عزيزتي الأم؛ هل سبق و توقفتِ قليلاً لتسألين نفسك، كيف أكون سعيدة؟ أو بمعنى أكثر دقة؛ ماهي السعادة الحقيقية في قائمة السعادة الخاصة بك، والقادرة على أن تجعلك تشعرين باللذة والهناء؟ مما لا شك فيه أن تحقيق الأهداف العملية والمادية؛ تعتبر من أهم الأشياء التي تجعل المرء سعيداً. فالترقية في العمل، أو الحصول على مكافأة مادية؛ قادرة على جعل الإنسان يشعر بأنه سعيد. ولكن ماذا يحدث بعد أن يعتاد الفرد ذلك العمل الجديد، وماذا بعد أن يصرف تلك المكافأة؟
قائمة سعادة مزيفة!
من المعروف أن أغلب السيدات يعشقن التسوق؛ معتقدين أن السعادة في التسوق، وأن امتلاك أشياء جديدة؛ تعطي المرأة سعادة لا تضاهي أي مسبب آخر للسعادة! ولكن؛ التسوق الزائد عن الحد يسبب لهم ذلك الشعور بامتلاك أشياء دون أن يصلن أبداً إلى شعور الامتلاء! فتدخل النساء في دائرة من التسوق لا يعرفن كيفية الخروج منها!
أيضاً
بعض السيدات يعشقن أدوات التجميل، حيث يتفاقم هوسهن بالتجميل وعمليات التجميل، متصورين أن سعادتهن تتمثل في أن يراهن الجميع في أبهى صورهن. ولكن وللأسف؛ ذلك الشعور بالجمال لن يوصلهن للإحساس بالكمال. فماذا بعد أن تُفسد أدوات التجميل والعمليات التجميلية وجوههن؟ وماذا يحدث حينما يمر بهن العمر وينطفي جمالهن؟
يتشارك النساء والرجال في السعي خلف أحدث هاتف محمول، وأحدث ساعة وأحدث كمبيوتر، بالإضافة إلى سلسلة طويلة من السلع الشرائية التي لا تنتهي!
إن نظرتِ حولكِ؛ ستجدين أن معظم مسببات السعادة التي يلهث خلفها الإنسان، قاصداً الحصول على ذلك الشعور الغامر بالسعادة؛ هي مسببات أغلبها مادية ملموسة قابلة للزوال والانتهاء، ولا يحصل عليها المرء يومياً!
وهنا تأتي أهمية تلك الأشياء البسيطة، التي تمر بجانبك خلال يومك، فتسبب لك الشعور بسعادة بسيطة وخفية؛ لتجدين نفسك تبتسمين لا شعورياً عند حدوثها!
إنها مسببات السعادة التي يحصل عليها المرء كل يوم دون أن يبذل مجهودا يُذكر!
تلك المسببات؛ التي لا تكلف مالاً وفيراً للحصول على قسط من السعادة والاكتفاء واللذة!
ما هي السعادة الحقيقية من وجهة نظر كتاب نظرية الفستق
طرح الكاتب السعودي الأستاذ فهد الأحمدي تلك الفكرة؛ في كتابه نظرية الفستق. حيث بين قائلاً أن لو كانت السعادة الحقيقية مرتبطة بالمال فقط؛ لما ضحك فقير ولا ابتسم جائع، ولا سعد بائس! ولكن الحقيقة؛ هي أن معظم الفقراء يملكون مستويات أكبر من السعادة وراحة البال، كونهم يستخلصونها من مصادر غير مالية لا يخافون أن تنتهي.
ثم حث الكاتب القارئ؛ على أن يقوم باكتشاف نفسه من جديد، وأن يعرف كل إنسان ماهي نفسه الحقيقية. وأضاف أنه لا يوجد أي مانع من أن يغير المرء قناعاته الشخصية، كي يستعد لتطوير ذاته، حتى يكون قادراً على مواجهة تحديات الحياة وضغوطها.
من وجهة نظر الكاتب
فإن الأشياء تبقي ساكنة حتى تفكر بها؛ لتبدأ بالتحرك تجاهك. فكلما آمن الشخص بالسعادة، كلما اتحدت الظروف من حوله لتحقيق هذا الهدف.
ثم سأل الأستاذ فهد الأحمدي القارئ؛ ماهي قائمة السعادة الخاصة بك؟ ثم أجاب بنفسه عن هذا السؤال، حيث ذكر العديد من مسببات سعادته الشخصية؛ التي جائت كالتالي:
قائمة السعادة الحقيقية الخاصة بالأستاذ فهد الأحمدي:
- اللعب مع ابنه أو مشاهدة الكارتون معه.
- الدقائق الأولى للفجر.
- رؤية أصدقائه.
- أول قطمة من التفاحة.
- لحظة النوم على الجانب الآخر من الوسادة.
- سماع صوت فيروز في الصباح.
- حين يتصل به شخص يحبه.
- حينما يشاهد فيلماً مصنوعاً بإتقان.
- يسعده وقت الجمعة مع الأصدقاء والأهل.
