أنابيلا طفلة مصابة بعيوب القلب الخلقية تحارب بنصف قلب لتلهمنا الصبر والقوة

بعد سنة من الزواج قررت أن أحمل لأول مرة. وكأي أم كنت متشوقة لمعرفة خبر حملي في أسرع وقت ممكن؛ لكن ما اكتشفته لاحقاً حول فرحتي إلى حزن. ولكن الأمل بالله جعلني أقوى وأكثر إصراراً. روت لي والدة أنابيلا قصتها المؤثرة في رحلة الإنجاب الأولى، حين اكتشفت أنها تعاني من مشاكل صحية هي وطفلتها. كيف تعاملت الأم مع عيوب القلب الخلقية لدى طفلتها؟ وكيف حاربت أنابيلا وهي طفلة مصابة بعيوب خلقية لتلهمنا الصبر والقوة؟

تحدثت أم أنابيلا عن تجربتها وقالت:

“كانت رحلة حملي شاقة منذ البداية. فبعد أن اكتشفت أنني أعاني من تكييس في المبايض؛ أخبرتني الطبيبة التي أتعالج عندها أن هذا الأمر سيأخذ وقتاً طويلاً ربما لسنوات. وهنا كانت صدمتي كبيرة ولكنني لم ايأس! وفي اليوم الثاني ذهبت للمراجعة عند طبيبة أخرى والتي بدورها طمأنتني بأن مشكلتي بسيطة للغاية؛ وسيتم الحمل خلال شهور بإذن الله. وبالفعل كنت حاملاً بعد شهر واحد فقط”.

“مرت الأشهر الأولى من حملي بسلاسة، وعرفنا أن جنس المولود أنثى. في المراجعة التالية بعد معرفة جنس الجنين كانت طفلتي في شهرها السادس من الحمل؛ وهنا بدأت المعاناة! اكتشفنا حينها أن ابنتي تعاني من عيوب القلب الخلقية، وأن قلبها غير مكتمل وأن الجزء المفقود مهم للغاية لأنه يمد الجسم بالأكسجين. واخبرونا أن طفلتنا ستكون من ذوي الاحتياجات الخاصة. بالطبع لم يكن تقبل الخبر شيء سهل! دخلت في نوبة انهيار وحتى أنني طلبت من الدكتورة أن تتخلص من الجنين في اليوم الثاني. لكن من حسن حظي أن الدكتورة كانت إنسانية للغاية، ووقفت بجانبي وأخبرتني أنه لا يمكن أن نتخلص من الجنين في هذا العمر، ومن الأفضل أن أتقبل الأمر”.

وتكمل

“احتفظنا بالأمر سراً أنا وزوجي لفترة حتى استطعنا أن نتفهم الموقف أكثر ونتعامل معه بشكل أفضل. وبالفعل أصبحت أشعر بكثير من الراحة بعد أن وكلت أمري إلى الله. ومن ثم قمنا بإخبار أفراد العائلة والأصدقاء تدريجياً. قبل الولادة بحثت عن قصص مشابهة لقصتي؛ لأتعلم منها وأصبح جاهزة أكثر لاستقبال طفلتي. وبالفعل تعرفت على العديد من الأمهات من مختلف البلاد العربية اللواتي بدورهن قدمن الدعم والمساندة.

اللحظات الأولى من حياة أنابيلا كانت صعبة للغاية على كلانا! لم استطع ان أضمها إلى صدري مثل جميع الأمهات ولم أتمكن من إرضاعها، كنت أشاهدها داخل صندوق زجاجي مع حرص شديد على ارتداء ملابس الوقاية الكاملة والكمامة بالإضافة إلى التعقيم قبل أن أدخل إلى غرفة العناية. شعور مؤلم للغاية عندما تشاهدي طفلتك الصغيرة تتألم وأنت عاجزة عن تقديم المساعدة لها. بعد أسبوع انتقلت أنابيلا لمشفى خليفة لتخضع لعمليتها الأولى في القلب. كانت هذه أول مرة أشاهدها دون حاضنة ودون زجاج يعزل بيننا، تمنيت أن أضمها إلى صدري لكن للأسف كانت تحت التخدير ولم تشعر بوجودي حتى وكأنها جسد بلا روح.

خضعت طفلتي للعملية في صباح اليوم التالي وقضت ما يقارب الـ7 ساعات في غرفة العمليات، ومن ثم 24 ساعة تحت المراقبة بصدر مفتوح ليتأكدوا أن كل شيء على ما يرام. بعد نجاح العملية مكثت أنابيلا لمدة شهرين في المشفى متصلة بأجهزة وأنابيب تساعدها على التنفس وغيرها من العمليات الحيوية. خلال هذه الفترة تعرضت لمضاعفات كثيرة منها توقف الكلية بسبب الأدوية الكثيرة. بعد شهرين حان وقت مغادرة المستشفى وبالطبع يجب أن يغادر معها جهاز مغذي خاص بها مكلف للغاية ولأنه غير مغطى بالتأمين أيضاً، وبعد عناء طويل حصلنا على تأمين خاص بذوي الاحتياجات الخاصة يسمى “عونك”.

وأخيراً

خرجنا من المستشفى ولكن لم يصبح الأمر أسهل، فقد كنا حريصين على عدم استقبال الضيوف حفاظاً على صحة طفلتنا، وبالطبع كانت تحتاج منا عناية خاصة، وكانت ساعات نومي قليلة للغاية لأنني كنت أستيقظ لأكثر من مرة لأطمئن على تنفسها، وذلك لأن نسبة الأكسجين في جسدها أقل من الأطفال الطبيعيين.

على عمر الثمانية شهور خضعت لعملية قلب أخرى كانت أسهل من حيث التطبيق لأنها أكبر حجماً، بينما كانت أصعب على أنابيلا لأنها أصبحت مدركة لما حولها وتشعر بالألم والخوف، والآن بلغت أنابيلا من العمر ثلاثة أعوام بحمد من الله وفضله ونحن بانتظار موعد للعملية الثالثة والأخيرة، وعندما تصبح أكبر عمراً نتمنى أن تتلقى عملية زراعة قلب لتصبح صحتها أفضل.

علمتني هذه التجربة أن أكون أقوى وأكثر صبراً، ألهمتني طفلتي بالصبر في جميع مراحل تلقيها للعلاج، كانت كالملاك النائم صغيرة الحجم ولا تعلم ما يحدث لها ولكن إصرارها القوي على الحياة جعلها تتجاوز العناء.”

قصة أم تؤمن بأن تغيير المجتمع يبدأ بتعليم الأمهات

هالة خميس أم ومصممة أزياء حدودها السماء