حلُمت مرام فرحان منذ أيام دراستها الأولى، بالوصول لدرجاتٍ علمية عليا. ولأن كلمة “المستحيل” غير موجودة في قاموسها؛ آمنت بنفسها ووثقت فيها. ثم اجتهدت وجدّت وعملت وبحثت ودرست وقرأت لتصل إلى مبتغاها. ذللت الصعوبات وأتقنت ممارسة الإيجابية في حياتها، ولم تجعل أمومتها عائقاً لمواصلة مسيرتها؛ بل نظرت إليها كدافع يدفعها إلى الإمام. رسالتها في هذه الحياة نشر الإيجابية والمحبة والمعرفة والسلام. تعمل جاهدة على كسر الصورة النمطية المأخوذة عن المجتمعات العربية والإسلامية، وتسعى لنشر صورة حقيقية وإيجابية عن المرأة العربية المسلمة؛ فأصبحت فخراً لعائلتها ومجتمعها، وقدوةً لغيرها من النساء. لنتعرف أكثر على الرائعة مرام فرحان لتأخذنا في ثنايا قصتها؛ قصة نجاح أم عاملة.
عرفينا عن نفسك
اسمي مرام فرحان، سيدة أردنية وأم عاملة لطفل واحد. أعمل كمعلمة لغة عربية لغير الناطقين بها منذ سبع سنوات. حلمتُ منذ البداية بإكمال دراستي العليا، فأنا متعطشة دائماً للعلم والمعرفة. وشاءت الأقدر أن أحقق حلمي وأبدأ قصة النجاح هذه، بعد سنوات من دراستي الجامعية. آمنتُ بمنظومة الزواج الصحي الذي لا يقف بوجه طموحاتي؛ بل يساعدني على تحقيقها. فحرصتُ على اختيار شريك حياة مناسب أصبح فيما بعد مصدر قوتي.
كيف أخذتِ الخطوة الأولى بالدراسة؟ وما هو أكبر تحدي واجهتيه أثناء دراستك؟
آمنتُ بنفسي أولاً ثم فكرت بمنطق، وفضلتُ أن أبدأ دراستي قبل أن أرزق بالأطفال؛ حتى استطيع أن أوازن بين بيتي وعملي ودراستي، ومن هنا انطلقت. بدأتُ دراسة الماجستير ثم وبعد فصلين دراسيين وبعد تفكيرٍ منطقي؛ قررتُ أنا وزوجي أن نتكل على الله وأن نسعى للإنجاب، فقد أحسسنا بجاهزيتنا لأن نصبح أبوين. ومن هنا بدأت أخط أولى صفحات “قصة نجاح أم عاملة” التي هي أنا اليوم.
التحديات والعوائق
أكبر تحدي واجهته كان موعد الإنجاب الذي تعارض مع الفصل الثالث من دراستي؛ فصل مشروع البحث. فضغط الدراسة والبعد عن عائلتي وأم لأول مرة مع استمراري بالعمل عن بعد؛ جعل من ذاك الوقت تحدٍ حقيقي. ولكن أنا لا أستسلم! بل أحاول أن أتعلم من هذه الأوقات الصعبة. فتعلمت الصبر والحكمة وتنظيم الوقت. هكذا زادت قوتي وثقتي بنفسي وقدرتي على الإنجاز.
كيف أثر قرار دراستك على عملك وطفلك و منزلك وعائلتك؟
بالبداية تعلمتُ جيداً كيف أنظم وقتي؛ فكنت أقسم الواجبات المنزلية والدراسية والعائلية على ساعات اليوم. حاولت أن أنجز قدر المستطاع، وكنت أردد قول الله تعالى “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”. كما أن تسجيل قائمة بالأعمال اليومية ساعدني كثيراً على الإنجاز، ولا ننسى الدعاء إلى الله تعالى فهو أكرم الأكرمين.
الدافع والمحفز
ومن أكثر الأشياء التي دفعتني للاستمرار هو كلام الله تعالى: ” ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ”. فالله خلقني لأعمر في هذه الأرض ولأنشر رسالتي فعملت جاهدة لتحقيق ذلك. وأيضاً داومت على سماع دروس وتسجيلات تحفيزية؛ فأنا أعشق الإيجابية وأبحث عنها في كل التفاصيل. لهذا استطيع القول اليوم أن قرار دراستي لم يؤثر أبدا على الجوانب الأخرى في حياتي.
اقرأ أيضاً قصة نجاح أم عاملة – ريما بيدق مؤسسة مكتبة ناي
ماذا تعني لكِ الشهادة؟ تحلم الكثيرات بالزواج والأمومة، ماذا عن العلم؟
أرى الشهادة والمعرفة كمصدر قوة للمرأة. قوة فكر وقوة ثقة وقوة معنويات وقوة شخصية، أؤمن بأنه كلما زادت معرفة المرأة كلما زادت سعادتها بالحياة.
أما بالنسبة للزواج والأمومة؛ هم أيضاً حلم ولكنه ليس الأساس. الأساس هو المرأة وشخصيتها وجاهزيتها لخوض تجربة الزواج والأمومة ومعرفتها بالدين الصحيح؛ حتى لا تظلم نفسها باختيار خاطئ تعجز أمامه أن تعطي لنفسها الحق بالسعادة.
نصيحة توجهينها للأم التي تحلم بإكمال تعليمها وخوفها يعرقلها
سأقول لها التالي: إذا كان خوفك من المجتمع فهذا إجرامٌ بحق نفسك. وإذا كان خوفك من زيادة المسؤولية؛ فما عليكِ إلا اختيار الوقت المناسب وترتيب الأولويات والتظيم. ستدور العجلة بكل سهولة.
ما دور زوجك في هذا المشوار؟
الحمد لله زوجي هو داعمي الأول، وسجل العديد من المواقف النبيلة خلال مسيرتي لن أنساها له أبداً. فكان داعماً وصبوراً ليشهد له استاذي في الجامعة في أحد المواقف، بأنه “نعم الأب ونعم الزوج”.
من هي ملهمتك بالحياة؟
اليوم أقول أن ملهمتي بالحياة هي أنا نفسي! فبعد أن اجتزتُ كل هذه الصعوبات زاد فخري وإيماني بنفسي، واقتنعت أني بالإرادة والعمل الجاد أستطيع أن أحقق أحلامي، وآمنتُ بأني أستحق أن أكون الملهمة لنفسي.
أما سابقاً كانت ملهمتي كل أنثى تعمل على تطوير نفسها وتوسيع مداركها من أجل نفسها. كل أنثى تسعى لخط قصة نجاح ملهمة خاصة بها، لكي تخلق لنفسها حياة مليئة بالسعادة والرضا.
كيف توازني بين مشاعرك وصحتك النفسية؟
الأمر ليس سهلاً أبداً! ولكن أنا شخص إيجابي أعمل على تحفيز نفسي في كل الأوقات بأن أقوم بما يسعدني وما يسعد طفلي وزوجي. وأيضاً كما ذكرت سابقاً، دائماً أبحث عن الإيجابية والسعادة في تفاصيل الحياة. بالإضافة لاستعانتي بالطبيعة في الكثير من الأحيان فهي أكثر ما يهدئني.
ماذا بعد الدراسة؟ ما هو حلمك؟
حالياً أكتب مقالات مع منصة “ملهم”. كما قمت بتحويل المنهج الذي أقوم بتدريسه بالمعهد، إلى منهج إلكتروني يعرض الدروس بالاعتماد على الرسوم الحيوية “Animation”. وأحلم بأن أكمل دراسة الدكتوراه بوقتٍ قريب، ولكنني سأنتظر الوقت المناسب لأخذ هذه الخطوة.
كلمة أخيرة
نصائح من مرام فرحان:
- طوري من نفسكِ باستمرار ووسعي مداركك، وقوي فكركِ وعقلكِ بالدراسة والقراءة، اخلقي قصة إنجاز خاصة بك. واجعلي من نفسك أنثى قوية تعتمد على عقلها وفكرها بالاختيار لا على قلبها فقط؛ هذا سيساعدك على الاختيار الصحيح في كل مجالات حياتك خصوصاً المصيرية منها كالزواج، وسيدفعكِ على اختيار من يرتقي إلى عقلكِ وفكرك، ومن يحترم شخصكِ وعقلك، ومن يدعم اختياراتك.
- فكرة الدراسة بعد الزواج أو بعد الإنجاب، فكرة مخيفة جداً. ولكن لو نظرتِ إليها من زاوية مختلفة؛ ستجدين أنها فكرة تصنع فرقاً بتغيير التفكير السائد عند الغرب عن المرأة العربية المسلمة. اجتهدت لأجعل من نفسي مثالاً جيداً عن المرأة المسلمة وحقوقها بالإسلام، لأكون سبباً في كسر الصورة النمطية المأخوذة عن المرأة العربية المسلمة.
- بحكم عملي مع طلاب أجانب؛ كانوا يستصعبون استيعاب فكرة كوني عربية ومسلمة ومتزوجة إلى جانب أنني أعمل وأدرس وأحقق الإنجازات! سعيدة أنهم رأوا من خلالي الصورة الإيجابية والحقيقية عن تكريم الإسلام للمرأة المسلمة وإعطائها كافة حقوقها. اعتبر هذا أعظم وأكبر إنجازاتي. فحاولي دائماً أن تكوني خير مثالٍ بتمثيلك لدينكِ وعروبتكِ بصورة حسنة وفكر سليم.
قصة نجاح ربى سليمان صاحبة شركة Mammas Garden - كلنا أمهات
مارس 29, 2021 في 9:00 م[…] اقرأ أيضاً مرام فرحان قصة نجاح أم عاملة […]