- سماع نكتة جديدة.
- يسعده التواجد في مكتبة.
- تناول آخر قطرة في فنجان القهوة.
- رؤية منظر طبيعي حتى لو صورة.
إن السعادة لا يمكن فرضها على الإنسان من الخارج! فهي لابد وأن تنبع من الداخل حسب المواقف وطريقة التفكير والنظرة للحياة.
فماذا عنك عزيزتي الأم؟ إسألي نفسك: كيف أكون سعيدة؟
حدثينا عن قائمة السعادة الخاصة بك! مالذي يجعلك سعيدة ولو لبعض الوقت؟ بعيداً عن المسببات المكلفة والزائلة، بعيداً عن الشراء أو الاقتناء، أيضاً بعيداً عن أي متع مادية قابلة للانتهاء والزوال. إن كنت مهتمة أيضًا في تلخيص كتاب “نقطة تحول المربي/العامل” – كيف تُربي بذكاء وأقل عناء، إقرئي المزيد.
مالذي يجعلك تبتسمين دون وعي منك؟ ماهي تلك الأشياء المعنوية، التي تعطي يومك معنى آخر لطيف وسعيد؟
أهي إبتسامة طفلك في الصباح؟ أم دخول أشعة الشمس لمنزلك عند الاستيقاظ؟ أهي فنجان من القهوة مع صديقتك المقربة؟ أم هي مكالمة مع أمك؟
عليك أن تتعلمي كيفية البحث عن تلك السعادات الصغيرة العميقة في محيطك الشخصي والعائلي، قبل البحث عنها في الخارج! وعليك أن تكوني ممتنة لتلك المتع الصغيرة البسيطة. تعلمي أن تسامحي نفسك، وأن تنظري لكل يوم جديد على أنه بداية لحياة جديدة.
تعلمي ألاّ تلومي نفسك دائماً على أي تقصير تجاه الآخرين! فكل الآباء والأمهات والمربين؛ يرتكبون الأخطاء خلال تربيتهم لأبنائهم. لكن وبمجرد التعلم وتمييز التصرف الصحيح للتعامل مع أطفالك؛ تكونين قد حققتِ الهدف الرئيسي من العملي التربوية. علمي أطفالك أن أمهم بشراً، وأنه لا يوجد من البشر من هو منزه عن الأخطاء.
في النهاية نقول
تتحمل النساء الآن مقداراً كبيراً جداً من المسؤولية. فهي تلهث طوال اليوم خلف أطفالها، وتعتني بزوجها وبيتها وعملها. لذا؛ لابد لهن من الحصول على تلك النسمات اللطيفة الخفيفة اليومية، التي تساعدهن على أن تحمل مشاق الحياة.
فلتجلسي عزيزتي الأم؛ ولتأتي بورقة وقلم واكتبي عناصر قائمة السعادة الخاصة بك، ومسببات سعادتك اليومية البسيطة! وتذكري دائماً؛ أنه حين تفكرين وتمتنين لتلك الأشياء البسيطة؛ ستصبحين على ميعاد لاكتشاف نفسك من جديد. ستكتشفين أنك قادرة على الشعور بسعادة غامرة، بسبب نعم وأشياء قد اعتقدتِ أنها بسيطة! أشياء اعتدتِ على وجودها في حياتك؛ ولبساطتها لم تتخيلي يوماً أنها قادرة على منحك شعوراً بالسعادة يفوق حيازتك لأي مادة!
حين تنتبهين لتلك المسببات وحين تمتنين لتلك التفاصيل الصغيرة؛ ستجدين في داخلك سيدة جديدة! سيدة قادرة على الاستمتاع باللحظة، وقادرة على التركيز في تلك المتع الصغيرة القادرة على صنع يوم لطيف ومشاعر سعيدة، من أجل أن تسعدي نفسك. وبالتالي؛ ستكونين قادرة على أن تقدمي السعادة لكل من حولك!
كيف أكون سعيدة؟ وما هي السعادة الحقيقية بالنسبة لي؟ هي أسئلة تستحق التوقف واتفكير.
هذا المقال بقلم:
السيدة ندى ضياء الدين
“منذ صغري؛ أعيش في بيت مليء بالكتب. جدي محب جداً للقراءة، عيناي ترى الكتب طوال الوقت. وكذلك والدي الذي يكتب الشعر وأمي التي تعمل في وزارة الثقافة! فأزور معها مؤتمرات أدبية ونقابل الكتاب. كل هذا زرع في داخلي حب الكتاب والقراءة بدءاً من قصص الأطفال ميكي وماجد وسمير”.
تكبر ندى، ويكبر معها ما تقرأ! لا تفارق الكتب حقيبتها؛ في السفر دائماً هنالك كتاب لتقرأه. وإحدى محاسن الغربة؛ إنها زادت حبها للقراءة. فكم من مرة كان فيها الكتاب خير جليس؟ ندى ضياء الدين؛ أم أوجدت من الغربة حياة وصاحبة صفحة اقرأ معايا عبر الفيسبوك والتي تنشر فيها تقييمات لكتب تقرأها.