يطول الحديث عن الأمومة وعظمتها وقُدسيتها، ويكثر التغني بالأم وحنانها وتضحياتها وهذا شيء جميل تستحقة كل الأمهات. لكن؛ هل استثنينا الأب من العملية التربوية دون قصد؟ هل ألصقنا الأمومة بالأم وحدها فقط؟ نعم هذا ما حصل! وسيم منيمنة – أب عازب – وغيره الكثير من الآباء هنا اليوم؛ لإثبات الدور العظيم الذي يقوم به الآباء أيضاً. العملية التربوية تشمل الأم والأب. ووجودهما في حياة أطفالهما بنفس القدر من الأهمية. أذكر درسِ اللغة العربية عندما كنت في الصف الثاني؛ الذي يقول: “ماما تعد الطعام – بابا يعمل – ماما تلعب معي – بابا يشتري حاجيات المنزل”. الآن أتمعن في هذه العبارات وأسأل نفسي؛ هل يقتصر دور الأب على العمل وشراء الحاجيات؟ هل هو المعيل المادي بالمنزل فقط؟ ثم ما المقابل لمصطلح “أمومة”؟ ألا يوجد في القاموس مصطلح “أبوبة” مثلاً!
لا يكتمل توازن العائلة إلا بوجود الأب ومشاركته الفعلية في حياة أسرته سواءً في الماضي أو في الحاضر. ومع تغير نمط الحياة وشكلها أصبح وجود الأب ودوره أساسي ومهم جداً في حياة أبنائه؛ بل لا يقل أهمية عن وجود الأم. لذلك نحتاج أن نسلط الضوء على الأب ودوره ومحبته لأطفاله وتضحياته بشكلٍ أكبر. واليوم سنسلط الضوء على أب عازب حنون ومضحي وناجح، اختار أن يتحمل مسؤولية أطفاله بالكامل وأن يؤدي دوره على أتم وجه. السيد وسيم منيمنة أب عازب لطفلين وصاحب حساب Fathersofboys_wm؛ الذي ينشر عبره معلومات تفيد الآباء بالعملية التربوية، كما ويوثق فيه اللحظات الرائعة التي يحظى بها مع طفليه. وسيحدثنا اليوم عن تجربته الشخصية في الأبوة الفردية التي يمر بها.
عرفنا عن نفسك
اسمي وسيم منيمنة أب عازب منذ عامين لطفلين. متخصص في العمل في مجال الميديا والإعلانات وأحب ابتكار فيديوهات مضحكة لي ولأطفالي. بدأت بتصوير الفيديوهات منذ قدوم أطفالي إلى هذه الدنيا؛ فقد رغبت بتوثيق اللحظات الجميلة معهم. فامتلأت أيامنا بالضحك واللعب؛ الأمر الذي أدى إلى تقوية علاقتي بأطفالي. ولأنني من يقوم بتصويرهم أصبحت أقضي وقتاً أطول معهم ؛فازداد التقارب بيننا وبالتالي زادت متانة علاقتي بهم. إلى جانب ذلك أحب ممارسة هوايتي وإضحاك من حولي بقيامي بال Standup Comedy.
لا نسمع مصطلح “أب عازب” في مجتمعنا، ولا يوجد له معنى في القاموس. فكيف تُعرف عن نفسك؟
أُعرّف عن نفسي ببساطة بأني أب عازب. لا أتباهى بهذه الحقيقة ولكنها الحقيقة! يعيش أطفالي معي في منزلي ويرون أمهم بانتظام ولها دورها في حياتهم. أنا وسيم منيمنة إنسان طبيعي مررت بظروف معينة حولتني لأب عازب ولا عيب في ذلك.
يوجد نظرة نمطية أن التربية مرتبطة بالأم، وعلاقة الأم بأطفالها مميزة دائماً. فكيف تصف علاقتك بأطفالك؟
أتفق مع هذه النظرية وأؤمن بالعلاقة المميزة التي تجمع الأم بأطفالها، وأؤمن أيضاً أن هذه العلاقة تبدأ منذ اليوم الأول من الحمل، وتزداد قوة مع مرور الأيام. والأم هي التي تغذي هذه العلاقة الرائعة. مع ذلك؛ لا ننكر أن العلاقة بين الأطفال والأم تحتاج لبذل مجهود من الأم لتقويتها. وكذلك علاقة الأطفال مع الأب، أيضاً تحتاج لمجهود من الأب لتقويتها.
