مقدمة عن منهج Resources for Infant Educators (RIE)

أمومة وتربية الطفولة المبكرة

مقدمة عن منهج Resources for Infant Educators (RIE)

Resources for Infant Educators

تعد تربية الأطفال واحدة من أصعب وأهم المهام التي تعود على عاتق الوالدين، وهي عملية تنشئة الطفل منذ لحظة ولادته. يتعاون خلالها الوالدين على إحاطته ببيئة سليمة وغنية يتعلم فيها ومنها باستقلالية. ويتبعان عدد من الأساليب التي تعتمد على عدة عوامل تخص الوالدين من ثقافة، ودين، ومجتمع، وعادات، وتقاليد والعديد من العوامل الأخرى. نرى في العصر الحالي ظهور العديد من الأنماط والمناهج التربوية المعتمدة على علم النفس؛ كمنهج مونتيسوري ومنهج Resources for Infant Educators. تحدثنا مع المدربة التربوية سندس شابسوغ، المتخصصة في منهج RIE “Resources for Infant Educators؛ لتشرح لنا من خلال مقدمة مبسطة عن هذا المنهج، ولتجيبنا عن بعض الأسئلة المتعلقة به.


• حدثينا عن أهم الخطوط العريضة في هذا المنهج –  منهج RIE

هي اختصار ل Resources for Infant Educators. وهي اسم المؤسسة غير الربحية، التي أسستها “ماجدة جربر” الخبيرة في تربية الأطفال، لتساعدها في نشر منهجيتها، التي أطلقت عليها اسم “EduCaring Approach”. حيث جمعت فيها بين التربية والرعاية، لتبيّن أهمية الرعاية بالعملية التربوية.

أما ما يميز هذه المنهجية أنها قريبة من الفطرة، وأنها تبدأ منذ ولادة الطفل. وتركز على المربي أو مقدم الرعاية بنفس القدر التي تركز فيه على الطفل. بالإضافة إلى أنها واقعية وحقيقية.

كما أن هناك منهجية متبعة لمن أراد أن يتتلمذ ليصبح معلم لمنهج RIE. فالشهادة لا تعطى بعد عدد محدد من الدورات أو السنين، بل هناك العديد من المراحل، التي تهدف إلى ترسيخ المبادئ عن طريق الممارسة. والتي تعمل على جعل المتدرب يتشرب الأفكار ويستوعبها بالشكل الصحيح.

يرتكز منهج RIE على تسع مبادئ أساسية، تعمل على تحويل الاحترام من مجرد صفة إلى أفعال. فنحن نتواصل بصدق مع الطفل ونشركه في عمليات الرعاية، حيث نعطيه اهتمامنا الكامل، ونعطيه المساحة والوقت ليلعب باستقلالية من دون مقاطعتنا، ونعطيه كل الوقت الذي يحتاجه ليطور مهاراته العضلية والمعرفية بشكل طبيعي وبدون ضغوطات. كما ونثق بحدسه ودافعه الداخلي الفطري الذي يولد معه، وندعوه ليعبر عن مشاعره كاملة، عن طريق تقبلها والاعتراف بها وتعليمه كيف يديرها.

كما نكون له قادة صادقين وواثقين ليشعر بالأمان من خلال الحدود الواضحة. ونشجعه على حل المشكلات والنزاعات والتعامل معها بما يتناسب مع عمره. وختاماً نحرص بأن نجسد هذه الصفات بأنفسنا لنكون له قدوة حقيقية.


• بماذا يختلف منهج RIE عن منهج مونتيسوري مثلاً؟

الاختلاف بطريقة التطبيق

فالمنهجان يسيران على مبادئ وخطوط متشابهة. مثل: إعطاء حرية للطفل، احترام كيانه واستقلاليته، وتوفير بيئة ملائمة له. ولكن بصفوف منهج RIE الأدوات مفتوحة الهدف؛ علينا فقط أن نضعها بمحيط الطفل، ثم نترك له الحرية المطلقة متى وكيف يكتشفها، أو ماذا يفعل بها. فالعملية التعليمية عند الطفل مستمرة.

سأوضح ذلك بمثال

إحدى الإستشارات عن أم جربت مع طفلها نشاط مونتيسوري عن فرز الألوان، ولكن الطفل لم يبدي أي اهتمام. وعندما قامت الأم بسؤال المدربة، اقترحت عليها أن تلغي هذا النشاط. فحسب منهج مونتيسوري الطفل غير مستعد له.

ولكن رأي منهج RIE مختلف! فالطفل دائماً يتعلم. لذلك نصحتها بعدم إلغاء النشاط، فالطفل مستمتع به على طريقته الخاصة. إن لم يتعلم الألوان من خلال هذا النشاط، سيتعلم أشياء متعددة أخرى. ثقي بطفلك، فهو دائم التعلم.

أيضاً يختلف المنهجان ببعض التفاصيل الأخرى

كتعليم الطفل مهارة استخدام الحمام؛ يتبع منهج مونتيسوري عدة خطوات متبعة لتعليم الطفل هذه المهارة. بينما يؤمن منهج RIE أن العمليات الحيوية لا تُعَلّم، واجبي أن أهيئ البيئة المناسبة ليتعلم الطفل هذه المهارة لوحده، وأن أعرفه عليها من خلال  القصص والتجارب اليومية.

فجاهزيته تعتمد على ثلاث محاور: الجاهزية الجسدية، والنفسية والعاطفية. فلا نستعجل الطفل لتعلمها عن طريق التدريب أو المكافئات أو غيرها.


