خطط طبيبي كي يكون موعد ولادتي في 21 يونيو، وهو تاريخ لم أكن راضية عنه.. لأنه يعني أن ابنتي ستكون من مواليد برج الجوزاء! وهو البرج الذي يشتهر به أكثر أصحاب المزاجات المتقلبة وغير المتوقعة على وجه الأرض! وأعرف بأن الموضوع قد يبدو سخيفاً للبعض، ولكنني كنت قلقة حقاً بهذا الشأن، لا سيما أنها بنت، ويكفيها ما ستواجهه في حياتها من فصول الدراما والانفعالات. فهي ليست بحاجة لإضافات جديدة متقلبة على مزاجها. بكل الأحوال فقد كان هذا التاريخ ضمن الأسبوع الأخير من شهري التاسع. وفي 20 يونيو ذهبت لزيارة الطبيب للمرة الأخيرة، رأسي مملوء بكل ما يتعلق بالولادة الطبيعية والقيصرية وإبرة الظهر، وكان بصحبتي يزن وأمي..
قال الطبيب
“ميرا، سنسجل دخولك إلى المستشفى هذه الليلة الساعة 12 بحلول منتصف الليل، إذ أننا عملياً نكون قد دخلنا في تاريخ 21 يونيو، ولا يوجد داعٍ للانتظار أكثر من ذلك، وسنعمل على مساعدتك للولادة الطبيعية وتحضيرك للأمر”.. قال الطبيب هذه الكلمات ببساطة، ولم يدرِ بوقعها العنيف عليّ. فقد بدأت أرتجف وأصبت بحالة ذعر، وتمنيت لو أمكنني الهروب من هذا الموقف.. ولكن لم يكن لديّ أي خيار. وفي طريق العودة إلى البيت انتابنا الصمت جميعاً في السيارة.. حتى قال يزن أخيراً: “ما بالكم جميعاً؟! لقد حل موعد الولادة، وظهرت كل المؤشرات لذلك”.. فأجبته قائلة: “أشعر بالخوف ولا تتوقع مني أي إجابات أخرى في الوقت الحاضر”..
يوم الولادة
كان يوم الثالث من رمضان، حيث كان الكل صائماً وتوجهنا إلى المستشفى في الليل. بدأت بالاستعداد، وأعطوني الإبرة التي تساعد الرحم على التمدد، وكانت تلك أول لحظة مؤلمة، حيث لم أتمالك نفسي وصرخت من شدة الألم.. كما كانوا يقومون بإجراء ذلك الاختبار المتعلق بالحوض كل ساعتين.. وأعطوني ما يدعى بتحريض المخاض الاصطناعي، وهو ما كان مؤلماً أيضاً.. حيث شعرت حرفياً بأن هناك شخص يمزق بطني من الداخل، وفقدت السيطرة على نفسي وبدأت بالبكاء بهستيرية..
في تلك اللحظات
كان يزن وأمي معي، واستمرا بالشد على يدي وإظهار دعمهما إلى أبعد الحدود.. وكان الألم يختفي ثم يعود من جديد، فكنت أبكي مرات، وأضحك مرات أخرى! والطريف بالأمر أنني ظللت أقنع نفسي بأن الجميع يقول بأن الألم أكبر من ذلك بكثير، وما سأواجهه سيكون أصعب بلا شك، لذا ظللت أنتظر الألم الأكبر لمدة 14 ساعة تقريباً.. حتى حلت الساعة الخامسة مساء، وحضر الدكتور سامر ليتفقدني، وقال: “لديكِ توسع بحجم 2.5 سم، وهو أمر جيد ولكن غير كافٍ! إنما نستطيع الانتظار حيث أنني أحترم رغبتك بالولادة الطبيعية وليس الولادة القصيرية، ويمكنني الانتظار بقدر ما تريدين”..
فأجبته قائلة: “أجل، من فضلك، أستطيع تحمل الألم وأريد الانتظار”.. لقد كان صبوراً للغاية معي، وحنوناً بطريقة يصعب إيجادها بين الأطباء هذه الأيام.. وبالمناسبة، يجب أن يبلغ التوسع 10 سم كي أتمكن من الولادة الطبيعية.. حضر الطبيب مرة أخرى الساعة 8:30 مساء وكان الوضع لا يزال على حاله، لذا أخبرني بأنه لا جدوى من الانتظار، وأنه لا مفر من الولادة القيصرية.. وحينها أعلنت استسلامي أخيراً، وبدأت أمي بالبكاء قائلة: “ابنتي المسكينة.. تحملت كل هذا الألم والانتظار بلا فائدة، والآن ستخضعين لعملية”.. فهدأت من روعها قائلة بأن هذه إرادة الله، وأنني راضية لأنني حاولت على الأقل قبل اللجوء لخيار العملية، وإلا كنت سأندم على عدم المحاولة حتى..
خضعت لإبرة الظهر، والتي كانت لا بأس بها، إذ أنها لم تكن مؤلمة، إنما فكرة استخدامها بحد ذاتها كانت مقلقة نوعاً ما، فلم ألجأ لاستخدام إبرة الظهر من قبل.. ثم توجهت الساعة العاشرة والنصف إلى غرفة العمليات..
أما عن الخمسة عشرة دقيقة التالية.. فلا بد أن أفرد لها مقالة منفصلة تابعوها هنا
المزيد من المقالات على مدونة أمهات:
