تعليم وتدريب الطفل على تقبل الرفض مع أخصائية العوامل البشرية حنين الخياري

الطفولة المبكرة

تعليم وتدريب الطفل على تقبل الرفض مع أخصائية العوامل البشرية حنين الخياري

تقبل الرفض 5

قد يكون من المجهد حماية أطفالنا من الرفض في المجتمع طوال الوقت، بل أنه من المهم أيضاً أن ندرب أطفالنا على تقبله منذ عمرٍ صغير عبر إعطائهم الوسائل والأدوات اللازمة التي تساعدهم على التعامل مع الرفض. فالشعور بالرفض يزيد من عدم تقبل الذات. وأيضاً أثبتت الأبحاث العلمية أن تجربة الرفض بحد ذاتها؛ تشبه إلى حدٍ كبير تجربة الألم الجسدي. فهنا يجب الإنتباه والحرص على مراعاة مشاعر الطفل وتفهمها، وتوجيهه لتقبل التجارب المختلفة التي سيمر فيها خلال فترة الطفولة وما بعدها. لنتعرف معاً على كيفية تعليم وتدريب الطفل على تقبل الرفض؟

حتى نتمكن من مساعدة وتعليم أطفالنا على تقبل الرفض المجتمعي؛ دعونا نتعرف أولاً على هذا المصطلح الذي رافقنا كل هذه السنوات. فما هو الرفض المجتمعي؟

الرفض المجتمعي

هو استبعاد الفرد من النشاطات أو المجموعات المجتمعية. وقد يكون الرفض إما نشطاً (عن طريق التنمر والسخرية والمضايقة والسلبية)؛ وإما صامتاً عن طريق نبذ هذا الشخص وعدم التعامل معه.

ومع أن الرفض جزء لا يتجزأ من الحياة؛ إلا أنه قد يصبح مشكلة عند حصوله لفترة طويلة. أو عندما يكون الشخص شديد الحساسية أو عندما يحصل مع الطفل باستمرار؛ فتجربة الرفض تترك آثاراً نفسية سلبية لدى الشخص ولدى الطفل. مثل الشعور بالوحدة. وانخفاض تقدير الذات. والعدوان والإكتئاب. بالإضافة إلى عدم الشعور بالأمان. كما أنه يزيد من الحساسية تجاه الرفض بالمستقبل لدى الأطفال. بالإضافة لذلك فإن تعرض الطفل للرفض يخلف لديه أنماطاً سلوكية معينة.

ما هي هذه الأنماط السلوكية؟ 

وفقاً لأستاذة علم النفس والتنمية البشرية كارين بيرمان؛ فإن معظم الأطفال الذين تعرضوا للرفض من قبل أقرانهم، يظهرون سلوكاً واحداً أو أكثر من أنماط السلوك التالية:

  1. انخفاض معدلات السلوك الاجتماعي الإيجابي مثل المشاركة والمبادرة.
  2. ارتفاع معدلات السلوك العدواني مثل الغضب والاندفاع.
  3. معدلات مرتفعة من السلوك غير الناضج أو الغافل وعدم التفكير بعواقب الأفعال.
  4.   ارتفاع معدل القلق الاجتماعي لدى الطفل.  

المصدر

كيف أحمي طفلي من الآثار السلبية للرفض ومن الأنماط السلوكية التي يخلفها الرفض في شخصيته؟

لا أحد يحب أن يتم رفضه! لأن الرفض يخلف آثاراً نفسية وندوباً عاطفية دائمة. وهو أمر صعب بما يكفي على الكبار ولكنه يكون أصعب على الأطفال. حتى نحمي أطفالنا من الآثار السلبية للرفض؛ علينا بكل بساطة وإصرار القيام بتدريب الطفل على تقبل الرفض.


تحدثنا مع أخصائية العوامل البشرية الباحثة في عالم الطفولة والتربية السيدة حنين الخياري؛ حتى تقدم لنا بعض النصائح التي تساعدنا كآباء على تدريب أطفالنا على التعامل مع الرفض وما يخلفه من مشاعر

عرفينا عن نفسك وخبرتك وعملك

إسمي حنين الخياري، أخصائية عوامل بشرية وعلم نفس. باحثة في مجال التربية والطفولة وأم لطفلين. مجال دراستي يشمل معرفة وفهم النفس البشرية وما يؤثر فيها ومن ثم إعطاء نصائح للتعامل مع هذه النفس المعقدة. مؤخراً ركزت أبحاثي الخاصة ووجهتها على الطفل وتربيته تربية سليمة نفسياً؛ حيث انحدرت هذه الأبحاث تدريجياً من إيجاد الوسائل لتقليل الأخطاء في التربية، إلى كيفية التعامل مع عناد الأطفال. فبعد أن أصبحت أماً لطفلي الأول؛ اكتشفت مدى شح المعلومات المتعلقة بالتربية السوية في العالم العربي.

