دليل الآباء لمراقبة الصحة النفسية للطفل دون الخامسة

الطفولة المبكرة للأب

دليل الآباء لمراقبة الصحة النفسية للطفل دون الخامسة

الصحة النفسية للطفل

يعيش أطفالنا في زمن أكثر تعقيداً من زمننا، ومن كل النواحي. زمن جعل الابوة والامومة من أصعب المهام، أبوة وأمومة يطغى عليها القلق والتوتر بشأن المسؤولية الهائلة الواقعة على عاتقنا كأمهات وعاتقكم كآباء. تشمل رعايتنا لأطفالنا العديد والعديد من الأمور، فإلى جانب تقديم الرعاية الصحية وتأمين المسكن والمأكل والمشرب، أصبح علينا مراقبة الصحة النفسية للطفل بصورة أكبر عما ذي قبل. ابتداءً من تعليمه التعايش مع مصطلحات مستحدثة كالتنمر والمعايير والتوقعات المجتمعية، مروراً بحرصنا على غرس بذور صورته الذاتية المتناغمة مع كينونته كطفل سعيد، انتهاءً برعاية صحته العاطفية والنفسية والعقلية. بل ظهر مصطلح يطلق عليه “دليل الاباء والامهات في تربية الابناء”!

آراء من الطب النفسي

يعتقد الأب والطبيب النفسي أوليفر سيندال، أنه بصفتنا آباء متطورين فكرياً وعقلياً ومن كل النواحي الأخرى، يتعين علينا باستمرار إدارة مشاعرنا وصحتنا النفسية بنفس الوقت الذي يتعين علينا به مراقبة الصحة النفسية للطفل، التي ستؤثر على نموهم كأطفال أصحاء وسعداء. هذا ليس بالأمر السهل! إدارة هذه المشاعر جميعها تحتاج إلى القوة والدعم.

اعتقد دكتور أوليفر سيندال وهو طبيب نفسي وأب، أنه كان في قادراً على إدارة هذه المشاعر العارمة والتحكم بها بنفسه، فهو طبيب نفسي. واتضح له فيما بعد أن مقدار معرفته لخبايا النفس ليس المقياس الأول، فهو بشر بالنهاية!

شارك الدكتور سيندال دليل الآباء لمراقبة الصحة النفسية للطفل. والذي أنشأه استناداً على تجربته الشخصية كإنسان وأب وطبيب نفسي يعمل مع الأطفال والعائلات.





نموذج الدكتور أوليفر سيندال

يقدم هذا النموذج اقتراحات وتوصيات للمساعدة في مواجهة تحديات الصحة النفسية المستقبلية، التي قد يتعرض لها الأطفال خلال نموهم. كما قام الدكتور سيندال بتفصيل التوصيات بحسب العمر، لتسهيل إيجاد المعلومات التي تبحث عنها، في حال قلقك بما يخص صحة أطفالك النفسية.

سنعرض في هذا المقال دليل الآباء والامهات لتربية الأبناء، والذي يشمل مراقبة الصحة النفسية لأطفالهم، في المرحلة العمرية دون الخمس سنوات.

الأطفال دون سن الخامسة

بالنسبة لمعظمنا، فإن حياة أطفالنا الصغار في هذا العمر تتمحور حول اللعب والأكل والنوم والاستكشاف! غالباً ما يتفاجأ الآباء من أن الصعوبات العاطفية، يمكن أن تكون مصدراً لقلقهم في هذه السن المبكرة. ولكنها قد تكون فعلاً مصدراً للقلق.

أيضاً؛ شاركنا دكتور إيهاب حمارنة أيضاً بعض المعلومات المتعلقة بالأنماط غير المرغوبة، التي نستمر بجذبها وعيشها مراراً وتكراراً، وأرجع تكرار هذا النمط غير المرغوب في حياتنا، إلى صدمات الطفولة التي عشناها قبل سن ال ٧ سنوات! وهذا دليل آخر على مواجهة الأطفال صعوبات عاطفية في سن مبكر.

حسناً؛ يجب أن نتذكر هنا أننا نتعامل مع إنسان صغير، لديه من المشاعر ما يكفي ليكوّن استجابة عاطفية للأحداث من حوله. في بعض الأحيان وللأسف، قد يمر الطفل بتجارب سلبية، تترك أثراً سلبياً في داخله. وهنا يأتي أول أدوارنا في دعم الصحة العاطفية والنفسية لدى أطفالنا، ألا وهو قبول هذا الاحتمال والاستعداد له. فما العمل؟





أولاً: راقب ولاحظ وابتعد عن المقارنة

قدم دكتور سيندال نصيحة قيمة للآباء، وهي ألا تهدروا طاقتكم في مقارنة نفسكم وأطفالكم بالآخرين. كل شخص يمارس حياته بطريقة مختلفة. مقارنة طفلك بطفل آخر من هو في نفس عمره أمر غير صحي، بل ومقارنته بطفلك الأكبر الذي أتقن العديد من المهارات مبكراً أمرٌ غير مجدي ويسبب لك الإحباط والقلق، والأسوأ من ذلك شعورنا كآباء بالتقصير لأن طفلك “ليس جيداً مثل”!

ملاحظة سلوكيات وتصرفات الطفل، وطريقة تعبيره عن مشاعره المختلفة في هذه المرحلة، يهدف إلى مساعدتنا كآباء على فهم نقاط القوة والضعف لدى الطفل، وتنبيهك من أي مشكلات عاطفية ليتم التعامل معها بشكلٍ صحيح بمساعدة المختصين.

