نصائح للأم العاملة – الاستمرار بالرضاعة الطبيعية

للأم العاملة

نصائح للأم العاملة – الاستمرار بالرضاعة الطبيعية

عبير حسنين 2

لا نستطيع أن نَغفل عن قدسية وأهمية الرضاعة الطبيعية العائدة على الطفل والأم. ومع ازدياد مشاركة النساء بشكل عام والأمهات بشكل خاص في سوق العمل؛ واجهت العديد من الأمهات العاملات صعوبة في الاستمرارية في تغذية رضيعها بشكلٍ طبيعي من خلال الاستمرار بالرضاعة الطبيعية. دفعت هذه الصعوبات بعض الأمهات إلى ترك أعمالهن والبقاء مع أطفالهن حديثي الولادة؛ لرعايتهم وتغذيتهم بشكل طبيعي. ودفعت البعض الآخر لاستبدال الرضاعة الطبيعية بالحليب المُصنّع. فما الحل؟

تحدثنا مع أخصائية الرضاعة الطبيعية روان حسنين؛ التي تقدم العديد من النصائح للأم العاملة المرضعة عبر حسابها على إنستغرام mother_in_making. حيث. ستقوم بتزويدنا ببعض النصائح والخطوات التي تساعد على الاستمرار بالرضاعة الطبيعية للأم والأم العاملة.


• مع قصر مدة إجازة الوضع للأم العاملة في معظم الدول العربية، كيف تستطيع الأم تحقيق معادلة الرضاعة الطبيعية والاستمرار بها لأطول مدة ممكنة؟ما نصيحتك؟

بالبداية؛ تحتاج الأم البقاء مع طفلها لأطول مدة ممكنة سواء بالأشهر الأولى أو بالسنوات الأولى من عمره. ومع ذلك يجب على الأم أن تستمر بالسعي نحو تحقيق أهدافها؛ دون أن تنظر إلى طموحها كعائق يبعدها عن أطفالها ويعيقها عن الاهتمام بهم. ومع قصر إجازة الأمومة في كل دول العالم وليس فقط في الوطن العربي؛ يتوجب على الأم ثلاث نقاط:

1. الاقتناع بأهمية الرضاعة الطبيعية

تلجأ العديد من الأمهات لاستبدال حليبها الطبيعي بالحليب الصناعي. فالتسويق الإعلامي للحليب الصناعي؛ زرع في عقول الأمهات فكرة مفادها أنه بديل جيد عن حليبها الطبيعي. ولكن هذه الفكرة غير صحيحة! دعيني أخبرك قصة الحليب الصناعي.

صنع الحليب الصناعي لأول مرة كمستحضر ومركب طبي؛ ليستخدم كدواء يعطى للطفل بحالات مرضية معينة ولمدة محددة. جائت بعد ذلك الثورة الصناعية وبدأت النساء بالعمل جنباً إلى جنب مع الرجال وبأجور أقل بكثير من أجور الرجال. ولأن ذلك يعود بالمنفعة على صاحب العمل؛ بدأت المصانع بتصنيع الحليب الصناعي وعرضه بالأسواق للبيع كبديل للحليب الطبيعي، حتى تتمكن الأم العاملة من الذهاب إلى وظيفتها دون أن تقلق بموضوع تغذية الرضيع.

مع التقدم العلمي وانتشار الأبحاث عن فوائد الرضاعة الطبيعية على الأم والطفل والمجتمع وحتى على البيئة؛ عاد الوعي تدريجياً بأهمية الرضاعة الطبيعية وبدأت حملات التوعية بأهميتها، وبالوسائل المتاحة للأم العاملة من شفط وتخزين حليبها الطبيعي وإعطائه لطفلها.

لذا يجب على الأم أن تبحث وتوعي نفسها بأهمية الرضاعة بشكل طبيعي وفوائدها الجمّة؛ خاصة في العامين الأولين من عمر الطفل بناءً على توجيهات منظمة الصحة العالمية. ويجب أن تعرف أن هناك وسائل عديدة تساعد الأم العاملة على في الاستمرار بالرضاعة الطبيعية؛ عن طريق شفط حليبها وتخزينه بطريقة معينة ليستفيد منه رضيعها. لتصل إلى قناعة تحفزها على التمسك بقرار الرضاعة الطبيعية والبحث عن وسائل تساعدها على الاستمرار.

2. التغلب على صعوبات توفير مكان لشفط حليب الأم

بالبداية يجب أن تعلمي أن عودتك إلى العمل لا تعني توقف الرضاعة الطبيعية. والخطوة الأولى التي يجب أن تقومي بها بعد عودتك؛ هي أن تتوجهي كأم عاملة إلى رب عملك لتطالبي بوقت ومكان مخصص لشفط الحليب دون خجل؛ فهذه عملية طبيعية لا حياء فيها. يمكنك أن تطالبي بهذا الحق عن طريق إرسال رسالة إلكترونية تشرحين فيها حاجتك ومطلبك؛ سواء قبل انتهاء إجازة الوضع أو فور عودتك إلى العمل. مع شرح أهمية الحليب الطبيعي لطفلك أو عبر إرفاق معلومات طبية تتعلق بأهمية هذا الأمر. ومع توضيح المدة التي تحتاجين لها لإتمام عملية الشفط، وتوضيح عدد مرات الشفط التي ستقومين بها باليوم الواحد.

ويفضل أن تقومي بعرض تعويض الوقت المستهلك بالشفط بساعة عمل إضافية قبل الدوام أو بعده من المنزل. ولا تنسي أنه بإمكانك شفط الحليب بأي مكان! سواء بسيارتك أو بمصلى الشركة أو بأي مكان خاص.

3. شراء منتجات تسهل وتسرع عملية الشفط لرضاعة طبيعية سهلة

يجب على الأم العاملة أن تبحث عن أحدث المنتجات التي تسرع عملية شفط الحليب؛ مع تطور التكنولوجيا توفرت شفاطات الحليب المزدوجة أو ذات درجات الشفط العالية التي تسرع العملية. كما تتوفر حافظات مخصصة لحفظ هذا الحليب في درجة حرارة مناسبة. ابحثي في الأسواق واختاري ما يناسبك.


• هناك مقولة توضح أنه أفضل وسيلة لإدرار الحليب هي كثرة الرضاعة والتقارب الجسدي، فكيف تستطيع الأم العاملة الاستمرار دون تقارب جسدي؟

جميلةٌ جداً هذه المقولة. لكن دعيني أن أوضح للأمهات أن الوسيلة الفضلى لاستمرار إدرار الحليب؛ هي تفريغ الثدي بغض النظر عن الطريقة. سواءً كان التفريغ عن طريق الرضاعة بشكل طبيعي أو عن طريق الإعتصار اليدوي؛ المبدأ الذي يقوم على أساسه الجسم بإنتاج الحليب هو أنه قام بإنتاج حليب وهذا الحليب قد تم تفريغه فيجب إنتاج المزيد!

فلو قامت الأم العاملة بتنظيم رضاعة طفلها خلال إجازة الوضع بأن تقوم بإرضاعه كل ثلاث ساعات؛ سيتعود الجسم على تفريغ الحليب وإنتاجه ضمن هذا الوقت. لهذا يجب عليها أن تقوم بجدولة الشفط بناءً على عدد ساعات عملها وعدد الساعات بين كل عملية رضاعة وأخرى لطفلها.

ولأن أغلب الأمهات يعملن لست ساعات بعد إجازة الوضع فأفضل طريقة لجدولة الشفط هي:

  • أن تقوم الأم العاملة بإرضاع طفلها قبل انطلاقها للعمل.
  • ثم بعد ثلاث ساعات تفرغ الحليب من خلال شفطه.
  • ثم عند عودتها إلى المنزل بعد ثلاث ساعاتٍ أخرى تقوم بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية.
  • إذا التزمت الأم بهذا الجدول سيستمر إدرار الحليب في جسمها دون انقطاع.

