تقريباً، لا يوجد أحد منا لم يرَ الشخصية المغرورة في حياته أو يتعامل معها، وقد نقع نحن أحياناً في فخ الغرور دون أن نرى أننا مغرورين.. ولأن الغرور عكس للثقة، وإظهارٌ للنقص، فله بالطبع تأثير كبير على العمل بروح الفريق الواحد، وإنجاح المؤسسة أو الشركة والمحافظة على ديمومتها واستمراريتها وبقائها. ولأن هدفنا جميعاً الارتقاء والسعيّ والوصول، من الضروري أن نعرف من هي الشخصية المغرورة؟ وكيف يمكن التعامل معها؟
“إياك والرضى عن نفسك فإنه يضطرك إلى الخمول، وإياك والعجب فإنه يورطك في الحمق، وإياك والغرور فإنه يظهر للناس كلهم نقائصك كلها ولا يخفيها إلاَ عليك.”
صفات الشخصية المغرورة:
إن كنتِ ترين نفسك دوماً على صواب
جميعنا لدينا وجهات نظر مختلفة بالطبع، واحتكار الصواب لشخص واحد ضمن فريق عمل جماعي، يعني خسارة الجميع بالطبع، بما فيهم الشخصية المغرورة نفسها.
إن كنتِ تشعرين أنكِ الأفضل
مما لا شك فيه، أن الشعور أنكِ الأفضل هي دلالة على تقدير ذاتك ومعرفة قيمتها.. لكن لا يعني هذا أنكِ الوحيدة التي تستحق المدح والثناء والمُرّتب والمكافأة، ولإنجاح أي عمل جماعي؛ يجب تقدير كل مجهودٍ من كل عضوٍ في الفريق ومعرفةِ قيمةٍ كل فردٍ منهم.
أن تكوني كثيرة الكلام والشكوى
الحديث عن زملاء العمل من ورائهم لا يكون طريقةً للفت النظر أو إعجاب الآخرين بك.. لأنهم سيفكرون أنكِ تتحدثين عنهم بالسوء أيضاً من ورائهم.. فالبديل هو مشاركة الحديث عن تجارب عملية ناجحة والابتعاد عن الشكوى والثرثرة التي تجلب الطاقة السلبية لبيئة العمل.. فالشكوى تعني تبريرنا لأخطائا أحياناً ولوم الآخرين وإظهارنا لصواب أنفسنا بدلاً من تجربة وضع أنفسنا مكان الآخرين وتفهمهم.
إن كنتِ تقللين من قيمة التحديات
الشخصية المغرورة ترى أنها تستطيع مواجهة أي تحدي وقادرة عليه دون إعطائه أي أهمية أو استراتيجية أو خطة عمل عمل لمواجهة المنافس.
أن تنسبي النجاح لنفسك فقط
أن تكوني قائدة في فريق عمل ما، يعني أن تقدري مجهود موظفينك، لا أن تنسبي أفكارهم ومجهوداتهم لنفسك، فقد يتوقف الموظف عن طرح أفكاره وبالتالي توليد بيئة عمل مشحونة وظالمة.
والآن وبعد أن تعرفنا على الشخصية المغرورة، كيف يمكن أن نتحلى بالتواضع ونتجاوز الغرور؟
- لا بأس بالأخطاء، فهي تساعد على كوننا معلمينا عند تصحيحها والاعتراف بها، وتقبلها والاعتذار للآخرين عليها
- تذّكري دائماً، أن التواضع ينعكس أيضاً على طريقة الآخرين في تعاملهم معنا، باحترامهم وتقديرهم لنا ولسلوكنا
- اقتدي بالسلوكيات الجيدة الموجودة لدى الآخرين وحاولي قدر الإمكان العمل بها
- اعترفِ بالأسباب التي نبهّت الغرور في داخلك وجعلته يندفع ويظهر وقومي بالتخلص منها عن طريق كتابتها والتخلص من الورقة أو حتى التحدث عنها بصوت عالٍ مع نفسك وتوقفي عن لوم نفسك.
- لا بأس إن كان لديكِ مرشد خاص وقدوة حسنة تستشيرينه في سلوكياتك وتصرفاتك
- تعلّمِ واستمر في التعلم لزيادة معرفتك وبالتالي ثقتك بتفسك آراءك ومشاركتها مع الآخرين
دراسة
في مقالةٍ بعنوان Ego- the enemy of outstanding leadership تم عرض نسبة تقريبية لكل صفة مرتبطة بالغرور وموجودة لدى القائد السيء.. فحصلت صفة قلة الواعي الذاتي مثلاً على 51% وقلة الصبر على 43% وهكذا، وفي المقابل تم عرض الصفات الإيجابية البعيدة كل البعد عن الغرور ونسبها الموجودة في القائد الجيد.
وفي دراسةٍ أخرى نشرت في مقالة بعنوان “The cost of ego” ذكرت أن القادة الذي يمتلكون غرور أكبر يوّرطون شركاتهم بخسارة مالية أكبر وبنسبة 6-12% !
وإلى هنا، كيف يمكن التعامل مع الشخصية المغرورة إن واجهتنا في بيئة العمل؟
- تحتاج الشخصية المغرورة لضبط سلوكها وتصرفاتها، وبالطبع لن تستقبل منكِ أي نصيحة كزميلة لها، لذلك قومي بإشراك الإدارة لتوجيهها بطريقةٍ مباشرة
- استخدام الدعم من زملائك، فالشخصية المغرورة تتعمد التمسك برأيها فقط، ووجود زملاء لكِ مؤيدين لفكرتك يجعلها تلين لاقتراحك، أو قرارك، خاصةً إن كان الرأي الذي اتفقت عليه الأغلبية.
- محاولة التقرب منهم وطلب رأيهم وتحليلاتهم واستشاراتهم، لأن ذلك يشعرهم بقيمتهم وأهميتهم وبالتالي كسب تأييدهم ونفوذهم خاصةً لو كانوا من القادة.
- التعرف على الشخصية المغرورة على المستوى الشخصي، بسؤالها عن اهتماماتها وهواياتها وغيره، فهذا يجعلها ليّنة أكثر وقد يجعلكِ تتأقلمين مع غروره بتلبية طلباته أحياناً وإلى حدها المعقول والمنطقي أو بمواجهته بالواقع والحقائق.
- إذا كان الشخص صاحب الشخصية المغرورة يقدركِ ويحترمكِ فلا بأس أن تكون منفتحاً معه وتخبره بطريقة لطيفة عن أسلوبه وتأثيره عليه وعلى من حوله، وأنكِ في النهاية تريدين مصلحته وأن يكون قائداً أو عضواً أكثر فاعلية.
وأخيراً.. فإن الإنسان في النهاية معرض لأن يتحلى بإحدى صفات الغرور أحياناً.. لكن المهم فعلاً أن يكون الغرور سبيل للتغيُّر للأفضل فور معرفتنا بهذه الصفات وتطابقها معنا. لأن العمل لا يكمل دون الجماعة، ودون روح الفريق الواحد، ومهما تعرضنا لمواقف، فهناك دوماً محاولات، لإيجاد الحل.