متلازمة المحتال : ما هي وكيف يمكننا التغلّب عليها!

الصحة النفسية والجسدية للأم العاملة

متلازمة المحتال : ما هي وكيف يمكننا التغلّب عليها!

متلازمة المحتال imposter syndrome
متلازمة المحتال

هل عشتِ مثل هذا السيناريو: أنتِ على وشك تقديم عرض مهم أمام مديرك في العمل، قبل الاجتماع.. بدأت مشاعر الخوف والتردد تساوركِ… “ليس لدّي العلم والخبرة الكافية لأعرض هذه الفكرة أمامهم، لن تُعجبهم فكرتي لأنها لا ترتقي للمستوى المطلوب”.. ورُغم هذه المشاعر والشكوك، قدّمتِ العرض، وانتهى الاجتماع! لقد قمتِ بعمل مذهل وأثنى الجميع على الفكرة الفريدة التي طرحتها وعلى خبرتكِ الواسعة في الموضوع! شعرتِ حينئذ بالسعادة.. ثم بدأتِ في التشكيك بنفسك مرّة أخرى! “نجاحي هذا وإعجاب الآخرين بما أعرفه ما هو إلى ضربة حظ، أنا في الحقيقة لست جيّدة فيما أفعله! وسيكتشفون قريباً أني مجرد “محتالة” لا تفقه شيئاً.

هل تعلمين أن كل هذه المشاعر التي تنتابكِ، وتقليلكِ من قدراتكِ وخبراتكِ، وعدم تقبّلكِ لتقدير الآخرين وثنائهم عليكِ، والخوف من السعي لتحقيق المزيد من النجاح مرتبطة بمتلازمة أو ظاهرة يُطلق عليها في مجال علم النفس اسم “متلازمة المحتال” أو “Imposter Syndrome”.





ما هي متلازمة المحتال؟

يُستخدم هذا المصطلح لوصف ظاهرة نفسية تُطلق على الأشخاص الذين يمتلكون مستويات عالية من المؤهلات والمهارات، ولكنهم يشعرون أنهم لا يستحقون النجاحات أو الإنجازات التي حقّقوها، والذين يعتقدون أنهم غير مؤهلين للقيام بالمهام الموكلة لهم لأنهم أقل كفاءة ومهارة من الآخرين، كما يصاحب هذه الظاهرة شعور المرء بأنه “محتال” وأن الآخرين سيكتشفون هذا الأمر قريباً.

على الرغم من أن ظاهرة المحتال لا تندرج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، إلا أن علماء النفس يقرون بأنها شكلٌ حقيقي من شك الأشخاص في قدراتهم الفكرية.. وعادة ما تكون مشاعرها مصحوبة بالقلق أو الاكتئاب.

تعود تسمية هذه الظاهرة أو المتلازمة إلى أبحاث أجرتها عالمتا النفس بولين روز كلانس وسوزان إيميس في عام 1978، والتي تشير أيضاً إلى أن هذه المتلازمة أكثر انتشاراً بين النساء!


كيف تعرفين أنك تعانين من متلازمة المحتال؟

وضعت بولين روز كلانس مقياساً لمساعدة الأشخاص على معرفة مدى إصابتهم بهذه المتلازمة، وهو استبيان من 20 سؤال يساعدكِ في معرفة مدى وجود السمات المميزّة لهذه الظاهرة في شخصيتك.

يمكنك الإجابة على الاستبيان عبر هذا الرابط وحساب النقاط لمعرفة النتيجة (الاستبيان باللغة الإنجليزية).

إليك أيضاً أبرز الصفات المرتبطة بمتلازمة المحتال:

  • تقليل الشخص من قدراته والخبرات والمهارات التي يمتلكها.
  • الإحساس بأن النجاح الذي يحققه الشخص يعود إلى أشخاص أو عوامل خارجية أو إلى الحظ.
  • صعوبة كبيرة في تقبّل النقد البنّاء.
  • الشعور الدائم بأن الناس سيكتشفون في نهاية المطاف أن هذا الشخص “محتال”.
  • لوم النفس على الأخطاء التي قد تحدث في الحياة الشخصية أو المهنية.
  • الميل إلى التسويف والمثالية خوفاً من عرض الإنجازات والقدرات أمام الآخرين.




5 نصائح للتغلّب على ظاهرة المحتال

1. ضعي قائمة بإنجازاتكِ

قد يكون صوت الناقد بداخلك أسوء أعدائك، فهو يجعلك تركّزين على كل ما ينقصك من مهارات، وتشككين في قدراتكِ، ومؤهلاتكِ وإنجازاتكِ، لذلك ننصحكِ بتخصيص بعض الوقت لكتابة كل إنجازاتكِ على ورقة،ـ حاولي تذكّر كل الإنجازات، الصغيرة منها قبل الكبيرة، اكتبيها وافتخري بها، لأن هذا سيعزّز من ثقتك بنفسك.

