قبل أيام قليلة وصلتني رسالة من إحدى متابعاتي تصف لي موقفا صعباً مرت به خلال أيام العمل. وتقول: “مرض ابني- وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة- وكنت مرتبطة بدورة تدريبية ووظيفة كاملة؛ ولم أجد منفذاً سوى أخذ إجازة من العمل بدون راتب، وتأجير مربية أطفال للعناية بطفلي وقت ذهابي لورشة العمل. كان ظرفاً صعباً”. وهنا، تفكرت وقررت أن أتحدث من خلالها عن حقوق المرأة العاملة في الوطن العربي.
لا بد من التأكيد أن هذا الموضوع حيوي ومهم يُعنى به جميع أفراد المجتمع، فالمرأة جزء كبير من القوة العاملة وتلعب دوراً محورياً في النمو الاقتصادي والاجتماعي. في هذا المقال، سنستعرض أهم الحقوق وكيفية تعزيز هذه الحقوق لضمان بيئة عمل عادلة ومُحفزة.
حقوق المرأة العاملة بين المطالبة والتحديات
كما تعلمون أن نسبة النساء العاملات في الوطن العربي أقل من 20٪؛ وذلك يجعل نسبة الأمهات من هذه الفئة في محيطي شبه نادرة. بالإضافة إلى ذلك، لا زالت الأمهات العاملات يحاربن ويطالبن بإجازة أمومة مدفوعة الأجر عادلة بحق الطفل. كما تتزايد المطالب بتوفير حضانات داخل بيئة العمل وتحقيق المساواة في قوانين الاستحقاق والبدلات للأمهات.
تشير الدراسات إلى أن بيئات العمل التي توفر دعماً للأمهات من خلال إجازات أمومة عادلة وحضانات مخصصة تحقق إنتاجية أعلى واستقراراً أكبر. على سبيل المثال، في تقرير لمنظمة العمل الدولية (ILO)، تم التأكيد دعم الأمهات العاملات يساهم في خفض معدلات التغيّب عن العمل وزيادة معدلات الاحتفاظ بالموظفين.
حقائق مقارنة: في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يتم منح إجازة أمومة مدفوعة بشكل فيدرالي، مما يدفع العديد من الأمهات للاعتماد على إجازات غير مدفوعة. في المقابل، تمنح الإمارات الأم المقيمة إجازة أمومة مدفوعة نصف الأجر في العام الأول من عقد العمل، و50 يوماً فقط في حال استمرار العقد لأكثر من سنة. أما في الأردن، هناك إجازة 3 أشهر يتم دفعها من مؤسسة الضمان الاجتماعي بدلاً من الشركة.
أما في بريطانيا، فتحصل الأم على إجازة 6 أشهر مدفوعة الأجر. في حين تمنح فنلندا الأبوين إجازة مدفوعة الأجر لمدة 4 أشهر مع خيار العمل الجزئي والتعويض المالي، إضافة إلى إمكانية الحصول على “ويكند طويلة” لدعم الأم طوال فترة العمل.
ما هي أهم حقوق المرأة العاملة التي يجب توفيرها ودعمها؟
1- حق المساواة في الأجور: لا بد أن تتقاضى المرأة أجرًا مساويًا للرجل الذي يعمل معها بنفس الوظيفة وذات القيمة المتساوية. بعض الدول العربية بدأت تحقق تقدمًا في هذا الأمر لكنه ليس كافيًا. هناك حاجة مستمرة لتطبيق ذلك في جميع قطاعات العمل.
2- حق الإجازات المدفوعة: تمتع المرأة العاملة في أغلب الدول العربية بحقوق إجازات مدفوعة مثل إجازة الأمومة، والتي تهدف إلى دعم المرأة خلال فترة الحمل وما بعد الولادة. تختلف مدة الإجازات المدفوعة من بلد لآخر، ولكنها ضرورة لضمان صحة الأم والطفل.
3- بيئة عمل صحية. بعيدة عن أي ممارسات غير أخلاقية بدافع المزاح أو ممارسات سلبية تجاه المرأة.
4- الحق في التدريب والتطور المهني. لضمان استمرارية المرأة في سوق العمل وزيادة فرص ترقيها الوظيفيا. بعض الدول العربية بدأت ببرامج تدريبية تستهدف تمكين النساء العاملات وتطوير مهاراتهن.
5- الحماية من التمييز. يجب توفر الحماية اللازمة من أي شكل لأشكال التمييز سواء بسبب الجنس أو الحالة الاجتماعية (متزوجة أو غير ذلك).
6- التوازن بين العمل والحياة الشخصية. تسعى كثير من النساء إلى تحقيق توازن بين الحياة المهنية والشخصية، وهذا يتطلب مرونة في ساعات العمل وسياسات تسمح بالعمل الجزئي أو من المنزل. هذه الإجراءات من أهم العوامل التي تساعد في استقرار المرأة العاملة ودعمها في تحمل المسؤوليات الأسرية والمهنية. وهنا أود مشاركة الأمهات العاملات دليلكِ الشامل لحياة أكثر صحة ونشاط للأم العاملة
ردود أفعال مغايرة على حقوق المرأة العاملة
أنا أم مثلك، ما يجمعنا جميعاً بغض النظرعن ظروفنا أنه تم تشريفنا بمهمة الأمومة. الإنسان القوي والمشبع نفسياً والمتصالح مع نفسه؛ لا يحتاج لأن يبرر قراراته ولا يحتاج للدفاع عن أفكاره فهو المسؤول وحده عن حياته. لندع الفكر الضعيف لتبرير خياراتنا بجرح بعضنا البعض. إن اخترت العمل فهنيئا لك وانت اخترت الجلوس مع أطفالك هنيئا لك. خيار العمل لا يجعلك أفضل من غيرك وخيار الجلوس لا يجعلك اكثر ولاءً وحباً لعائلتك.
في النهاية، رغم التقدم الملحوظ في بعض الدول العربية لتعزيز حقوق المرأة العاملة، إلا أن هناك الكثير من التحديات التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام والتحسين. من خلال تعزيز القوانين والسياسات الداعمة، يمكن خلق بيئة عمل تُعزز من دور المرأة وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
إن كنت بحاجة إلى جلسة إرشاد مهني أونلاين فلا تترددي بحجز جلسة مع كارير كوتش نادية مرعي