في أي قرار تتخذه الأم، تسعى لأن تكون الصورة الأفضل لنفسها وأطفالها، وقرار بتول في العودة للعمل، كان حتماً كما قالت: “كنت أحاول أن أضع نفسي أولاً، ليكون أطفالي أولاً.” ومن هنا وبعد انقطاع 9 سنوات عن العمل، كلنا فضول لمعرفةِ متى قررت بتول العودة للعمل؟ وكيف استطاعت تكوين قصة نجاح كقصتها؟
في البداية، أخبرينا من هي بتول عربيد؟
بتول عربيد أم لثلاثة أطفال، حاصلة على شهادة البكالوريوس والماجستير في تخصص الترجمة واللغات، عملت في مجال صناعة المحتوى والترجمة. قررت بتول الانقطاع عن العمل أثناء حملها الأول بقرار شخصي منها، لتربية طفلها وإشباع رغبتها في الأمومة، وامتدت هذه الفترة لتسع سنوات، أنجبت خلالها طفلين آخرين.
بتول، من المؤكد أن قرار العودة للعمل كان بالفعل تحدي، خاصةً مع فترة انقطاع طويلة، أخبرينا عن الصعوبات التي واجهتكِ عندما اتخذتِ هذا القرار؟
الصعوبات التي واجهتها كانت في أحكام المجتمع التي يطلقها على الأم العاملة، بشكل عام ومن عدة جوانب، فهناك جانب أصحاب العمل الذين يحكمون على الشخص المنقطع عن العمل على أنّ خبراته باتت غير مواكبة للتطور، ومهاراته أقل كفاءة من غيره.. وجانب الأشخاص الذين يتساءلون عن كيفية ترك أطفالي بعد أن اعتادوا على روتين وجودي في البيت طوال فترة حياتهم معي..والجانب الذي وجدتُ له أثراً كبيراً سلبياً على توظيفي، كان عدم وجود فرص لتمكين الأم العاملة ومساعدتها على العودة للعمل بتسهيل الطريق لها، الأمر المؤسف في حق كل أم عاملة ألا تتلقى الدعم من أصحاب العمل، ومن الوارد أن يكونوا أمهات مثلها تماماً.
بتول، مع وجود هذه الصعوبات، كيف استطعتِ أن تحظي بفرصة عمل تناسبك؟
بعد رحلة بحثي الطويلة عن فرصة عمل، قررت أن أكون واضحة في كل مقابلة عمل أقوم بها.. فإخبارهم بكل قدراتي وإمكاناتي وظروفي وبساعات العمل التي تناسبني.. ببساطة أقول الحقيقة كما هي.. وبقيتُ هكذا حتى حظيتُ بحمدٍ من الله على فرصة عملٍ مناسبة.
بتول، أخبرينا عن بيئة العمل أكثر، كيف كانت وكيف استطعتِ مواكبة الأمر والاعتياد عليه بعد فجوة دامت 9 سنوات؟
صحيح أنني كنت أعمل بشكلٍ حر في فترات متقطعة خلال ال9 سنوات، لكن العمل الوجاهي واليومي مختلف تماماً، وما ساعدني على التأقلم والاستمرارية هو أنني كنتُ إنسانة دائمة القراءة والتعلم، وحتى في بيئة العمل لم أكتفِ بالملاحظة والاستكشاف فقط بل كنتُ أسأل عن كل شيء أودُّ تعلمه دون شعورٍ بالحرج أو الضغط.. فلا بأس إن لم أعرف كل شيء! بالإضافة إلى ثقتي بنفسي التي ساعدتني على عدم وضع نفسي في مقارنة مع الآخرين، وزادت من تمسكي وحرصي على وصولي لأهدافي أكثر فأكثر.
بتول، بعد العودة للعمل، هناك مسؤوليات جديدة بالطبع، واختلاف كبير في الروتين لكِ ولعائلتك، فكيف استطعتِ تنظيم الوقت بين العمل والمنزل؟
في البداية كان الأمر موتراً جداً، لكن استطعنا أنا وشريكي مشاركة المسؤوليات فيما بيننا وتقاسمها لتسهل الأمور شيئاً فشيئاً ونعتاد على روتين حياة جديد معاً.. كما أن وجود أصدقائي حولي كان جزءاً من نظامي الداعم الذي ساعدني جداً على التخلص من فكرة أنني إمرأة خارقة تستطيع فعل كل الأشياء في ذات الوقت.. فلا بأس إن لم يكن الطعام جاهزاً، ولا بأس إن لم يكن المنزل مرتباً طوال الوقت، ولا بأس إن قلتُ “أنا متعبة” أو “أحتاج المساعدة”، لأنني إنسانة في النهاية تحتاج المساعدة والدعم والتشجيع.. بالإضافة إلى أن تواصلي مع كل فرد من أفراد عائلتي، ومحاولة التوضيح والتعبير عن مشاعري وأهدافي معهم كان أمراً مريحاً جداً ومساعداً جداً.
مع وصولنا لنهايةِ مقالنا، هل من الممكن أن تقدم بتول نصائح للأمهات، ممن تفكر بالعودة للعمل؟
نصيحتي التي بالفعل ساعدتني في رحلتي.. وأودًّ فعلاً أن تأخذها كل أم عاملة هي البحث عن نظام داعم يستمر بتقديم التشجيع والطاقة الإيجابية.. لأننا بطبيعتنا نحكم ونجلد ذاتنا جداً، ووجود نظام داعم يخبرنا أننا نستطيع ونقدر على الوصول لما نريد يحررنا من أفكارنا السلبية وشكوكنا تجاه أنفسنا، بالإضافةِ إلى ضرورة التفاهم مع شريك الحياة لمشاركة المسؤوليات معاً.. لتكون الحياة أكثر تفاهماً وراحة في كل شيء تقدمينه لعائلتك وعملك.
وأخيراً، بعد رحلةٍ من المثابرة والقوة، نودًّ إخباركِ كأم عاملة تود العودة للعمل، أنه لا بأس بالاعتراف أن الأمر لن يكون سهلاً، لكنه حتماً ممكن.. وحتماً يمكنكِ الحصول عليه والاستمرار فيه لإثبات نفسك وتحقيق ما ترغبين.. شكراً بتول على هذا اللقاء، حظاً جميلاً.
لمشاهدة المقابلة على اليوتيوب من هنا، ولمزيد من قصص النجاح الملهمة من هنا.