قصة نجاح الصحافية والكاتبة دجى بن فرج في تحدي سرطان الثدي

قصص نجاح أمهات ملهمات

قصة نجاح الصحافية والكاتبة دجى بن فرج في تحدي سرطان الثدي

قصة ناجية من سرطان الثدي

“كنت أتساءل، كم من الوقت تبقى من حياتي، عدة أيام أو عدة أشهر أو سنوات. هل من الممكن في يوم من الأيام أن أرى هذا الطفل الصغير -الذي كان حلم حياتي الذي تحقق- وقد تخرج من المدرسة أو الجامعة؟ كنت أتساءل إذا كنت سأتمكن من حضور عرسه يوماً ما، أو هل سأموت قبل ذلك كله؟”. هذه بعض الأفكار التي تخالج العقل الواعي لأي مريضة سرطان عند سماعها خبر مرضها بسرطان الثدي لأول مرة، التي تبدأ بالتضاؤل والاختفاء شيئاً فشيئاً؛ حينما ترى الدعم النفسي والمعنوي من الزوج والأهل والأصدقاء. ليحل محل هذه الأفكار، الأمل والتفاؤل بأن هذه المحنة يمكن تخطيها شأنها شأن أي مرضٍ آخر، يمكن علاجه والشفاء منه، وبدء حياة جديدة، واستكشاف مهارات وقدرات كامنة لم نكن نعلم أنها موجودة لدينا من قبل.

في عالم مليء بالتحديات والصعوبات، هناك دائماً قصص ملهمة تبعث على الأمل والتفاؤل. ومن هذه القصص قصة أم ناجية من سرطان الثدي. استمدت قوتها في محاربة مرض السرطان، من دعم زوجها وابنها بالإضافة إلى أصدقائها، وإيمانها القوي بالله وبالقضاء والقدر وبقوة التسليم والرضى.

لنتعرف معاً على قصة الصحافية والكاتبة دجى بن فرج، لتكون لنا أملاً جديداً في مكافحة مرض السرطان.


أنا دجى بن فرج من الجزائر. أبلغ من العمر 45 سنة. صحافية معدة ومذيعة أخبار وبرامج وكاتبة، إنسانة محبة للحياة، شفافة جداً. اخترت الإمارات بلداً لتحقيق أحلامي منذ عام 2006. عملت في العديد من القنوات التلفزيونية، وأعمل حاليا في إذاعة نور دبي التابعة لمؤسسة دبي للإعلام. حققت الكثير من أحلامي في دبي من خلال العمل الإذاعي والتلفزيوني، ثم الزواج والأمومة، وصولاً إلى الشفاء من مرض السرطان ثم الكتابة.

كانت حياتي كحياة أي أم عاملة. حياة يومية روتينية تنقسم بين العمل والأمومة. اكتشفت المرض بمحض الصدفة! شعرت بألم غريب في منطقتي الابط و اليد، ثم ومن خلال الفحص الذاتي المبدئي؛ اكتشفت كتلة في منطقة الثدي الأيسر. اعتقدت في البداية أنها كيس دهني، لكن ولسوء الحظ؛ كانت ورماً سرطانياً من الدرجة الثالثة، وكان يجب أن أتخلص منه من خلال الاستئصال الكلي للثدي. اكتشفت أن ذلك الألم الذي شعرت به، ما هو إلا أحد أعراض سرطان الثدي!

شكل الخبر بالنسبة لي صدمة كبيرة! وما زاد من وطأة الأمر أنني أم لطفل صغير كان يبلغ من العمر حينها 3 سنوات، وزوجة محبة لزوجها الشاب المقبل على الحياة. دخلت في دوامة من الأفكار وكان هذا الخبر بالنسبة لي بمثابة صفعة كبيرة. لم أصدق ما حدث لي! ثم استسلمت للبكاء وغرقت في الاكتئاب الذي كان سببه الرئيسي هو خوفي من المصير المجهول الذي ينتظرني وعائلتي. لم أخبرهم بتشخيصي في بداية الأمر، فقد كانوا في الجزائر حينها.

عندما فقدت القدرة على الدعاء، أبلغت عائلتي بحقيقة تشخيصي بمرض سرطان الثدي، فقد كنت حقاً بحاجة لوجودهم إلى جانبي لدعمي والدعاء لي. بعد أن خفت آثار الصدمة، حان الوقت لأخذ خطوة فعلية نحو العلاج. اخترت العلاج في دبي، لأنني أردت البقاء في بيتي وعلى رأس عملي.

صدقاً لم يكن الأمر سهلاً أبداً! لكني شعرت بوجود قوة إلاهية تحيط بي وترشدني إلى النور في آخر النفق المظلم. حب زوجي وابني ودعم الأهل والأصدقاء؛ هو السبب الوحيد في نجاتي من دوامة المرض. لقد وجدت ما أرغب بالعيش من أجله، وما بث بي شجاعة على مواجهة القاتل الصامت.


لقد كان للعمل يد كبيرة في التخلص من الاكتئاب والرتابة والخوف والألم وكل المشاعر السلبية التي شعرت بها. كوني مذيعة أخبار، كان كل يوم هو تحدي بالنسبة لي. فقد شعرت بمسؤولية الحفاظ على صوتي الذي اعتاد عليه المستمعون، كما سعيت لقراءة الأخبار بذات التركيز بهدف الحفاظ على الصوت والصورة التي اعتاد عليهما الجمهور .كان التحدي كبيراً! لكن سحر الميكروفون الذي أحب؛ لعب دوره الجميل وساعدني على تخطي كل الصعاب.

الميكروفون الذي أتحول وأنا أمامه إلى شخص آخر يلعب بالكلمات ويقولها بكل قوة وحب. أتخيل وقع كلماتي على مسمع الجمهور من خلال الراديو، وأبتسم من خاطر الأثر الذي ستتركه همساتي لديهم، ومن الرضا الذي سيشعرون به أثناء قرائتي الإخبارية التي تعتمد كثيراً على القوة والرصانة والتفاعل مع الخبر؛ سلبياً كان أم إيجابياً.

العمل كان سبيلي للخلاص!

أما عن الجهة التي عملت بها بالإضافة إلى زملاء العمل؛ فقد كانوا متعاونين وداعمين جداً. لقد وثقوا بي وساعدوني كثيراً على تجاوز الآثار الجانبية لجلسات العلاج الكيماوي، التي كانت مؤلمة جداً.

مصدر قوتي يكمن في إيماني بالله وقضاءه، بالإضافة إلى إيماني بقوة التسليم والرضا. كان لدعم زوجي وحب ابني دوراً كبيراً في نجاتي من مرض سرطان الثدي. فقد كانا مصدر الأمان والحب والأمل لدي.


بحكم الغربة؛ كنت أشارك يومياتي مع مرض سرطان الثدي من خلال صفحتي على منصة فيسبوك. كان ذلك بهدف التوعية وبث معلومات متنوعة مشعة بالنور والأمل. وأنه على الرغم من أن السرطان معروف بالمرض القاتل؛ لكن يمكن التعايش معه خاصة في ظل تطور الطب.

أما الكتابة للأطفال، فقد كانت بمثابة توعية لفلذات الأكباد الذين يتحولون من ضحايا أوضاع صحية أو اجتماعية؛ لأبطال قادرين على الأخذ بيد أهاليهم إلى بر الأمان.

أما الخبر السار الذي سأشاركه معكم، قصتي مع سرطان الثدي سترى النور قريباً إن شاء الله، من خلال كتابي بعنوان “أوراق حياتي الوردية”.


لطالما عُرفت دولة الإمارات بأرض تحقيق الأحلام. فبالإضافة للأمن والأمان؛ هي بلد محفز من خلال قيادته الرشيدة ورؤيتهم المستقبلية. مما يجعلك في سباق مستمر نحو التميز والنجاح. ولقد حققتُ فيه بالفعل الكثير من الإنجازات. لقد كانت دولة الإمارات بالنسبة لي الخيار الأفضل في رحلة علاجي من مرض سرطان الثدي، وذلك لسهولة الوصول إلى مشافيها. كما أنها تزخر بالعديد من العقول النيرة والأساليب المتطورة بالإضافة إلى أنجح التقنيات التكنولوجية في علاج مرض السرطان.

 رسالتي للأمهات هي أحبي نفسك أولاً كي تتمكني من العطاء ومحبة من حولك، فأنت الأساس في المنزل. شعورك بالسعادة والراحة النفسية، يعني شعور من حولك بذلك.

 إلى كل أم.. تذكري أن وراء كل محنة كبيرة منحة أكبر

بعد معاناتي مع هذا المرض، أقسمت أن أكون القلب المفتوح لكل المرضى رجالاً كانوا أم نساء. وبأن أكون الأذن الصاغية واليد الممتدة والسند، سواءً من خلال الاستماع لقصصهم أو تقديم النصائح أو المساعدة المادية.

حالياً أقوم بتقديم المساعدة في مشروع صنع أول ثدي اصطناعي جزائري لمريضات سرطان الثدي، وبإذن الله سيرى هذا المشروع النور وسيكون الأمل المنشود لجميع الأمهات والسيدات.

أخيراً، نصيحتي لكل أم وسيدة وفتاة بأي عمر؛ ابحثي وتثقفي بكل ما يتعلق بأعراض مرض سرطان الثدي وطرق الكشف المبكر؛ ففرصة الشفاء منه تكون أعلى إن تم أخذ خطوة حقيقية نحو العلاج في البدايات. تذكرن.. الوعي هو مصدر القوة والنجاة.


هذا المقال بقلم عبير الزعبي

يتقدم فريق كلنا أمهات بالشكر للأستاذة عبير الزعبي لتقديمها هذا المقال القيم المليء بالفائدة

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0