قصة نجاح أم بالغربة – تحديات ياسمين والتوأم الرباعي

قصص أمهات ملهمة

قصة نجاح أم بالغربة – تحديات ياسمين والتوأم الرباعي

ياسمين

عاشت تحلم بالأمومة ، انتظرت أن تصبح ام بفارغ الصبر، شاءت الأقدار أن تتأخر بالحصول على أمنيتها، آمنت وتوكلت وحمدت الله وانتظرت، سعت وأخذت بالأسباب وأيقنت، ليأتي الفرج ويكافئها الله على صبرها، ولأن عطايا الله لا تشبه غيرها، أصبحت ياسمين أم لتوأم رباعي، تعيش معهم ومع زوجها في كندا التي انتقلت إليها عندما أصبح التوأم بعمر الثالثة، لتصبح بين ليلة وضحاها أم بالغربة، بعيدة عن كل ما تألفه. ولأنها ياسمين، اختارت أن تتقن الإيجابية في ظل أي ظرف، اختارت أن تكون الأم المثاليه، واختارت أن تتبع أسلوب التربية بالحب والإقناع، لتنجح في هذه المهمة الصعبة، ولتقص علينا اليوم قصة نجاح أم بالغربة.


عرفينا عن نفسك

اسمي ياسمين، مهندسة حاسوب، فلسطينية مقيمة في كندا، أم لتوأم رباعي رائع، كنت أعمل في مجال دراستي الا أن أكرمني الله بأجمل نعمة، فاخترت أن أترك العمل وأسخر وقتي وجهدي لأطفالي، فكوني أم لأربع أطفال بنفس العمر، مسؤولية كبيرة تحتاج لفن في إدارة الوقت والكثير من الجهد والحب والحنان.

انتقلت من فلسطين إلى كندا لأبدأ حياة جديدة مع عائلتي هناك، تملكني الخوف من المجهول في البداية، ولكني تحديت نفسي وآمنت بها، واجهنا العديد من الصعوبات المختلفة، فمثلاً الفرق المادي بين البلدين صعّب العديد من الأمور، والتنقل بالباص بتوأم رباعي يعتبر مشقة عظيمة، والعيش بشقة سكنية صغيرة كان تحدٍ عظيم.

وخضم كل هذه التغيرات، إخترنا أن نتقن الإيجابية، ونغير نظرتنا للعديد من الأمور، وأن نحب حياتنا هنا بالغربة. انتظم أطفالي بروضتهم، وبدأت أرتاد مدرسة لتعليم اللغة، كما استطاع زوجي أن يحقق التوازن بين عمله ودراسته.

انظر اليوم إلى ما حققناه في سنوات غربتنا الثمانية، وأشعر بفخرٍ وسعادة ورضا بكل ما حققناه، وبكل ما اجتزناه.

””الأمل ليس حلماً بل طريقة لجعل الحلم حقيقة” 


إروي لنا ملخص قصة نجاح حملك وولادتك علّها تعطي الأمل لسيدات تنتظر الأمومة بفارغ الصبر ولم يُكتب لها انجاب الأطفال بعد

أنا إنسانة حرمت من الإنجاب لفترة من الزمان، كان هذا قضاء الله الذي رضينا به، مع سعينا وتوكلنا على الله وأخذنا بالأسباب، توجهنا للعديد من الأطباء الذين أجمعوا على على نصيحةٍ واحدة، وهي طفل الأنابيب.

كانت عملية زراعة الأجنة رحلة طويلة وصعبة ومكلفة، حتى أنني اضطررت للعمل في وظيفتين لنستطيع تأمين التكلفة كاملة، تيسرت أمور العملية وتكللت بالنجاح بفضل الله، ولكن حتى هذا النجاح شابه العديد من الصعوبات والمضاعفات ليصبح عدد الأجنة بالرحم 7 أجنة!

بعد عدة إجراءات أصبحت حاملاً بتوأم رباعي

لا أستطيع أن أصف فرحتي التي نلتها بعد صبرٍ طويل، فرحتي بأن الله معي سمع دعائي وغمرني بكرمه. مع هذا كانت فترة الحمل فترة صعبة وأشهر الحمل طويلة، كانت حقاً وهناً على وهن، إنتهت بتوليدي بنهاية الشهر السادس بظروفٍ صعبة، تبعها وضع أطفالي بالحاضنة لمدة شهرين، تخلل هذه المدة تلميحات من الطاقم الطبي أن أتوقع الأسوأ، فأطفالي ضعاف الصحة، وعدم تعرضهم لمشاكل صحيّة سيكون معجزة!

ومن قال أني لا اؤمن بالمعجرات؟ على العكس تماماً، قلبي يملؤه الإيمان والأمل، فكرم الله ما كفَّ عن غمري، وفعلاً بالدعاء تحققت الإستجابة وأنعم الله علينا بخروج الأطفال الأربعة بصحة وعافية دون أي مشاكل صحية! وها هم الآن بعمر العشر سنوات، أراهم يكبرون أمام عيني، أزرع فيهم الأخلاق والقيم، وأدعو الله أن يرزقهم لكل من يتمناهم.