أنا من الآباء الذين اختاروا بذل جهد لتقوية علاقتي بأطفالي وأنا مليء بالحنان والحب تجاههم. فالحنان لا يقتصر على الأم فقط. تجمعني علاقة رائعة بأولادي؛ فأنا أعيش لأجلهم وأرى نفسي من خلالهم. نتفق سوياً في العديد من الأمور ونحل اختلافاتنا بالنقاش. أصب كامل تركيزي على راحتهم وسعادتهم، ولا أتمنى من هذه الدنيا أكثر من رؤيتهم يكبرون وهم سعداء. الاحترام حاضر دائماً في حياتنا واستطعنا أن نبني علاقة جميلة متينة معاً.
كيف تنظم الوقت بين العمل والأطفال؟ هل تحظى بالدعم من العمل كونك تمارس الأبوة الفردية؟
يشكل هذا الموضوع تحدي وصعوبة عند أغلب العائلات، وعدم تفهم جهات العمل بشكل عام لطبيعة حياة الأبوة الفردية أو حتى حياة الموظفين الشخصية دفعني لإيجاد وخلق التوازن، وأيضاً مع أحداث هذا العام غير المتوقعة ووجود الأطفال بالمنزل طوال الوقت، خلق في داخلي شعوراً بالذنب بسبب خروجي للعمل يومياً وتركهم بالمنزل، وشعرتُ بنفس الأحاسيس التي تشعر بها الأم العاملة.
مع ذلك يشكل وجود مساعدة منزلية جيدة دعماً كافياً، فهي تساعد الأطفال بالدراسة وتقضي وقتاً جميلاً معهم، كما وتساعدني بتجهيز النشاطات العائلية لهم التي تمكنني من قضاء وقت نوعي معهم، وجود نظام دعم جيد يغني عن الحاجة للدعم من العمل.
لا نجد الكثير من حسابات الآباء العُزّاب على مواقع التواصل الاجتماعي. فمن أين تحصل على معلومات خاصة بالتربية وكيف تجد المعلومات المتعلقة بكل ما يخص الأطفال؟
بحثت كثيراً على مواقع التواصل الاجتماعي وفعلاً لم أجد حسابات للآباء بشكلٍ عام وللآباء العزّاب بشكلٍ خاص، حتى حسابي الموجود على منصة إنستجرام لم يكن الهدف منه إلا مشاركة اللحظات المميزة مع أطفالي ولم أكن في ذاك الوقت أب عازب!
ولكن ومع افتقار منصات التواصل الاجتماعي لحسابات الآباء بحثت ووجدت ما يفيد بحساب Moshaya Family وحساب BatDad، وأيضاً حساب How To Dad، أركز على إيجاد آباء ممتعين يتبعون سبلاً واقعية وسلسة بالتربية، وتعلمت منهم أن أبث رسالة عبر حسابي الشخصي Fathersofboys_wm مفادها أن رغم صعوبة التربية ولكنها شيءٌ ممتع ومليئة باللحظات الرائعة،نعم من المهم أن نحافظ على القوانين والحدود مع أطفالنا ولكن لا داعي لل”دراما” الزائدة معهم.
بالإضافة إلى متابعتي للعديد من حسابات الأمهات المختصات بالتربية، وقراءتي للعديد من كتب التربية، وبحثي عن المقالات التي تتحدث عن تربية الأطفال لقرائتها والاستفادة منها، ولا ننسى غريزة الأبوّة التي تعلمنا الكثير.
هل يواجه الأب مشاعر الذنب أو الشعور بالتقصير؟ لأي درجة تواجهها وكيف تتعامل معها؟
أنا شخصياً أواجه هذا الشعور وأشعر بالذنب في معظم الأوقات. لا أعلم عن الآباء الآخرين ولكني أحزن عند ترك أطفالي بالمنزل عند مغادرتي للعمل، أو حتى خلال قضاء وقت نوعي معهم؛ أشعر بأن هذا الوقت غير كافي ولا يحتوي على نشاطات كافية رغم كفايته!
مصطلح “ذنب الأب” موجود بالتأكيد، ولكن تسليط الضوء على مصطلح “ذنب الأم” أكبر. أتعامل مع هذه المشاعر بتكرار عبارة “شعور الذنب يعني قيامك بعمل جيد” لنفسي، فأنا فعلياً أبذل كل جهدي لسعادة أبنائي، كما أحاول باستمرار زيادة الوقت النوعي الذي أقضيه معهم وأقوم بتركيز اهتمامي عليهم فقط خلال هذا الوقت.