• من الممكن أن تتعرض الأم العاملة إلى موقف محرج خلال ساعات العمل كأن تمر بحالة “الاشتياق للرضيع” التي ينتج عنها زيادة إدرار الحليب وظهور أثره على ملابسها، ما مدى صحة هذه المعلومة؟ وهل هناك منتجات معينة تنصحي باستخدامها لتفادي الحرج عند حصول هذه الحالة؟

  • يجب بالبداية أن نفهم السبب الذي يؤدي إلى إدرار الحليب بغزارة. فعدم شفط هذا الحليب بانتظام أو تعرضها لموقف يزيد من إفراز هرمون الأوكسيتوسين “هرمون الحب”، أو حتى اشتياقها لطفلها؛ كل هذه مسببات تزيد من إدرار الحليب. وحتى نتجنب هذا الموقف؛ يجب على الأم أن تستمر بشفط حليبها باستمرار.
  • ومن الممكن استخدام فوط خاصة تستعمل لمرة واحدة أو مرات متعددة؛ توضع على الثدي وتعمل على امتصاص الحليب في حال غزارة الإدرار. كما يمكنها استخدام منتج يسمى صدفة الحلمة؛ الذي يعمل على تجميع الحليب الزائد. ويفضل أن تقوم الأم التي تتعرض لهذا الموقف باستمرار أن تراجع طبيبتها حتى تتأكد من أن مستوى إدرارها للحليب طبيعي.

• كيف تقومين بمساعدة الأم من خلال استشاراتك؟ ما الذي تقدمينه لها وما الحالات التي تساعدين بها؟

أحرص على تقديم خدمتي من ناحية نفسية ومعنوية ومن ناحية تثقيفية. فالعديد من الأمهات تقع في اكتئاب ما بعد الولادة؛ لذلك أحرص على تقديم الدعم النفسي والمعنوي لها وأعمل على رفع ثقتها بنفسها وتشجيعها.

أما من الناحية التثقيفية: فأبدأ بتقديم المعلومات اللازمة لها خلال فترة الحمل؛ حتى تتمكن من البدء بالرضاعة الطبيعية منذ اللحظة الأولى للولادة. وإذا واجهت الأم أي مشكلة صحية أقوم بتقديم النصائح والتوجيهات لها لمساعدتها على حل هذه المشكلة.

أما كيف أساعد الأم من خلال استشاراتي

  • فأنا أقوم بزيارة منزلية للأم وأقوم بملاحظة ودراسة المؤثرات المحيطة بها. وأقدم المعلومات اللازمة لها بناءً على هذه المؤثرات لتستطيع حل مشكلتها. حالياً وبسبب فيروس كورونا نقوم بعمل هذه الاستشارات عن بعد. أقوم بدراسة مشاكل الرضاعة الطبيعية المتعددة التي تمر بها الأم لأعطي الحل المناسب لكل مشكلة.
  • فبالبداية تواجه الأم المرضعة مشكلة إلتهاب الثدي، ثم مع النمو العقلي للرضيع يتشتت ويصبح غير قادر على الرضاعة بشكلٍ منتظم. ومن الممكن أن يمر الرضيع بمشكلة ارتباط النوم بالرضاعة نهايةً بمصاعب الفطام. مرور الأم بهذه الأحداث المتتالية؛ يخلق العديد من المشاكل التي يعتمد حلها على طبيعة الحالة.
  • أبحث بكل ما يخص الطفل كرضيع والأم كأنثى من ناحية نفسية وصحية وجسدية؛ وأقوم بربطها بالرضاعة الطبيعية بأسلوب علمي يعتمد على دراستي لهذا المجال. لأساعد الأم بعد ذلك من خلال تثقيفها بالأمور المرتبطة بالرضاعة، وتوضيح الحلول لها حتى تستطيع الوصول للحل دون الانقطاع عن الرضاعة الطبيعية.
  • أقدم دورة للأم الحامل للتثقيف بالرضاعة الطبيعية؛ وأقدم لها كل المعلومات التي تخص الرضاعة الطبيعية خلال الست أسابيع الأولى بعد الولادة، وأعطيها كل أسرار نجاح الرضاعة الطبيعية وأشجعها حتى تبدأ هذه التجربة بحماس. كما أقوم بالمتابعة مع الأم بعد الولادة لإعطائها خطة للرضاعة الطبيعية ولحل أي مشكلة تواجهها.
  • وأخيراً؛ أعمل على نشر المعلومات المتعلقة بالرضاعة الطبيعية وعلى تثقيف الأمهات وتشجيعهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

1 التعليق

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0