إذا واجهتِ صعوبة في ذلك، حاولي الإجابة على بعضٍ من هذه الأسئلة لمزيد من الإلهام:

  • ما هي نقاط قوّتي، ما الذي يميّز شخصيتي، وطريقتي في العمل؟
  • ما هي التحدّيات أو الصعوبات التي تمكّنت من تجاوزها في حياتي الشخصية والمهنية؟
  • ما هي الإنجازات التي حقّقتها؟ ولا نقصد بذلك إنجازاتك المهنية، بل أي إنجازات في حياتك، مثل إنهاء دراستك الجامعية بتميّز، إطلاق مشروع صغير، التطوّع في مجتمعك، تربية أبنائك تربية حسنة.

2. لا تتوقّفي عن التعلّم وتحسين مهاراتك

سواءً في الحياة المهنية والشخصية، لا شيء سيعطيك شعوراً بالإنجاز ويساعدك على التغلّب على أعراض هذه المتلازمة مثل تعلّم أشياء جديدة، واكتساب مهارات مما سيعزز ثقتك في نفسك.

لم يعد لديك اليوم أية أعذار، فالإنترنت يزخر بعدد لا يُحصى من الدورات المدفوعة والمجانية (افتحي موقع يوتيوب واكتبي أي شيء ترغبين في تعلمه وستجدين آلاف مقاطع الفيديو في جميع المجالات).

ويقدّم لك موقع كلنا أمهات مجموعة متنوعة من الورشات والاستشارات التي ستساعدك في تحسين مهاراتك، والاستعداد لخوض غمار الحياة العملية، مثل الورشة المقبلة بعنوان “عودة الأمهات للعمل”، والتي لا شك أنها ستكون خير مكان لتستعيدي ثقتك في نفسك وتحاربي ظاهرة المحتال وتستعدّي للعودة إلى الحياة العملية من جديد، يمكنك الاطلاع على تفاصيل هذه الورشة والتسجيل فيها عبر الرابط الموجود أدناه.

3. لا تقارني نفسكِ بالآخرين

لا أحد يعرض معاركه والصعوبات التي يواجهها على مواقع التواصل الاجتماعي، فالجميع يظهرون لنا جانباً صغيراً من حياتهم، يعرضون علينا علاماتهم التجارية بعد إطلاقها، البرامج التدريبية بعد أن يسجل فيها المئات، ولا أحد سيريك الدموع والمعاناة التي تسبق تلك النجاحات، أرجوكِ، لا تقعي في فخ المقارنة مع الآخرين، لإن لكلٍ منا رسالته في هذه الحياة وتوقيته من أجل عيشها.

4. افتخري بإنجازاتكِ واقبلي المديح!

استمتعي بعبارات الثناء والمديح التي تسمعينها من الآخرين عندما تقومين بعملٍ جيّد.. انظري إلى نفسكِ بعين الأم التي تفتخر بأبنائها.. أشكري نفسكِ على ما تبذلينه من جهدٍ في حياتكِ اليومية.

 – أعرف أن هذا صعب -، ولكنكِ تستحقين حقاً أن تقدّري مجهوداتكِ وتعبكِ.. وأن تشجّعي نفسكِ، وتقبلي المديح من الآخرين عمّا تقومين به من إنجازات على الصعيد الشخصي والمهني.

5. التسويف والمثالية أعداءٌ عليك مواجهتهما

إن كنت تعانين من ظاهرة المحتال، فلابد أنك تواجهين مشكلتين هما: التسويف والمثالية. تؤجلين المهام التي تنتظرك لأنك تريدين أن يكون كل شيء مثالي.. فأنت لا تريدين أن تظهر أخطاؤك أمام الآخرين ولكن الخبر الجيد هو أنه لا بأس في أن نخطأ… ولا يوجد شيء كامل أو مثالي.. بل سر النجاح هو أن تري الآخرين ما تجيدين فعله، وألاً تخافي من سماع الملاحظات والنقد البنّاء. لا تنتظري أن يصبح كل شيء مثالي حتى تبدئي، ابدئي بما لديك اليوم، ابدئي اليوم وستجدين نفسك تتعلمين المزيد وتزدادين ثقة في نفسك وستشكرين نفسكِ على هذه الشجاعة.

وأخيراً، كلّما راودتك أفكار سلبية حول قدراتكِ، تذكّري إنجازاتكِ، تذكري أنك قدوة لأبنائكِ وأنهم يرون فيك أفضل أم في العالم، وأنتِ كذلك.. لا تدعي مخاوفك والأفكار السلبية التي تراودك تأخذ منك فرصاً في العمل أو في الحياة الشخصية.





المصادر والمراجع

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0