كيف زرعتم الهوية الفلسطينية في أطفالكم وكيف حافظتم على الدين؟

بالبداية أتمنى أن نكون حققنا ذلك فعلاً. بدأنا مع أطفالنا بعمرٍ صغيرٍ جداً، فكنا نجلس معهم نحدثهم عن فلسطين وعن كل شيءٍ جميلٍ بها. عن كل الأوقات الرائعة والذكريات السعيدة التي قضيناها هناك، ولكن دون أن نتطرق للحديث عن الاحتلال أو الحروب.

روينا لهم قصص العائلة وتحدثنا ببهجةٍ عن جمال العيد فيها، عن جمال مزارعها، عن زيتونها وتينها، عن أكلاتها التقليدية وحلوياتها. تحدثنا عن فلسطين في كل يوم وفي كل وقت بأسلوبٍ أثار شغفهم وفضولهم وحببهم بهذا الوطن الجميل. عندما رسّخنا حب الوطن في قلوبهم أحسست بإنتمائهم وفخرهم بهويتهم وأصلهم.

ومع تقدمهم بالعمر أكثر بدأنا نتوسع بالحديث عن القضية الفلسطينية وعن حقنا المسلوب بأسلوب مبسط يناسب مراحلهم العمرية المختلفة.

أما عن الدين

فهو عاملٌ مهمٌ جداً في بلاد الغربة. فقد سعيت أن يكون أطفالي مسلمين عن قناعة وليس بالوراثة. ولتحقيق ذلك بدأت وزوجي معهم منذ طفولتهم بأن نحفزهم ليسألوا بالأمور العقائدية، و حرصنا أن نجيب على اسألتهم هذه عن علم وبإقناع وحذر. وحرصنا على ألا نذم أي ديانة بل أن نعلمهم تقبلها وتقبل الآخر المؤمن بها.

تناقشنا معهم باختلاف الأديان والعقائد، بِحثِّهم على التفكر والسؤال والاستنتاج. وأيضاً ابتعدنا كل البعد عن التطرق لموضوع الإسلاموفوبيا، أو التطرق لأي ممارسات عنف حصلت أو تحصل ضد المسلمين في الغرب، لأن هدفنا الأساسي أن نقوي علاقتهم بالإسلام ونرسخ حبه فيهم. وما أن تحقق الهدف، بدأنا بتوضيح الإيجابيات السلبيات الموجودة في كل المجتمعات، كيف نتعايش معها ونتقبلها ونغيرها إن أمكن.

أيضاً المساجد الموجودة هنا، عامل مهم وأساسي بتقوية علاقة أطفالنا بالإسلام والمسجد. ولن أنسى فضل الجالية العربية المسلمة هنا في تقديم المساعدة والنصح، مما سهل تحقيق هذا الهدف بيسر.

اقرأ أيضاً قصص أطفال رائعة تتحدث عن الإسلام


أم في الغربة لأربعة أطفال تحدٍ صعب وحملٍ عظيم، مع البعد عن الأهل وافتقاد مساعدتهم، كيف تستطيعي تخصيص وقت خاص بكِ؟

وقتي الخاص بي هو الوقت الذي أقضيه مع أطفالي. فأنا أستمتع بكل دقيقة معهم، حتى مشاركتهم وقت اللعب يمنحني سعادة تفوق سعادتهم! صحيح أني الآن أم مغتربة لأربعة أطفال، بيتنا يملؤه الصخب الحركة والإزعاج في بعض الأحيان، ولكن هنا يكمن الجمال والمتعة ليس الصعوبة.

الصعوبة كانت في ذلك الوقت الذي قضيناه بالهدوء قبل وجودهم بحياتنا.

وأيضاً في عمرهم هذا، أنا قادرة تماماً على قضاء وقت ممتع مع أطفالي مع تخصيص وقت لنفسي ولإهتماماتي ولصديقاتي. كما أني بدأت التفكير بالعودة للعمل بعد إجازة الأمومة الطويلة هذه! فالتنظيم وإدارة الوقت أتاح لي الفرصة للعودة لعملي كأم عاملة وتحقيق طموحي وللتفكير بالمستقبل.

ما هو أكبر درس تعلمتيه بالغربة

تعلمتُ أن السعادة قرار، وأني أستطيع أن أسعد في أي مكان بالكون. وتعلمت أن لا أربط سعادتي بشخصٍ أو مكان. كما آمنت بأن الإندماج في المجتمع الجديد لا يعني أن أنسلخ عن هويتي، فاندمجتُ فيه وأنا أشعر بكل الفخر بديني وأصلي وشخصي. وأيقنت أن صحتي مهمة بقدر أهمية أولادي وبيتي وكل شيءٍ آخر، خصوصاً بالغربة. لأن الأم المغتربة لا تملك ترف الراحة بالفراش لأيام.


اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0