واكتسب على مدى 3 سنوات تقريباً المعنى الحقيقي للمرونة في تعلم مهارات ومعارف جديدة، يدرك تماماً ويعي أهمية العمل الحر، ويمتلك مهارة عالية في إدارة الأولويات وتنظيم الوقت. فوفقاً لموقع “صبار” إن جيل زد يظهر ميلاً أكبر نحو ريادة الأعمال وتأسيس أعمالهم الخاصة، مع طموح لتحقيق تأثير إيجابي في العالم. 

كما يمتلك هذا الجيل سرعة كبيرة في التأقلم على الوظائف الجديدة، حيث أن هنالك دراسة توضح بأن 70% من الموظفين من هذا الجيل يميلون لتغيير وظائفهم بشكل متكرر سنوياً. في حين يخشى بعض المدراء من توظيفهم لهذا السبب، حيث يفضل جيل زد بيئات عمل مرنة تتيح لهم تحقيق توازن بين الحياة الشخصية والمهنية، مما يدفعهم للبحث عن وظائف توفر هذا التوازن. كما يعتبر 82% من موظفي جيل زد أن الحصول على أيام مخصصة للصحة العقلية أمر مهم، بينما يرغب نصفهم في تلقي تدريب على الصحة العقلية.

كشفت دراسة أن 67% من جيل زد يشعرون بالقلق بشأن تغطية نفقاتهم، وذلك بسبب التحديات الاقتصادية الحالية وتأثيرها على دخولهم إلى سوق العمل. كما أن جيل زد هو الأكثر استخدامًا للتكنولوجيا والسوشيال ميديا، مما يؤثر على طرق التواصل والتفاعل في بيئات العمل.

باختصار، يجلب جيل زد إلى سوق العمل تطلعات وتحديات جديدة تتطلب من المؤسسات تكييف سياساتها وثقافتها لضمان جذب هذه الفئة والاحتفاظ بها، مع التركيز على المرونة، والتوازن بين الحياة والعمل، والدعم للصحة العقلية، والتوجيه المهني.


موقع كلنا أمهات يوفر استشارات وورشات دعم نفسي وتطوير وظيفي مع خبراء وأطباء معتمدين.

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *