دور الأب في غرفة الولادة

للأب

دور الأب في غرفة الولادة

دور الأب في غرفة الولادة

هل سمعت قصة ولادتك من قبل؟ على الأغلب قد فعلت! فقد روتها لك أمك مراراً وتكراراً. فبينما كانت هي تدفع وتتألم، انتظر والدك في غرفة الانتظار دون أن يحضر ولادتك بشكل فعلي. ففي ذلك الوقت، كان الآباء يمنعون في الكثير من الأحيان من دخول غرفة الولادة، وكان دور الأب في غرفة الولادة أشبه بالمعدوم! حيث كان في غرفة أخرى يقلق وينظر إلى ساعته.

مع تغير العديد من العادات في الوقت الحاضر، أصبح دخول الأب غرفة الولادة لدعم زوجته ومساندتها أمرٌ شائعٌ جداً. وأصبح دور الأب في غرفة الولادة دور بغاية الأهمية. فهو من يمنح زوجته الأمان في أكثر أوقات حياتها ذعراً، والشخص الوحيد الذي سيخفف ألمها في أكثر أوقات حياتها ألماً، وأيضاً هو من سيروي لأطفاله قصة ولادتهم. بل وسيتمكن من وصف أشكالهم في اللحظة الأولى من دخولهم هذا العالم، وسيصف مشاعره بصدق عند رؤيتهم لأول مرة. وأيضاً سيكون قادراً على إعادة سرد بطولة أمهم، فهي من قامت بالعمل الشاق.

لكنك عزيزي الأب كنت إلى جانبها مباشرة، وهذا عمل بطولي أيضاً

ما هو دور الأب في غرفة الولادة؟ 

إن لم تتواجد في غرفة الولادة من قبل، فستقع في الحيرة وعدم اليقين! فهل أنت هنا لتشجيعها أم لدعمها؟ هل تستطيع أن تمسك يدها، أم يكفي أن تطمئنها هامساً بأذنها أن كل شيء سيكون بخير؟ أم أنت هنا لتصور الحدث؟

حسناً؛ وظيفتك هي القليل من كل شيء! ستحتاجك زوجتك منذ بداية أول انقباض، إلى أن تتم عملية الولادة وأيضاً في المرحلة اللاحقة للولادة. من الرائع أن تتحدث لزوجتك، حتى تعلم ما هي بحاجة إليه. ومن الجيد أيضاً أن تتناقش وإياها عما تعتقد أنها ستريده منك أثناء المخاض.

أما مهمتك الأولى؛ فهي اتخاذ جميع الترتيبات للوصول إلى المستشفى، ثم إنهاء الإجراءات المتعلقة بدخول زوجتك إلى المستشفى من تأمين صحي ومستحقات. ثم التأكد من وصول زوجتك إلى غرفة الولادة الأولية بهدوء وسلام، والتأكد من راحتها هناك. ويجب أيضاً أن تكون الشخص الذي يظل متصلاً مع باقي أفراد العائلة، لطمأنتهم وإعلامهم بالمستجدات.


لنتحدث الآن عن دور الأب الفعلي في مراحل الولادة المختلفة

المخاض المبكر

خلال الساعات الأولى من المخاض، وظيفتك الأساسية هي أن تكون مصدر إلهاء. اسأل زوجتك إن كانت ترغب بتدليك خفيف لكتفيها، تجول معها في الغرفة، شجعها على فعل أي شيء غير الاستلقاء بلا حراك خوفاً من الانقباض التالي.

 المخاض الشديد

كلما أصبحت الانقباضات أقوى وأقرب من بعضها البعض، يصبح دورك في غاية الأهمية. لكن لا تهلع! بل اطلب من الممرضة بعض المساعدة والتوجيه حتى تستطيع الاستمرار بالقيام بعملك. في هذه المرحلة وظيفتك الرئيسية؛ هي المساعدة في الحفاظ على تركيز زوجتك، لا تسمح لها أن تستسلم، ولا تسمح لها أن تصاب بالذعر!

في حال شعرت بخوفها وقلقها أثناء المخاض، فتواصل معها بالعين، شجعها على أخذ نفس عميق، وأخبرها أنها تقوم بعملٍ رائع! كن متقبلاً ومتفهماً إن لم تستجب زوجتك معك بالشكل الذي تتوقعه. وكن مستعداً لتلقي بعض الركلات أو العضات أو حتى الصرخات. ولكن تأكد في نهاية اليوم، أنك تركت أثراً لا ينسى في نفس زوجتك، ومن أنك حظيت بتجربة فريدة لن تنساها ما حييت.

لحظة الولادة

هذه هي اللحظة الأهم، والتي ستتذكرها لبقية حياتك؛ لحظة الولادة! وإليك الجزء الأصعب؛ يجب أن تبقى هادئاً!

حافظ على هدوئك ودعمك لزوجتك، وأجّل انفعالاتك التي تشعر بها. فزوجتك ما زالت بقمة حاجتها لدعمك حرفياً! استمر بتشجيعها مع كل دفعة، ولا تترك يدها أبداً. وعندما تستطيع رؤية أول ملامح رأس الطفل؛ أخبرها بذلك، فهذا يعني أنها على وشك الانتهاء.

ما بعد الولادة

غالباً يتم وضع الطفل على صدر أمه بعد الولادة مباشرة. وما يفعله معظم الآباء بهذه اللحظة هو أخذ صورة تذكارية للأم، التي تحمل طفلها بين ذراعيها لأول مرة والمشاعر تغمرها. وبعد التقاط بعض الصور الجيدة، سترغب بحمل طفلك والتعرف إليه، وتقريبه من وجهك ليتعرف على ملامحك وصوتك.

في هذه اللحظة ستغرس بذور العلاقة الرائعة التي ستجمعك وطفلك إلى الأبد.

في حال احتاج الطفل للبقاء في الحضانة، فاستمر بالبقاء في رفقة طفلك. فالأم بحاجة للراحة بعد الولادة، بقدر حاجتها للاطمئنان على طفلها الراقد بالحضانة، والذي لن تطمئن عليه، إلا إن كان في رعايتك وتحت عينك. ولا تنسى أنها بحاجة لكي تسمع كم أنها كانت رائعة أثناء الولادة!

عند حدوث ما هو غير متوقع

قد تحتاج الأم وأثناء ولادتها، لبعض التدخلات الطبية التي لم تكن متوقعة. ففي حال صعوبة المخاض، قد تحتاج زوجتك لبعض المسكنات. وفي حال تعسر الولادة، قد تحتاج زوجتك لإجراء عملية قيصرية. في هذه الحالات وغيرها، سيكون هناك إجراء بحاجة للموافقة عليه. وفي خضم الألم والتعب الذي تمر به الزوجة أثناء الولادة، فهي بحاجة لك لكي تقرر ما هو الأفضل لصحتها وصحة جنينها.


الناحية السلبية لوجود الأب داخل غرفة الولادة

على الرغم من جميع ما سبق، لا يعتقد الجميع أنّ وجود الزوج في غرفة الولادة أمر جيد. ومن أبرز المنتقدين لدور الأب في غرفة الولادة؛ هو طبيب التوليد الفرنسي ميشال اودينت، حيث قال:

“أن بيئة الولادة المثالية لا تضم أي رجل مطلقاً”.

وقد تمسك اودينت بادعاءاته هذه، ووثقها في كتابه الولادة ومستقبل الانسان العاقل. بحجة أن هناك أسباباً فسيولوجية، تجعل من وجود الزوج مثبطاً لعملية الولادة. بما في ذلك أن الزوج هو مصدر إلهاء للمرأة، وقد يزيد وجوده من زيادة تدفق هرمونات التوتر عند المرأة في غرفة المخاض، مما قد يصل بها إلى حالة الهلع والقلق الشديدين. حتى لو غضضنا النظر عن آراء طبيب التوليد ميشال اودينت، التي قد تكون حادة بعض الشيء؛ فمن المؤكد أن التواجد في غرفة الولادة ليس أفضل خيار بالنسبة للبعض من الأزواج!

لماذا ذلك؟

حسناً؛ سنلخص ذلك في عدة نقاط لننصف اختيار بعض الأزواج بالبقاء خارج غرفة الولادة:

  • يُنظر إلى دعم الزوج داخل غرفة الولادة كنوع من الالتزام، ويشعر العديد من الآباء بالتوتر من هذا التقييم، لذا يفضلون ألا يخضعوا له.
  • قد يكون من الصعب إخفاء المشاعر بالنسبة للشريك، في حال حصلت بعض المضاعفات غير المتوقعة، فقد يظهر عليه الخوف والقلق، مما قد يزيد من قلق الزوجة أثناء الولادة عندما ترى مدى تأثر زوجها.
  • تعبّر المرأة عن حبها لعائلتها وشريكها من خلال تقديم الرعاية باستمرار لهم، ولا تتوقف عن تقديم هذه الرعاية حتى أثناء المخاض! تفجّر غريزة الأمومة الدائم شيء رائع حقاً، ولكنها قد تصرف انتباه الأم عن التركيز على الولادة، بل ستنشغل برعاية زوجها والقلق على مشاعره.
  • قد تطغى المشاعر والعواطف على الزوج أثناء تواجده في غرفة الولادة، وهذا يمكن أن يصعّب عليه دعم زوجته بقدر ما تحتاج أثناء الولادة.
  • الارتباط العاطفي بين الزوجين وقلق الزوج على زوجته، قد يضعه في نوبة هلع. غالباً ما يكون الأمر أسهل بالنسبة لشخص أكثر حيادية، كالقابلة مثلاً.
  • من الصعب على بعض الأزواج التواجد حول الدم والإبر وفوضى الولادة، ومن الأصعب بالنسبة لهم مشاهدة الزوجة تتلوى ألماً دون أن يكون قادراً على تخفيف ألمها، وقد لا يتمكن الزوج من التعامل مع المواقف المخيفة إن حصلت! روى أحد الأزواج أنه لا ينسى شكل رضيعته وقد ولدت بحبل سري ملفوف حول رقبتها؛ الأمر الذي أدى إلي ازرقاقها، ويقول أنه إلى الآن يشعر بمدى رعب تلك اللحظة!

اقرأ أيضاً اكتئاب ما بعد الولادة عند الآباء؛ هل حقاً يعاني الآباء الجدد منه؟


1 التعليق

  1. […] اقرأ أيضاً دور الأب في غرفة الولادة […]

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0