‎هنالك مصطلح انجليزي يسمى الresilience وقد تكون ترجمته أقرب ما يمكن “المقاومة”. كيف نستطيع أن نعلم أطفالنا مقاومة الظروف الصعبة ومقاومة الرفض. فمثلاً لو رفض طفل آخر اللعب مع طفلي كيف أعلم طفلي أن هذا الرفض “عادي”؟

تعليم المقاومة أو المرونة؛ يأتي بشكل ثانوي بعد تقوية شخصية الطفل. فلا نستطيع تعليم أي طفل المقاومة والمرونة؛ إذا لم يتم تعزيز شخصيته وتقويتها أولاً. فمن باب الأولولية يجب تقوية شخصية الطفل عبر السماح له بالخطأ وتصحيح هذا الخطأ. وعبر إعطائه مساحة للتعبير عن ذاته ورغباته واحتياجاته – (إعطاء مساحة للتعبير لا يعني الرضوخ لطلبات الطفل ولكن يعني أننا نسمعه ونتعاطف معه). وكثير من التعاملات الأخرى التي تساهم في بناء شخصية طفل واثق.

ومع حرصنا على تقوية شخصية الطفل؛ يجب أن نعمل على زيادة مرونته ونساعده على تقبل ما يحدث من حوله في الوقت ذاته. وهو شيء يكبر تلقائياً بالحوار وبالتعرض لمواقف الرفض. إن التهيئة مهمة جدًا؛ لكن تبقى مجرد حروف لا تعطي نتائجها إلا عند وضعها تحت التجربة من خلال المواقف المختلفة. فمثلاً عندما يصاب أطفالنا بخيبة أمل بسبب رفض الطفل الآخر اللعب معهم؛ سواء في الحديقة أو في أي مكانٍ آخر؛ في هذا الموقف من واجبنا السماح للطفل بالتعبير عن نفسه وأن نستمع لما يقوله دون إعطائه الحلول والبدائل. مع التوقف عن محاولة تشتيت انتباه الطفل عن هذا الموقف.

فمن المهم جداً أن يعبر الطفل عما يدور بداخله من مشاعر. وفي وقت لاحق نفتح باب الحوار عن موضوع التقبل للآخر. ولا ننسى أهمية تعليم وتوعية أطفالنا عن مبدأ الاختلاف؛ فالطفل يستطيع تمييز اختلافه عن باقي الأطفال في سن مبكرة. وكونه ذو حماس مرتفع للعب يختلف عن غيره من الأطفال الخجولين مثلاً؛ فمبدأ الاختلاف هنا سيساعد الطفل على تقبل الرفض، وللجميع حق الاحترام.

من المواقف المرادفة الأخرى تقبل الطفل الرفض من عائلته، فلو كان لدى الطفل حماس كبير للعب بالخارج مع انشغال والديه أو عدم ملائمة الطقس للعب بالخارج..إلخ، فكيف نستطيع أن نعلم الطفل أن يتقبل كلمة “لا”؟

تعليم الطفل تقبل كلمة “لا”، يكون بالقدوة أولاً وبالتجربة ثانياً وبالتمسك بالرفض ثالثاً وأخيراً. فلو قررتِ رفض طلب طفلك بالخروج في هذا اليوم مثلاً؛ فاحذري من التنازل والرضوخ لنوبات الغضب أو البكاء بهدف إسكات طفلك! لأنك في هذه الحالة؛ قد قمتِ بإعطائه سلاح سري خطير سوف يستخدمه ضدك في كل مرة ترفضين بها طلبه. بالحزم والإصرار مرة بعد مرة من قبلك، سيتعلم الطفل وسيقتنع أن لا تعني لا.

كيف يمكننا أن نعزز ثقة الطفل بنفسه وأن نجعل منه طفلاً وشاباً مستقبلياً ذو صدر رحب يتقبل النقد والرفض دون تأثير ذلك على تقبله لذاته؟

من المهم الإشارة هنا إلى أن تقبل الطفل وقبوله لا بد أن يكون غير مشروط. فحين أخبر طفلي أن عليه التصرف بطريقة معينة وإلا سيكون غير مهذب؛ فهنا سيفهم الطفل أننا لا نتقبله إلا عند التهذيب. وهذا فخ يقع فيه عدد كبير جدًا من الآباء مسبباً اضطرابات نفسية متعددة لدى الطفل في مرحلة البلوغ وما بعدها.

فيجب الإشارة هنا إلا أنه عند رفض أي طلب من طلبات الطفل؛ علينا أن نقوم بتوضيح أسباب هذا الرفض دون شخصنتها بالطفل وتصرفاته. فبدلاً من قول “لن تحصل على الحلوى اليوم لأن سلوكك لم يكن مهذباً”؛ يجب إبدالها ب “يمكنك الحصول على الحلوى في وقتٍ آخر”. هذه المواقف البسيطة وتغيير أسلوب الحوار والكلام مع الطفل؛ له الدور الكبير بتقبل الطفل للرفض مع الحرص على عدم تأثير هذا الرفض على تقبله لذاته.

اقرأ أيضاً نصائح لتربية طفل ذكي عاطفياً


اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0