مع ذلك؛ أنت الأب، وأنت أكثر من يلاحظ سلوك طفلك العاطفي، فإن كنت قلقاً بشأنه، فقلقك في محله.

السبب في ذلك؛ يمتاز الأطفال في هذا العمر بالتعبير عما يزعجهم من خلال السلوك التخريبي وبشكلٍ مستمر. لذا؛ يجب أن نبحث عن أكثر السلوكيات تكراراً، أو تلك التي تستمر لفترة أطول، وأيضاً السلوكيات التي تبدو أكثر حدة. مثل:

  • هل تشعر أن طفلك في حزن دائم أو غير سعيد أو منطوي على نفسه؟
  • هل يقلق طفلك كثيراً بشأن شيء أو حدث معين؟
  • لاحظ اهتمامه باللعب مع الآخرين، هل هو مهتم بذلك؟
  • هل يعاني من نوبات غضب شديدة أو سلوك عدواني؟




ثانياً: ابدأ بنفسك أولاً

قدم دكتور سيندال هذه النصيحة من منطلق كينونته كأب لطفلين أولاً، وطبيب نفسي ثانياً. فقد عاش المرحلة العمرية دون الخمس سنوات لمرتين مع طفليه، ووصف هذا الأمر بالأمر بالغ الصعوبة والروعة. نعم ستحرم من النوم، وسيستنزف الأطفال طاقتك في العديد من الأيام، وستواجه العديد من التحديات العاطفية، التي ستؤثر على حياتك اليومية في المنزل والعمل.

هذه المرحلة العمرية تمثل تحدياً في حياة كل الآباء، وتولد في نفوسهم العديد من الضغوطات العاطفية، ولا عيب من الاعتراف بذلك.

في هذه الحالة؛ حاول أن تتعامل مع ضغوطاتك العاطفية أولاً قبل أن تراقب صحة طفلك النفسية، فقد نكون نحن المسبب بالتحديات التي تواجه أطفالنا وفي العديد من الأحيان ودون أن نقصد! تذكر وصية مضيفة الطيران فيما يتعلق بقناع الأوكسجين: ضعه لكَ أولاً ثم ساعد أطفالك! فكيف يمكننا أن نتوقع توفير السعادة والراحة لهم إن كنا نكافح من أجل التنفس؟





ثالثاً: كيف يمكنك المساعدة كأب

قد يواجه الأطفال في هذه المرحلة العمرية صعوبات في التعبير عن أنفسهم، فهم بالمراحل الأولى من التطور اللغوي؛ وقدرتهم على فهم ومعالجة مشاعرهم محدودة.

لذا؛ إن أهم ما يمكنك تقديمه لطفلك في هذه المرحلة هو الحب والحنان والتعاطف والتقبل. عليك أن تتذكر أن طفلك ليس لديه القدرة بعد على فهم ما يمر به، وقد يكون ذلك محبطاً ومخيفاً له. احضنه وتفهمه واعطف عليه، فهو بحاجة لأن يشعر أنه بأمان، بل وأن والده هو مصدر هذا الأمان.





رابعاً: متى يجب أن تقلق

حسب توصيات مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها؛ يجب أن يحرص الآباء على التحدث مع طبيب الأطفال أو استشارة أخصائي في هذه المرحلة في الحالات التالية:

  1. عدم إظهار المشاعر أو إظهار سلوكٍ متطرفٍ، كالعدوانية أو الخجل والحزن الشديدين. أو عدم إظهار استجابة للناس أو الاستجابة بشكل سطحي.
  2. إذا كان الطفل غير نشط بشكل ملفت أو يتشتت بسهولة، أو حتى إن كان يواجه صعوبة في التركيز على نشاط واحد لأكثر من خمس دقائق.
  3. لا يستطيع التفريق بين ما هو واقعي وحقيقي، وما هو خرافي وغير حقيقي.
  4. عدم التفاعل مع الأطفال الآخرين، وعدم الاستجابة مع الأشخاص خارج نطاق العائلة.
  5. لا يتحدث عن الأنشطة اليومية أو لا يرسم الصور.
  6. غير قادر على تنظيف أسنانه وغسل يديه وتجفيفهما، أو غير قادر على خلع ملابسه دون مساعدة.
  7. إن حصل وفقد الطفل إحدى المهارات التي اكتسبها سابقاً.




خامساً: احصل على الدعم

إن كانت لديك مخاوف مستمرة، فتأكد من حجز موعد مع طبيب الأطفال، حتى يتم استثناء أي مشاكل صحية في البداية. فأغلب الصعوبات العاطفية التي تواجه أطفالنا في هذه المرحلة العمرية، مرتبطة بالصحة الجسدية. قد يعاني الطفل أوجاعاً معينة ولا يستطيع التعبير عنها بالكلام، وهنا يلجأ للبكاء المستمر أو الصراخ.

لذلك؛ قم بزيارة طبيب الأطفال أولاً، فهو قادر على تقييم صحة طفلك الجسدية. كما أنه يقدم لك النصح والتوجيه لحل المشكلات العاطفية التي قد تواجه الطفل.

 اقرأ أيضاً مراحل النمو الطبيعية للطفل بالسنوات

اقرأ أيضاً كيف أربي طفل ذكي عاطفياً

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0