• أين نجد معلومات ومصادر موثوقة نتعلم منها عن منهج RIE؟

من الموقع الرسمي لل RIE، وهو RIE.org، يحتوي هذا الموقع على العديد من الدورات التدريبية للمحترفين والمربين “الوالدين”، وأيضاً نجد فيه مصادر متعددة من كتبٍ وفيديوهات. أيضاً سأذكر موقع “ماجدة جربر” Magdagerber.org، وبودكاست JanetLansbury.com.

أما عن المصادر العربية، فأنا ممتنة جداً لأن الله سخرني وأكرمني، بأن أكون أول من ينقله إلى العربية عبر منصتي respectfulspace.com.


• أخبرينا عن تجربة شخصية ناجحة تحققت بسبب استخدامك لهذا المنهج مع أطفالك.

بدأت تطبيق هذا المنهج مع أطفالي، لأني كنت أبحث عن منهج يعتمد على العلم، وليس على استبيان جُرّب على عدد من الناس! إلى أن وجدت ضالتي واقتنعت بمنهج التربية باحترام.

عندما كنت أتحدث إلى مشرفة الحضانة التي يذهب إبني إليها، كانت تعجب جداً بأفكاري التربوية، وتبنت العديد منها، وطبقتها في دار الحضانة مثل طريقة التعامل مع الأطفال في حال وقوع نزاع، أو المديح الدائم، أو ثقافة الاعتذار والمشاركة وغيرها.

وهنا سأقدم رسالة للأمهات، أنتِ سفيرة احترام الطفل أينما كنتِ، تحدثي بثقة لمعلمة طفلك أو طبيبهُ أو مدربه، فأنت تملكين العلم والحجة، ستؤثرين فيهم كما أثرتُ أنا على مشرفة الحضانة. وانظري لنتائج تأثيرك على المدى البعيد وعلى الأجيال القادمة!

• كيف تغلبتي على رواسبك التربوية والشخصية حتى تحققي النجاح بتطبيق هذا المنهج في منزلك؟

برأيي أن الثواني المعدودة بين تصرف الطفل وبين ردود أفعالنا، هي روح التربية، فهي تسمح لي أن أميز بين التصرف “التلقائي” الذي تعودت عليه، وبين كيف “أريد” أن أتصرف، مرة تلو الأخرى حققتُ النجاحات الصغيرة، التي صنعت كل الفرق.

وأيضاً ساعدتني عادة الكتابة لدي، فأنا أكتب فجر كل يوم كل أحداث النهار السابق، ثم أحاول التركيز على الأمور المكررة بفترة معينة. فمثلاً حالياً أركز على “عدم إكراه الطفل على فعل شيء بالإجبار”.

كما أنني أحاول أن أتأنى بتحصيل المعلومات، فعندما أطبق أحدى النظريات، وتصبح جزء من حياتي، أبدأ بالبحث عن المعلومة التالية. وأخيراً دائماً ألجأ وأستعين بالله، فما توفيقي إلا بفضله.


• ما دور الأب بهذا المنهج؟ هل هناك نصائح توجهينها لتشجيع الآباء على المشاركة بهذا المنهج رغم إنشغالهم؟

دور الأب أساسي بالعملية التربوية، ولكن هذا يعتمد على الظروف الفردية لكل عائلة. دائماً أنصح الأمهات بالحوار الهادئ مع الأب. اجلسي معه وأطلبي منه أن يتحدث عن طفولته، عن تأثير التربية التقليدية في تكوين شخصيته. ومن هنا أطلبي منه أن يحدد الأنماط التي لا يرغب بتكرارها مع أطفالكم؛ فهذه رحلته أيضاً وبالنهاية هو شريكك بالعملية التربوية. فالمصارحة والحوار جزء من الزواج السليم.

ثم اطرحي سيناريوهات معينة لسلوك الطفل، وتناقشي بها مع زوجك. وبالنهاية يجب أن نؤمن جميعاً أن الممارسة وفقط الممارسة، هي التي ستصقل خبرتنا التربوية.

أما عن نصيحتي للمربين.. اعتنوا بأنفسكم، قوّموها، تخلصوا من الأفكار والعادات والمفاهيم المؤذية لأن الطفل يتعلم منكم دائماً. وظيفتكم أن تعلّموا الطفل “كيف” يتعلم ويفكر بطريقة سوية، وليس “ماذا” يتعلم أو “بماذا” يفكر.

اعترفوا بضعفكم ولا تترفعوا عنه. مهما بلغتم من العلم والسلطة! فأول خطوة للتطور هي الاعتراف. اعترف بمشكلتك واطلب من الله العون ثم ابحث عن حل وابدأ بتطبيقه.

وأخيراً.. استثمروا بعلاقتكم مع أطفالكم، وابنوا عادة التواصل الدائم والثقة والاحترام المتبادل معهم. فنحن نحب أطفالنا بالفطرة، ولكن العكس ليس صحيح! فأطفالنا يحبونا بسنوات حياتهم الأولى، حيث بقائهم على قيد الحياة مرتبط بنا. ولكن بعد ذلك، علاقتنا بهم تحتاج للجهد والعمل المستمر لتقويتها وتحسينها، والأساس القوي يسهل الطريق لذلك.

2 تعليقات

  1. منى
    أكتوبر 22, 2020 في 12:23 م

    منهجية جميلة حمستيني أتعرف عليها أكتر ?

    1. ميرا الحوراني
      أكتوبر 30, 2020 في 10:00 م

      شكرا لمرورك في موقع أمهات وهي فعلا منهجية ممزية تستحق تسليط الضوء عليها

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0